رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: توفيق محمد نصر الله 9 فبراير، 2015 0 تعليق

جامبيا.. اعتماد (العربية) لغة رسمية للبلاد

- لقد جعل الله -تعالى-

هذه اللغة مفتاح إدراك أسرار الدين

 الخاتم وتعلم علومه، فلا يمكن فهم

حقــيـــقـــة الإســــلام وجوهـــــره، ولا إدراك

مقاصده وقواعــده إلا من خــلال هذه اللغـة

ومن هذا المنطلق كانت سهام الاستعمار الغربي المسمومة توجه باستمرار صوب هذه اللغة

 

- دخل التعليم الإسلامي

في جامبيا مع دخول الإسلام،

وكان أول نظام تعليمي معـــروف لـــدى الجامبيين قبـــل الاستعمـــار بقرون، فلا تكاد في تلكم القـرون قريـة مـن قرى المسلمين إلا وفيهـــا كتاتيب أو مجالــس

 لتعليــــــم الإســـــلام

 

في خطوة جرئية أعلن الرئيس الجامبي يحيى جامع اعتماد اللغة العربية لغة رسمية في البلاد بعد أيام من قراره إلغاء العمل باللغة الإنجليزية، التي ظلت لفترات طويلة هي لغة الدواوين الحكومية حسب الدستور، وتقول بعض المصادر: إن الرئيس يعتزم تحويل جامبيا إلى دولة إسلامية.

في التقرير الآتي نستعرض بعضا مما يتعلق بهذا القرار:

تقول صحيفة (بريس أفريك): إن الرئيس الجامبي (يحيى جامع) أعلن اعتماده اللغة العربية لغة رسمية في بلاده، التي تعد عضوا في منظمة التعاون الإسلامي، وجاء ذلك بعد أيام من قراره إنهاء العمل باللغة الإتجليزية، وخروج جامبيا من مجموعة الكومنولث.

      وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطوة تأتي في إطار التوجه الجديد للرئيس جامع وتقربه من الدول العربية والإسلامية، وأضافت الصحيفة أن الرئيس الجامبي يسعى إلى تحويل بلاده لما يشبه المملكة تحت اسم: (جمهورية جامبيا الإسلامية) وسيحمل هو لقب (الملك).

وكانت جامبيا محتلة منذ العام 1843 من قبل بريطانيا، ونالت استقلالها عام 1965؛ بوصفها ملكية دستورية داخل نطاق الكومنولث البريطاني، واللغة الإنجليزية كانت لغتها الرسمية.

     ويظهر المجتمع الجامبي بمختلف شرائحه اهتماما كبيرا باللغة العربية، ويزداد هذا الاهتمام لدى الأوساط الدينية التي ترى في معرفة اللغة العربية والإلمام بها شرطا لمعرفة تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتفقه في أحكامه، وللعلم فإن أغلبية الشعب الجامبي مسلمون؛ يتجاوز عددهم 90٪ من تعداد السكان.

خلفية القرار ومغزاه

     وعارض الجامبيون بعد استقلال بلادهم عن بريطانيا في 1965 إرسال أبنائهم إلى المدارس الإنجليرية، بعدَّها مدارس تغريبية -حسب رأيهم - تخرج أجيالا مستلبة الهوية تابعة للمستعمر، واشترطوا في حالة الموافقة على إرسال أبنائهم أن يكون التدريس بالعربية، وأن تدخل مادة التربية الإسلامية في المناهج التعليمية.

     ويربط محمد صار -نائب رئيس رابطة مثقفي اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامبيا في حديث- علاقة الشعب الجامبي باللغة العربية بالخلفية الدينية لهذا المجتمع المسلم، ويقول صار: وجود العربية في المنطقة يعود إلى قرون عديدة؛ حيث كانت دواوين ملوك الولوف والماندينغا ومخاطباتهم تتم بالحرف العربي.

     ويرى (صار) أن هذا الأمر كان له انعكاس واضح فيما بعد على أهم اللهجات المحلية التي أصبحت تكتب بالحروف العربية، كالماندينغية، والولوف، مشيرا إلى انتشار العربية في كل مناطق جامبيا؛ فالعملة المحلية (دلسي) التي تعد رمزا من رموز السيادة الوطنية تحمل حروفا عربية.

     ويضيف أن المفارقة الأخرى هي أنك لا تزور قرية من قرى هذا البلد إلا وجدت فيها من يتكلم العربية، هذا فضلا عن انتشار مدارس تعليم اللغة العربية، وتزايد أعداد الخريجين من المعاهد والجامعات العربية.

ويرجع الأستاذ صار السبب الرئيس في العلاقات القوية للجامبيين بالعربية إلى البيئة الثقافية الموروثة التي تحترم العربية لغة للقرآن والسنة.

ويتفق محمد جالو - مدير مدرسة السلام المنتسبة للأمانة العامة للتعليم الإسلامي والعربي في جامبيا- مع الأستاذ محمد صار في تحديد العوامل التي أسهمت في انتشار العربية بالبلاد.

     لكن جالو يرى -زيادة على ذلك- أن النظام الجامبي له أيضا إسهام في ذلك من خلال حرصه على تشجيع حضور اللغة العربية عبر رعايته للمؤسسات التعليمية العربية ومساندته للقائمين على هذه المؤسسات.

     وكشف محمد جالو أن الأمانة العامة للتعليم الإسلامي والعربي -التي هي إطار يسعى لتنظيم المؤسسات التعليمية والعربية والعمل على عنصرتها- تتلقى دعما ماديا ومعنويا رسميا من الدولة؛ حيث تزودها بمدرسي الإنجليزية؛ لأن التعليم مزدوج وفق مناهج الأمانة.

    والغرض من هذه الازدواجية، هو تمكين الجيل الناطق بالعربية من ولوج الوظائف الحكومية، التي هي حكر إلى هذه الساعة على الناطقين باللغة الإنجليزية؛ مثلما يقول محمد جالو الذي يطالب -رفقة محمد صار- بالترسيم الإجباري لمناهج التعليم الرسمي في جامبيا، وبألا تبقى العربية لغة اختيارية كما هو الحاصل حاليا.

     ويعلل الرجلان مطلبهما هذا بأن جامبيا بلد مرتبط باللغة العربية منذ أمد طويل، ومن حق هذه اللغة أن في الدوائر الرسمية، فإذا كانت العقيدة الإسلامية هي الركيزة الأولى والأهم في تثبيت هوية المسلمين وترسيخها، فإن هذه اللغة العربية تعد الركيزة الثانية في تلك الهوية؛ حيث اختار الله -تعالى- هذه اللغة لتكون المعبرة عن وحي السماء الخالد إلى البشرية جمعاء من خلال نزول القرآن الكريم بها دون غيرها، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(يوسف: 2).

     لقد جعل الله -تعالى- هذه اللغة مفتاح إدراك أسرار الدين الخاتم وتعلم علومه، فلا يمكن فهم حقيقة الإسلام وجوهره، ولا إدراك مقاصده وقواعده إلا من خلال هذه اللغة، كما أن اللغة العربية هي أكبر لغات المجموعة السامية؛ من حيث عدد المتحدثين وإحدى أكثر اللغات انتشارا في العالم، ناهيك عن تفوقها على جميع لغات العالم بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها.

     يقول المستشرق الفرنسي (لويس ماسينيون) عن اللغة العربية: باستطاعة العرب أن يفاخروا غيرهم من الأمم بما في أيديهم من جوامع الكلم، التي تحمل من سمو الفكر وأمارات الفتوة والمروءة ما لا مثيل له.

     ومن هذا المنطلق كانت سهام الاستعمار الغربي المسمومة توجه باستمرار صوب هذه اللغة عند احتلالها لأي بلد عربي أو إسلامي، وذلك لفصل الأمة عن أهم ركيزة من ركائز هويتها الإسلامية، ومنعها من التواصل مع اللغة التي تربطها بمصدري الإسلام (القرآن والسنة).

     ومن هنا فإن ما قام به الرئيس الجامبي من وقف اعتماد اللغة الإنجليزية بوصفها إرثاً استعمارياً خلفته بريطانيا بعد جلائها عسكريا من البلاد، يراه الكثير من أبناء جامبيا على أنه هو التوجه الصحيح.

خطوة في الاتجاه الصحيح

لم يكن الاحتلال البريطاني وحده الذي فرض لغته على الشعوب المستعمرة بعد أن ألغى بقوة السلاح اللغة العربية أو غيرها، بل فعلت ذلك كل من فرنسا وإيطاليا وجميع الدول الغربية الاستعمارية.

     لقد كانت اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية في جامبيا بعد أن احتلتها بريطانيا عام 1843م، وعلى الرغم من نيل (جامبيا) استقلالها عام 1965 بوصفها ملكية دستورية داخل نطاق الكومنولث البريطاني، هي عبارة عن اتحاد يتألف من 53 دولة جميعها من ولايات الإمبراطورية البريطانية سابقا باستنثاء موزمبيق وروندا، إلا أن اللغة الإنجليزية ظلت هي اللغة الرسمية ولغة التعليم في البلاد؛ مما يعني أن الاحتلال البريطاني ما زال موجودا بصورة أو بأخرى.

     وعلى الرغم من أن 90٪ من سكان جامبيا البالغ عددهم 1.9 مليون شخص مسلمون، إلا أنهم لا يعرفون الكثير عن اللغة العربية بفعل الاستعمار، فهم يتحدثون لغات إفريقية عدة منها: الماندينجو والفولا والولوف وهي اللغة الأوسع انتشارا في السنغال المجاورة.

     لا شك أن الخطوة التي قام بها الرئيس الجامبي من شأنها أن تزيد من حدة الغضب البريطاني والغربي على بلاده كما أشارت وسائل الإعلام الغربية، ولاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعانيها البلاد، ولاسيما بعد أن قال الرئيس الجامبي: «لم يهتم البريطانيون بالتعليم وهذا يعني أنهم لم يمارسوا الحكم الرشيد، كل ما فعلوه هو النهب والنهب والنهب»، إلا أنها خطوة لا بد منها للانعتاق من أهم قيود الاستعمار في بلاد المسلمين.

إن العودة إلى التمسك بالهوية الإسلامية، من خلال اعتماد لغة القرآن والإسلام اللغة الرسمية في البلاد، هي بلا شك الخطوة الأهم على طريق الوصول إلى تعزيز الانتماء الحضاري لـ(جامبيا).

التعليم الإسلامي

     دخل التعليم الإسلامي في جامبيا مع دخول الإسلام، وكان التعليم الإسلامي أول نظام تعليمي معروف لدى الجامبيين قبل الاستعمار بقرون، فلا تكاد في تلكم القرون قرية من قرى المسلمين إلا وفيها كتاتيب أو مجالس لتعليم الإسلام، وكانت اللغة العربية -لغة القرآن- حاويته وجزأه الذي لا يتجزأ منه وكان منهج التعليم في الكتاتيب يركز على تعليم القرآن وفقه العبادات ومبادئ التوحيد، والقراءة والكتابة باللغة العربية.

     وقد أدت الكتاتيب والمجالس الإسلامية دورا تاريخيا في نشر التعليم الإسلامي الأساسي وحمايته، وتخريج الأئمة والدعاة، والعلماء الذين كرسوا جهودهم في تعليم الناشئين وتأليف الكتب في الإسلام واللغة العربية، وكانت اللغة العربية لغة العلم والثقافة وتدوين التاريخ والمراسلة، وكان الناس يتبادلون الرسائل إما باللغة العربية أو اللغة المحلية بالحروف العربية، وظلت اللغة العربية قوية في جامبيا حتى في ظل الاستعمار البريطاني، ولاسيما في المناطق الريفية؛ حيث يرفض جل الآباء إرسال أبنائهم إلى المدارس الاستعمارية.

ظهور المدارس العربية

     وفي بداية الستينيات وبعد وصول أوائل خريجي المعاهد الإسلامية في العالم العربي والبلدان المجاورة مثل السنغال وموريتانيا، ظهر نظام تعليمي جديد عرف بـ(مدرسة). والمقصود بها المدارس العربية الإسلامية، التي أعطت وجها جديدا للتعليم الإسلامي؛ حيث قامت بدور الكتاتيب في تقديم التعليم الإسلامي الأساسي لأولاد المسلمين في جامبيا، وتبدأ الدراسة في المدارس العربية بالتمهيدية للأطفال في سن الرابعة أو الخامسة لمدة سنتين أو سنة حسب مستوى الدارس وسنه، ثم ست سنوات ابتدائية، وثلاث سنوات في المرحلة الإعدادية ثم المرحلة الثانوية لمدة ثلاث سنوات أيضا.

     وكانت وزارة التربية والتعليم الجهة الوحيدة المسؤولة عن التعليم عموما حتى عام 2007؛ حيث نشأت وزارة التعليم العالي والبحوث التربوية والعلوم التكنولوجية، وسميت وزارة التربية باسم وزارة التربية الأساسية والتعليم الأساسي والثانوية التي تقوم بمسؤولية التعليم الأساسي والثانوي بما في ذلك المدارس العربية التي تم الاعتراف بها بوصفه نظاماً تعليمياً في جامبيا، وهناك قسم تحت هذه الوزارة يُعنى بتعليم الكبار، ويركز على محو الأمية بتعليم القراءة والكتابة بالحروف اللاتينية.

وهناك أربع مؤسسات حكومية للتعليم العالي في جامبيا، وهي:

جامعة جامبيا، والمعهد الجامبي لتدريب الفني، وكلية جامبيا ومعهد التطوير الإداري.

     شهدت دولة جامبيا من عام 1990م حتى عام 1997 زيادة في نسبة التسجيل في المدارس؛ حيث كانت الزيادة السنوية 8%، وازداد من 70% في عام 1996 إلى 91% في عام 2003 بما في ذلك إحصائيات المدارس العربية التي تمثل حسب تقرير الوزارة عام 2004، 15% من الطلاب في سن التعليم.

وقد زاد التسجيل في التعليم الأساسي من عام 2000 إلى عام 2009. ففي المدارس الابتدائية عموما زاد عدد الدارسين من 181،835 إلى 227،668. وفي المرحلة الإعدادية من 41٫493 إلى 75613.

تبلغ نسبة معرفة القراءة والكتابة literacy rate في جامبيا عام 2003 إلى 52%.

     ولتحسين نوعية التعليم في المدارس الابتدائية في جامبيا، قامت الحكومة بمحاولات من خلال مبادرات عدة وأسهمت هذه البرامج في زيادة نوعية التعليم وتحسينه والتسجيل والاستمرارية والحالة الصحية والتغذية لدي التلاميذ في المدارس الرسمية.

ومع هذه الإنجازات فإن التعليم في جامبيا ما زال يعاني من عدم وجود الطرائق التعليمية الحديثة، وتطوير المناهج، وإدخال التقنية الحديثة.

     ويمثل التعليم في ميزانية الدولة 18%، وتقوم الحكومة بدفع تكاليف التعليم للمرحلة الابتدائية في جميع المدارس الحكومية لتحقيق مجانية التعليم، وتسهم في دعم الدارس الإعدادية والثانوية الحكومية لتخفيض رسوم الدراسة. وتقدم دعما مقطوعا إلى المدارس الخاصة بشروط معينة، وباختيار المدارس وذلك لتخفيض رسوم الدراسة في هذه المدارس.

وتفرض المدارس الخاصة رسوما دراسية حسب قرار كل مدرسة بناء على مستوى أداء المدرسة.

     أما المدارس العربية فتعد مدارس خاصة؛ حيث تقف جميع التكاليف على عاتق مؤسس المدرسة من بناء الفصول ورواتب المدرسين وتوفير المواد التعليمية وتوفير المياه وبناء دورات المياه. ويسهم أولياء أمور التلاميذ في المدارس العربية من خلال الرسوم المدرسية بـ80% من نفقات المدارس.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك