رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 23 أغسطس، 2016 0 تعليق

حلـب .. غارات انتقامية لـرد الاعتـبـار

حملت باريس الأسد مسؤولية تصعيد الأوضاع في البلاد موضحة أنه يسهم في ذلك عن طريق “رفضه بتعنت» الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية

 الأمم المتحدة: المدنيين في حلب يعانون من أوضاع إنسانية حرجة من بينهم 100 ألف طفل من المقيمين في الأحياء الشرقية للمدينة

 

من لم يمت بالقصف مات بغيره تعددت الغارات والموت واحد، هكذا يقول لسان الحال في حلب فقد أصبحت اليوم سماء سوريا مسرحًا للطائرات الروسية والسورية ولا يخلو الجو من طائرات التحالف الدولي، حيث صعّد الطيران الحربي الروسي وطيران بشار الأسد قصفهما الجوي على أحياء مدينة حلب وريفها بشكل عنيف، مستهدفين منازل المدنيين في الأحياء السكنية والطرق العامة، وموقعين 37 قتيلاً على الأقل وعشرات الجرحى، في وقت تستمر المعارك عنيفة على الأرض بين الثوار وقوات الأسد والميليشيات المتحالفة معها والتي تكبدت خسائر كبيرة في الهجوم الذي تقوم به فصائل المعارضة سعياً لفك الحصار عن الجزء الشرقي المحرر من المدينة.

     وتزامنًا مع الحملة الروسية الشرسة على حلب وريفها لمساندة عصابات الأسد وفي ظل ارتكاب المجزرة تلو المجزرة لاتزال كتائب الثوار تستكمل معركتها لتحرير المدينة كاملة، حيث شهدت الأسبوع الماضي معارك عنيفة في منطقة الراموسة حيث سيطر الثوار على عدد من النقاط في معمل الاسمنت بعد هجوم عنيف شنوه وبعد اشتباكات عنيفة دامت لأكثر من ساعتين تم خلالها اغتنام دبابة من نوع حديث وقتل عدد من مليشيات حزب الله بينهم قيادي كبير، إلا أن كثافة القصف أجبرتهم على الانسحاب.

محاولات للتقدم

     في حين تصدت فصائل الثوار لمحاولة تقدم جديدة لقوات النظام والميليشيات المساندة لها تحت غطاء مكثف بعشرات الغارات الجوية ومئات القذائف والصواريخ نحو تلة المحروقات وقرية العامرية وأوقعوا عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم كما تمكنوا من تدمير دبابة ( t72 ) لقوات النظام على جبهة الحرابلة جنوب شرق حلب إثر استهدافها بصاروخ مضاد للدروع ظهراً، فيما استهدف الطيران الروسي جسر بلدة خان طومان وأخرجه عن العمل، وأعلنت كتائب الثوار عن تدمير غرفة لتجمع قوات الأسد بصاروخ فاغوت في ضاحية الأسد غربي حلب و مقتل 6 عناصر بالإضافة إلى تدمير رشاش داخل البناء.

تطور خطير

     يأتي هذا مع تنفيذ قاذفات روسية ولأول مرة غارات في سوريا انطلاقاً من قواعد عسكرية تقع في إحدى الدول القريبة، في تطور جديد على صعيد الدور الروسي في سوريا والذي قررت موسكو توسعته مؤخرًا عبر قاعدة حميميم الجوية، وقد جاء ذلك في بيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء الماضي جاء فيه  أنّ «طائرات قاذفة بعيدة المدى من طراز «تو-22 إم3»، وقاذفات من طراز «سو - 34» أقلعت اليوم من مطار همدان الإيراني، ووجهت ضربات مكثفة إلى مواقع تنظيمي (داعش وجبهة النصرة) في محافظات حلب و دير الزور و إدلب في سوريا».

كرٌ وفر

     وبرغم هذه الحملة الشرسة لا تزال معارك الكرّ والفر سيدة الموقف في الطريق إلى كسر كامل للحصار عن مدينة حلب، ونقلت مصادر داخل المدينة أن العديد من العوائل بدأت بنزوح داخلي، فضلاً عن توقف طريق الراموسة لفترة من الوقت، ما أعطى انطباعاً أن جميع من هم داخل المدينة بمناطق النظام باتوا في عداد المحاصرين، لتتردد مقولة «دار الدولاب» حيث كان من المفترض أن يكون الثوار هم المحاصرين داخل المدينة فباتوا اليوم في طريق حصار مناطق النظام.

     وقال الناطق باسم جيش الفتح وقتها، إن خطة معركة فك الحصار عن مدينة حلب تشمل أكثر من محور وتمتد على مسافة 20 كم ابتداء من منطقة السابقية وانتهاء بمدرسة الحكمة، وتشترك جميع فصائل بهذه المعركة.

مباحثات موسكو وواشنطن

     وفي هذه الغضون تجري مباحثات بين موسكو وواشنطن حول عمل عسكري مشترك في مدينة حلب وكان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، قد قال في تعليقات إن روسيا والولايات المتحدة على وشك الاتفاق على شن هجمات مشتركة على حلب، فيما تجنبت الخارجية الأمريكية التعليق على ما أدلى به وزير الدفاع الروسي حول تعاون مقبل في الصراع الدائر بحلب. وأوضح الدبلوماسي الروسي بورودافكين، أن صيغة التعاون الروسي الأمريكي في مدينة حلب ومحيطها تقضي بالتعامل بين الدولتين في إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان المدينة والتفريق بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين، ما سيشكل أرضية لنجاح مفاوضات جنيف، التي تأمل الأمم المتحدة في عقد جولة جديدة منها قبل نهاية الشهر الجاري.

أوضاع إنسانية سيئة

     وفي هذا الإطار أعلنت لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بسوريا التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء 16 أغسطس ، أن المدنيين في حلب يعانون حاليا من أوضاع إنسانية حرجة، وأعربت اللجنة في بيان أصدرته في جنيف عن بالغ قلقها إزاء سلامة المدنيين، وبينهم 100 ألف طفل، المقيمين في الأحياء الشرقية من حلب، حيث بلغ العنف خلال الأسابيع الماضية «مستوى غير مسبوق»، على خلفية اشتداد المعارك من أجل السيطرة على المناطق الخاضعة حاليا لفصائل مسلحة وخطوط إمداداتها الرئيسة، بما في ذلك طريق الكاستيلو.

     وشددت اللجنة على أن الأوضاع الإنسانية الحرجة، التي يعاني منها سكان حلب، تتطلب اهتمام خاص واتخاذ إجراءات عاجلة، مشيرة إلى أن الأحياء السكنية للمدينة تتعرض يوميا لقصف من قبل القوات الحكومية وحلفائها، بينما يسقط العديد من المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري جراء قصف عشوائي تنفذه المجموعات المسلحة، بما في ذلك “أحرار الشام” و”جيش الإسلام” و”جبهة النصرة” التي شنت هجوما مضادا على القوات الحكومية.

     وطالبت اللجنة أطراف الأزمة باحترام القانون الدولي، داعية جميع الدول، التي لديها تأثير على جهات الصراع، إلى ممارسة الضغوط عليها بغية العودة إلى طاولة الحوار السياسي.

بيان فرنسي

     في غضون ذلك، أعربت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها عن قلقها من التدهور المتسارع للأوضاع الأمنية والإنسانية في سوريا بأكملها، لا سيما في مدينة حلب، وحملت السوري بشار الأسد مسؤولية تصعيد الأوضاع في البلاد، موضحة أنه يسهم في ذلك عن طريق «رفضه بتعنت» الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية وإطلاق المفاوضات السياسية.

حسابات روسية

     وعن الحسابات الروسية في سوريا على ضوء الحقائق التي كشفتها معركة فك حصار حلب، قال محللون إن الخيارات أمام روسيا الآن هي إما أن تتفق مع الولايات المتحدة في عملية عسكرية مشتركة في حلب لإنقاذ الموقف الروسي إشارة إلى المباحثات الجارية بين موسكو وواشنطن حول عمل عسكري مشترك في مدينة حلب والتي أكدها وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في تصريح له حين قال: (إن روسيا والولايات المتحدة على وشك الاتفاق على شن هجمات مشتركة على حلب).

     أو أن تستمر في حربها الانتقامية وهجماتها الهستيرية التي تستخدم فيها كافة الأسلحة المحرمة من القنابل الفوسوفورية وغيرها وإبادتها الجماعية لأهالي حلب.

     أو أن تلجأ إلى الانسحاب وإجبار بشار الأسد على الانسحاب من كل الجبهات واعتماد خيار التقسيم، معتبرين أن الخيار الوحيد هو الإطاحة بالأسد والعودة للشعب السوري صاحب القرار في البلد، وإن كان هذا الخيرا مستبعدًا في ظل تصريحات المسؤولين الروس.

- وأخيرًا: فلا شك أن الصراع في مدينة حلب هو صراع تكسير العظام الآن، ونتائج هذا الصراع ربما يحدد مصير القضية السورية كاملة ومصير الأسد على وجه الخصوص، نسأل الله أن يوفق المجاهدين في سبيله ويمكن لهم ويثبتهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك