تساؤلات حول التكفير والإرهاب
ألاحظ دوماً أن أحد الأشخاص ممن يَصِفُون - زوراً - تلك التفجيرات (الإرهابية) التي وقعت في بلادنا في الثمانينيات بـ (الوطنية!!) كثيراً ما يكرر واصفاً بعض النواب في البرلمان بـ(التكفيريين)، ورغم أن صدور هذا الوصف من أمثاله هو من عجائب الأيام ومضحكاتها! إلا أننا نقر جميعاً بأن التكفير المنفلت أمرٌ خطأ، وهو – أعني التكفير المنفلت والجائر - يضع لنا تساؤلات عدة صريحة ينبغي أن تُطرح من أهمها: لماذا نرى التكفير سواءً الصريح أم المبطن، الذي لا يؤيده عقلٌ ولا نقل، لمن يَرُدُّ أمر الولي الفقيه، ومن الأمثلة في ذلك:
أ - ما حصل قبل أشهر (بتاريخ 7 / 12 / 2010م) لما خرج آية الله أحمد جنتي، رئيس مجلس صيانة الدستور، بمؤتمر في شيراز، بتصريح يشير فيه إلى أن «معارضة المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي ترقى إلى مرتبة إنكار الله!!» ومعتبراً أن اتباع أوامر (الولي الفقيه) تعتبر فرضًا واجباً على المسلمين، «بل تشمل المراجع الدينيين الكبار أنفسهم!!».
ب – وكذلك ما وقع (بتاريخ 26 / 6 / 2009م) من عضو هيئة الرئاسة في مجلس الخبراء الإيراني أحمد خاتمي حيث قال في إحدى خطبه: «إن مخالفة السيد خامنئي، تعني مخالفة الإمام المهدي والإشراك بالله!!».
ج - وعبر عن هذا المعنى أيضاً كل من الخميني (في كشف الأسرار ص207) ومحمد رضا المظفر (في العقائد ص34) عندما قالا: «إن الراد على الفقيه الحاكم يعد راداً على الإمام، والرد على الإمام رد على الله، والرد على الله يقع في حد الشرك بالله!!».
فأي عقل يمكنه قبول هذا الكلام ليجعل من إنسان يخطئ ويصيب حجة على الخلق، بحيث يكون الرد عليه رداً على الله تعالى نفسه وشركاً به؟! ثم ألا يشابه هذا الكلام اعتقاد اليهود بأن من جادل حاخامه كمن جادل الله، كما جاء في التلمود: «من يجادل حاخامه أو معلمه فقد أخطأ؛ وكأنه جادل العزة الإلهية!!» «الكنز المرصود في قواعد التلمود ص46»؟! ثم أيضاً لماذا لم نقف على رد صريح على هذه العبارات وعلى قائليها مِن قِبل دعاة (ولاية الفقيه)؟!
ومن المهم أيضاً أن ألفت الانتباه إلى أن مثل هذه التصرفات – مع الأسف - ليست مجرد أفكار وآراء لا أثر لها على الواقع، بل على العكس تماماً، ولا أقول: إن أثرها السلبي يتجرع مرارته أهل السنة فحسب، بل حتى مع بعض الإيرانيين الذين ينكرون عقيدة ما يسمى بـ(ولاية الفقيه): ألسنا نرى مقلدي المرجع الشيرازي يتهمون الخامنئي بظلم مرجعهم الراحل محمد حسيني الشيرازي بفرض الإقامة الجبرية عليه أكثر من 20 عاماً؟ وبالاعتداء على جنازته بعد وفاته؟ ودفنه بخلاف وصيته؟ وبالاعتداء على زوار ضريحه الذي سُوّي بالأرض؟ وبالعبث بما يصفونه بـ(التشيع الحق)؟ إلى حد إطلاق بعضهم لقب (طاغوت) أو (أبو بكر) أو (عمر) أو (يزيد) على الخامنئي كنوع من التشهير به وانتقاصه؟!
وأيضاً عندما أصر المرجع كاظم الشريعتمداري على موقفه المعارض للخميني ولثورته – كما يقول الشيخ موسى الموسوي في كتابه الثورة البائسة (ص51) - أرسل له الخميني 10.000 شخص من جلاوزته – أي: شرطته وحرسه - يحملون العصي والهراوات إلى داره، يريدون قتله وقتل أتباعه، وهم ينادون بصوت واحد ويشيرون إلى دار الشريعتمداري قائلين: «وكر التجسس هذا لا بد من حرقه!»، ثم يقول موسى الموسوي ما نصه: «فقُتل رجلان من أتباع الشريعتمداري في ذلك الهجوم البربري الذي شَنَّه إمامٌ قائم على إمامٍ قاعد». اهـ.
والأمثلة والتساؤلات في ذلك تطول، وفيما تقدم إشارة تنبئ عما وراءها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
لاتوجد تعليقات