رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 25 يناير، 2011 0 تعليق

جهود لجنة القارة الهندية في محاربة الإرهاب وفكر التكفير

 

 

إن لجنة القارة الهندية بجمعية إحياء التراث الإسلامي لجنة دعوية وخيرية، تقوم بتقديم خدماتها المتميزة في مختلف المجالات والنواحي الاجتماعية وتخاطب قضايا الأمة الإسلامية ومشكلات المجتمعات الإسلامية بأنسب لغات المعالجة والتفاهم والتحليل، وبكل معاني الحكمة والحنكة والمعقولية والاتزان، متبعة في ذلك منهج الوسطية والاعتدال الذي تستمده من سيرة المصطفى ـ[ وهديه الكامل الشامل لجميع نواحي الحياة.

     ولما كانت هذه اللجنة متشعبة الجوانب ومتعددة المسارب ومتنوعة المجالات في أنشطتها وخدماتها الاجتماعية والدعوية والتعليمية والخيرية، كان لها دور مهم في مكافحة الإرهاب والتصدي لمحاربته في شبه القارة الهندية، وكان لها موقف واضح في ضوء الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة الصالح رضي الله عنهم، إزاء هذه الفتن والنوازل؛ حيث يتصف هذا الموقف المستمد من تعاليم الشريعة الغراء بالاتزان والاعتدال، معتمدا في معالجة هذه القضايا على إعمال العقل والتدبر والتفكير وتقديم المصلحة العامة للإسلام والمسلمين، مبتعدا في ذلك عن الانخراط في سلك من يمشون وراء التيارات والحركات التي ليس لها أساس ثابت غير العواطف الجياشة والعقول الطياشة التي طالما تسببت في جر كثير من الطامات والمحن على المجتمعات الإسلامية والإنسانية.

     فهذه اللجنة بحكم كونها تخدم المجتمع من جميع النواحي فإنها لم تهمل أيضا جانب مكافحة الإرهاب لما كان لهذا السلاح - ذي الحدين - من أخطار جسيمة على المجتمعات والبلاد والعباد، وفيما يلي نذكر بعض الجوانب من جهود ومحاولات اللجنة لمحاربة الإرهاب وإسعاد المجتمعات:

أولا: مكافحة الأمية ومحاربة الجهل

     فلا يخفى أن منشأ الإرهاب والعنف هو التخلف العلمي والثقافي والجهل السائد والأمية المنتشرة في المجتمعات، ولما كانت هذه المشكلة لابد من معالجتها فإن اللجنة اتخذت لنفسها شعار «مكافحة الأمية»، وهي تركز من أول يوم لها على نشر العقيدة الصحيحة، وبث الثقافة الإسلامية السمحة في أوساط المجتمعات، وذلك بفتح مدارس دينية وحلقات قرآنية لتعليم وتحفيظ كتاب الله عز وجل الذي يقضي على كل مفاهيم الإرهاب والعنف والعنجهية الجهلاء.

     وهذه المدارس والمعاهد والحلقات كلها تحاول في مناهجها وأنظمتها وأنشطتها إبراز الجوانب المشرقة من الثقافة الإسلامية التي لا تمس بأي صلة الإرهاب وإفساد أمن المجتمعات، علما أن المستفيدين من هذه المدارس والحلقات والمعاهد من أبناء الأمة الإسلامية يصل عددهم إلى الآلاف، وهؤلاء كلهم يتربون على المنهج الإسلامي القويم ويتزودون بزاد العلم الشرعي الصحيح الذي يحقق السعادة العاجلة والآجلة للأفراد والمجتمعات، ولا شك أن هؤلاء عندما يرجعون إلى أقوامهم ومجتمعاتهم فإنهم - إن شاء الله - يؤدون دورا كبيرا في تطهير العقائد وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصفية الأفكار المتلوثة التي هي من الأسبالب الرئيسة لظهور الإرهاب والعنف والتطرف.

ثانيا: الاهتمام بالدعوة والتوعية والإرشاد

     لجنة القارة الهندية لجنة دعوية يعمل تحت مظلتها أكثر من (1500) من الدعاة والأئمة والمدرسين المنتشرين في أنحاء شبه القارة الهندية، وكلهم مرابطون في ثغور الدعوة والإرشاد يحملون سلاح الكتاب والسنة، ويعملون ليل نهار على نشر الدعوة الإسلامية الصحيحة الخالصة وترشيد أفراد الأمة مرتسمين في ذلك الخطوات الجلية الواضحة التي رسمتها اللجنة من أول يوم، فكل داعية من هؤلاء الدعاة، وكل إمام من هؤلاء الأئمة، له جهد مشكور في تصحيح المفاهيم في المجتمعات، وهم عندما يتناولون القضايا الاجتماعية في خطبهم ودروسهم يكون فيها حظ كبير لقضايا الإرهاب أيضا ببيان أضرار الإرهاب وأخطاره ووسائل محاربته وسبل الوقاية منه وطرق العلاج، وكل ذلك يتم وفق خطة مليئة بالحكمة والموعظة الحسنة، مراعية مقتضيات وظروف الساحة الدعوية.

ثالثا: توزيع الكتب والرسائل والمطويات الدعوية

     أدركت اللجنة إدراكا تاما أن فتنة الإرهاب تعالج فقط بمحاربتها فكريا وجذريا، وأن لغة الإفهام والحوار الهادف لها أهميتها البالغة في إخماد نار الإرهاب، وأن هذا الأمر يتطلب الوصول إلى كل فرد وشريحة من أفراد وشرائح المجتمعات بمخاطبتهم باللغة المفهومة والحوار معهم باللهجة المناسبة لهم، لذا قامت اللجنة باختيار بعض الكتب والمطويات النافعة في هذا الموضوع وتوزيعها مجانا بين مختلف شرائح المجتمع لما لهذه الكتب من أثر طيب في تصحيح مسار كثير من الناس، ومن بعض هذه الكتب ما يأتي:

أ- كتاب: «فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة» جمع وترتيب محمد بن حسين بن سعيد آل سفران القحطاني، وقد قامت اللجنة بتكليف بعض أهل العلم بترجمة هذا الكتاب إلى لغات عدة، منها: اللغة الأوردية، وقد طبع الكتاب بهذه اللغة في الهند بالآلاف، وكذلك باللغة الهندية والإنجليزية، كما تمت ترجمته بلغة (بشتو) وهو جاهز للطباعة -بإذن الله -ليكون سببا في تصحيح كثير من الأخطاء وتفتيت كثير من الشبهات في هذا الموضوع لدى الناس الناطقين بلغة بشتو.

ب - كتاب: (فتنة التفجيرات والاغتيالات، الأسباب، الآثار، العلاج) وقد تمت ترجمة هذا الكتاب أيضاً إلى لغة بشتو، وهو الآن في مرحلة الإعداد والتجهيز للطباعة، وهو مهم جداً في هذا الموضوع.

جـ - قامت اللجنة أيضا بتوزيع نسخ كثيرة من رسالة: (وسائل النجاة من الفتن) لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي بترجمته إلى اللغتين: الأردية والبشتو.

د - طباعة وتوزيع العدد الخاص من مجلة (The Simple Truth) الشهرية بعنوان: (الإرهاب قرحة العصر) باللغة الإنجليزية.

هـ - طباعة وتوزيع 5000 نسخة من كتاب (زاد الخطيب) باللغة الأوردية بين الدعاة والخطباء وأئمة المساجد في باكستان والهند ونيبال، ويحتوي على 50 خطبة بعناوين متنوعة، ومنها: حرمة دم المسلم وتحريم قتله، النصيحة لولاة الأمر وأئمة المسلمين، طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه، الالتزام بجماعة المسلمين وعدم تفريقها، أهمية الأمن في المجتمع وتحريم الإفساد في الأرض.

رابعاً: توزيع المكتبة الصوتية

     تم بحمد الله تعالى توزيع المكتبة الصوتية (الأشرطة الدعوية) التي تشتمل على الخطب والمحاضرات ضد الإرهاب، وأرسلت إلينا من قبل الإخوة في مشروع تفريخ الدعاة.

خامساً: عقد المؤتمرات والندوات لمحاربة الإرهاب

     تم بحمد الله تعالى عقد المؤتمر في الهند في عام 2006م، وذلك بالتعاون مع جمعية أهل الحديث لعموم الهند بعنوان: (هل المدارس الدينية مراكز لخدمة الإنسان أم أوكار للإرهاب؟) وقد حضر فيه مديرو ومسؤولو الجامعات والمدارس والمعاهد الدينية من كل أنحاء الهند، فضلاً عن رئيس الوزراء السابق، ووزير الداخلية، ونائب وزير الخارجية في دولة الهند، وقد تحدث فيه كل المشاركين عن استنكارهم للعمليات الإرهابية وقتل الأبرياء، وبذلك اضطر وزير الداخلية إلى إعلان أن المدارس الدينية لا علاقة لها نهائيا بالإرهاب والإفساد، وأنها تقوم بخدمة الإنسان تعليما وتربية.

     كما تم عقد ندوة في مدينة لاهور بباكستان في عام 2005م بحضور دعاة اللجنة في إقليم البنجاب، بعنوان: (الحد الفاصل بين الجهاد والفساد) و شارك فيها عدد كبير من العلماء والمشايخ من جميع الأحزاب الدينية، فضلاً عن السيد محمد ميان سومرو رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان الباكستاني آنذاك، واتفقت كلمة جميع المشاركين على إنكار قتل الأبرياء والفساد في الأرض من خلال العمليات الانتحارية وغيرها.

سادساً: عقد الدورات الشرعية للدعاة والأئمة والخطباء

     تم بحمد الله تعالى عقد دورات شرعية عدة للدعاة وأئمة وخطباء المساجد في جميع ولايات دولة باكستان، وشارك فيها نخبة من أهل العلم والعلماء، وقاموا بإلقاء المحاضرات القيمة حول المواضيع المهمة، ومنها: الاعتدال والوسطية في الإسلام ونبذ التطرف، والإسلام دين الرحمة وليس دين الإرهاب، وحكم الولاء والبراء في ضوء الكتاب والسنة، الاعتدال في منهج السلف الصالح - رحمهم الله أجمعين - وأهمية الأمن ووسائل تحقيقه في المجتمع، وخطر التكفير وضوابطه وشروطه وأسبابه وموانعه وآثاره.

     وكان الهدف منها تصحيح المفاهيم الخاطئة، وترشيد الدعاة إلى منهج الوسطية والاعتدال ونبذ فكر التكفير وإنكار الإرهاب بكل أشكاله.

سابعاً: إنشاء معهد لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة

قامت اللجنة بإنشاء معهد لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة في باكستان، وتهدف اللجنة من إنشائه إلى:

- التأصيل العلمي للدعاة الذين يتحصنون به من الشبهات والأفكار الباطلة.

- غرس مفاهيم الوسطية والاعتدال اعتقادا ومنهجا وسلوكا.

- دراسة الأفكار والشبهات الباطلة لدى الفئات الضالة والرد عليها.

- ترشيد الدعاة إلى الالتزام بمنهج الأنبياء في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- توجيه الدعاة إلى الالتزام بأصول الدعوة والتحلي بأوصاف الدعاة المخلصين من الحلم والصبر والحكمة والموعظة الحسنة.

ثامناً: اهتمام اللجنة بشفافية مشاريعها الخيرية

     لجنة القارة الهندية تقوم بمشاريع خيرية ضخمة من بناء المساجد والمدارس، وحفر الآبار، وتوزيع المساعدات، وتنفيذ برامج إغاثية، ومشاريع الإفطار والأضاحي، وتحرص اللجنة في القيام بهذه المشاريع على وضوح وشفافية الجهة المنفذة والشريحة المستفيدة والقائمين بالتنفيذ، وليس هذا إلا لصيانة هذه الأعمال الخيرية مما يسيء إلى سمعتها، أو يتحدى شفافيتها وابتعادها عن الفتن والشبهات، علما أن قيام اللجنة بهذه المشاريع الخيرية في حد ذاته عامل كبير لمحاربة الإرهاب؛ لما في ذلك من خدمة للمجتمع ومحاربة للفقر والجهل وشغل للفراغ الذي ينتج كثيرا من المفاسد.

     هذا وإنه بفضل الله عز وجل أولاً ثم بفضل ما تنتهجه اللجنة من خطوات سليمة وخطط محكمة في مشاريعها المختلفة يشهد لها بالخير كل من له أو كانت له علاقة عمل وتعارف وارتباط معها، والكل شهد بنزاهة أعمالها ووضوح مواقفها وسلامة مناهجها، فنشكر الله عز وجل على هذا التوفيق والتيسير.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك