رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 14 أكتوبر، 2017 0 تعليق

تحقيق ودراسة ميدانية – تراجع اهتمام الشباب عن العمل الدعوي.. لماذا؟

 

الشباب طاقة متوقدة وعماد تقوم عليه أركان الدعوة بعد العلماء الربانيين, إلا أن الكثير من التساؤلات تدور حول الهموم الدعوية لدى الشباب.!، منها ما نجده من أن الشاب يكون في قمة نشاطه الدعوي، ثم نفاجأ بعد وقت قصير بتصدع هذه الهمة، فيصيب الشاب الفتور، وتتغير همته. فلماذا هذا التراجع؟؟!

 

Text Box: المقدمة

     نتساءل باهتمام عن أسباب ذلك الفتور، وعن العوامل التي يمكن أن تعين الشباب على الثبات؟ ونتساءل أيضاً عن دور العلماء والمؤسسات الدعوية في الحد من هذا التراجع في مستوى الهمّ الدعوي لدى الشباب؟ وكيف يمكن أن يطور الشاب نفسه ويرتقي بها؟ فضلا عن العديد من الأسئلة التي تدور حول هذه القضية، وسوف نحاول الإجابة عنها من خلال هذا التحقيق وهذه الدراسة. في البداية قامت المجلة بعمل استبانة لاستقصاء الآراء حول هذه القضية، وتضمنت الاستبانة أحد عشر سؤالاً، وقد شارك في الإجابة عليها 650 شخصا من دول مختلفة وشرائح عمرية ومهنية مختلفة ومن هذه الدول الكويت ومصر وقطر والإمارات والأردن والمملكة العربية السعودية والسودان، ومن الدول الأوروبية شارك شباب من بريطانيا وألمانيا والسويد، وكذلك شارك في الإجابة مسؤولين عن الدعوة في أمريكا والبرازيل، ومن دول آسيا الوسطى شارك شباب عاملين في الدعوة من قرغيزيا، فضلا عن العديد من الأشخاص المهتمين بالعمل الدعوي. وأحب أن أتقدم بالشكر لكل من ساهم في هذه الدراسة برأي أو مشورة وأخص بذلك نائب رئيس تحرير المجلة سالم الناشي الذي كان صاحب الفضل بعد الله تعالى في هذا المسار المختلف الذي أخذته الدراسة، فكان هو صاحب رأي الاستبانة التي أحيت هذه الدراسة وأوقفتنا على الواقع الميداني لهذه الظاهرة، وكذلك أخونا الفاضل معاوية جهاد العايش الذي بادر مشكورًا بعمل النسخة الإلكترونية للاستبانة، وكذلك الشكر موصول لكل من حفز ودعم من العلماء والمشايخ والمسؤولين في جمعية إحياء التراث الإسلامي.

 السؤال الأول:

من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: الإحباط والهزيمة النفسية التي أصابتهم مما يحدث في الأمة؟

 التعليق:

     الإجابة تدل على مدى تأثر المشايخ والدعاة وطلبة العلم بما يحدث من قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، ولاسيما ما يحدث للشعوب العربية والإسلامية ومنها الأقليات المسلمة وما تتعرض له من تنكيل واضطهاد؛ لذا كانت الإجابة بموافق وصلت إلى نسبة 59.5%.

التوصية:

     من هنا نوصي بأهمية التداعي لوحدة الأمة ورفع المعاناة عنها على المستوى الرسمي والشعبي، ولاسيما من خلال المنظمات الإسلامية كمنظمة التعاون الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي وغيرها.

 الآراء:

     من جهته أرجع أستاذ العقيدة بكلية الشريعة ورئيس تحرير مجلة الفرقان د. بسام الشطي أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تراجع الهم الدعوي لدى الشباب هو التخذيل والتثبيط وبث الانهزامية النفسية من قبل المنتمين للدعوة، فلا تكاد تجد من يدعم ويدفع ويحفز إلا نادرًا، وأصبحت روح الانهزامية والعبارات السلبية هي السائدة،  وبالتالي فلا يجد الداعية ولا سيما من الشباب من إخوانه مساعدًا وناصرا ومؤيدا، وربّما أدخلوا في قلبه اليأس، وسدّوا باب الأمل في وجهه، مُتكئين على دعوى فساد الزمان، وعدم إفادة النصيحة عند غلبة الفساد، وهو الخاطر الذي يَسُرُّ أعداء الدين وهو أن تستقرّ في نفس كُل مؤمن هذه الروح الانهزامية، فيدب الخمول في طلبة العلم ويصيبهم الإحباط والكسل.

     وكذلك دور الإعلام الذي سخر كل إمكاناته لتشويه صورة الإسلام والملتزمين عبر وسائله المختلفة، وكذلك بعض القوانين التي تحارب أحكام الإسلام مثل الحجاب واللحيةوالأحكام الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة.

      وأكد على ما سبق رئيس جمعية الماهر بالقرآن الشيخ جاسم المسباح قائلاً: إن ما يحصل الآن في واقع العالم الإسلامي من تشويه للإسلام والتغرير بالشباب، ودخول كثير منهم في تيار العنف والتطرف؛ فهذا له تأثير ولا شك ولاسيما مع الحملة الضروس العسكرية والإعلامية التي تشن على الدين وأهله، الذي كان من نتائجه زعزعة الثقة في أهل الالتزام فيمتنع أولياء الأمور لخوفهم على أبنائهم عن إشراكهم في الأنشطة الدعوية والتربوية مثل حلقات التحفيظ وغيرها من الأنشطة. 

 السؤال الثاني:

من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: عدم وجود قدوات تربوية من المشايخ والعلماء؟

 

 

 

 

 التعليق:

     مع بدايات الألفية غاب عن الساحة عدد من العلماء البارزين، أمثال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن بن باز وسماحة الشيخ ابن عثيمين، والعلامة محمد ناصر الدين الألباني، الذي كان لهم الأثر الكبير في توجيه الشباب وقيادة الفكر الإسلامي الوسطي، فأثر هذا الغياب ولا شك على الساحة الدعوية، ولكن لا يمنع أن هناك علماء ومشايخ معتبرين لهم دور بارز الآن لهذا كانت وقد وصلت نسبة الموافقة 79.2% من المشاركين.

  

 

 

 التوصية:

 أهمية إبراز دور العلماء وأصحاب المنهج الموافق للقرآن والسنة وفهم سلف الأمة، واعطاؤهم المكانة المرموقة والمؤثرة في المجتمع والمؤسسات.

  

 

 

 الآراء:

      وتعليقًا على هذا السبب قال رئيس مركز ابن عباس لتحفيظ القرآن الكريم منذر المشارقة: إن وجود المربي في الوسط الدعوي أمر مهم للغاية فهو الذي يوجه ويُقيِّم ويُعلِّم ويُذكِّر بالكلمة والقدوة، ويحفز ويدفع بالجهود ويوظفها كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، والنفس البشرية لابد أن تتعرض للفتور بين فترة وأخرى وتحتاج إلى من يشحذها ويشجعها ويذكرها لتعود مرة أخرى إلى النشاط، وغياب هذا النموذج من القدوات المتميزة يؤثر تأثيرا كبيرًا على همة الشباب واستمراريتهم في العمل.

 

 

 

 

 السؤال الثالث:

من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: الانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي (الفيس – التويتر وغيرهما)؟

 

 

 

 

 التعليق:

     على الرغم من أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة العلماء والدعاة فيها وحثهم على المشاركة من خلالها، إلا أن انشغال الشباب في القضايا العامة قد يكون سببا رئيسًا في الاهتمام بالدعوة؛ لذا بلغت الموافقة 79.2%.

التوصية:

أهمية توجيه الشباب بحيث تصب وسائل التواصل الاجتماعي في صالح الدعوة إلى الله، والعمل من خلالها على طرح المنهج الوسطي البناء.

 

 

 

 

 الآراء:

     الشيخ أحمد الوكيل، الباحث في علوم الحديث قال: إن ما ذكر في السؤال من تراجع الهمّ الدعوي عند الشباب، فإن مرده في تقديري إلى انشغالهم بما دُبر لهم بليل، وخطط له أعداء المسلمين لإهدار أوقاتهم وطاقاتهم فيما لا يفيدهم، بل فيما يضرهم ويضر مجتمعهم، ومن ثم بقية بلدان المسلمين الآمنة المطمئنة، من خلال الإعلام المضلل بأنواعه المرئية والمسموعة والمقروءة وعلى ما يبث عبر الشابكة، من غش وتدليس وكذب متوار لتهييج الشباب على استقرار بلدانهم وتأجيج نيران الفتن، وخلق الفوضى، وتعطيل حركة الحياة المنتظمة في سائر البلدان، هذا أدى ولا شك إلى انصراف كثير منهم عن الدعوة والانشغال بهذه الأمور.

 

 

 

 

 السؤال الرابع:

من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: ضعف التأسيس العلمي والتربوي للشباب؟

التعليق:

     لا شك أن التأسيس العلمي والتربوي من أهم العوامل لبناء الشخصية الإسلامية وقدرتها على الاستمرار وتنمية الدافعية الذاتية المبنية على الاعتقاد الكامل بمشروعية الدعوة والإخلاص لها والتفاني فيها، لذا كانت الاستجابة بالموافقة عالية جدا حيث قدرت بـ 90٪  بمشاركة إيجابية.

 

 

 

 

 التوصية:

أهمية العمل على تطوير مؤسسات التعليم الشرعي وبناء الشخصية الإسلامية المتوازنة المبنية على القرآن والسنة واستخدام الأساليب التربوية الحديثة.

 

 

 

 

 الآراء:

      أكد رئيس جمعية قيم الشيخ عبد الوهاب السنين أن الهم يأتي من الاعتقاد الجازم بأن هذه العقيدة حق، وكلما قوي الاعتقاد، كانت الهمة أكبر، لذلك فارتباط الإنسان الداعي بدينه وبالعلم يعطيه دافعاً أكبر، وكلما انفك الداعية عن هذا الاعتقاد وهذا العلم، ضعفت همته، لأن المادة المحركة له في القلب ضعيفة، كما أنه لو انشغل بأمور الدنيا تضعف همته للآخرة، فإذا امتلأ القلب بمعالي الأمور زادت الهمة وزادت الدافعية، وأنا في اعتقادي أن العلاقة بين الأمرين نسبة وتناسب، فكلما زاد القلب قربًا من الله زادت همة الشباب ودافعيتهم، ومع الأسف نحن نرى اليوم كثيراً من الشباب أصبح  اهتمامه وشغله الشاغل بالأمور الحياتية، وزادت عندهم هموم الدنيا من الوظيفة والبحث عن الكسب، فضلا عن الانشغال بالوسائل الحديثة فيما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أكبر مشغلة للدعاة اليوم، كما أن كثيراً من الدعاة حتى مصطلحاتهم الدعوية تغيرت مصطلحاتهم الدعوية عما قبل، وأؤكد مرة أخرى أن أهم الأسباب فراغ القلوب من الهم الأساسي وهو الدين، فلو اهتم القلب بالدين لاهتم الداعي بدعوته.

 السؤال الخامس: 

من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: الخلافات بين العاملين في الدعوة وخاصة المشايخ والعلماء؟

 التعليق :

     من أهم أسباب الضعف والتراجع لدى الشباب الخلافات التي تدب بين العلماء والمشايخ فضلاً عن العاملين في الدعوة؛ مما سيؤدي إلى نفور بعض الشباب من الدعوة وضعف حب العمل والتفاني فيه لذا بلغت الإجابة بالموافقة 72.2%. 

 

 

 

 

 

 التوصية :

      أهمية الحد من الخلافات بين العاملين في الدعوة، ومحاولة تقريب وجهات النظر من خلال إنشاء المجالس التوافقية، وضرورة الاستماع لوجهات النظر من كافة الفئات، وإيجاد آلية عملية لذلك.

 

 

 

 

 الآراء:

     وفي هذا أرجع الشيخ محمد ضاوي العصيمي غياب القدوات وعزوفهم عن العمل؛ نظرًا لما يحدث من خلافات ومشكلات تقع بين العاملين في الدعوة؛ فيؤثر البعض منهم السلامة ويتعمد ظنا منه أن في ذلك خير. وتعليقا على هذا أيضا، قال رئيس مركز ابن عباس لتحفيظ القرآن أن كثرة الخلافات الواقعة بين الدعاة إلى الله، أصبحت حالة مرضية تحتاج إلى تدخل من المخلصين وأهل العلم الحكماء لعلاج تلك الخلافات الموجودة التي أكثرها أهواء شخصية وليست منهجية إلا في قليل منها. وهذه الخلافات أدت إلى تراجع الكثير من الدعاة عن دورهم خشية التصنيف والهجوم الذي سيواجهه من أهل التصنيف، فكل يوم نسمع عن خلاف وشقاق وجدال تصل إلى الصغار من طلاب العلم، فيتشتت الشباب فلا تجدهم على قلب واحد، فيصبح دور المربي والداعية إخماد الحرائق بدلا من الدور التوعوي والتربوي والعلمي.

 

 

 

 

 

 السؤال السادس:

 من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: عدم إعطاء الفرصة الكافية للشباب

 

 

 

 

 التعليق:

     لا شك أن إعطاء الشباب فرصة في العمل مهمة جدا؛ ذلك أن الشباب هم العنصر المحرك للأنشطة والانجازات، وهم الطاقة المستمرة والمبدعة في تطوير العمل ونقله إلى مرحلة التكامل وهم القوة المحفزة على تنفيذ الأفكار والخطط، وقد تقاربت النسبة بين الموافقين وغير الموافقين؛ حيث بلغت على التوالي 49.8% و42.6%.

 

 

 

 

 التوصية:

أهمية إعطاء الشباب فرصة في اتخاذ القرارات وقيادة الأعمال، ومنحهم التجربة الكافية لاكتشاف مواهبهم وإبداعاتهم.

 

 

 

 

 الآراء:

  وتعليقًا على هذا السبب قال رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي طارق العيسى: لا شك أن الشباب طاقة لابد أن نستفيد منها, ونحسن توظيفها فعلا لا قولا؛ فالشباب هم دعامة المجتمع والأمة، وأساس كل دعوة، وقد أولى الإسلام الشباب عناية خاصة؛ ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشاورهم ويسمع منهم.

      كما أنه صلى الله عليه وسلم ضرب لنا أروع المثل في إيمانه بقدرات الشباب؛ حيث فتح لهم صدره، واحترم عقولهم وإرادتهم، والشباب اليوم في أمس الحاجة إلى مثل هذا الخلق العظيم، في حاجة ماسة إلى من يوظف طاقاتهم ويعطيهم الفرصة كاملة ليعبروا عن أنفسهم، وكثير ممن أصابه هذا الفتور وهذا التراجع في الهم الدعوي كان نتيجة لهذا السبب؛ لأنه لم يجد من يحتويه ويوجهه ويوظف طاقاته؛ فابتعد عن طريق الدعوة، أو ظل فيها طاقة معطلة لا يستفاد منه.

 

 

 

 

السؤال السابع: 

من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: التوقف عن طلب العلم وتطوير الذات؟

 

 

 

 

 التعليق:

     لا يمكن لأي قيادي أو داعية إلا أن يجعل العلم والمعرفة أساس البناء، وبداية الانطلاقة نحو التطوير الذاتي وتنمية القدرات لذا كانت الإجابة بالموافقة كبيرة جدا ووصلت إلى 89.2%.

 

 

 

 

 التوصية:

أهمية تطوير مؤسسات التعليم الشرعي وإيجاد الحوافز لطلب العلم الشرعي، والعمل على تطوير القدرات لدى الدعاة من الخطباء والأئمة والشرعيين.

 

 

 

 

 الآراء:

     وأكد على ذلك الشيخ رجب أبو بسيسة قائلاً: إن من الأسباب المهمة المؤدية لهذه الظاهرة توقف الداعية عند حد معين من التزود بالعلم والتواصل مع الصالحين، وهذا مسلك خطير إذا وصل إليه الداعية؛ فمن أهم الأمور التي يجب الاهتمام بها التحصيل العلمي والتزود من العلم سواء في مجال تخصصه أم في شتى المجالات، وهذا له أهمية كبيرة في استمرار الداعية إلى الله في دعوته وعطائه؛ حيث يشعر الداعية أن لديه شيئا جديداً يقدمه للناس وللشباب، فضلاً عن زيادة الوعي عنده.

 

 السؤال الثامن:

من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب : الابتعاد عن المحاضن التربوية وعدم وجود الشخص في عمل جماعي؟

 

 

 

 

 التعليق:

     إن الانخراط ضمن عمل جماعي يحفز الأفراد إلى مزيد من العمل والعطاء، وينمي لديهم روح البذل والتعاون والتكامل؛ لذا كانت الإجابة كبيرة لهذا السؤال بنسبة بلغت 83.8%.

 

 

 

 

 التوصية:

أهمية تشجيع إنشاء الجمعيات الخيرية والمشاريع التطوعية لاستثمار وقت الشباب، وإيجاد محاضن تربوية تصقل طاقاتهم ومواهبهم.

 

 

 

 

 الآراء:

     وتعليقاً على هذا السبب قال نائب رئيس تحرير مجلة الفرقان سالم الناشي: ‏إن الارتباط بالعمل الجماعي يقوي الفرد ويقوي الجماعة فديننا دائما يحث على الجماعة، فالصلاة تكون في جماعة في المسجد، وكذا الصيام حيث هو يبدأ المسلمون جميعهم في شهر معين وينتهون بالاجتماع في صلاة العيد، وكذا الحج فالارتباط بالبيئة التي تنمي الفرد وترعاه من أسس التربية وبناء الشخصية المتوازنة والله سبحانه وتعالى أكد على أهمية الجماعة والتوحد بقوله: ( ‏واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا)، ونهانا عن التفرق فقال تعالى ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم), والعمل في إطار الجماعة يحقق التكامل ويبرز الكفاءات وينمي روح الإيثار والتضحية في سبيل المجموع، ولا شك أن كل هذا يتطلب الصبر والثقة بالله تعالى والأمل في ما عند الله من الأجر العظيم ، ولا شك أن غياب الفرد عن هذه البيئة، وعن هذه الروح الجماعية يؤثر سلبًا ولا شك عن دافعيته في الاستمرارية بالدعوة لأنه لا يجد على الحق أعوانًا.

 

      وفي هذا قال أيضاً النائب عن حزب النور في مجلس الشعب المصري أحمد الشريف: إن من أهم أسباب عزوف الشباب عن العمل الدعوي عدم توفر البيئة التربوية الدعوية العملية أو  الابتعاد عن المحاضن العلمية والتربوية التي لها أعظم الأثر في المحافظة على استقامة الشاب واستشعاره للمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه أمته.

السؤال التاسع:

 من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: التفريط في عمل اليوم والليلة والتقصير في العبادات؟

 

 

 

 

 التعليق:

     لا شك أن الارتباط بعمل يومي متصل مع الله، كأداء العبادات من صلاة وذكر وصلة رحم ستقوي الصلة بالله والرغبة في بذل النفس في المجال الدعوي؛ لذا كانت الإجابة بالموافقة بنسبة مرتفعة بلغت 90.2%.

 

 

 

 

 

 التوصية:

أهمية تنمية الحس الإيماني في المتابعة اليومية لعمل اليوم والليلة والتأكيد على النفس اللوامة في أداء العبادات الواجبة.

 

 

 

 

 الآراء:

     وتعليقا على هذا السبب أكد الشيخ جاسم المسباح أن ضعف الإيمان وقلة العبادات لدى بعض الشباب العاملين يؤثر مع الوقت على عطائه وهمته؛ لأن  العبادات تؤمن الإنسان، ولاسيما في زمن الفتن؛ فجانب العبادة إن لم يحافظ عليه الإنسان في وقته سيقل؛  لأن الجانب الإيماني عنده قلّ والإيمان يزيد بالطاعة ويقل بالمعصية، ويقل بالتالي استحضار عظمة الله في قلبه.

 

السؤال العاشر:

 من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: عدم إدراك أهمية الدعوة وتبعات الالتزام بها؟

 

 

 

 

 التعليق:

     لا يمكن أن ينتشر الدين ويعم الحق إلا بالدعوة والعمل والصبر على ذلك وتحمل المشاق لإيصال الدعوة إلى الناس جميعا، والمقصود في فهم ذلك كما وضحته الإجابة التي بلغت  82.6%؛ مما يؤدي إلى ضعف الهم الدعوي لدى معظم الشباب.

 

 

 

 

 التوصية:

     أهمية تنمية حب الدعوة في نفوس الشباب من خلال البرامج التوعوية والخطب المنبرية والدروس الشرعية، مع تذليل الصعوبات التي تعترض واجبات الدعوة والعمل فيها.

 

 

 

 

 الآراء:

     قال الشيخ  نبيل الياسين عن هذا السبب: لا شك أن الدعوة واجبة كما ذكر العلماء وهي في الأصل فرض كفاية ، إلا أنه في ظل قلة الدعاة، قد تصل إلى فرض العين، فحينما يقل الدعاة وفي المقابل يزيد دعاة أهل الباطل والانحلال والمناهج المنحرفة، تصبح  الدعوة في هذا الوقت فرض عين لحاجة الأمة لدعاة الحق لمدافعة أهل الباطل والفكر المنحرف.

     والمتابع للساحة الدعوية يشاهد قلة ارتباط الشباب بالدعوة، ولذلك ولا شك أسباب عدة، منها: قلة طلب العلم والمحافظة عليه، وعدم إدراك أهميته في نجاح الدعوة واستمراريتها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «بلغوا عني ولو آية»، ويلاحظ هذا الأمر من خلال قلة حضور الشباب في الأنشطة العلمية والدعوية، وقلة ارتباطهم بالمسجد كما كان سابقًا، وهذا كله للأسف أثر على الدعوة؛ حيث لما قل العلم قل حماس الشباب في الاهتمام بها.

      كذلك إهمال الشباب لتطوير أنفسهم والعناية بجانب التزكية والارتقاء الذاتي وهذه ظاهرة يعانيها أغلب المنتمين للدعوة الإسلامية وليس اتجاه بعينه، فنجد أن الفتور لمَّا أصاب أكثر العاملين في الدعوة قلت همتهم وغفلوا عن هذا الواجب العظيم.

 

 

 

 

السؤال الحادي عشر: 

 من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى الشباب: الثورات العربية وما جرَّته على الأمة من مصائب وويلات؟

 

 

 

 

 التعليق:

     لا شك أن الانشغال بالثورات العربية وما جرته علي الأمة من مصائب وويلات أثر تأثيراً مباشراً على الدعوة والدعاة؛ فهم جزء من الأمة، وما يصيب الأمة يصيبهم ويؤثر فيهم، ويكفي أن تدمر دول مثل سوريا وليبيا واليمن وغيرها وتستمر فيها الحروب والصراعات لكي تعطي مثلا على تراجع الدعوة والهم الدعوي ولذلك بلغت نسبة الموافقين 49%، في حين نسبة غير الموافقين بلغت 41.1%.

 

 

 

 

 التوصية:

     أهمية العمل على إنهاء الحروب والصراعات العربية والإسلامية، وبناء روح التعاون والتكامل بين الشعوب العربية والإسلامية، وهذا الدور يمكن أن تقوم به المؤسسات والمنظمات الإسلامية والعربية.

 

 

 

 

 الآراء:

     وعن هذا السبب أكد الشيخ رجب أبو بسيسة أن الانفتاح الهائل الذي حصل بين أبناء الصحوة بعد ثورات الربيع العربي، - ونحن لا نرفض الانفتاح قطعاً- ولكن نرفض الصورة غير المنضبطة منه التي أدت إلى أمور عدة عند العاملين منها: تبديل الاهتمامات، وتغيير الأولويات، والانشغال الزائد عن العمل، والترخص في الكثير من المواطن، وكذلك الإسراف في المباحات ومجاوزة الحد في تعاطيها؛ وكل ذلك أدى في النهاية إلى ضعف الاهتمام بالعمل الدعوي ثم الكسل ثم التأقلم مع الكسل.

 

إلى هنا اكتملت الاستبانة مع التحليل الخاص بها ونستكمل استقصاء آراء العلماء والمختصين عن أسباب هذه الظاهرة وسبل العلاج.

 

الدعوة لا تقوم إلا على العلم الشرعي

أكد رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي الشيخ محمد الحمود النجدي: أن الدعوة إلى الله -تعالى-، لا تقوم إلا على العلم الشرعي كما قال -تعالى-: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}، ويقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - الدعوة تقوم على ثلاثة أركان:  العلم الشرعي، والحلم والأناة، فالإنسان إذا ضعف عنده التحصيل العلمي بالتأكيد سيفقد أهم ركن من أركان الدعوة، فإذا لم يكن عنده العلم الشرعي فإلى أي شيء يدعو الناس؟

     فالعلم هو أساس الدعوة وهو الذي تقام به الحُجَّة،  فإذا ضعف التحصيل العلمي ضعفت الدعوة من جهة ، ولا سيما أننا نعيش اليوم في واقع تكثر فيه الشبهات حول الإسلام، وحول عقيدة الإسلام، وحول أحكام الإسلام المختلفة، فإذا لم يكن لدى الإنسان علم شرعي يدفع به الشبهات سينقطع عن الدعوة وتقل همته في مواصلة هذا الطريق.

      كذلك فإن الدعوة إلى الله تعالى تحتاج إلى تربية خاصة وتحتاج إلى التخلق بأخلاق الأنبياء من الصبر على نشاط الدعوة وعلى أعباء الدعوة، فالدعوة إلى الله تعالى واجب، وهذا الواجب يحتاج إلى نوع من التحمل، فالإنسان إذا كان عنده وظيفه فهي تحتاج إلى متابعة وجهد، فما بالك بوظيفة الداعية، وكثير من الدعاة يتحصلون على بعض الأخلاق النظرية مثل صبر الأنبياء ومن تبعهم على الدعوة وأعبائها وتبعاتها، أيضًا فهو يحتاج إلى التمرين العملي من خلال الممارسة العملية، والاستمرار على ممارسة الدعوة في المقربين له ثم الذين يلونهم، وبذلك تنبني عنده الشخصية الدعوية عبر الزمن؛ لأن الدعوة مثلها مثل أي عمل عبارة عن خبرات تراكمية تزيد مع الزمن.

الانشغال بالدنيا على حساب الآخرة

من جانبه قال الخطيب والإمام بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حمد عبد الرحمن يوسف الكوس، إن من أسباب تراجع الهم الدعوي لدى بعض الدعاة انشغالهم بالدنيا سواء كانت مالاً أم منصباً أم تجارة أم أولاداً أم غير ذلك من أمور، وهذا راجع لضعف التوازن بين أمور الدنيا والآخرة فالإنسان لا يستطيع أن ينفك من الدنيا ولكن ليس على حساب دينه ودعوته وآخرته، وهذا يحتاج لوضوح الهدف لدى الداعية  وهو أن يسعى بعمله لينجو يوم القيامة من العذاب ويبلغ جنة رب العالمين ، والخسران الحقيقي ليس بخسارة الدنيا وإنما بخسارة الآخرة ومن أعظم أسباب ذلك الالتهاء بالدنيا كما قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (المنافقون).

طول الطريق

من جهته قال د. محمد ضاوي العصيمي -الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والمدرس بكلية الشريعة جامعة الكويت-: إن هناك جملة من الأسباب أدت إلى هذه الظاهرة منها:

- عدم استشعار طول طريق العمل الدعوي وأهمية الصبر عليه وعلى تبعاته؛ فبعضهم يظن أن طريق الدعوة مفروش بالورود، وأن تحصيل الثمار فيه سهل هين؛ فيترك العمل لما يرى من مشاقه وتبعاته، وكما يقال من ثبت نبت؛ فهؤلاء لم يثبتوا ولم يتربوا على الثبات.

الابتعاد عن المحاضن العلمية

ويضيف رئيس مركز ابن عباس لتحفيظ القرآن الكريم منذر المشارقة أسباباً أخرى لهذه الظاهرة قائلاً: لا شك أن هناك أسباباً عدة أدت إلى هذا التراجع وهي:

ضعف الإيمان

      أول هذه الأسباب ضعف الإيمان الذي هو المحرك الأساسي للعمل لهذا الدين وحمل هم الدعوة إلى الله، وهو الوقود الأساسي لدى الداعية؛ فهي علاقة طردية فكلما ضعف الإيمان ضعف الهم الدعوي وكلما زاد الإيمان زاد الهم.

كثرة الملهيات

     فلا شك أن الحياة المدنية المعاصرة وكثرة متاعب الحياة تؤدي إلى الانشغال بالدنيا والحرص على المال، ويصبح المرء ساعياً وراء رزقه أكثر من سعيه وراء دعوته وإصلاح مجتمعه، فيتشتت القلب، ثم ينسى دعوته التي كان يحمل لواءها ويرفع شعلتها سابقاً.

غياب الإخلاص

من ناحيته قال الشيخ جاسم المسباح -رئيس جمعية الماهر بالقرآن، والموجه العام للتربية الإسلامية سابقًا-: الفتور عند الشباب وعند الدعاة له أسباب عدة منها:

- غياب استحضار الإخلاص الذي أمر الله به في قوله: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين}؛ فكثير من الشباب يغيب عنه هذا الهدف، وغياب الهدف والغاية في الأعمال التي يقوم بها الشباب، سواء في تحفيظ كتاب الله -تعالى- أم في الأنشطة التربوية والدعوية الأخرى يؤثر سلبًا ولا شك على همة الشباب وحافزيتهم تجاه تلك الأعمال.

الانشغال بالدنيا

- الانشغال بالدنيا وزهرتها وما يطرأ عليها من أمور؛ فقد تتغير نفسية الداعية وهو لا يدري؛ وقد يصيبه الغرور، أو الكبر، أو غيره من أمراض القلوب، كالتطلع للصدارة، وحب الترؤس في العمل، وحظ النفس من الجاه، والرغبة في الشهرة التي تؤثر على سعيه في هذا الطريق.

التعرض للفتن

- تعرض الشباب للفتن مثل فتنة النساء أو فتنة المال التي تتغير بسببها نفسية الشباب؛ فبعض الشباب عندما دخل الجامعة وتعرض للاختلاط فتن بذلك، وبعضهم ممن فتح الله له من باب الرزق شغل بالتجارة فقل نشاطه في الدعوة إلى الله -تعالى- وبدأ يضعف شيئًا فشيئًا فقلَّ حضوره لدروس العلم، وقل نشاطه في العبادات وهكذا.

الدخول في السياسة

- الأمر الآخر دخول الدعوة في الجانب السياسي أدى ولا شك إلى تغير نفوس عدد من الشباب لاختلاف وجهات النظر بينهم وبين الجيل الذي هو أكبر منه سنًا؛ مما يصرف كثيراً من جهودهم عن الدعوة بسبب تلك الخلافات.

الغفلة عن سنن الله في الكون والحياة

     فإننا نرى صنفاً من العاملين لدين الله يريد أن يغير المجتمع كله - أفكاره ومشاعره،وتقاليده وأخلاقه وأنظمته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في يوم وليلة بأساليب ووسائل هي إلى الوهم والخيال أقرب منها إلى الحقيقة.

      ومنها صحبة ذوي الإرادات الضعيفة و الهمم الدانية، ومنها الوقوع في المعاصي والسيئات ولاسيما صغائر الذنوب مع الاستهانة بها، فضلاً عن الانفراد وعدم الاندماج داخل عمل جماعي أو مؤسسة دعوية، وأخيرًا: عدم التأهيل المبكر والاستعداد الجيد لمواجهة معوقات العمل الدعوي.

وزاد المشارقة أسباباً أخرى للفتور ذكر منها:

ضعف الشخصية القيادية لدى الشاب

- وأعني بالقيادة قيادة القلب والنفس أولا قبل قدرته على قيادة الآخرين وتجميع الناس حوله؛ فمواجهة المؤثرات حوله تحتاج -بعد توفيق الله عز وجل- إلى قلب قوي وقدرة على مواجهة الشبهات والشهوات.

غياب الهدف

- من أهم الأسباب كذلك غياب الهدف الذي من أجله يدعو إلى الله، وعدم استشعار الإخلاص في كل لحظة، ونسيان الواجب لا ينفك عنه حتى يموت؛ فهذه كلها تؤدي إلى الفتور في العمل الدعوي.

عدم التجديد في أساليب الدعوة

- الاقتصار على وسائل مكررة وعدم التجديد في أساليب الدعوة إلى الله، يؤدي إلى فتور الداعية والمدعو كذلك، فوسائل الدعوة كثيرة ولاسيما في ظل تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل، فلا بد من التجديد وإيجاد الوسائل الجديدة التي تناسب المدعوين.

غياب المربي

- المربي في الوسط الدعوي، هو الذي يوجه ويقيم ويعلم ويذكر بالكلمة والقدوة؛ فالنفس البشرية لابد أن تتعرض للفتور بين فترة وأخرى، وتحتاج إلى من يشحذها ويشجعها ويذكرها لتعود مرة أخرى إلى النشاط.

دور العلماء

أما عن دور العلماء والدعاة في مساعدة الشباب للحد من هذا التراجع أكد الشيخ رجب أبو بسيسة أن دورهم رئيس ومهم للتغلب على هذه الآفة ومن ذلك:.

الملاحظة

- ملاحظة الشباب وتتبع التغيرات التي تطرأ عليهم؛ لأن اكتشاف الآفة في المراحل المبكرة يسهل علاجها والحد منها.

إقامة الأنشطة

- إقامة أنشطة وبرامج للعاملين خارج نطاق العمل فيها شيء من الترفيه والتقارب ومعاني الأخوة الإيمانية للتغلب على جفاف الأعمال الإدارية.

المتابعة

- متابعتهم متابعة جيدة بعد إعطاء التكليفات لضمان تنفيذ الأنشطة والبرامج على أكمل وجه.

الاحتواء

- احتواء الشباب والتلطف معهم؛ لأن الشباب في هذه الأيام حتى العاملين منهم يحتاج إلى من يحنو عليه، ويقترب منه، ويشعره بالدفء والدعم والقرب.

التأهيل

- التأهيل الجيد والمبكر للأفراد العاملين حتى يستطيعوا مواجهة عقبات الطريق.

المخالطة

- وأخيرا وأظنها من أقوى أساليب العلاج مخالطة الشباب والسماع لهم وإشعارهم بأهميتهم والبعد كل البعد عن التوبيخ و كثرة اللوم.

- وأن تكون العلاقة فيها دفء وحنوة والله الموفق.

ووافق المشارقة أبو بسيسة في أن العلماء عليهم مسؤولية ضخمة في إصلاح هذا الخلل، وبين المشارقة أموراً عملية عدة لذلك منها:

شحذ الهمم

- شحذ همم الشباب وتوجيههم التوجيه الصحيح المتزن من غير إفراط ولا تفريط، ولاسيما في مثل هذه الظروف التي يمر بها العالم الإسلامي، التي تجعل الشباب حيارى لا يعرفون ولا يميزون الموقف الصحيح تجاه هذه النوازل.

فتح قنوات للتواصل

- فتح قنوات التواصل بين الشباب والعلماء وسماع همومهم وشكواهم؛ لأن هناك من يسعى جاهدا للحط من أهل العلم وتوسيع الفجوة بينهم وبين الشباب، وأنهم لا يصلحون لقيادة الأمة وتوجيهها فضلا عن الاستهزاء بهم واتهامهم وإسقاطهم في نظر العامة.

مبادرات

- طرح مبادرات ومشاريع ينخرط فيها الدعاة مع الشباب ويكونون عونا لهم وسندا أمام الفاسدين،؛ بحيث تعمل هذه المشاريع الدعوية العلمية والإصلاحية على تحريك الأمة وتوجيهها نحو العقيدة والمنهج الصحيح.

- فهذا الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-، كم احتضن من طلاب علم ودعاة في العالم وقام بتفريغهم للدعوة إلى الله؛ فقد كان حريصا على التواصل معهم عبر اللقاءات والزيارات؛ لذلك كانت لجهوده الأثر الكبير في نشر العلم وإفساح المجال للدعاة إلى الله بالقيام بواجبهم تجاه أمتهم.

 عوامل الثبات

أما عن العوامل التي تعين الشباب على تحمل المسؤولية فذكر أبو بسيسة أن منها:

- التوبة النصوح وتجديد النية والاستغفار.

- استشعار الأجر والثواب ومعرفة خطورة التقصير.

- دوام النظر والمطالعة في كتب السيرة والتاريخ والتراجم.

- صحبة الصالحين وأصحاب الهمم العالية.

- التعرف على طبيعة الطريق من أول يوم في العمل.

- ترصد الأوقات الفاضلة و العمل على إحيائها بالطاعات؛ فإن هذا مما ينشط النفوس، ويقوى الإرادات.

- محاسبة النفس والتفتيش فيها دائماً وتعويدها سرعة التنفيذ والتفاعل، وهذا يحتاج إلى ترويض للنفس وتربية حتى تعتاده.

- حضور مجالس العلم؛ إذ العلم حياة القلوب وربما سمع العامل كلمة من عالم صادق مخلص، فنشطته سنة كاملة، بل الدهر كله.

- تحمل المسؤولية واستشعار أنها أمانة ستسأل عنها يوم القيامة فبم تعتذر إلى الله -عز وجل- غداً؟

- وضع العمل الدعوى في دائرة الاهتمامات الأولى.

- البعد عن المعاصي و الذنوب؛ فهي التي توهن البدن و تضعف الهمم.

- صناعة الاهتمامات.

- البعد كل البعد عن الاحتكاك بشريحة الكسالى.

- الامتناع عن ترديد الألفاظ المحبطة مثل (أنا كسلان) أو (تعبان نفسياً) واعتماد سياسة التشجيع للنفس دون إفراط أو تفريط.

القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن

     وعن رأي المشارقة في الأسباب التي تعين الشباب على الثبات والحفاظ على أداء يتناسب مع المسؤولية الملقاة على عاتقهم فقال: لابد أن نتذكر أولا أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأن الثبات بيد الله -عز وجل- أولا ثم بالوسائل المعينة عليه، ومن أهل الوسائل المعينة على الثبات في أمر الدعوة:

- الدعاء، فلابد أن يشعر العبد أنه فقير إلى الله -سبحانه وتعالى- محتاج إليه أن يحفظه ويثبته ويعينه على أمر الدنيا والآخرة.

- ترتيب الأولويات في حياته الدعوية والدنيوية؛ فتنظيم الداعية لنفسه من الوسائل المعينة على الثبات حتى لا يشعر بثقل المسؤولية عليه وعدم القدرة على تحملها.

- توطيد العلاقة مع أهل العلم والدعاة الحريصين على دعوتهم ممن لهم تأثير على الشباب والاستفادة منهم؛ فالاستمرار بالتواصل مع الصالحين من أعظم أسباب الثبات على دين الله -عز وجل.

- الداعم لعظم المسؤولية التي يتحملها، وأنها مهمة الأنبياء سلام الله عليهم أجمعين، وأن الأمة بحاجة ماسة للدعاة إلى الله يرفعون عنها الجهل ويعيدوها إلى طريق الله المستقيم، وأن ترك هذه الثغرة سيشغلها بدلا عنهم أهل الفسق والفجور.

- العمل المؤسسي الجماعي يعد صمام أمان لكثير من الدعاة ومن أهم عوامل الثبات على الطريق.

- الاهتمام بزيادة الإيمان وتعهده بين فترة وأخرى ومحاسبة النفس، ومعالجة مظاهر ضعف الإيمان في قلبه حتى لا تتراكم عليه الذنوب ويغفل عن التوبة والاستغفار؛ فالقلب يحيا بذكر الله.

- مداومة النظر في كتب أهل العلم والاستزادة منها؛ فإن العلم يورث الخشية لله سبحانه وتعالى، وكذلك القراءة في سير أهل العلم وتراجمهم بين فترة وأخرى.

من وسائل العلاج

     من جانبه أكد الشيخ جاسم المسباح أنه لعلاج هذه الظاهرة لابد من الاهتمام بتربية الشباب منذ الصغر، والاهتمام بالدعوة في المساجد، فلابد من وجود إخوة يحتوون الشباب بالمسجد كما كان يحدث من قبل، فيبني بينه وبين الشباب علاقة حب وود، نحن نحتاج إلى من يحتوي الشباب في المساجد والجامعات وفي الأندية والتجمعات الشبابية.

     كذلك لابد من الاهتمام بالجانب العلمي والبرامج التي تُعنى ببناء شخصية الشباب، كما أننا في حاجة إلى تجديد الأنشطة ووسائلها؛ لأن الشباب أصبحوا يملون من الأنشطة التقليدية، فلابد من تلمّس حاجات الشباب وإشباع رغباتهم بالوسائل المشروعة.

- وأخيرًا: ضرورة العمل على التخطيط الاستراتيجي الذي تكون له ثمرة، ونحصل من خلاله على نتائج بخطى ثابتة، ولاسيما أننا نعيش في وقت كثرت فيه الاهتمامات؛ فلابد لنا من الوقوف على الأولويات وترتيبها ترتيبا جيدًا، ولا سيما حاجات الشباب الاجتماعية والنفسية والإيمانية والتربوية.

 عدم الاهتمام بتربية الأجيال

     أما عضو المكتب التنفيذي العام للدعوة السلفية سامح بسيوني فأرجع تراجع الهم الدعوي لدى الشباب إلى عدم الاهتمام بتدريس الأجيال وتربيتهم على منهج التغيير النبوي وسننه، وكذلك المحاولات المستمرة لهدم رموز التيارات السلفية الوسطية والمعتدلة، ولاسيما من التيارات المنحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة وغيرها من التيارات العلمانية.

الموصلي: آفات في مرحلة التحصيل

     أما الشيخ فتحي الموصلي فكان له رأي علمي تأصيلي؛ حيث أكد أن سبب التراجع هو عدد من الآفات التي تصيب طالب العلم ولا سيما في مرحلة التحصيل والتكوين منها:

- التخصص المبكّر .

- تتبع مسائل الخلاف وعدم الاعتناء بمواضع الإجماع.

- تتبع غرائب العلم .

- التعجّل في التدريس والتصنيف .

- الدخول في مفصَّل العلم قبل الوقوف على مجمله.

- عدم الجمع بين الرواية والدراية .

- عدم التدرّج في تحصيل العلم .

- التكثر من التزكيات غير المفيدة للعلم.

- توهم بلوغ درجة الاجتهاد والفتوى .

- كثرة الكلام والجدل وقلة التأمل والنظر .

     فهذه الآفات تشبه الآفات التي تصيب الزرع قبل نضوج الثمرة، فتحتاج من القائم على الزرع (العالم) رفعها  تارة بإصلاح الأرض قبل الزرع (الوقاية)، وتارة أخرى بالمبيدات النافعة التي تهذب النفوس وتزيل عنها حشرات الشهوة والشبهة (العلاج والتصفية)، وتارة ثالثة بالأدعية الجامعة والمواعظ النافعة (التصحيح والتزكية)، قبل أن تصل تلك الآفات إلى إتلاف الثمرة وحرق المزرعة  .

الربيعة: قصور الوسائل والخطط في تحقيق الآمال والطموحات

      كما أكد أمين سر جمعية إحياء التراث الإسلامي  وليد الربيعة أن الشاب قد يُصاب بهذه الظاهرة خلال حركته اليومية وفي ظلال تكرار المهام فيها، واستهلاكه لثقافته ومعلوماته، ولا شك أن روتينية الأعمال وألفتها في الحقل الدعوي قد يفقدها أبهتها وجمالها، وكذلك استهلاك الجهود في الحركة اليومية كفيل بتوجيه العمل الدعوي إلى الركود والجمود والتوقف، وهذا ما بات يشعر به جزء كبير من أبناء الدعوة، فضلاً عن قصور بعض الوسائل والخطط وفشلها في تحقيق الآمال والطموحات، مما يؤدي ذلك إلى انعكاسات سلبية على الدعاة العاملين؛ حيث إن هذه الآفة تجعل صاحبها ينصرف عن الجد والاجتهاد، والحرص والمتابعة، وتحقيق كثير من الطموحات العظام التي يسعى لها الشباب، بل وإن هذه الظاهرة التي تقود بتزايدها وتراكمها إلى اليأس والركود والضعف، وإلى ضعف الإنتاجية وعدم التفاعل مع الأنشطة والفعاليات المختلفة بل والغياب عنها لأبسط الأعذار وأقلها شأنا لديه.

الدعوة في آسيا الوسطى

      أما رئيس لجنة التعليم والدعوة – في لجنة مسلمي آسيا الوسطى د. عاطف إبراهيم رفاعي فذكر أن تراجع الهمِّ الدعوي لدى الشباب في جمهوريات آسيا الوسطى له أسباب عديدة، من أهمها:

- المحاربة الشديدة والملاحقات الأمنية للدعاة من طرف الجهات الأمنية وأعوانها.

- انشغال الدعاة بتحصيل معاشهم وتوفير القوت لأسرهم بسبب حالة الفقر وقلة الموارد، وفشل مشاريع تفريغ الدعاة.

- بروز الخلافات المنهجية وتقاطع المخالفين زهَّد الكثيرين في العمل الدعوي.

- قلة التأهيل العلمي، وضعف التدريب العملي على الدعوة.

العايش: الالتفات عن الشباب وهمومهم

  أكد رئيس مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية جهاد العايش أن هناك أسباباً عدة لتراجع الهم الدعوي لدى الشباب منها:

- انشغال الكثير من الدعاة والمربين عن الالتفات إلى الشباب وهمومهم والتحديات التي تعترضهم.

- فقد الكثير من الشباب الثقة بالكثير من الدعاة والمربين والمفترض بهم أن يكونوا قدوات لهم.

- عظم الفتن تلاحقا وتداخلا جعلت الشباب في حيرة من أمرهم.

- انهيار الكثير من المشاريع الدعوية والجهادية والإغاثية سببت الإحباط والشعور بالفشل.

- مشروع داعش وتأثيره السلبي.

- عدم الصبر على الدعوة وابتلاءاتها والخوف من تهديدات خصومها.

- الخلافات الدعوية والحزبية وفيما بين بعض المشايخ، ولاسيما ما ظهر منها وبأسلوب محموم في الإعلام ووسائل التواصل  الاجتماعي وتأثير ذلك سلبا على الأتباع وإرباكا لهم وشماتة الخصوم وفرحهم بذلك.

   

 

حلول مقترحة  

 

     وأكد العايش على مجموعة من الحلول المقترحة منها:  الانشغال في تحصيل العلم الشرعي وكل مايخدم ذلك ويساعد عليه من إحياء هذه البرامج بأنواعها وتفعيلها ودعمها.

- ممارسة الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فردياً  وجماعياً بحسب ما تقتضيه المصلحة.

- الصبر على الدعوة واحتساب الأجر؛  فقد لاقى الأنبياء والرسل وأتباعهم أشد من ذلك، فصبروا وماتوا  وهم يقبضون على الجمر، ونحن اليوم نعيش في فسحة من الأمر، وستأتي علينا أياما ندرك حينها أننا كنا نخوض ونلعب .

- لا يضرنا من سقط، وكيف سقط في زمن سيكثر فيه المتساقطون بين شبهة أو شهوة أو كليهما، لكن يعنينا من نجا, وكيف نجا?

- أن نرفق بالمدعوين وألا نحملهم ما لا يطيقون من عظيم المسائل وحدة الخلافات التي تقسي القلب وترهقه  وتصرفه عما ينفعه أو  ومواجهة  ما لا يكلف به.

- أن نحافظ على المكتسبات الدعوية ومخرجاتها، ولاسيما الشباب الواعي الثابت المدرك لما يدور حوله؛ لأن الحفاظ على الموجود أولى من البحث عن المفقود، وألا نخوض بهم معارك فاشلة سلفا، لا ناقة لنا فيها ولاجمل،  هيأها أعداؤنا ومسوغاتها  ومكانها وزمانها ابتداء وانتهاء وطبيعة خصومنا لتكون لجموعنا دعاة ومدعوين كالتنور يحرق فيه أخضرنا ويابسنا .

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك