رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 9 مايو، 2016 0 تعليق

حلب تحترق- شاهد عيان على موت الضمير العالمي

تتم هذه الجريمة في ظلّ صمت عالمي أقرب إلى التواطؤ مع  النظام السوري، ولا تفسير لما يجري سوى أن العالم قد فقد أي شعور بالإنسانية

دي ميستورا: كل خمس وعشرين دقيقة يموت مواطن سوري بسبب القصف أو المعارك

مع استمرار القصف العشوائي لأحياء المدينة تفاقمت الأزمة الإنسانية وأصبح انتشال العالقين من تحت الأنقاض أشبه بالمهمة الصعبة وغير الممكنة

تحول ما نسبته 75 بالمئة من البيوت إلى أنقاض وقع أغلبها على رؤوس ساكنيها، وحوَّل الجزء الكبير منهم لنازحين ومشردين يفترشون الحدود التركية السورية، بلا أي مأوى أو مساعدات

أعداد هائلة من الضحايا المدنيين قتلتهم الغارات الإجرامية، وسط مشاهدة ما يسمى بالمجتمع الدولي لحمام الدم الذي ينزف دون توقف منذ بداية الأحداث

تجاوز المعدل اليومي من البراميل الملقاة على المدينة الـ35 برميلاً يوميًا توزعت على الأحياء المحررة التي لم يفارقها الطيران المروحي خلال النهار وهو يلقي تلك البراميل

مقتل آخر طبيب أطفال في حلب في قصف مستشفى حلب وكذلك استهداف مستشفى القدس من طيران النظام

كيري: ندعو النظام إلى وقف هذه الهجمات التي لا معنى لها على الإطلاق، التي تعدّ انتهاكات لاتفاق وقف الأعمال العدائية»

يحيى العريضي: المباحثات السورية تبدو غطاء لذبح السوريين برعاية روسية، مشيرًا إلى أن النظام قالها عن حلب من قبل إما أن نحتلها أو ندمرها

أقصى ما فعلته الخارجية الأمريكية هي أنها أبدت “غضبها وانزعاجها” من الغارة التي استهدفت مستشفى القدس، واعتبرتها “مقصودة على ما يبدو

زيد بن رعد الحسين: كثيرين باتوا مقتنعين أنّ القوى الكبرى العالمية متواطئة بالفعل في التضحية بمئات آلاف البشر وتشريد الملايين

لابد أن يدرك الجميع أن السلام في سوريا لن يتحقق إلا بذهاب الأسد الذي أصبح فاقدًا للشرعية التي تؤهله لحكم شعب رفضه ومات وتشرد من أجل هدف واحد هو ذهابه

الصليب الأحمر الدولي:الرضع في حلب بات مأساوياً ويقترب من حافة الكارثة

النظام السوري مازال يمارس سياسة التجويع الممنهج وهذا يعد انتهاجاً صارخاً للقانون الدولي

 

أشباح بشر يغطيها التراب، وركام في كل مكان، وجثث القتلى فوقه وتحته وفي محيطه، وسط صرخات الثكالى من النساء وفزع الأطفال، هكذا باتت صورة مدينة حلب السورية من جراء الغارات التي يشنها نظام الطاغية بشار منذُ أيام، إبادة جماعية لا تستثني مسجدًا ولا مستشفى ولا منزلاً.

أعداد هائلة من الضحايا المدنيين قتلتهم الغارات الإجرامية، وسط مشاهدة ما يسمى بالمجتمع الدولي لحمام الدم الذي ينزف دون توقف منذ بداية الأحداث؛ حيث دمّرت الغارات مستشفى القدس، ثم مستشفى المرجة، فضلا عن العديد من المساجد والمنازل؛ فلا حرمة لمرضى ولا لدور عبادة، وحتى من أغلق عليه بابه ليس آمنًا؛ حيث تؤكد مصادر الدفاع المدني في حلب أن المشاهد التي يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي للجريمة الإنسانية هناك، ليست سوى صورة مصغرة للواقع الذي يعيشه سكان المدينة ذات التاريخ العريق.

    

 مع استمرار القصف العشوائي لأحياء المدينة عن طريق طائرات عمودية عمياء، تتفاقم الأزمة الإنسانية يومًا بعد يوم، ويصبح انتشال العالقين من تحت الأنقاض أشبه بالمهمة الصعبة وغير الممكنة، في ظل النقص الحاد في الإمكانات المادية والمعدات اللازمة لرفع ركام المنازل والبنايات التي يهدم منها العشرات يوميًا.

     وتتوفر في المدينة كوادر بشرية تعمل في شتى المجالات الخدمية (الإسعافية والخدمية وقوى الدفاع المدني)، وهي مبادرات يعاني المنطوون تحتها صعوبات كبيرة، بسبب قلة الدعم المادي وانعدامه أحيانًا، كما تعاني شتى المجالات من فقر للوسائل والمعدات، كما يعاني فريق الدفاع المدني من نقص بالجرافات والآليات الثقيلة التي تعد ضرورية وملحة في الوقت الذي تنهار فيه العشرات من البيوت على رؤوس أصحابها.

عجز كامل

     وقد تحدث ناشطون عن بقاء الكثير من العائلات تحت الأنقاض لمدة أربعة أيام، وفرق الدفاع المدني والمتطوعون عاجزون تمامًا عن تقديم المساعدة لهم أو انتشالهم, جاء ذلك كله بعد تجاوز المعدل اليومي من البراميل الملقاة على المدينة الـ35 برميلاً يوميًا التي توزعت على الأحياء المحررة، التي لم يفارقها الطيران المروحي خلال النهار وهو يلقي تلك البراميل، وفي الليل يبدأ القصف من خلال الطائرات الحربية التي تمطر هذه الأحياء بصواريخها الموجهة والرشاشات الثقيلة.

     كل هذا القصف المركز على هذه الأحياء في المدينة كان كافيًا لتحويل ما نسبته 75 بالمئة من البيوت إلى أنقاض وقع أغلبها على رؤوس ساكنيها، وحوَّل الجزء الكبير منهم لنازحين ومشردين يفترشون الآن الحدود التركية السورية، بلا أي مأوى أو مساعدات تقيهم البرد الشديد الذي تشهده مناطق المحافظة الشمالية, كما كان القصف سببًا في تدمير كل البنية التحتية في هذه الأحياء كشبكات المياه والكهرباء.

مقتل آخر طبيب أطفال

     كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل طبيب الأطفال محمد وسيم معاذ، في قصف على مستشفى في حلب، وأكد المبعوث الدولي إلى سوريا (ستافان دي ميستورا)، أن الطبيب القتيل هو آخر طبيب أطفال في حلب، وقد لقي مصرعه إلى جانب 19 شخصًا آخرين على الأقل في قصف لطيران النظام السوري على مستشفى القدس الميداني، من بينهم طاقم إسعاف واثنان من الحراس في حي تسيطر عليه الفصائل المعارضة في حلب، كما أفاد الدفاع المدني. كما أكد دي ميستورا، أن مواطنًا سوريًا يموت كل خمس وعشرين دقيقة بسبب القصف أو المعارك مطالبا روسيا والولايات المتحدة بإنعاش عاجل لاتفاق وقف الأعمال القتالية.

المفاوضات غطاء للذبح

     من جانبه، قال مستشار هيئة المفاوضات السورية، يحيى العريضي، في تصريح له لموقع (سكاي نيوز عربية) إن «روسيا تنصب نفسها الحكم والخصم، كونها تدعم قتل المدنيين وحرق حلب»، وأضاف أن «المباحثات السورية تبدو وكأنها غطاء لذبح السوريين برعاية روسية»، مشيرًا إلى أن «النظام قالها عن حلب من قبل إما أن نحتلها أو ندمرها».

تدهور كارثي

     من ناحيته صرح (يان إيجلاند) -رئيس مجموعة العمل الإنسانية التابعة للأمم المتحدة- بأن «التدهور الكارثي في حلب يعرض خط الإمداد الذي يوصل الإمدادات الإنسانية إلى ملايين السوريين للخطر، وأضاف قائلاً: «لا يمكنني التعبير عن مدى فدْح الوضع في الأيام المقبلة».

     من جهتها أعلنت منظمة الصليب الأحمر الدولي أن الوضع في حلب بات مأساويًّا، ويقترب من حافة الكارثة الإنسانية، وقالت المنظمة، في بيان لها: إن المدينة تعرضت لدمار هائل، بما في ذلك مرافقها العامة، ومنشآت البنية التحتية؛ ما تسبب في حرمان السكان من المياه والكهرباء منذ شهور طويلة.

     كما وصف (فالتر جروس) رئيس مكتب الصليب الأحمر في حلب، المشهد المروع في المدينة السورية قائلًا: «أينما تكن تسمع صوت قذائف المورتر، والقصف، والطائرات وهي تحلق فوقك»، وأضاف: «لا يوجد حي لم يتعرض للقصف، الناس يعيشون على الحافة، الكل هنا يخشى على حياته، ولا أحد يعلم ماذا سيحدث بعد ذلك».

صمت دولي

من جهة أخرى لم تشهد المواقف الرسمية إزاء الجرائم الوحشية سوى الإدانة والشجب والاستنكار، مع الاستمرار في مشاهدة المجازر دون تحرك حقيقي على الأرض.

غضب وانزعاج

     أقصى ما فعلته الخارجية الأمريكية أنها أبدت «غضبها وانزعاجها» من الغارة التي استهدفت مستشفى القدس، وعدَّتْها مقصودة على ما يبدو، كما طالبت الدول الغربية تطبيق الهدنة، ودعت روسيا إلى استخدام نفوذها للضغط على الحكومة السورية لوقف الهجمات.

وردًا على هذه الدعوة قال (غينادي غاتيلوف) -نائب وزير الخارجية الروسي-: إن موسكو لن تضغط على دمشق لوقف العمليات العسكرية في حلب؛ حيث تُجرى هناك -حسب تعبيره- عملية لمواجهة الخطر الإرهابي.

     وصرح (جون كيري) المتحدث باسم وزارة الخارجية قائلا، «واشنطن ما تزال تحاول معرفة المزيد من المعلومات عن الهجوم الذي طال المستشفى المدعوم من منظمة «أطباء بلا حدود»، ويبدو أن هناك عشرات الضحايا، مرة أخرى ندعو النظام إلى وقف هذه الهجمات التي لا معنى لها على الإطلاق، التي تعدّ انتهاكات لاتفاق وقف الأعمال العدائية».

قلق كبير

كما دان وزير الخارجية الفرنسي (جان مارك أيرولت)، هجمات النظام السوري وحلفائه على المدنيين، وأعرب عن قلقه الكبير إزاءها، مطالبًا بحماية العاملين في المجال الطبي.

ألمانيا: بشار ينتهك القانون الدولي

أكد متحدث الحكومة الألمانية (ستيفن سيبرت)، أن المعلومات المتوفرة لدى بلاده تشير إلى أن النظام السوري مازال يمارس سياسة التجويع الممنهجة، وحرمان الشعب من الخدمات الطبية، وهذا يعني انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى.

تنديد عربي

     عربيا، وصفت السعودية ما حدث بالعمل الإرهابي، ودعت حلفاء بشار الأسد إلى الضغط عليه لوقف هذه الاعتداءات، من جهته حمّل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بشار الأسد المسؤولية عمّا يحدث في المدينة، مؤكدًا أنه وحلفاءه لن يفلتوا بفعلتهم، وقال  الجبير؛ عقب لقائه نظيره الأميركي (جون كيري) في جنيف، إن ما يجري في حلب يعد انتهاكًا للقوانين الإنسانية ولقرار مجلس الأمن رقم 2254 ولاتفاق وقف الأعمال العدائية.

وقف فوري للمجازر

     كما أدانت الكويت هذا الإجرام الذي يمارسه نظام الأسد؛ حيث طالب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية المعنية بممارسة الضغط السياسي والديبلوماسي المكثف، والعمل على وقف فوري المجازر الدموية التي يروح ضحيتها الأبرياء في حلب، وإعطاء الفرصة للمنظمات الإنسانية ووكالات الإغاثة الدولية والإقليمية للدخول في حلب ومعالجة آثار الأحداث الدامية هناك».

وقال الغانم: «إذا كنا نتحدث سابقا عن ضرورة تراجع الخيار العسكري وتقديم الحل السياسي بدلا عنه، فإننا إزاء ما يحدث في حلب ندعو إلى تقديم المعالجة الإنسانية العاجلة والفورية على حساب الخيارات العسكرية والسياسية معا».

معاقبة المسؤولين

من جانبه، طالب الأمين العام لـجامعة الدول العربية نبيل العربي بـ«معاقبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة النكراء بحق المدنيين السوريين».

حل عاجل

كما طالب الأزهر المجتمع الدولي بالعمل على الوصول إلى حل عاجل سريع لوقف أعمال القتل والتدمير في حلب، وإنهاء الوضع المأساوي فيها.

غياب العدالة الدولية

     واستنكرت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية بشدة مجزرة مستشفى القدس في حلب، وعدتها «جريمة متكاملة في أدواتها ووسائلها وخططها وتنفيذها، في حين أن العدالة الدولية لا تتخذ أي خطوة حقيقية لمحاسبة المجرم الذي يصدر العنف والإرهاب، ويشرد الملايين من البشر إلى أنحاء العالم».

عمل إرهابي وغير آدمي

     من جهته وصف مجلس حكماء المسلمين برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الأحداث بأنها عمل إرهابي وغير آدمي، وأشار المجلس بأنه لا يرضى بأي حال من الأحوال عما يحدث في حلب؛ فالأمر لا علاقة له بأي حقوق للإنسان، ولا يراعي حياة الأبرياء الذين لا ذنب لهم في شيء، ومن المؤسف وما يدعو للحزن العمل على تدمير المدارس والمستشفيات ودور العبادة والأماكن العامة للمواطنين المدنين.

     وحذر المجلس من استمرار هذه الأعمال الإجرامية في سوريا، ويرفض سكوت العالم العربي والدولي على مثل هذه الغارات الإرهابية دون أن يكون هناك وقف رادع لما يحدث في سوريا، فالأمر وفقا لتصريحات مجلس حكماء المسلمين يشبه الكوارث بصورة كبيرة.

جرائم نكراء

أدانت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشدة القصف الوحشي المتواصل على مدينة حلب السورية على يد قوات النظام السوري وأعوانه؛ ما تسبب في مقتل مئات المدنيين الأبرياء وجرحهم، وزيادة الخراب والدمار للمؤسسات الخدمية في المدينة.

     وصرح الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، بأن دول مجلس التعاون تندد بهذه الجرائم النكراء التي ترتكب بحق المدنيين العزل من أبناء مدينة حلب الصامدة، وتعدها جرائم ضد الإنسانية، وتدعو مجلس الأمن الدولي والدول الراعية للهدنة إلى التدخل الفوري لوقف هذا التصعيد الذي يستهدف كسر إرادة الشعب السوري الشقيق.

وقال الزياني،: إن «دول مجلس التعاون تحمل النظام السوري والقوى الداعمة له مسؤولية الهجمات الوحشية والقصف العنيف الذي تتعرض له مدينة حلب، وزيادة المعاناة التي يقاسيها المدنيون الأبرياء في المدينة.

القوى الكبرى متواطئة

     من ناحيته قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين: «إن إخفاق مجلس الأمن المستمر في إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية يعدّ مثالا على أكثر أشكال الواقعية السياسية خزيا، وأن كثيرين باتوا مقتنعين أنّ القوى الكبرى العالمية متواطئة بالفعل في التضحية بمئات آلاف البشر وتشريد الملايين».

لماذا يحرقون حلب؟

     يجيب عن هذا السؤال الكاتب السوري خليل المقداد قائلاً: لحلب أهمية خاصة كونها تقع في منطقة تتنازع عليها أطراف عدة، وليس فقط طرفا المعارضة ونظام الأسد كما يعتقد بعض الساسة، فحلب عاصمة الشمال الحر، وبوابته غير المقيدة إلى العالم الخارجي، وذلك عبر تركيا، التي لم تمارس الضغوط، ولم تفرض القوانين والإجراءات نفسها  التي فرضها بقية الجيران العرب على السوريين، ولطالما أزعج ذلك أصدقاء السوريين وأعداءهم على حد سواء، فهي كانت وإلى وقت قريب جدًا، مضرب المثل في تساهلها وتسامحها، مع حركة عبور وتنقل السوريين على طرفي الحدود.

     السيطرة على حلب لا تعني بالضرورة، انتهاء الحرب في سورية، ولا فوز أي طرف فيها، لكنها قد تعني خسارة أحد أطرافها لصالح أطراف أخرى، كفصائل المعارضة المعتدلة، التي إن خسرت حلب فستخسر الشريان الحيوي للإمداد، والموقع الاستراتيجي للمدينة إضافة إلى الحاضنة الشعبية، وهو ما سيضعف موقفها في مواجهة الأسد وباقي الأطراف.

يُتْم الثورة السورية

أخيرًا لم يعرف التاريخ ثورة بهذا المستوى من اليُتم على الصعيد الدولي، كما هو حال الثورة السورية، كل القوى الدولية تقف ضدها بهذا القدر أو ذاك.

ومن المهم أن يدرك الجميع أن السلام في سوريا لن يتحقق إلا بتكاتف المعارضة وتحرك الدول العربية والإسلامية لتأخذ دور أكبر بالضغط السياسي والعسكري على النظام ، إن استقرار سوريا هو استقرار للمنطقة ونقلة في الأمن الدولي والعربي.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك