رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فلسطين - ميرفت عوف 24 يناير، 2016 0 تعليق

جمعيات خيرية أمريكية وضرائب تفرض على الفلسطينيين- من أين تأتي الأموال للاستيطان الإسرائيلي؟!

تتفق الأحزاب الصهيونية المتشددة على أهمية دعم المستوطنات، وتعمل جاهدة على توفير المال اللازم لها

تمنحهم الدولة التسهيلات والهبات والإغراءات والدعم المالي، حتى تتحول المستوطنات الإسرائيلية إلىالرفاهية الاجتماعية

 

في هذه الفترة المعقدة؛ حيث يسير الكثيرون مع مشاعر الأزمة، الأمر الذي يؤدي إلى أزمة استيطانية وروحية، هذا هو الوقت لزيادة السيطرة على القدس وتعزيزها مدينتنا المقدسة، هذا نص إعلان معهد (عطيرت القدس)الإسرائيلي الذي أقيم قبل 30 سنة في الحي الإسلامي بالقدس، وهذه وسيلة واحدة من وسائل حثه للمتبرعين على تقديم المال للاستيطان.

     ولأن وزارة الإسكان في دولة الاحتلال تسعى هذه الأيام لبناء 55 ألفًا و548 وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة وبناء مستوطنتين جديدتين، تتضاعف الجهود التي يتبعها الحاخامات والمستوطنون من أجل جلب الدعم والأموال للاستيطان، آخرها ما كشف عنه بقيام 50 جمعية خيرية أمريكية بضخ ملايين الدولارات لهذه المستوطنات، وتخصيص شركات إسرائيلية لحصة من أرباحها، أما دور الحكومة الإسرائيلية وأحزابها الدينية فهو أمر أساسي يقوم عليه الاستيطان، ولعل المفاجئ للكثير هو أن دولة الاحتلال تدعم الاستيطان من أموال الفلسطينيين، من ضريبة (الأرنونا) التي يجبرون على دفعها في القدس، هذا التقرير يستعرض جهات ومؤسسات دعم الاستيطان في دولة الاحتلال الإسرائيلية.

ميزانية الحكومة الإسرائيلية

     يأتي تمويل الاستيطان أساساً من ميزانية حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي، وينص القانون الإسرائيلي على أن الأموال الفائضة من ميزانية الدولة يجب أن تتحول إلى مؤسسة التأمين الوطني لصرفها في مواضيع اجتماعية كالصرف على الأطفال والأسر الفقيرة، وهذه الأموال تحت هذا النص تحول بطريقة أو بأخرى إلى المستوطنات والمدارس الدينية اليهودية.

     في ميزانية 2015 نقل مبلغ 300 مليون شيكل لقسم الاستيطان -وفقا لوزارة المالية في دولة الاحتلال-؛ إذ تتلقى المستوطنات دعمًا حكوميًا من قبل ما يطلق عليه (الدائرة للبناء الريفي)؛ حيث مولت وزارة الإسكان الإسرائيلية بملايين الشواكل أعمال تطوير البني التحتية ووحدات استيطانية جديدة وصلت إلى 184 مليون شيكل، وعلى سبيل المثال خصصت الوزارة أخيرًا مبلغ 1.7 مليون شيكل لبناء 66 وحدة استيطانية في مستوطنة (عوفره) المقامة على أراضي شرق رام الله، وكلفتها 27 ألف شيكل لكل وحدة.

     ومن أبرز المؤسسات التابعة لحكومة الاحتلال التي تمول المستوطنات، هي (شعبة الاستيطان) التي تستخدم لمشاريع تطوير الحركة الاستيطانية، فهذه الدائرة بمثابة القناة لتحويل الميزانية إلى مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، وتُعنى (شعبة الاستيطان) بدعم مناطق الجليل والنقب ومستوطنات الضفة والجولان، غير أن الحصة الأكبر من ميزانيتها تذهب لمستوطنات الضفة المحتلة.

     يقول إمطانس شحادة -منسق مشروع (دراسات إسرائيل) في (المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية) بالداخل الفلسطيني-: إن الحكومة الإسرائيلية تخصص سنويًّا ما لا يقل عن 12 مليار شيكل أي أكثر من (3 مليارات دولار) للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، ويلحقها مئات الملايين الأخرى، بهدف جعل المستوطنات بيئة جاذبة للأجيال الشابة من اليهود؛ لذلك تمنحهم التسهيلات والهبات والإغراءات والدعم المالي، ويتابع: هدف حكومة الاحتلال أن تتحول المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية والقدس المحتلة إلى دولة رفاه من خلال ازدياد الصرف على المستوطنين، ولاسيما في قطاعات التعليم والرفاه الاجتماعي والبنى التحتية والمواصلات والصحة والأمن، وكل ذلك لدعم ازدياد أعداد سكان المستوطنات.

أحزاب دينية ويمينية إسرائيلية

     تتفق الأحزاب الصهيونية المتشددة على أهمية دعم المستوطنات، وتعمل جاهدة على توفير المال لهذا الاستيطان سواء كانت ضمن الائتلاف الحكومي أم خارجه، فأحزاب دينية ويمينية إسرائيلية عدة تضخ أموالًا لصالح المستوطنات التي تعد بالنسبة لهم دولة رفاه.

     ومؤخرًا، كشفت صحيفة (ذا ماركز) المتخصصة بالشؤون الاقتصادية أن حزبي (شاس) و(يهدوت هتوراة) توصلا إلى صفقة مع حزب (البيت اليهودي) اليميني، تنص هذه الاتفاقية على تمويل مؤسسات دينية تابعة لهما، مقابل ضخ دعم مالي إضافي لـ(دائرة الاستيطان) بقيمة 317 مليون شيكل (نحو 80 مليون دولار).

     ويعقب إمطانس شحادة، منسق مشروع (دراسات إسرائيل) بالقول: “إن هذه الصفقات أمر عادي في المشهد الإسرائيلي؛ فالمتدينون اليهود والمستوطنون يقومون بعملية ابتزاز، من أجل الحصول على ميزانيات أكبر، فـالبيت اليهودي يسعى لتقاسم الميزانيات من أجل تعزيز الاستيطان، ويضيف شحادة أن: حزب البيت اليهودي الذي يشكل ركنا أساسيا في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، يريد من خلال ذلك توجيه رسائل سياسية للاتحاد الأوروبي، ردا على قرار الاتحاد وسم منتجات المستوطنات، وكذلك للسلطة الفلسطينية التي تطالب بتجميد الاستيطان مقابل عودتها لطاولة المفاوضات.

 شركات تجارية إسرائيلية

شركات إسرائيلية لها ثقلها التجاري في دولة الاحتلال، كُشف أخيرًا أنها مولت الاستيطان بالأموال وخصصت له جزءًا من أرباحها في السنوات الأخيرة.

     في السادس عشر من ديسمبر (2015)، نشرت صحيفة (هآرتس) العبرية تحقيقًا موثقًا كشفت فيه عن عمليات تمويل من قبل شركات إسرائيلية للاستيطان، وأكدت أن شركات عدة تخصص نسبة من أرباحها السنوية الطائلة لتمويل مشاريع استيطانية بالضفة الغربية والقدس المحتلة، وتقدم حصة من أرباحها للمستوطنين وأنشطتهم، واستشهد تحقيق الصحيفة الذي استعرض نتائج عشرات الملفات للجمعيات الإسرائيلية بأن (جمعية تطوير إيتمار) التي تعمل على تطوير مستوطنة في السامرة تلقت أموالًا من شركات إسرائيلية تبرعت للجمعية، كما قدمت أموالًا إلى صندوق (ديلك للعلوم) والتعليم والثقافة، الذي يركز على المساهمة في التعليم، وتبرعت الشركة العامة (لبيدوت) التي تعمل في التنقيب عن النفط والغاز لإيتمار بـ35 ألف شيكل.

     يقول مدير عام شركة (هشاحر هعوليه) التي تبرعت بـ6% من أرباحها ويدعى (موشيه فايدبرغ): هذه مصلحة عائلية وكل واحد منا يحصل على مبلغ ويتبرع بما يريد. أنا أؤمن بأرض إسرائيل الكاملة التي تسميها أنت المناطق المحتلة. يا ليتنا كنا نستطيع التبرع أكثر.

     من جانبها، أشارت عضو مجلس إدارة الجمعية منسقة مبادرة الجمعية (إني اخترتك يا وطني) ريم مسروجي إلى أن تطور شركة (تنوفا) في دعمها للاستيطان من ميزانيتها، يبطل أي ادعاء أن الشركة باتت شركة عالمية ولم تعد إسرائيلية، ويؤكد على أن الشركة غارقة في دعم المشروع الاستيطاني.

جمعيات أمريكية خيرية

     بهدف المساهمة في تطوير المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حولت منظمات وجمعيات أمريكية غير ربحية ومعفاة من الضرائب مئات ملايين الدولارات للاستيطان الإسرائيلي، وكان ذلك بعلم الإدارة الأمريكية التي تعلن أنها تعارض الاستيطان في المناطق التي تم احتلالها عام 1967.

     دعمت هذه الجمعيات الاستيطان في دولة الاحتلال الإسرائيلي بأكثر من 220 مليون دولار خلال السنوات الأربع الأخيرة فقط، وحدث ذلك بجهد رجال أعمال أمريكيين ومنظمات أمريكية خيرية. وعلى سبيل المثال، قامت جمعية (صندوق الخليل) في بروكلين بتحويل 4.5 مليون دولار لمستوطنات الخليل بين عامي 2009 و2013، أما الصندوق الرئيسي لإسرائيل الذي يعمل من داخل مكاتب في (منهاتن) الأمريكية، فقد أرسل عام 2013 أكثر من 19 مليون دولار لهذا الاستيطان. وحسب تحقيق صحيفة (هآرتس) العبرية: تقوم الجمعيات والمنظمات الخيرية في الولايات المتحدة بجمع الأموال لصالح المستوطنات، ويتم تحويل هذه الأموال إلى جمعيات إسرائيلية غير ربحية، والتي بدورها تقوم بضخ هذه الأموال في مشاريع مختلفة في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، فقد عملت ما يقارب من 50 منظمة وجمعية خيرية أمريكية على تحويل الأموال للعديد من المشاريع للمستوطنات، ومن ضمنها: البناء الاستيطاني والتعليم والمدارس الدينية، وكذلك يتم من خلال هذه الأموال شراء المنازل الفلسطينية ولاسيما في القدس الشرقية، وكذلك تقديم الدعم المالي لعائلات المتطرفين اليهود المتهمين بالإرهاب.

     يقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية) وليد عساف: إن بعض الجمعيات الأمريكية الداعمة والممولة للاستيطان في الضفة الغربية، تقدم الدعم المالي للمشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية، ولاسيما في القطاعات الإنشائية لتعزيز الوجود الإسرائيلي في تلك المناطق.

من أموال الفلسطينيين.. ضريبة (الأرنونا)!

     بينما تفرض الضرائب من أجل تطوير البنية التحتية وتحسين واقع الخدمات بشق الطرق وإقامة المؤسسات، فإن ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي من فرض للضرائب على عرب الداخل المحتل عام 1948، ومدينة القدس؛ مغاير لهذا الحال كليّاً؛ إذ تجبي الضرائب لتخصيصها في بناء المستوطنات وتمكين المستوطنين في مدينة القدس والضفة الغربية.

     مؤخرًا نشرت معلومات مسربة من داخل بلدية القدس المحتلة تؤكد على أن 88% من قيمة ما يُجمع من الفلسطينيين في القدس الشرقية من ضرائب (الأرنونا) تنفق على القدس الغربية التي يقطنها اليهود وعلى المستوطنات، ولدعم وجود المستوطنين في القدس المحتلة وتثبيتهم.

(الأرنونا).

     ضريبة إسرائيلية تفرض على المساكن والمحال التجارية في القدس الشرقية، ويجري تحديدها حسب المنطقة، ونوع السكن، وقد أكهلت هذه الضريبة المقدسيين جدًا، فاعتقل العديد منهم؛ بسبب عدم مقدرتهم على الدفع، وتسببت في إغلاق 250 محلًا تجاريًا لعدم التمكن من دفعها، وتم احتجاز محتويات محال أخرى ومصادرتها؛ بسبب الديون المتراكمة جراء هذه الضريبة. يقول المسؤول في وحدة القدس في ديوان الرئاسة، المحامي أحمد الرويضي: المفروض أن أموال الضرائب التي تجمعها سلطات الاحتلال يجب أن تقدم على شكل وتحسين الأرصفة، في حين أن واقع القدس يختلف عن ذلك كثيرًا إلى حد أن إسرائيل لم تقم بأية مشاريع حقيقية للسكان منذ احتلالها للقدس عام 1967 في وقت نرى فيه أن كل الخدمات تجري إقامتها داخل المستوطنات.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك