حماية المستهلك بين الأمل والألم
رقابة الدولة التي ضمنها الإسلام، ونص عليها الدستور، تعني رقابة الجودة ورقابة الصلاحية ورقابة الأسعار ورقابة أساليب العرض والبيع ورقابة ما تسببه من أمراض ورقابة أساليب الغش والاحتكار؛ حتى يمنع الإضرار بالناس ويرفع الظلم عنهم ويمنع أكل أموالهم بالباطل والاستغلال الفاحش.
وحفظ الإسلام حق التاجر وحق المشتري والمستهلك، وأعطى الحق في استرجاع المال في حال الإخلال بالشرط، ومنع السمسرة في العمال لتولي التوسط بينهم وبين مخدوميهم لقاء نصيب من أجورهم.
فالكسب الحلال دعا إليه الإسلام «أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده»، وطلب الإسلام من أبنائه البحث عن الرزق وضمنها {وفي السماء رزقكم وما توعدون}، وطلب من التاجر أن يتقي الله -عز وجل- في سلعته ومع الناس، ففي الحديث: «التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء» رواه مسلم.. وحرم عليه التكسب بطريقة الاحتكار أو الربا أو الغش أو الغبن أو الاستغلال أو التدليس أو المغالاة في الأسعار أو التعدي على الأموال بالكسب غير المشروع، وحرم الجشع والنصب والاحتيال، وحث التاجر على أن يقاوم إغراءات المال وتزيين الشيطان ويبتعد عن التطفيف والخداع أو خلط الخبيث بالطيب والحلال بالحرام والمباح بالمحظور أو كتمان بيع السلعة.
فلذلك قامت الدولة الإسلامية بسن تشريعات لازمة وإنشاء أجهزة رقابية تنفذ التشريعات وتسهل التواصل مع المستهلك، ومن ذلك:
- ضبط المعاملات وإخضاعها لمعايير الحلال والحرام التي حددها الإسلام.
- ضرورة تعلم التاجر فقه المعاملات، لقول الفاروق عمر رضي الله عنه: «لا يبع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أو أبى».
- مراقبة الأسواق، السلعة، التاجر، المستهلك؛ لضمان سيرها، وإنزال أشد العقوبات بالمخالف.
- إيجاد ضوابط مخبرية لضمان الجودة في السلعة للتأكد من مطابقتها للتقديرات التي تحددها والمواصفات والمعايير الدقيقة المعمول بها.
- التأكد من تاريخ صلاحيتها ومكوناتها ومحاذير استخدامها وضمان التخزين.
- منع تخزين السلعة بقصد الاحتكار لرفع الأسعار.
- إخراج الفاسد من السوق.
- منع التعرض للمخاطر لسلامة وأمن المستهلك وأمن الدولة.
- حفظ الالتزام الديني، فمثلا لايجوز فتح المطاعم في نهار رمضان، والالتزام بالملابس المحتشمة والأخلاق «الصدق والأمانة والرفق» وما يرتبط بحماية المستهلك من حماية الأمن الدوائي.
- تحريم الإجهاض، وحرمة إفناء النوع البشري، وعمليات التناسخ، وتحريم بيع الأطعمة الفاسدة التي تضر بصحة الإنسان أو بالبيئة وإجراء فحوصات مستمرة والتدقيق في المختبرات وتحريم كل ما يذهب العقل من المسكر والمفتر، وتحريم كل ما يتعرض للعرض والنسل بسوء، وحفظ المال وتأمين العيش ومنع الاعتداء أو التعسف في استعمال المال؛ لحديث: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه».
- لا بد من مراقبة المراقبين على حماية المستهلك؛ حتى لا تخضع معاملاتهم وإجراءاتهم للرشوة أو اعتبارات القرابة أو المصالح المتبادلة أو التهديد، ثم لا يؤدي واجبه كما ينبغي، وهذا مدخل خطير للفساد؛ ففي الحديث: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب»، وفي الحديث «إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك ظالم، فقد تودّع منهم» رواه أحمد.
والمراقب لا بد من التزامه بحسن الخلق، فلا يرى التجار أنهم سراق أو ظلمة، وأن يكون المراقب قدوة حسنة، ويملك إخلاص النية، والرفق ولين القول والعفة عما في أيدي الناس، ويجب إدخال المراقب دورات مكثفة أحدث الأساليب ليواكب العصر في عمله.
- أخطر الأنواع التي ظهرت تجارة الشعوذة والدجل واستغلال مرض الناس والبحث عن أي علاج ومحاربة التشرد والتسول ومكافحة الحرف الهامشية التي تكون عالة على الآخرين، ومكافحة الرذيلة والفساد بكل صوره حماية للناس، وعدم السماح بالاحتفالات الهابطة والأغاني السيئة والأفلام الماجنة، وإيقاف الاحتفالات في المطاعم عند ساعات معينة، وضبط اللبس والإضاءة وما يقدم للناس.
وكذلك مهنة تصفيف الشعر والأندية الرياضية التي تكون فيها تجاوزات، وتستغل عدم دخول الرجال أو بيع أدوية محرمة دولياً؛ لما فيها من أخطار.
ومراقبة الإعلانات التي تسوق ربما إلى أمور مخالفة شرعا وقانونا ولصحة الإنسان.
والحمد لله رب العالمين.
لاتوجد تعليقات