رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 8 ديسمبر، 2014 0 تعليق

حقوق العمالة وواجباتها

     لقد خص الله بلادنا بخصائص ومزايا جعل بعضهم يحرص على العمل هنا دون باقي الدول؛ ولذا تكاثرت العمالة في بلادنا وهؤلاء لهم حقوق وعليهم واجبات، ولئن أحوجت ظروف الحياة في بلادهم كثيرا منهم أن يعيشوا بيننا طلبا للكسب وسعيا وراء تحصيل الرزق فعلينا أن نحترم هؤلاء، وأن نعرف لهم حقهم وقدرهم، فبعضهم له مكانة في بلده، ويحمل مؤهلا عاليا وقد يرضى بعمل أدنى من مستواه التعليمي لظروفه الماسة في بلده، وهؤلاء وغيرهم يجب العدل معهم وإعطاؤهم حقهم كاملا، فضلاً عن أنه خلق كريم يجب أن يشيع بين الناس هو أيضا واجب شرعي بين العامل وصاحب العمل.

 جاء في الحديث الصحيح قوله  صلى الله عليه وسلم : «إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم». (رواه البخاري)

وقال صلى الله عليه وسلم : «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه» (رواه البخاري).

     فالتعامل الحسن مع هؤلاء له آثار إيجابية عليهم وعلى من وراءهم، وقد يكون سببا في هداية الكثيرين إلى الإسلام ورجوع كثير من الشاردين إلى لزوم الطاعة والاستقامة على أمر الله، ولا يجوز بخس العامل حقه الذي تم التعاقد معه عليه بأي حال من الأحوال، بل ولا يجوز تأخير حقه عن موعده إلا برضاه وإن أكرم الكفيل مكفوله وطيب خاطره؛ فهذا من حسن العلاقة وكريم التعامل بين المسلم وأخيه.

قال صلى الله عليه وسلم : «قال الله ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره» (رواه البخاري).

وقال صلى الله عليه وسلم : «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» (رواه ابن ماجه وقال الألباني صحيح لغيره).

أيها الكفلاء احذروا الظلم للعمالة، وأنصفوهم، واعلموا أنكم إذا كنتم قادرين عليهم اليوم فا لله أقدر عليكم منكم عليهم، واعلموا أنه سيأتي يوم تكون الخصومة بينكم وبينهم، فأعدوا العدة ولا يطلبنكم أحد بشيء، فالوفاء بالدنيا سهل ميسور وفي الآخرة شديد عسير؛ لأن السداد سيكون من الحسنات والسيئات.

هناك فرق كبير بين الناس في تعاملهم مع مكفوليهم، فهناك من يقسو عليهم ويتلفظ بألفاظ نابية، بل وتمتد يده أحيانا بضربهم وهذا ظلم محرم.

     وعلى العكس هناك فئة من الكفلاء وفقهم الله لحسن التعامل مع مكفوليهم فوسعوا عليهم وأعطوهم حقوقهم كاملة، فعاد ذلك على صاحب العمل بمضاعفة العمل والطمأنينة والرضا، وأصبح هؤلاء العمال -من يخاف الله منهم- يراقبون ربهم ويؤدون ما أنيط بهم من عمل من غير متابعة ولا محاسبة، وهكذا يثمر التعامل الطيب، بل وقفنا على نوعية من الكفلاء أحسنوا كثيرا في معاملة العمال، وامتدت يدهم بالإحسان إلى أهليهم، فعاد ذلك بركة في أموالهم وسعة في أرزاقهم وحفظا لهم، فهنيئا لمن كانت هذه حاله مع عماله.

ويجب ألا يختلي الشباب بالخادمات؛ لأن عاقبة ذلك شر كبير، مهما كان مستوى التدين عند هؤلاء، وقد حذر رسولنا صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير فقال: «لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما» رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه الأرنؤوط.

وهذا أمر تساهل فيه الكثيرون، وترتب عليه وقوع عظائم كثيرة، فكم من بيت تهدم بناؤه بسبب خلوة الزوج بالخادمة في غفلة من الزوجة التي أحسنت الظن بزوجها، وكم من امرأة وقعت مع السائق أثناء خلوة محرمة بسبب غفلة الزوج وحسن ظنه بزوجته.

     فلنتعاون جميعا، ولنبذل الوسائل التي تدفع الشر قبل وقوعه، ولنأخذ الحيطة والحذر، ولنمنع أسباب الفتنة في البيوت، فا لله -جل وعلا- أناط بالرجال المسؤولية قال صلى الله عليه وسلم : «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (رواه مسلم).

ويجب الوفاء بالعقود فعلى كل من العامل وصاحب العمل أن يفوا بما تعاقدوا عليه والتزموا به قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } (المائدة:1).

     فرب العمل يلتزم بالأجرة ونوع العمل ومقداره وزمنه، حسبما تم الاتفاق عليه مع العامل، والعامل يلتزم بالقيام بما وكل إليه على أحسن وجه، وهو مسؤول أمام الله عن هذه الأمانة التي استرعاه الله عليها، وأناطها به صاحب العمل، ولا يظن أنه إذا غاب عنه صاحب العمل تهاون وتكاسل وأخل بما أنيط به، بل عليه أن يتذكر أن الله رقيب حسيب، وأنه مطلع عليه، وأنه محاسب على هذه الأوقات وتلك الأعمال، فإن أحسن أخذ حقه كاملا في الدنيا ونال الأجر من الله، وإن أساء وخدع صاحب العمل وأخذ حقه في الدنيا كاملا، فليعلم أنه سيحاسب في الآخرة في يوم هو أحوج إلى الحسنة منه الآن.

وقد قال صلى الله عليه وسلم : «والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته» (رواه البخاري).

     ويعظم الأمر إذا كان التقصير والخلل يأتي من بعض العمالة المسلمين، فهؤلاء يعطون فرصة لضعاف النفوس الذين يتهمون المسلمين بالتقصير والخلل وعدم القيام بالواجب، على عكس العمالة الكافرة التي يزعمون أنها تؤدي العمل على أكمل الوجوه، وهذا وإن كان يوجد أحيانا إلا أن أخوة الإسلام ومبدأ التكافل والتراحم بين المسلمين أوجب وألزم من آثار أخلاق تجارية لهؤلاء الكفار، يريدون أن يبتزوا بها أموال المسلمين، ثم يطعنون بها المسلمين في بلادهم، فاجعل لقمتك -أخي الكريم- في فم مسلم، ولتكن عونا لأسر مسلمة هناك وراء هذه العمالة المسلمة ومع النية الحسنة يعوضك الله خيرا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك