رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. عقيل العقيل 10 يناير، 2011 0 تعليق

تطاول الإعلام على العلماء..إضعاف لوحدة المجتمع!

رفع الله قدر العلماء وأعلى منزلتهم وجعل لهم حقوقاً على الناس نظير ما منَّ الله عليهم به من العلم الشرعي الذي هو سبيل الهداية وسبب السلام والاستقامة على دين الله عزَّ وجلّ:َ {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (المجادلة: 11). ومن هنا كان لزاماً على الأمة أن تعرف للعالم قدره وتعطيه حقوقه.

مكانة العلم والعلماء

     وحول مكانة العلم والعلماء يقول الشيخ د. فهد ابن عبدالله التويجري مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالنسيم بالرياض إمام وخطيب جامع عقيل الراجحي: للعلم والعلماء مكانة عظيمة في ديننا الإسلامي، ولذلك كانت أول الآيات نزولاً في القرآن الكريم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} (العلق:1 - 4).

ولفضيلة العلم أمر سبحانه وتعالى نبيه  صلى الله عليه وسلم  بالازدياد منه خاصة دون غيره.

     وقال قتادة: لو اكتفى أحد من العلم لاكتفى نبي الله موسى عليه السلام ولم يقل للخضر: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (الكهف: 66).

     وميّز تعالى بين أهل العلم وغيرهم فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الْأَلْبَابِ} (الزمر: 9).

      ويشير د. التويجري إلى أن ما يدل على فضل العلم، وشرف العلماء وفضلهم قوله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُو الْعِلْمِ قَائِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (آل عمران: 18).  فلو كان أحد أشرف من العلماء، لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء.

     ومما يدل على فضل العلم والعلماء قوله تعالى: {يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (المجادلة: 11). يرفعهم في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا.

وأمر بالرجوع إليهم فيما أشكل، فقال جلَّ وعلا: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (الأنبياء: 7).

      وأوجب الله تعالى طاعة العلماء فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (النساء: 59). وعن أولي الأمر يقول الرازي في تفسيره: “والمراد من أولي الأمر العلماء في أصح الأقوال”، وقال بعض المفسرين: أولو الأمر الأمراء والعلماء. قال ابن تيمية – رحمه الله: “أولو الأمر صنفان: العلماء والأمراء، فإذا صلحوا صَلَحَ الناس، وإذا فسدوا فسد الناس”.

مكانة العلماء في السنَّة

     وعن مكانة العلماء في السنَّة النبوية قال الشيخ أحمد الناجم: سنَّة رسول الله ملأى بالثناء على العلماء والحثِّ على توقيرهم واحترامهم؛ لعظم العلم الذي قام بهم، ولشرف العلم الذي وَقرَ في أفئدتهم.

     فمن ذلك ما رواه الشيخان عن معاوية قال: سمعت رسول الله يقول: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» والفقه هنا هو العلم المستلزم للعمل، فدل الحديث على أن من أراد الله سبحانه وتعالى به خيراً وفقه لهذا الفقه ويسره له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولازم ذلك أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خيراً» وهذا هو مقام العلماء.

     ومما ورد في ذلك أيضاً: ما رواه أبو داود والترمذي، وهو حديث صحيح، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله يقول: «من سلك طريقاً يبتغي به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة،  وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر»،  قال ابن قيم الجوزية في مفتاح دار السعادة هذا من أعظم المناقب لأهل العلم فإن الأنبياء خير خلق الله فورثتهم خير الخلق بعدهم ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء كانوا أحق الناس بميراثهم؛ وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم فكذلك هو في ميراث النبوة والله يختص برحمته من يشاء.

      ومن أوجه بيان فضل العلماء في هذا الحديث أن الملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب العلم بما يصنع، وهنا لا شك أمر عظيم.

فضل العلماء عند السلف

      ويذكر الشيخ د. فهد التويجري أقوال السلف في العلماء فيقول: قال ابن القيم: «العلماء هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب».

      والعلماء كما قال ابن القيم: «يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم».

      والعلماء مصابيح الدجى، وأئمة الهدى، وحجة الله في أرضه، بهم تمحق الضلالة من الأفكار وتنقشع غيوم الشك من القلوب والنفوس، فهم غيظ الشيطان وركيزة الإيمان وقوام الأمة.

      يقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى: الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس.

      وقال يحيى بن معاذ رحمه الله: «العلماء أرحم بأمة محمد[ من آبائهم وأمهاتهم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من الدنيا، وهم – أي: العلماء – يحفظونهم من  نار الآخرة».

      أمة بلا علماء كجسد بلا روح، ومركب بلا شراع؛ أمة بلا علماء كجيش بلا قائد، ومقاتل بلا سلاح. فلنعرف للعلماء قدرهم، ولنعطهم حقهم، ولنحذر من منابذتهم أو إساءة الظن بهم، فإن ذلك باب الهلاك وعتبة الخسران، علينا أن نتابعهم من غير تقليد، ونحترمهم من غير تقديس.

من هو العالم؟

     وحول تحديد المفهوم الصحيح لمن يطلق عليه لفظ العالم يقول الشيخ أحمد الناجم: وهذه النقطة من الأهمية بمكان؛ إذ بسبب عدم إدراكها من الكثيرين تخلل صفوف العلماء من ليس منهم، فوقعت الفوضى العلمية التي نتجرع الآن غصصها، ونشاهد مآسيها بين آونة وأخرى.

      إن من يستحق أن يطلق عليه لفظ العالم في هذا الزمن قليل جداً، ولا نبالغ إن قلنا نادر، وذلك أن للعالم صفات قد لا ينطبق كثير منها على أكثر من ينتسب إلى العلم اليوم.

      فليس العالم من كان فصيحاً بليغاً، بليغاً في خطبه، بليغاً في محاضراته، ونحو ذلك، وليس العالم من ألف كتاباً، أو نشر مؤلفاً، أو حقق مخطوطة وخرجها؛ لأن وزن العالم بهذه الأمور فحسب هو المترسب وللأسف في كثير من أذهان العامة، وبذلك انخدع العامة بالكثير من الفصحاء والكتاب غير العلماء، فأصبحوا محل إعجابهم، وهذا الاغترار- للأسف جذوره قديمة جداً، وليست حادثة جديدة، ولذلك نرى ابن بطة العكبري المتوفى سنة 783هـ يؤكد هذه القضية في كتابه إبطال الحيل فيقول: «فإني أرى هذا الاسم قد كثر المتسمون به من عامة الناس وكافتهم، وما ذاك إلا لأن البصائر قد عشيت والأفهام قد صدئت وأبهمت عن معنى الفقه ما هو، والفقيه من هو، فهم يعولون على الاسم دون المعنى، وعلى المنظر دون الجوهر».

      وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- المتوفى سنة 684هـ في كتابه القيم النافع فضل علم السلف على علم الخلف، راداً به على من اغتر بكثرة الكلام، وعَدّها معياراً للعالم، يقول رحمه الله تعالى: «وقد ابتلينا بجهلة من الناس، يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم؛ لكثرة بيانه ومقاله.. وهذا تنقّص عظيم بالسلف الصالح، وإساءة ظن بهم، ونسبتهم إلى الجهل وقصور العلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله». ثم ذكر أثر ابن مسعود وفيه أنه قال: «إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه، وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه، فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح، ومن كان بالعكس فهو مذموم».

حقوق أهل العلم

     وحول حقوق العلماء علينا تحدث د. فهد التويجري قائلاً: من حقوق العلماء على المسلم: احترامهم وتوقيرهم وإجلالهم لأنه من إجلال الله تعالى وتوقيره، والتأدب معهم في جميع المعاملات.

- إحسان الظن بهم، وتمحيص ما ينسب إليهم من آراء والتأكُّد منهم شخصياً فيما نسب إلى بعضهم من آراء وتصورات تفهم خطأ وذلك هو الواجب بدل غيبتهم وتنقصهم.

- ستر عيوبهم وأخطائهم، والسكوت عن زلتهم – إن وجدت - وترك الخوض فيما يقع من كلام بعضهم في بعض فتلك أمور عند أهل الصلاح والتقوى: تطوى ولا تروى.

- الدفاع عنهم دفاعاً جماعياً ومعلناً حتى يهاب جانبهم وبيان الحكم الشرعي في الوقوع في أعراضهم، والدفاع عنهم ضد حملات التشويه التي يمارسها الإعلام ضدهم.

- الذب عن أعراضهم وعدم الطعن فيهم فإن الطعن في العلماء العاملين والأئمة المهديين طعن في الشريعة والدين وإيذاء لأولياء الله الصالحين، ومجلبة لغضب الله رب العالمين الذي قال في الحديث القدسي: “من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب” رواه البخاري، ولهذا أطبق العلماء على أن من أسباب الكفر والإلحاد القدح في العلماء.

- إطلاعهم على حقائق الأمور والمستجدات وتوضيح ما يشكل منها بدل أن تصلهم المعلومة ناقصة ومشوهة.

دعاة العلمنة

     ويوضح د. التويجري أن بعض وسائل الإعلام يسعى لتشويه صورة العلماء وافتعال بعض القضايا التي لا أساس لها من الصحة حتى يضعف تأثير العلماء في المجتمع. وهؤلاء يسعون لاستغلال زلات بعض من ينتسب للعلم وإظهارها للاستفادة منها في بعض مخططاتهم، أو على الأقل إظهار من يخالفهم بأنه متشدد وغير منفتح وغير مراعٍ لتغير العصر.

     والعجيب حقاً أنه مع حديث الإعلام كل صباح ومساء عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل، لا يتكلم أحد عن حقوق العلماء بل هناك محاولة لتحطيمهم كلما سنحت الفرصة. أهل الفساد وأرباب الفتن، وأصحاب الأهواء في كل زمان إذا أرادوا أن يتسلطوا على رقاب الناس ودينهم، وإذا أرادوا أن يغرقوا الناس في الفساد فإنهم في أولى خطواتهم يبدأون بحرب العلم الشرعي وعلماء الشرع، ولهم في ذلك سبل ووسائل: فمن ذلك أنهم يقدحون في العلماء السابقين، ويزهدون الناس في العلماء المعاصرين ويحاولون كسر وهدم أي تقدير واحترام لهم في صدور العامة.

ويرى د. التويجري أن من يطعن في العلماء إنما يقوم بتنفيذ وتحقيق ما تسعى إليه اليهود شاء أم أبى علم أم لم يعلم، جاء في بعض مخططات اليهود ما نصه: (وقد عنينا عناية عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين في أعين الناس وبذلك نجحنا في الإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن تكون عقبة كؤوداً في طريقنا وإن نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يوماً فيوماً).

حقوق مشتركة

      أما الشيخ أحمد الناجم فيشير إلى أن حقوق العلماء منها ما يُطالب بها تلامذتهم، ومنها ما يطالب به عامة الناس، ونحن هنا نذكر بعض الحقوق المشتركة بين تلامذتهم والعامة.

      فمن حقوقهم علينا توقيرهم، واحترامهم، والتواضع لهم، وخفض الجناح لهم، يقول طاووس - رحمه الله تعالى: من السنَّة أن يُوقر العالم، وقد ثبت في سنن أبي داود أن النبي[ قال: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط»، وقد ذكر الخطيب البغدادي - رحمه الله - في كتابه (الجامع) تحت باب تعظيم المحدث وتخليد ذكره أثراً عن كعب الأنصار يقول كعب: ثلاثة نجد في الكتاب يحق علينا أن نكرمهم، وأن نشرفهم، وأن نوسع عليهم في المجالس: ذو السن، وذو السلطان بسلطانه، والحامل للكتاب، ومن هذا الباب قصة عبدالله بن عباس المشهورة عندما أخذ بركاب بن ثابت فقال له زيد: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله[؟ فقال: ابن عباس إنا  هكذا نصنع بالعلماء أو هكذا يفعل بالعلماء، وقد عوتب الشافعي - رحمه الله - على تواضعه للعلماء فقال:

أهين لهم نفسي يكرمونها

                                   ولن تكرم النفس التي لا تهينها

      قال الإمام أحمد - رحمه الله - تعالى أيضا: أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه فحق العالم علينا أن نتواضع له وأن نجله ونقدره وأن نحترمه.

      ومن حقوق العلماء أيضاً - كما يذكر الشيخ الناجم - ولعله من أعظم الحقوق الدعاء لهم والاستغفار لهم، وقد تقدم حديث[: “وأن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض” وثبت في سنن أبي داود أو لعله الترمذي عن أبي أمامه أن النبي  قال: “إن الله وملائكته وأهل الأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير” ومعنى (يصلون) يعني يدعون، وثبت أيضاً أن النبي[ قال: «من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» وأي معروف أعظم في هذه الدنيا من معروف العالم؛ الذي يدلنا على ما يسعدنا في الدين والدنيا.

      ومن حقوقهم أيضاً ما جاء عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – كما ذكره ابن جماعة وقبله ابن عبدالبر – أنه قال: من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة وتخصه بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن بيدك إليه، ولا تغمز بعينك، ولا تقولن قال فلان خلاف قوله، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره لله تعالى، وإن كانت له حاجة سبقت القوم لخدمته، ولا تسار في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه إذا كسل، وتشبّع من طول صحبته؛ فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء.

      فهذه جملة من حقوق العلماء علينا، وهي كثيرة نسأل الله أن يوفقنا للعمل بها، فمتى ما عملنا بها مخلصين لله تعالى فقد قمنا بواجبنا تجاههم، وهيأنا أيضاً لهم الجو لإعطائنا مزيداً من علمهم ومعارفهم، ولذلك يقول ابن جريج، لم أستخرج الذي استخرجت من عطاء إلا برفقي به، فحسن المعاملة مع العالم يشرح صدره، فينعكس ذلك على إعطائه، فيعطي عطاء جيداً مثمراً، كما أن سوء معاملته أو عدم التأدب معه يؤثر على بذله للمعلومات، لذلك يقول الزهري: كان سلمة يماري ابن عباس فحرم بذلك علماً كثيراً.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك