رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 18 أكتوبر، 2010 0 تعليق

تحكيم شرع الله

انتشرت في الأسواق العربية كتب لتعليم اللغات بدون معلم، وتبدأ من ثلاثين يوماً حتى تصل إلى السرعة القصوى سبعة أيام, وقد أوحت إليّ هذه الكتب بكتابة هذه المقالة المبسطة لإرشاد الأمة الإسلامية إلى أهمية تطبيق الشريعة في حكوماتهم وأقضيتهم وجميع شؤون حياتهم  بسرعة وسهولة وخلال قراءة المقال فقط، وليس خلال شهور أو أسبوع كما يعلنون, هذا لمن كان له عقل رشيد وفهم سديد طبعاً.

 

فالإله الأعظم هو الذي أمرنا أن نحكّم الكتاب والسنة في جميع شؤون حياتنا، وأخص بمقالي هذا تحكيم الشريعة؛ حيث إن الحكم بغير ما أنزل الله حكم الجاهلين، وإن الإعراض عن حكم الله تعالى سبب لحلول عقابه وبأسه الذي لا يرد عن القوم الظالمين، يقول تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ < أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (49-50 المائدة)، ويقول الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة: 44) فتحكيم الشريعة مطلب مهم لكل مسلم لأنها رغبة إلهية سامية وأمر واجب من الله تعالى وعلينا الالتزام  بما نأمر من قبل الله ورسوله، فإذا علم أن التحاكم إلى شرع الله من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله, فعلى النواب الكرام الذين يشتغلون بأمور الدنيا بمجلس الأمة أيضا الانشغال بأمر الآخرة, بل يجب عليهم أن يركزوا اهتماماتهم  وأولوياتهم للبحث عن الطرق التي تؤدي إلى تطبيق الشريعة, وعمل الدراسات والبحوث في إقناع أعضاء مجلس الأمة والشعب وولاة الأمر عن أهمية تطبيق الشريعة, فولاة الأمر لو كان موضوع تطبيق الشريعة لا يعنيهم لما أمروا بإنشاء اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية؛ لذا كان لزاما على  النواب تنفيذ الرغبة الأميرية فضلا عن الواجب الديني, فعلى التكتلات الإسلامية عمل خطة وتنظيم أجندة لتهيئة الشعب الكويتي لكي يساندوا كل مرشح لعضوية مجلس الأمة يطالب بتحكيم الشريعة الإسلامية, ويجب عليهم أيضا التعاون مع اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وأن يبدؤوا من حيث انتهوا , فكثرة الدق تفك اللحام, أما أن يذكر النائب أنه يسعى لتطبيق الشريعة عندما يسأل عبر الإعلام أو في المجالس الخاصة والديوانيات فقط، فهذا ضحك على الذقون, فالكلام والوعود تحتاج لتفعيل وتنفيذ , ومن المؤسف حقا أن ترى النائب الإسلامي لا يصرح ولا يتكلم إلا عن الاقتصاد والمال و«البزنس» ويترك الأمور الشرعية وطرحها إلا ما ندر. ولا يفهم من مقالي هذا أن نترك ونهمل الأمور الأخرى، ولكن عليه أن يجعل هذا الأمر من أول أولوياته وليكن هدفه السامي إعلاء كلمة الله تعالى مهما اعترضته المصائب والمتاعب؛ لأن تحكيم شرع الله والتحاكم إليه مما أوجبه الله ورسوله، وهو مقتضى العبودية لله، والشهادة بالرسالة لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والإعراض عن ذلك أو شيء منه موجب لعذاب الله وعقابه، وسواء أكان هذا الأمر مما تعامل به الدولة رعيتها، أو مما ينبغي أن تدين به جماعة المسلمين في كل مكان وزمان، أو في حال الاختلاف والائتلاف، وسواء أكان هذا التنازع بين دولة وأخرى، أو بين جماعة وجماعة، أو بين مسلم وآخر، الحكم في ذلك كله سواء، فالله سبحانه له الخلق والأمر، وهو أحكم الحاكمين، ولا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس وآراءهم خير من حكم الله ورسوله، أو تماثله وتشابهه.

وكذلك ننبه أنه ليس كل من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً؛ إذ إن هناك تفصيلا بالمسألة، وقد ذيلت مقالي هذا بفتوى الإمام عبدالعزيز ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ عن حكم تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل، فأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يفتح قلوب المسلمين لتفهم كلامه، والإقبال عليه سبحانه، والعمل بشرعه، والإعراض عما يخالفه، والالتزام بحكمه؛ عملاً بقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (يوسف: 40).

فتوى  لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى سنة: 1420هـ)، فقد نشرت جريدة الشرق الأوسط في عددها (6156) بتاريخ 12/5/1416 مقالة قال فيها: « اطلعت على الجواب المفيد القيّم الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ وفقه الله ـ المنشور في جريدة (الشرق الأوسط) وصحيفة (المسلمون) الذي أجاب به فضيلته من سأله عن تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير  تفصيل، فألفيتها كلمة قيمة قد أصاب فيه الحق، وسلك فيها سبيل المؤمنين، وأوضح ـ وفقه الله ـ أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفّر من حكم بغير ما أنزل الله ـ بمجرد الفعل ـ من دون أن يعلم أنه استحلّ ذلك بقلبه، واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره من سلف الأمة.

ولا شك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، {... الظَّالِمُونَ}،  {... الْفَاسِقُونَ}، هو الصواب، وقد أوضح ـ وفقه الله ـ أن الكفر كفران: أكبر وأصغر، كما أن الظلم ظلمان، وهكذا الفسق فسقان: أكبر وأصغر؛ فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله أو الزنى أو الربا أو غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر، ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر وظلمه ظلماً أصغر، وهكذا فسقه».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك