رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أيمن عبدالله 3 ديسمبر، 2021 0 تعليق

تعريف بكتاب – مع الشرفاء في روضات الوفاء

 

إصدار جديد كله وفاء، ورمز للشرفاء، وحلية للأصفياء، يفوح عبيره على الوجود بنفحات الحب، ونفثات الإخلاص، إنه كتاب: (مع الشرفاء في روضات الوفاء) لمؤلفه: هاني البرعي الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف؛ حيث قال في مقدمته: قف على أطلال هذه المروج الخضراء، والروضات الفاتنة؛ لتقتطف من ورودها، وتشتم أريجها؛ فإنها ستبهرك ببريق ألوانها، وتنوع أجناسها.

     والكتاب بمثابة عرض شرعي أدبي أخلاقي تاريخي لخلة الوفاء؛ مطرزة بآيات من الذكر الحكيم، موشاة بأحاديث وسيرة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -، مدبجة بأقوال الحكماء وأهل التجربة، مضمنة الأمثال السائرة والحكم المأثورة، مزينة بنثر البلغاء ومنظوم الشعراء، متمثلة بقصص الأوفياء وأخبارهم رجالاً ونساءً، بل ومن غير الآدميين - وسيرهم ولطائفهم، وغرائب أفعالهم، وعجائب صنائعهم.

     وبين مؤلفه في تعريف الكتاب أنه كنوز من التراث، ولمحات من العصر والواقع، صفحات من نور فيها: العبر والعظات، والفوائد والفرائد، والعواقب والتجارب، والبكاء والضحك، والتسلية والمتعة، والأسوة والاقتداء، قف معها، وتأمل مغازيها، وتدبر معانيها، وطبق محاسنها، وتمثل مسالكها؛ كل ذلك بنية صحيحة، وهمة شريفة، وطوية سليمة؛ فالقلب يتطبع بما يتتبع.

استقصاء للوفاء

     كتاب (مع الشرفاء)، محاولة استقصاء للوفاء من مختلف جوانبه، ولملمة لزواياه ومستحقيه، مع عرض أدبي قصصي مرتب تاريخياً، متناسق في السرد، شمل التعريف بالوفاء عند العرب، ومعناه بمجاله الأوسع، وعلامات المتصفين به، وعلاقته بالكرم، وأنفس أنواعه وهو: الوفاء بعد الوفاة، ثم الحديث من حيث متعلقه (الموفى له)، ليأتي في الطليعة عنوان (مع الخليل - صلى الله عليه وسلم -)، كوفائه لأعدائه، ولأمته، ولأصحابه، ولقرابته، ولأزواجه، ولأهل المعروف، وللضعفة، وللحيوان، بله للجماد، ثم وفاء أصحابه له - صلى الله عليه وسلم -، ثم يأتي بعد ذلك: الوفاء للأبوين، فالوفاء لأهل العلم، فالوفاء بين الزوجين، فالوفاء الذي يكون بين الإخوان والأصحاب، فالوفاء للأعداء، فالوفاء لأهل المعروف، فالوفاء للوطن والمبدأ، ثم الوفاء في عالم الحيوان الأعجم، فالوفاء في عالم النبات، وبه تم الجزء الأول من الكتاب، الذي يقع في (445) صفحة.

الجزء الثاني

     ابتدأ المؤلف الجزء الثاني من الكتاب بأنواع الوفاء (الموفى به)، وبدأه بالوفاء بالعهد، فالوفاء باليمين، فالوفاء بالنذر، ثم الوفاء بالوعد، ثم الوفاء بالذمة والجوار، ثم الوفاء بالأمانة، فالوفاء بالدَّين، والوفاء بالكيل، ثم عقد فصلاً أخيراً فيما يتعلق بعكس ذلك كله، وهو فصل الخيانة والغدر، واستعرض فيه تعريفهما والعلاقة بينهما، وكل ما يناقض ما تقدم من أبواب الوفاء وأنواعه.

     كل ذلك بكم كبير من الآيات والأحاديث، والحكم والشعر، والقصص والأخبار واللطائف؛ ففيه الصور الحية، والأحداث المشوقة، والقصص المؤثرة، والوقائع الملهمة، والأدبيات الساحرة، من بطون التواريخ ولمحات العصر والواقع، ومن ذلك أنه وصف الوفاء بأوصاف شتى كلها تصب في الحسن والجمال، ومن ذلك: الوفاء حلة سابغة يرتديها الكرماء، وهو خلة حسناء، إنه ليس مجرد خلق بقدر ما هو عبادة عظيمة بسمو بها المسلم، وهو أيضا مطية الأخيار ومحل ثقة الناس، فالوفاء أفضل شمائل العبد، وأوضح دلائل المجد.

أقسام الكتاب

     قسم الكاتب إصداره إلى جزأين: الجزء الأول: (الموفى له)، والجزء الثاني: (الموفى به)، وجاء الجزء الأول مقسما إلى أحد عشر فصلا الأول: (مع الخليل  صلى الله عليه وسلم ): وبين فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أوفى الناس على الإطلاق، فما أحد يدانيه ولا يساميه، ومن يطاول السحاب أم من يسامي النور؟! ومن أمثلة وفائه - صلى الله عليه وسلم :

1- (وفاؤه لأعدائه)

ومن ذلك : «عَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ كُنّا نَفْتَحُ الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ مَعَ النّاسِ فَأَغْلَظْتُ لَهُ وَنِلْتُ مِنْهُ فَحَلُمَ عَنّي ثُمّ قَالَ يَا عُثْمَانُ لَعَلّك سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ يَوْمًا بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْت فَقُلْتُ لَقَدْ هَلَكَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَئِذٍ وَذَلّتْ فَقَالَ بَلْ عَمَرَتْ وَعَزّتْ يَوْمَئِذٍ وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ فَوَقَعَتْ كَلِمَتُهُ مِنّي مَوْقِعًا ظَنَنْتُ يَوْمَئِذٍ أَنّ الْأَمْرَ سَيَصِيرُ إلَى مَا قَالَ فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ يَا عُثْمَانُ ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ مِنّي ثُمّ دَفَعَهُ إلَيّ وَقَالَ خُذُوهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلّا ظَالِمٌ يَا عُثْمَانُ إنّ اللّهَ اسْتَأْمَنَكُمْ عَلَى بَيْتِهِ فَكُلُوا مِمّا يَصِلُ إلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ فَلَمّا وَلّيْت نَادَانِي فَرَجَعْتُ إلَيْهِ فَقَالَ أَلَمْ يَكُنْ الّذِي قُلْتُ لَكَ؟ قَالَ فَذَكَرْت قَوْلَهُ لِي بِمَكّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَعَلّك سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْت فَقُلْتُ بَلَى أَشْهَدُ أَنّكَ رَسُولُ اللّهِ وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ أَنّ الْعَبّاسَ تَطَاوَلَ يَوْمَئِذٍ لِأَخْذِ الْمِفْتَاحِ فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَرَدّهُ رَسُولُ اللّهِ -  صلى الله عليه وسلم - إلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ.

2- وفاؤه لأمته

عن عبداللَّه بن عَمْرو بن العاص -رضي اللَّه عنهما-: «أَن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم - تَلا قَول اللَّهِ -تعالى- في إِبراهِيمَ - عليه السلام -: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} (إبراهيم:36)، وَقَوْلَ عِيسَى - عليه السلام -: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (المائدة:118)، فَرَفَعَ يَدَيْه وَقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى، فَقَالَ اللَّه-تعالى-: يَا جبريلُ، اذْهَبْ إِلى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أَعْلَمُ- فسَلْهُ: مَا يُبْكِيهِ؟ فَأَتَاهُ جبرِيلُ، فَأَخْبَرَهُ رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم - بِمَا قَالَ، وَهُو أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: يَا جِبريلُ، اذهَبْ إِلى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرضِيكَ في أُمَّتِكَ وَلا نَسُوؤُكَ رواه مسلم.

3- وفاؤه لأصحابه

- الأول: ثناؤه على الأنصار حين قال: «.... أُوصِيكُمْ بالأنْصَارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فَاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ. رواه البخاري.

- الثاني: (وفاء أصحابه له): كوفاء أبي بكر وعمر وأنس وجابر وبلال ومعاوية وأبي هريرة وابن عمر.

- الثالث: (الوفاء للأبوين): حيث أتي بأمثلة على بعض الصحابة كابن مسعود وأمه ، وكأبي هريرة وأمه -رضي الله عنهم.

- الرابع: (الوفاء لأهل العلم): وضرب لذلك امثلة منها: المأمون ويحيى بن أكثم، والواثق وابن أبي زياد.

- الخامس: (بين الزوجين المتحابين): كزوجة أيوب، ونائلة الكلبية.

- السادس: (بين الإخوان والأصحاب): وقد تمثل ذلك تحت عناوين منها: أبو بكر ووعد النبوة، أبو بكر وحروب الردة، سواري كسرى مع سراقة.

- السابع: (الوفاء للأعداء): ومثاله: أبو بكر ووصية الحرب، عمر واليهودي.

- الثامن: (الوفاء لأهل المعروف): ومن ذلك: بطانة هشام والمنصور، ابن طاهر والمأمون.

- التاسع: (الوفاء للوطن والمبدأ): مثل: وفاء النبوة لمكة، كعب بن مالك والمبدأ.

- العاشر: (وفاء الحيوان الأعجم): مثل كلب الأعمش المحدث، قبر الكلب بين أبيه وأمه.

- الحادي عشر: (وفاء الحيوانات لبعضها): وجاء تحته: كلب يؤثر كلابا، كلب يبكي أمه البقرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك