رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 23 فبراير، 2015 0 تعليق

تعريف كتاب أربعون حديثا مخرجة عن كبار مشيخة شيخ الإسلام

     دَرَجَ جماعةٌ مِن عُلَماء المسلمين -عليهم رحمةُ الله تعالى على مَرِّ العصور وحتى يومنا هذا- على تصنيف (الأربعينيات)، وهو أنْ يَجمعَ العالِمُ كتابًا فيه (أربعون حديثًا)، تبحثُ في موضوعٍ واحد، أو في بابٍ واحدٍ مِن أبواب العلم، أو تشترك في خاصية محددة؛ وتفنَّنُوا في ذلك كثيرًا.

     وأوَّلُ مَن صنَّف في (الأربعين) هو الإمامُ العالِمُ الزاهدُ، عبدالله بنُ المبارك أبوعبدالرحمن المروزيُّ المتوفى سنة (181هـ)، ثم تلاهُ محمد بنُ أسلم الطوسي (242هـ)، ثم الحسن بنُ سفيان النَّسويُّ (303هـ). ثم تلاهم جماعةٌ لا يُحصون، منهم شيخُ الإسلام ابنُ تيمية (728هـ) -رحمه الله-؛ حيث صنَّف كتابَنَا هذا الذي نعرَّفُ له، وفيه (أربعون حديثًا)، رواها بإسناده إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم واختارهم عن كِبار مشايخه، وقام تلميذه أمين الدين محمد بنُ إبراهيم الواني أبوعبدالله الدمشقيُّ (735ه) وخرَّجها له.

      ثم حصل الشيخ (أبوعمرو أحمد بنُ عطية الوكيل) على مخطوطة الكتاب النادرة من محفوظات مكتبة (خدابخش) الشرقية العامة ببتنة بالهند، ضمن مجموع مكون من (342) صفحة، باسم: (المجموعة الحديثية مع الأبدال العوالي)، برقم (9) في فهرس مصورات (خدابخش)، والمجموع كله -بحمد الله- ضمن مقتنيات إدارة المخطوطات بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت-حماها الله-.

      قام فضيلتُهُ كما ذكر في صدر تحقيقه بوصف النسخة الخطية، وأشار إلى أنَّ (الأربعين) طبعت ضمن (مجموع الفتاوى) جمع وترتيب الشيخ (عبدالرحمن بن محمد بن قاسم النَّجدي) رحمه الله، وولده (محمد) حفظه الله، ومرَّة أخرى في عجالة طبعها الشيخ (محمد بن ناصر العجمي) حفظه الله؛ وذكر ما لهاتين الطبعتين وما عليهما من الخطأ والسقط والتحريف، تجدها منثورة في ثنايا تحقيقه.

     وقام بعمل مشيخة لشيخ الإسلام ابن تيمية من ثلاثة وستين شيخًا، وذكر خمسةً وثلاثين ومائة تلميذ مِن تلاميذه، تَرْجَمَ لهم جميعًا؛ وأفاد فضيلتُهُ أنَّه لم يُسبق إلى ذلك، فيما طُبع مِن كتب تعنى بحياة ابن تيمية رحمه الله؛ حتى في كتاب (الجامع لسيرة ابن تيمية خلال سبعة قرون) الذي جمعه الشيخان: محمد عُزَير شمس، وعليّ بنُ محمد العمران، الذي أشرف على طبعة الشيخ بكر أبوزيد رحمه الله.

     وصنع المُحقِّقُ مسردًا مستقلاً بأسماء شيوخ ابن تيمية، الذين أخذ عنهم الأربعين، وبلغوا أربعة وأربعين شيخًا وشيخةً فيهم والده وفيهم أربع شيخات؛ وكان قد أخطأ في عدِّهم جماعةٌ مِن المعاصرين !، وبيَّنَ ذلك في تقديمه للتحقيق.

     والمحقق -جزاه اللهُ خيرًا- بذل فيه غاية جهده، فالأصلُ هو (أربعون) حديثًا، وقد خدمهم في قرابة (الألف) صفحة؛ وصار في تحقيقه مُتَشبِّهًا بأصحاب الحديث عليهم رحمة الله تعالى؛ إِذْ كانَ لهم شغفٌ بجمع طرق الأحاديث المشهورة.

     فانظر مثالاً واحدًا ندلُّ به على كثيرٍ غيرِهِ في تحقيق الكتاب: حديثَ: «مَن كَذَبَ عَلَيَّ..» جَمَعَ فيه الطبرانيُّ (360هـ) رحمه الله جزءًا مفردًا، وذكره مِن حديثِ ستينَ صحابيًّا، فجاء مُحقِّقُنا واستدرك عليه أحاديثَ أربعينَ صحابيًّا! فأكمل بهم المائة.

     وأيضًا جمع ابنُ الجوزي (597هـ) رحمه الله في مقدمة (كتاب الموضوعات) طُرُقَ حديث (مَن كَذَبَ عَلَيَّ..) عن ثمانيةٍ وتسعينَ صحابيًّا، فاستدرك عليه المُحَقِّقُ أحاديث صحابِيَّين، منهم صحابيٌّ حديثُهُ في (صحيح مسلم)! فكيف يخفى على مثل ابن الجوزي حديثٌ في بابه، وهو عند مسلم.

وللمُحقِّق في ثنايا تحقيقه لهذا الكتاب أبحاث حَدِيثية مفيدة، ناقش فيها المُتقدِّم والمُتأخِّر والمُعاصِر، بما يدُلُّ على فهمه وقَدَمِهِ الراسخة في هذا العلم الشريف لا نزكيه على الله والله حسيبه.

كما نَقَلَ تعليقات فِقهية ماتعة عقيب بعض الأحاديث،؛ مما جعل الكتاب حقًّا يسرُّ النَّاظرين.

وسمَّى تحقيقه: (المِنَّةُ الإلهية بجمع طرق الأربعين حديثًا رواية ابن تيمية). 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك