رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.وليد عبدالوهاب الحداد 4 أغسطس، 2017 0 تعليق

تحريم الاحتكار وغلاء الأسعار


استوقفني خبر ضحكت منه كثيرا متألما، أن في بريطانيا في شهر ابريل ارتفع التضخم إلى ٣٫٥٪؛‏ فثارت ثائرة الصحافة والإعلام واجتماع مجلس العموم البريطاني؛ إذ تعد هذه النسبة مهددة لاستقرار المجتمع البريطاني اقتصاديا واجتماعيا، وكنت أرى مرات عدة تصدر تقارير عن الإدارة المركزية للإحصاء بالكويت بارتفاع التضخم تارة ٣٪‏ وتارة ٥٪‏ وما من مجيب أو مهتم! وارتفعت الأسعار بالكويت بطريقة جنونية وغير مسبوقة بعد ارتفاع أسعار النفط ولكن بعد الهبوط القياسي لأسعار النفط لم تنزل الأسعار في الكويت، والسؤال المهم لماذا ترتفع الأسعار ويزيد التضخم؟ وكيف نحد من هذا الارتفاع؟ سوف نحدد في هذه المقالة بعض الأسباب الرئيسة لارتفاع الأسعار:

- أولا: الاحتكار، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث مسلم «من احتكر فهو خاطئ»، ويقول النووي -رحمه الله- خاطئ أي عاص وآثم ولقد أجمع العلماء والفقهاء على تحريم الاحتكار إذا أضر بالمسلمين، وأدى إلى ارتفاع الأسعار عليهم، ويرى العلماء أن مال المحتكر حرام ولقد حرمت الشريعة جميع الوسائل التجارية التي تؤدي إلى الاحتكار مثل: تلقي الركب وشراء بضاعتهم قبل وصولها المدينة بقصد احتكارها، وأيضاً بيع النجش، وهو المزايدة في الأسعار بغير سبب إلا لرفع سعر السلعة، والغش وعدم الوضوح في بيان السلعة، وغيرها كثير لا تسع هذه المقالة لذكرها جميعا، وسنذكرها في موضع أخر -إن شاء الله-؛ فالاحتكار سبب رئيس لارتفاع الأسعار؛ فالمحتكر إذا لم يراقب الله، ويحكم ضميره الحي فلا رادع قانوني يمنعه من رفع الأسعار والتلاعب بها متى شاء؛ لأن المستهلك مضطر للشراء بسبب عدم توفر هذه السلعة إلا عند هذا التاجر، ولقد قام مجلس الأمة مشكورا بسن قانون المنافسة لمنع الاحتكار عام ٢٠٠٧، ولقد مر وزراء عدة في وزارة التجارة على هذا القانون ولم يطبقه أحد أو يتجرأ على ذكره خوفا من سطوة المحتكرين الذين اختطفوا القرارات الاقتصادية الحكومية لمصالحهم الخاصة، وإليكم دليلاً واضحاً: عندما كانت شركة الاتصالات وحيدة في السوق الكويتية كنا جميعا نعاني من ارتفاع الأسعار وسوء الخدمات حتى البدالة لا أحد يرد عليك، وإذا أردت أن تدفع الفاتورة فيجب أن تصف في طوابير تمتد لساعات، ولكن بعد كسر الاحتكار مشكورا من مجلس الأمة بإنشاء شركتين أخرتين للاتصالات أصبحت أسعار الاتصالات لدينا الأرخص إقليميا، وتطورت الخدمات بطريقة غير مسبوقة؛ بسبب قوة المنافسة بينهم واتصالك في البدالة يجاب من أول رنة للتلفون. ومثال آخر للاحتكار في سوق السيارات فإحدى السيارات المعروفة تباع في البلد الأم ما بين ١٠ إلى ١٥ ألف دينار وفي الكويت يبيعها الوكيل ٣٠-٤٠ ألف دينار بارتفاع فاحش لا يُصدق، وفي مجال الصيانة والخدمات؛ حيث لا توجد قطع الغيار إلا لديه فأسعار جنونية لا يصدقها عاقل، وتصليح يكلف ٣٠٠٠ دينار صيانة لديه يكلفك لدي كراج خارجي ٣٠٠ دينار، وبالطبع لا رادع له لاحتكاره، وإذا قمت بشراء سيارة من خارج الكويت بأسعار مقبولة فهو يرفض إدخالها كراجه وإصلاحها، ولكن تصور لو أن هناك ثلاثة وكلاء لهذه السيارة فسيحدث مثلما حدث تماما في الاتصالات؛ فستنخفض الأسعار، وتتطور الخدمات، والقصد أن الاحتكار سبب رئيس لارتفاع الأسعار، وهو محرم وممنوع في جميع الاقتصادات للدول الغربية والمتطورة؛ إذ إنه يمنع الابداع والجودة وحرية المنافسة، وله آثاره السلبية على الأسعار، وهو ضد مبادئ الاقتصاد الحر؛ فلذلك يجب وقف الاحتكار وتحرير السوق الكويتي ولاسيما في المواد الغذائية والاستهلاكية بوصفه بداية ثم بعد ذلك إلى القطاعات الأخرى في الاقتصاد.

التضخم في الكويت

- ثانيا: التضخم ضارب أطنابه في الكويت، ويرتفع بوتيرة سريعة، وبعض المرات يسميه الاقتصاديون التضخم الزاحف أي التضخم المستمر على مدى طويل دون توقف؛ مما أرهق كاهل المواطن والمقيم؛ فالإيجار لدور من فلة كان في ١٩٩٥، بقيمة ٣٠٠ دينار وأما الآن فتحتاج إلى ١٥٠٠-٢٠٠٠ دينار لتأجير هذا الدور، وأيضا إذا علمنا أن فردا اشترى أرضا في جنوب السرة بقيمة ٦٠ ألف دينار لـ٥٠٠ متر منذ عشرين سنة فهو الآن يشتريها بـ٦٠٠ ألف دينار، وهكذا في السيارات والمواد الغذائية وغيرها من القطاعات الاقتصادية. وهناك مشكلتان في التضخم الذي يرتفع شهرياً أن الدولة ممثلة بوزارة المالية والبنك المركزي دورهم هامشي إن لم يكن مفقوداً في مجال استخدام الأدوات المالية والنقدية وغيرها لمحاربة التضخم، الأمر الآخر وهو مهم أن رواتب الموظفين يجب أن ترتفع بطريقة موازية لنسب التضخم حتي نضمن الحياة الكريمة للمواطن، فعلي سبيل المثال شاب حديث الزواج أراد إيجار شقة في المناطق السكنية وراتبه الشهري ٩٠٠ دينار فالإيجار على الأقل ٥٠٠-٦٠٠ دينار وإذا أخذنا بالاعتبار أقساط السيارة وقرض الزواج والخادمة والمواد الغذائية والاستهلاكية التي يشتريها شهريا فهو بحاجه إلى أكثر من هذا الراتب للصرف؛ فالدولة هنا أمام أمرين أما أن تخفض التضخم فضلاً عن أن القانون كفل لوزير التجارة أن يحدد أسعار السلع الضرورية وليس بحاجه إلى إصدار قانون جديد وإما أن تقوم الدولة بزيادة الرواتب.

التضخم في أوروبا

      وعموما فإن ارتفاع التضخم في أوروبا وغيرها إذا لم يعالج يطيح بالحكومة ويأتي بغيرها. وهناك قصه جميلة بريطانية لعجوز أرادت أن تشتري سمكاً من المطاعم الشعبية المعروفة في بريطانيا fish & ships، فقال لها صاحب المطعم: إن الأسعار ارتفعت قليلا؛ فغضبت وقالت: كيف لجزيرة مثل بريطانيا محاطة بالبحار ترتفع فيها أسعار الأسماك؛ فذهبت فورا إلى البرلمان للشكوى عند العضو الذي انتخبته، ولحسن حظها استقبلها رئيس البرلمان عند الباب وسمع شكواها وقام بعرض الموضوع على البرلمان الذي منع أي زيادة في أسعار هذه المطاعم، وهي تتمتع بالأسعار المنخفضة إلى يومنا هذا. والقصد أن التضخم لابد من وقفه ومحاربته لضمان العيشة الكريمة للمواطنين وتحرك الحكومة مطلوب وأيضاً مجلس الأمة للحد من ارتفاع الأسعار حتى لا يصبح المواطن الكويتي المليونير فقيراً.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك