حدد بوصلتك في العاصفة
نعيش اليوم أحوالا مضطربة وعاصفة، بل عواصف هوجاء من الداخل والخارج، وهي تعصف بكل شيء من الأفكار والأخلاق والسلوك والعمران والمنجزات.
ومع الأسف فإن بعض أهل الخير والشباب الملتزم يطير في هذه العواصف كما تطير الكثير من الأشياء، ولا تدري أين تحطّ؟!.
العواصف الهوجاء
وفي العقود القليلة الماضية تكررت هذه الظاهرة، ظاهرة اقتلاع بعض الخيّرين من جذورهم ومَواطنهم الفكرية والمنهجية؛ بسبب العواصف الهوجاء التي تتعرض لها أمتنا الإسلامية، وحذفهم لأماكن أخرى بعضها قريب وبعضها يسحبه السيل إلى المجهول، وبعضها يصطدم بجدار أو جبل فيقف لكنه يبقى معوّقا ناقصاً! ونحن في هذه المرحلة نشهد بوادر تكرار لهذه الظاهرة، بتزعزع يقين بعضهم من سلامة المنهج الإسلامي؛ بسبب مواقف سياسية لدول أو شخصيات، أو بسبب شعوره بضعف الدعم والتأييد للتيار الإسلامي خاصة مع شدة الهجمة على الإسلام والتيار الإسلامي، ووصمه -ظلماً وزوراً- بأنه منبع الإرهاب والتطرف من قوى محلية وإقليمية ودولية، وبالمقابل يُتهم من جهات أخرى بالعمالة والخيانة والتبعية للأنظمة الحاكمة!.
منابر الزور
ويتضاعف الشعور بالحصار حين تتكالب السياسات الرسمية والعالمية، مع منابر الزور الإعلامية، والمشروع الطائفي وخناجر الإخوة في الظهر على الطعن في الإسلام، وتحميله كل الأوزار برغم تضارب أجنداتهم وتصارعها، ولكن الطعن في الإسلام يصلح شماعة نموذجية للتغطية على حقيقة مآربهم.
مرجعية للشباب
أمّا الطامة الأكبر في ظني فهي عجز كثير من الشباب عن العثور على مرجعية أو مشروع يروي ظمأه، ويريح فؤاده، ويسند إليه ظهره في مواجهة هذه الأعاصير والعواصف، وقد يكون ذلك لقصور في الرؤية عند الشباب؛ بسبب تلبد الجو بالسحب والغبار، فلا يرى الحقائق كما هي، أو لأن هناك قصورا فعلا في أداء كثير من المرجعيات والمشروع الإسلامي المفترض.
الوساوس والشكوك
إن كثيراً مما يطرحه الشباب من تساؤلات وتصريحات في حقيقتها هي نوع من الوساوس أو الشكوك أو الحيرة حول صحة المنهج، أو صحة الوجهة، أو جدوى الصبر والاستمرار والثبات، وحين تجد أن الثوابت أصبحت موضعا للأخذ والرد، وأن الشبهات أصبحت تروق له، وأن ضغط الواقع والمحنة والضعف والهزيمة أحيانا قد قاربت على سحقه، فإن هذا يجب أن يطلق نواقيس الخطر عند العلماء والمرجعيات الفكرية، بضرورة الالتفات لحماية الصف وأفراده وتدعيمه ومراعاة احتياجاته.
كلمة العلماء
إن شبابنا يمرّ بمخاض كبير، ويحتاج إلى يد الكبراء الحانية، وكلمة العلماء الشافية، وتفهّم العظماء، وعطاء الحكماء، وإلا نكون قد قصّرنا في حق هؤلاء الشباب الذين ركبوا سفينة النجاة ولكن القبطان انشغل عنهم!.
العواصف القادمة
ومن جهة ثانية، فإن الواجب على كل الشباب المسلم في هذا الوقت الحرص على أن يحدد –بوعي- بوصلته ووجهته في موجة العواصف القائمة والقادمة، وأن يقوم بما يلزم تلك الوجهة من استعدادات، من تصبّر وتعلّم وبُعد عن الفتن والتجاء إلى الله، وإلاّ قد يجد نفسه في أي عاصفة قادمة مخلوعاً من جذوره طائراً في الفراغ، ولا قدر الله إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم!
لاتوجد تعليقات