رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 24 يونيو، 2015 0 تعليق

جمعية أنصار السنة في سريلانكا- مسيرة سبعة عقود في الدعوة والتعليم والعمل الخيري 1947- 2015م

 

كان الهدف من إنشاء الجمعية تصحيح عقائد المسلمين، وإزالة ما ساد بينهم من خرافات وشركيات، وتربية أبنائهم تربية إسلامية

من أهم القضايا التي نضعها في توجهاتنا المستقبلية توحيد مسلمي سريلانكا على العقيدة الصحيحة الصافية

رؤيتنا: مؤسسة رائدة تساهم في رفع مستوى المجتمع المسلم السريلانكي من خلال الدعوة إلى الله -تعالى- على منهج السلف الصالح، والتعليم، وتنفيذ المشاريع الخيرية

رسالتنا: اختيار أصح الطرائق المستمدة من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، واستعمال أنسب الوسائل المتاحة لنشر الدعوة، وتعليم المسلمين ما ينفعهم، ورفع مستواهم دينيا، وثقافيا، واقتصاديا

 

شهد عام 1947م ميلاد مؤسسة دعوية مباركة على جزيرة تقع في جنوب الهند؛ حيث كان المسلمون يقبعون في غياهب الجهل والبدع والخرافات؛ سبعة عقود من الزمن مرت على هذه المؤسسة الرائدة في الدعوة، والتعليم، والعمل الخيري؛ حققت خلالها إنجازات هائلة، ومنافع للمسلمين عظيمة؛ إنها جمعية أنصار السنة المحمدية، في جزيرة سريلانكا، والفرقان من منطلق رسالتها في دعم مثل هذه التجارب المتميزة، تسلط الضوء على هذه الجهود من خلال هذا اللقاء برئيس الجمعية فضيلة الشيخ محمد أبو بكر الصديق، والدكتور محمد أمجد عضو مجلس إدارة الجمعية.

- في البداية سألت الشيخ أبوبكر عن تأسيس الجمعية والظروف التي أحاطت بهذا التأسيس فقال مشكورًا:

- يدرك الناظر في واقع المسلمين في شبه القارة الهندية قبل نصف قرن تقريبًا تساهلاً في التدين، وضعفًا في العلم الشرعي، وانحرافًا في العقائد، وكان بعضهم لا يزال يتمسك بما توارثه من الآباء من البدع والشركيات باسم الدين، وكان هناك ضعف واضح لدى المسلمين في الإقبال على تعليم أبنائهم العلم الشرعي، وكذا وجد تساهل لدى المسلمات في التمسك بأحكام دينهن، وذلك بسبب الجهل بالدين الصحيح.

كذلك كان هناك الكثيرون ممن تحملوا العلم الشرعي من بعض المدارس الهندية قبل نصف قرن تقريبًا، كانوا على عقائد باطلة كالأشعرية والماتريدية، أو منتسبين إلى الطرق الصوفية، فكانت تلك العقائد الباطلة تسيطر على الساحة الدعوية والفتيا في سريلانكا آنذاك.

     ولم تكن هناك مؤسسات ولا جمعيات دعوية تنهج منهج السلف الصالح كي تجبر هذا النقص الديني، فانتبه بعض الدعاة الذين وفقهم الله -عز وجل- للتمسك بالعقيدة الصحيحة وخطوا خطواتهم على منهج السلف الصالح بعد تلقي العلم الشرعي من منابعه الصافية من أرض الحجاز المباركة، فخططوا لإنشاء مركز ديني باسم: (جمعية أنصار السنة المحمدية) باغين تصحيح مفاهيم المسلمين غير الصحيحة في دينهم وعقيدتهم، وإزالة ما ساد بينهم من خرافات وشركيات، وتربية أبناء المسلمين تربية إسلامية صحيحة، وتعليمهم مبادئ الإسلام منذ صغرهم، وإرشاد شبابهم، ودعوة غير المسلمين إلى الدين الحنيف بالحكمة والموعظة الحسنة على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

- متى تأسست الجمعية ؟

- تأسست الجمعية عام 1947م على يد مجموعة من الدعاة برئاسة فضيلة الشيخ عبد الحميد بن آدم فلي البكري السيلاني المكي-رحمه الله- (ت: 1395هـ- 1976م بمكة المكرمة) وذلك في قريته المسماة بـ «Paragahadeniya»، (فركهادينيا) الواقعة في محافظة Kurunegala (كوروناجالا) شمال غرب سريلانكا، وهي تبعد عن العاصمة حوالي 135 كم.

- ما رؤية الجمعية ورسالتها التي تنطلق منها ؟

- نحن -بفضل الله- وضعنا رؤية واضحة ننطلق منها وهي أننا: مؤسسة رائدة تساهم في رفع مستوى المجتمع المسلم السريلانكي من خلال الدعوة إلى الله -تعالى- على منهج السلف الصالح، والتعليم، وتنفيذ المشاريع الخيرية».

     وأما رسالتنا فهي اختيار أصح الطرائق المستمدة من الكتاب والسنة الصحيحة على فهم سلف الأمة، واستعمال أنسب الوسائل المتاحة لنشر الدعوة إلى الله تعالى، وتعليم المسلمين ما ينفعهم، ورفع مستواهم دينيا، وثقافيا، واقتصاديا من خلال المشاريع الخيرية، ولتحقيق هذه الرؤية وتلك الرسالة وضعنا مجموعة من القيم التي تضبط السلوك والعمل داخل الجمعية وهي:

1- الاستقامة: نسير على المنهج السلفي المستقيم المستمد من الكتاب والسنة الصحيحة.

2- الوضوح: مسيرتنا لبلوغ الأهداف واضحة وغير معقدة.

3- الثبات: نثبت على الحق ولا تزعزعنا الفتن بإذن الله تعالى.

4- الجودة: نعتني بالجودة في الدعوة إلى الله، وإدارة المعاهد الدينية، وتنفيذ المشاريع الخيرية.

5- الكفاءة: لدينا كوادر مؤهلة متفرغة من الدعاة، والمدرسين، والعاملين الأكفاء.

6- الخبرة: خبرتنا في الدعوة إلى الله -تعالى- وتعليم مسلمي سريلانكا تزيد على سبعة عقود، كما أن خبرتنا في تنفيذ المشاريع الخيرية تزيد على ثلاثة عقود بعون الله وقوته.

- وماذا عن أهداف الجمعية التي تحقق رؤيتكم ورسالتكم؟

- لا شك أن تحديد الأهداف بدقة يساعد على تحقيق رؤية المؤسسة ورسالتها بسهولة ويسر، وهذا ما حاولنا تحقيقه عند وضع الأهداف وقد وضعنا ثلاثة أهداف رئيسة ننطلق منها وهي:

الهدف الأول: الدعوة إلى الله -تعالى- على منهاج الكتاب والسنة الصحيحة وفق فهم سلف الأمة.

الهدف الثاني: تعليم المسلمين في سريلانكا أمور دينهم وما ينفعهم.

الهدف الثالث: رفع مستوى المجتمع المسلم السريلانكي دينيا وثقافيا واقتصاديا من خلال تنفيذ المشاريع الخيرية، واستعمالها لبلوغ الهدفين السابقين.

ثم قمنا بتقسيم الأهداف الكلية هذه إلى أهداف جزئية، نحقق من خلالها منهج الجمعية الوسطي في تعبيد الناس لربهم وفق الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة دون غلو أو تطرف وكان من أهم تلك الأهداف:

     دعوة المسلمين إلى التوحيد الخالص وإلى ترك الشرك وعبادة القبور، وإحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقمع البدع والخرافات، وإرشاد المسلمين إلى تنشئة شبابهم، ونسائهم تنشئة صحيحة، وتحصينهم من الوقوع في التيارات الواردة الهدامة، وكذلك غرس العقيدة الصحيحة في المجتمع والتحذير من الفرق الضالة كالروافض والصوفية والقاديانيين.

     كذلك لم نغفل جانب التعليم والتربية من خلال المؤسسات والمعاهد الشرعية فوضعنا أهدافا عدة لذلك، منها: إنشاء المعاهد الدينية لأبناء المسلمين وبناتهم، وإدارتها والسعي لتحسين مخرجاتها، ونشر اللغة العربية بين أوساط المسلمين، والمساهمة في رفع مستوى المجتمع في المجالات العلمية العصرية.

- وماذا عن الجانب الخيري في أنشطة الجمعية؟

- هذا سؤال جيد؛ لأن هذا الجانب من أهم الجوانب التي تقوم عليها أنشطة الجمعية؛ لذلك وضعنا مجموعة من الأهداف التي نستطيع من خلالها تقديم نموذج متميز للعمل الخيري في سريلانكا، ومن ذلك: رفع مستوى المجتمع المسلم السريلانكي دينيًا، وثقافيًا، واقتصاديًا، من خلال تنفيذ المشاريع الخيرية، واستعمالها لبلوغ الهدفين الرئيسين، السعي إلى توفير كفالات أيتام المسلمين ورفع مستواهم، إنشاء المساجد والمراكز الإسلامية في قرى المسلمي ومدنهم لرفع مستواهم الديني، والثقافي، ومساعدة فقراء المسلمين من خلال بناء مساكن، وحفر آبار، والإعانات الدورية بغية رفع مستواهم اقتصاديا، وأخيرًا مساعدة المتضررين جراء الكوارث.

- ما أهم الإنجازات التي حققتها الجمعية طوال هذه المسيرة المباركة؟

- بفضل الله الإنجازات كثيرة على جميع مستويات الجمعية وأنشطتها، وهذا من فضل الله علينا وعلى القائمين على إدارة الجمعية، ومن هذه الإنجازات:

(1) نشر العقيدة الصحيحة بين أوساط المسلمين بسريلانكا، وتحذيرهم من الشرك والبدع والعقائد الباطلة منذ تأسيسها عام 1947م، وذلك من خلال الخطب والمحاضرات، وملتقيات دورية على مستوى الوطن.

(2) افتتاح أكثر من مائتي مسجد ومراكز إسلامية في أنحاء سريلانكا منذ عام 1986م.

(3) إنشاء معاهد شرعية ودور أيتام، منها: معهد دار التوحيد السلفية، الذي أسس عام 1981م، وقد تخرج فيه عدد كبير من الدعاة، وحصل عدد من خريجيه درجة الماجستير والدكتوراه بالجامعات العالمية، ومركز النور لرعاية الأيتام وتعليمهم، الذي أسس في فبراير 2008م، ومركز دار الإيمان للأيتام، الذي أسس في يونيو 2008م، ومعهد دار التوحيد السلفية للبنات، الذي أسس عام 2015م.

(4) تأليف عشرات الكتب الدينية باللغة التاملية والسنهالية وترجمتها على يد دعاة الجمعية وطبعها وتوزيع آلاف النسخ منها مجانا، وبلغت عدد الإصدارات (59) إصدارا.

(5) ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة التاملية، والسنهالية.

(6) إصدار المجلة الشهرية عن الجمعية باسم (طلوع الحق)، وتوزيعها بين أوساط المسلمين الناطقين باللغة التاميلية في جميع أنحاء العالم.

(7) إنشاء عدد من الكتاتيب وإدارتها لتعليم القرآن الكريم في المراكز التي أنشأتها الجمعية.

(8) إعداد الكوادر العلمية المؤهلة في المجالات المتنوعة من الطب والهندسة والإدارة وغيرها، وذلك من خلال توفير كفالات طلاب العلم الجامعيين.

(9) حفر أكثر من (500) بئر سطحي في مناطق المسلمين المحتاجة بأنحاء سريلانكا

(10) حفر أكثر من (100) بئر مع الخزانات لصالح طلبة المدارس الإسلامية الحكومية والأهلية في مناطق مختلفة.

(11) بناء عدد من المستوصفات لصالح المسلمين.

(12) بناء أكثر من (250) مسكن وتسليمه لفقراء المسلمين المحتاجين بأنحاء سريلانكا.

(13) توزيع آلاف الأكياس من المواد الغذائية للفقراء والمتضررين بالحروب الأهلية والفيضانات والكوارث دوريا حسب الحاجة.

(14) تنفيذ مشاريع موسمية سنويا مثل إفطار صائم، وتوزيع المواد الغذائية للأسر الفقيرة، وذبح الأضاحي، وغيرها منذ عام 1986م.

(15) توفير منح دراسية للطلبة المسلمين في الجامعات السريلانكية في المجالات: الطب، والهندسة، والإدارة، والتقنية، وعددهم الحالي (100).

(16) إدارة مشروع رعاية الأيتام في ذويهم، وعددهم الحالي (1350).

(17) السعي لمساعدة فقراء المسلمين من خلال بناء مساكن، وآبار، وسد حاجاتهم الاقتصادية.

(18) القيام بمشاريع موسمية متنوعة مثل إفطار صائم وذبح الأضاحي.

(19) المساندة والدعم للمسلمين وقضاياهم ماديا ومعنويا عند الأزمات والكوارث.

- ما الطموحات المستقبلية للجمعية؟

 - لا شك أن أمامنا تحديات كثيرة ومن أهم القضايا التي نضعها في توجهاتنا المستقبلية:

- توحيد مسلمي سريلانكا على العقيدة الصحيحة الصافية.

- تطوير (معهد دار التوحيد السلفية) إلى مستوى جامعي.

- تقوية مناهج المعاهد -التابعة للجمعية- وتنظيم مسيرتها والشؤون الأكاديمية فيها، وذلك بجلب الكوادر المؤهلة ذات الشهادات العالية لخدمتها.

- تنشيط مركز البحوث والدراسات التابع للجمعية بمده بما يحتاجه من الباحثين والكتب والأجهزة، حتى يكون منارة يرجع إليها مسلمو سريلانكا لحل قضاياهم ومسائلهم.

- السعي لزيادة مشاريع الجمعية ومن ذلك: مشروع المنح الدراسية للطلبة الجامعيين، ومشروع الكفالات للأئمة والدعاة، ومشروع كفالات الأيتام، وكذلك إنشاء مشاريع وقفية كبيرة كي تجلب الدخل المطلوب لصالح أنشطة الجمعية وأنشطتها.

- ما علاقة الجمعية بقريناتها من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية الأخرى داخل سريلانكا وخارجها؟

- بفضل الله تتمتع الجمعية بعلاقة وطيدة مع معظم المؤسسات والجمعيات والمراكز التي تـدعو إلى دين الله وفق الكتاب والسنة الصحيحة على نهج سلف هذه الأمة، سواء كان محليا، أم دوليا اعتمادا على التمسك بقول الباري جل في علاه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (المائدة:2)، فضلاً عن التعاون مع السفارات، والجامعات، والهيئات الأخرى التي تساهم في الدعوة الإسلامية ورفع مستوى الأمة الإسلامية، ومن أهم هذه المؤسسات في منطقة الخليج: وزارة الأوقاف الكويتية، وزارة الشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، بيت الزكاة الكويتي، جمعية إحياء التراث الإسلامي، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة؛ حيث تم معادلة شهادة معهد دار التوحيد بمؤهلات المعاهد بالجامعة، جامعة الإمام محمد بن سعود؛ حيث تم معادلة شهادة معهد دار التوحيد بمؤهلات المعاهد بالجامعة، ورابطة العالم الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بدولة الكويت، والندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمملكة العربية السعودية.

- ما الرسالة التي تود توجيهها من منبر الفرقان لأهل الخير الداعمين لأنشطة الجمعية؟

-  لا شك أن الجمعية في حاجة إلى التوسع في نشاطاتها وخدماتها، وهذه مهمة شاقة في ظل صعوبات اقتصادية كبيرة، ونظرًا لموارد الجمعية المحدودة؛ لذا ترجو الجمعية مساهمة الجمعيات الخيرية، والمؤسسات العلمية، والجامعات العالمية، والعلماء الراسخين، والإخوة المتبرعين كي يساهموا في تطوير حياة مسلمي سريلانكا دينيًا وعلميًا، واقتصاديًا.

     والله نسأل أن يوفقنا جميعا لخدمة دينه وإعلاء كلمته، وأن يجزي الجميع خير الجزاء، وأن يجعل أجر المحسنين والعاملين على الخير مضاعفا كما وصف الله عز وجل في قوله تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 261). والحمد لله الذي بنعنته تتم الصالحات. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك