تسييد الليبرالية
كيف تسود الليبرالية وهي فكر مستقى من بعض المفكرين الذين آمنوا بمبادئ وأفكار وقناعات من ذواتهم واعتنقوها، وروّجوها وسعوا لانتشارها حتى وصلت إلى المسلمين منذ عهد قريب؟! وكيف تسود وتُسيّد الليبرالية وهي في نظري ونظر كثير من العقلاء ثقافة تعتمد وتستند إلى مبدأ المزيد والمزيد من الحريات من دون قيود وضوابط تُقوِّم هذا الفكر المنفلت، ومن دون رادع يردعه أو ضابط يضبطه للإجابة عن لماذا، وكيف، ومتى، وأين؟! لأنه فكر ضائع، والفكر الليبرالي فكر ناقص لن يكتمل وينمو إلى حد الإدراك والتمييز ما بين الصواب والخطأ وما بين العيش الصحيح والسقيم؛ لأنه يؤمن بعمق بمبدأ: «هل من مزيد من الحريات» ولكن! متى وكيف يصلون إلى مبتغاهم؟! لا يعلمون ولا يدركون، إذاً كيف يستطيع هذا الفكر المُبتدَع أن يخدم غيره في صناعة منظومة حياة بأكملها لملايين من البشر ويُسّيد نفسه في المجتمعات الواعية المدركة وهو أصلا غير قادر على تأهيل أفراده ممن آمنوا به؟!
والفكر الليبرالي فكر أقرب إلى نمط: «من كل بستان زهرة»! لأنه ليس فيه شيء من ثوابت الدين وأصوله، ولو كان فيه ذرة خير للعباد والبلاد لشرعه الله لنا في ديننا الحنيف، ونحن لسنا بحاجة إلى أفكار مستوردة ومبتدعة من أشخاص لا يمكن أن نطمئن إلى أنهم يملكون عقولا رشيدة وبديلة يدعون بها أن قناعاتهم هي لوحات إرشادية تدل وترشد الضال إلى طريق الصواب وإلى مرسى الراحة والأمان، شتان شتان! وهيهات هيهات! فديننا كامل لا يعتريه النقصان وليس بحاجة إلى بدائل ولا إلى مكملات.
إن الشخص الكامل الأهلية يميز ويعرف جيدا أنه لا مجال للمقارنة ما بين النهج الإسلامي والفكر الليبرالي، وأنا على يقين أن الكل يعلم أن هذا النهج العالي الجودة المختوم بعلامة ربانية - أعني به المنهج الإسلامي - ليس من صنع البشر وابتداعهم، إن المنهج الإسلامي منهج وأسلوب لحياة البشر من دون استثناء، وهو مستقى من عقيدة أهل السنة والجماعة، ومن اعتقد هذه العقيدة يعرف جيدا أنها مستقاة من فهم الصحابة للدين من سيد ولد بني آدم - عليه أفضل الصلاة والتسليم - وسيد البشر استقاه من كتاب حكيم منزل من عند ربٍ عظيم جليل عن طريق الوحي، وهذه الحقيقة لا تخفى على عاقل أو جاهل، نحن نعيش بمنظومة حياة من صنع رباني فيها القيود والضوابط والثوابت والقواعد حتى نعيش على أرض صلبة غير قابلة للانهيار، وحتى نتقيد بقيود الدين حفاظا على عقولنا وسلامة قلوبنا ومنهج حياتنا على هذه الأرض، ونضبط أنفسنا بالضوابط الشرعية حتى نبحر في سفينة الحياة ونحن نعلم علم اليقين إلى أين نحن متجهون؛ من أجل أن نحمي عقولنا من الجهل المركب الذي ارتضاه غيرنا لذواتهم، نحن نعرف إجابة كل هذه التساؤلات وفق منهج شرعنا «لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ وأين؟».
وكيف لا يسود النهج الإسلامي وقد عرفته البشرية قبل أكثر من 1400 سنة، وهو النهج الذي يحمل للعالمين فكرا سويا معتدلا لا يحتمل الخطأ؟!
هيهات هيهات أن يسود الفكر الليبرالي وتُسيّد أفكار الضلال ما دام بيننا حماة لهذا النهج القيم، نهج الإسلام بفكره ورؤاه وثوابته المعتدلة المستقاة من أفضل بشر على وجه الأرض، وفيه الكثير والكثير من الحريات والمباحات ولكن بقيود وضوابط؛ حتى لا يزعج بعضنا بعضا بحجة الحرية الشخصية.
قال أبو حاتم: من حَسُنَ عقله وقبح وجهه فقد أفقدت فضائلُ نفسه قبائحَ وجهه، ومن حسن وجهه وقلَّ عقله فقد أذهبت مَحَاسِنَ وجهه نقائص نفسه.
M.alwohaib@gmail.com
لاتوجد تعليقات