رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: هيام الجاسم 13 نوفمبر، 2024 0 تعليق

ثقافة «العزوف عن الزواج»!!

  • وراء العزوف عن الزواج حزمة أسباب قلبت مشروع الزواج من نظرة إيجابية مرغوب به إلى خوف وتوجّس وترقّب وامتناع
  • ما تسمعه الفتيات من قصص الزواج الفاشل يخوفهم من خوض هذا التجربة والدخول في الزواج ليس كالخروج منه
  • أسباب عزوف الشباب تكاليف الزوجية الباهضة ومطالب الفتيات المتعددة والمقارنة بمثيلاتها فيستمتع الشاب باللامسؤوليات

ثقافة «العزوف عن الزواج» في هذا الوقت، إنما هي عدوى تسري بين الشباب، إناثاً وذكورًا، فهي ثقافة مؤقتة في مجتمع دون مجتمع، بحسب معطيات كل مجتمع وظروفه ، ففي مجتمع مثل مجتمع بلادنا كان الزواج المبكر قد أخذ عقودا وانتشر بين الفتيات تحديدا في عمر الثمانية عشرة بعد الانتهاء من مرحلة الثانوية مباشرة، ومن يصل عمرها إلى أربع وعشرين فقد تأخرت في زواجها وطافها القطار كما يقولون، بينما في أيامنا هذه ومع نهايات الربع الأول من الألفية الثانية، نجد أنّ العزوف انتشر وانتقل إلى مرحلة الأكثر انتشارًا، بل إنّ الشباب من الذكور يُعَزّون صاحبهم وهم يباركون له - وذلك على سبيل المزحة- التي تُخفي في ثناياها الكثير من الرسائل السلبية ولكنها خفيّة!

         بلا شك هناك أسباب كثيرة تجعل الفتاة والشاب بعضهم يؤخر زواجه لما بعد الثلاثين من العمر، وبعضهم الآخر يعزف عن الزواج نهائيا ويرفضه، وذلك أيضًا نلحظه في كثير من الفتيات؛ فهي تفضّل بيت الأهل والعائلة و(البزنس) الخاص بها ومألوفاتها الخاصة على شراكة الحياة الزوجية مع رجل لم تألفه سابقا ولا تعرفه.

الواقع الذي تعيشه الفتاة

        والواقع الذي تعيشه صديقاتها وبنات جنسها يحكي لها أن الاقتران برجل لا تعرفه مسبقا وغريب عنها، ويأتي ومعه ثقافة السيادة له والخضوع واجب عليها (في المعروف)؛ كل هذه الأفكار تشوّش على الفتاة رغبتها الفطرية في الزواج؛ فهي تشهد يوميات بعض موظفات معها في مجال العمل، وبعض بنات عمها وصديقاتها ممن ذاقت الأمرّين من زواج فاشل، فتصبح خائفة من خوض هذا التجربة والدخول في الزواج ليس كالخروج منه.

عزوف الشباب

         ناهيك عن أسباب كثيرة ومتعددة، تجعل الشاب أيضًا معرضًا وعازفا عن الزواج عموما، أولها تكاليف الزوجية، ثانيها مطالب الفتاة ابنة البلد كثيرة ومتعددة لتماثل مثيلاتها من أهلها أو صويحباتها، ثالثها أنّ الشاب مستمتع باللامسؤوليات، فهو مسؤول عن نفسه فقط، ومخدوم في بيت أهله، وهي أيضًا مخدومة في بيت أهلها، فهو مدلّل وهي مدلّلة! ولا ننسى تعويض الأهل في الأبناء؛ فكل القهر والظلم الذي عاشه والده ووالدها وأمها وأمه يحاول كلا الأبوين تجنيب أبنائهم وبناتهم ما عاشاه سلفا؛ وهذه أحد الأسباب أيضا.  

منظور آخر للقضية

         هناك من ينظر للقضية من منظور آخر بأنّ الاكتفاء الذاتي الذي تعيشه الفتيات اليوم، والاستقلالية التامة الممنوحة لها، فضلا عن وثوق والديها بها، يجعل الفتاة لا تحلم بزوج المستقبل الذي سيقيّد حريتها وقرارتها مع نفسها، وسيتدخل في كل جزئيات تفاصيل حياتها؛ لذلك فهي تؤثر الراحة والسلامة والعيش بهناء واستقلالية في منزل أبيها! فالقضية لاتقف الأسباب فيها عند حدّ معين ولا عند سبب دون سبب وإنما هي حزمة أسباب قلبت مشروع الزواج من نظرة إيجابية مرغوب بها إلى خوف وتوجّس وترقّب وامتناع.  

ما الحل المناسب؟

          وإنّ سألنا القرّاء ما الحل المناسب لهذه الشائكة المعقدة؟ فأنا بوصفي مراقبة لواقع المجتمع ومطلعة عليه، أعتقد جازمة أنّ ثقافة مفهوم القوامة عند الرجل مفهومها مغلوط، فلازال كثير من الشباب يجهلون معناه وكيفيات تطبيقه على أرض الواقع مع الزوجة، فيدخل في الزواج على جهل بهذا المفهوم، بل وتجده يطبق عادات عائلته ووالديه وتقاليدهم على زوجته، فتنفر الزوجة وترفض، وينفد صبرها؛ ففتيات هذا الجيل صبرهنّ ليس كصبر النساء في الجيلين الماضيين في بلادنا، فهي تقول: «ولماذا يمضي عمري وشبابي مع الشخص الغلط؟ وليش أصبر على شخص مؤذٍ؟ ولماذا أنتظر؟ لعلي إذا تطلقت منه يأتيني من هو أفضل منه ويعوضني» وهكذا العدوى السارية بين الفتيات سواء في العزوف عن الزواج أم تأخيره أم حتى الخلاص منه بالطلاق السريع.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك