رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سامح محمد بسيوني 8 يوليو، 2018 0 تعليق

تكبير الله -تعالى- وتعظيمه مِن أعظم أسباب الاستقامة والهداية


ها نحن أولاء قد أتم الله علينا نعمته بتمام شهر رمضان المعظم بعد أن استشعرنا لذة الذكر، وحلاوة المناجاة، وبركات الطاعة، وقد أكرمنا الرب -سبحانه وتعالى- وتفضل علينا ببيان ما يجب علينا بعد إكمال العدة لضمان دوام منته علينا طيلة العام، التي استشعرنا بعضا من أثارها في رمضان؛ فقد قال الله -عز وجل- موجهًا عباده المؤمنين: { وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة:185).

تكبير الله -تعالى- وتعظيمه مِن أعظم أسباب الاستقامة والهداية

     وفي ذلك تأكيد على أن دوام تعظيم الرب في القلب، وظهور أثر ذلك على الجوارح،  بترديد اللسان للتكبير، هو الشكر الحقيقي لله -سبحانه وتعالى- على هدايته لعبده  بتمام رمضان عليه وإعانته -سبحانه وتعالى- له فيه على طاعته، وهو جوهر السعادة الحقيقية ومظهرها في العيد السعيد، بل هو السبيل المستمر لضمان دوام توفيق الرب لعبده وهدايته ورضاه عن عبده طيلة العام.

     فالشهر قد انقضى، وتمتْ عدته على ما كان فيه مِن مِنَّةٍ لله على عباده المؤمنين بنزول الرحمة، ووفور النعمة، وتحقيق الزلفى، وتيسير أسباب الهداية بإنزال الكتاب والإعانة منه -سبحانه وتعالى- على الصيام، والصلاة والقيام، والدعاء، وفعل الطاعات، والبعد عن المحرمات؛ لذلك فلا يجد الصادق الطائع بديلا له، إلا أن يمتلئ قلبه بالتعظيم للرب الجليل -سبحانه وتعالى-، ويلهج لسانه بالتكبير.

     فتكبير الرب وتعظيمه في النفس، مِن أعظم أسباب الاستقامة على درب الهداية؛ (فالله أكبر) حينما تعلو في النفوس يهون كل شيء أمامها؛ فلا شهوة تذلها، ولا طاعة تَغرُّها، ولا بلاء يضعفها، ولا فقر ينسيها، ولا غنىً يطغيها، بل تدور النفوس حينئذٍ في بقية الشهور حول رضا الرب الشكور، لتستمر على ما كان منها مِن المحافظة على أسباب الهداية مِن قراءة للقرآن، والمحافظة على الصلوات، ومتابعة الصيام، ودوام القيام والإلحاح في الدعاء، مع حفظ الجوارح عن الحرام، ومجاهدة النفس للإتيان بالواجبات والمستحبات؛ فيتحقق بذلك الشكر العملي للرب العلي {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (سبأ:13).

     وتعيش النفوس حينئذٍ سعادتها بدوام استشعارها لعظمته -سبحانه وتعالى-؛ فتتذوق حلاوة التكليف مع مشقته، وتستلذ الطاعة مع المجاهدة فيها؛ فتترقى في مراتب الهداية، وتستبين أمامها سبلها: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}  (العنكبوت:69). وتصير تلك النفوس مع ترديدها بوجدانها لتلك الكلمات: «الله أكبر.. الله أكبر .. الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر .. الله أكبر، ولله الحمد»

      تستصغر كل هوى، وكل مكر، وكل قوة، وكل عقبة، وكل شهوة تصدها عن سبيل ربها؛ لأنها صارت ترى كلَّ أحد، وكل شيء، وكل قيمة، وكل حقيقة (صغيرة)، والله وحده هو (الكبير)؛ فلا تلتفت حينئذٍ لتبدل الأحوال والأحداث والأشكال، وتغير القوى، بل تعيش في ظلال الجلال والكمال له -سبحانه وتعالى-؛ فتهون بذلك عليها مشاق التكليف، وتبعات تبليغ الرسالة؛ فتسعي لإرضاء ربها على كل حال، في العسر واليسر، والمنشط والمكره؛ فتصبح تلك النفوس حينئذٍ نفوسًا ربانية لا رمضانية.

فالله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك