رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 4 أكتوبر، 2016 0 تعليق

حكم توقف البحث عن الجثث أو المصابين!

     أثناء القصف الجائر على الأهالي يتوقف المسعفون خوفا على أنفسهم أو لعدم وجود إمكانات كافية، أو لعدم وجود أمل في وجود أحياء أو حال بينهم وبين إسعاف المصابين زلازل أو خسف أو فيضانات أو أمراض معدية! أو لا يوجد تأمين حماية كافية لهم.

     لقد أجاز العلماء على المصلي قطع صلاته لأجل إنقاذ من خيف غرقه أو احتراقه، (المغني لابن قدامة) واتفق العلماء على وجوب إنقاذ النفس من الهلكة، والمحافظة على الضرورات  الخمس (الدين، والنفس والنسل والمال والعقل)، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (المائدة:32).

     قال البيضاوي -رحمه الله-: «أي ومن تسبب لبقاء حياتها بعفو أو منع عن القتل، أو استنقاذ من بعض أسباب الهلكة، فكأنما فعل ذلك بالناس جميعا، والمقصود من تعظيم قتل النفس وإحيائها في القلوب، ترهيباً عن التعرض لها وترغيبا في المحاماة عليها (أنوار التنزيل 2/319).

     قال العز بن عبدالسلام -رحمه الله-: إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة. (قواعد الأحكام 1/11).

     ومن المسلمات في الشريعة الإسلامية احترام الميت ووجوب تكريمه وحرمة إهانته وابتذاله، وفي الأثر «كسر عظم الميت ككسره حيا» أخرجه أحمد وأبوداود.

وعليها هناك قواعد شرعية:

- أولا: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالواجب غسل الميت وتكفينه ودفنه، والبحث عنه مطلوب ولو بعد حين.

- ثانيا: الواجب البحث عن الحي لحرمته وحرمة الميت كحرمة الحي.

- ثالثا: امتثال أمر الشارع بتكريم الميت وعدم إهانته، وبذل قصارى الجهد أن يخرج من سقوط الحجارة بأقل الخسائر الممكنة ويحرم التمثيل به.

     والواجب أن الذي يتولى الإنقاذ من يملك صفات القوة والصبر والتحمل والستر والصلاح؛ فإن لم يجد فالتنازل عن بعضها ليتحقق المراد.

     ففي الحديث: «ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيام» متفق عليه.

     ويجب عدم استفزاز العدو إذا كنت في وظيفة المسعف والمنقذ حتى لا تكون سببا في هلاك النفس المعصومة، وتبذل قصارى الجهد لتكون تحت راية دولية أو إقليمية معترف بها.

وأما المسوغات الشرعية للتوقف عن  المفقودين والجثث:

- تعذر الوصول إلى المفقود أو الجثة بعد بذل واسع من البحث {فاتقوا الله ما استطعتم}، ولحديث: «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» متفق عليه.

     وتعذر في الزمان؛ حيث طال البحث، وقد تكون حالات جديدة من الإصابات فيقدم مع توزيع الأدوار بين فرق البحث أو تحديد مدة انتظار المفقود وقد طالت، وعدم وجود وسائل الاتصال والمواصلات وحتى نطبق الاحكام المتعلقة بالوفاة من عدة الزوجة وغيره.

     للقاعدة الشرعية (الضرر لا يزال بمثله) أو يفوق مصلحة أعظم منها، وهناك ضابط غلبة الظن واستفراغ الجهد في عمليات الإنقاذ.

     نسأل الله أن يفرج عن إخواننا في كل مكان، ويحقن دماءهم، ويشافي مرضاهم، ويداوي مصابهم، ويصون أعراضهم، ويجمع كلمتهم، ويولي عليهم خيارهم، ويهلك أعداءهم، ويزلزل الأرض من تحتهم، ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وينزل عليهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك