رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد إبراهيم منصور 7 أغسطس، 2017 0 تعليق

تحديات وعقبات في طريق المنهج الإصلاحي (2) تحديات مشروع نهضة الأمة

 

استكمالا لما بدأناه في الحديث عن التحديات التي تواجه المشروع الإصلاحي؛ حيث ذكرنا منها التحديات العالمية التي تتلخص فيما روج له بمفهوم صراع الحضارات، واليوم نتحدث عن التحديات الإقليمية والتحديات المحلية التي تواجه هذا المشروع.

ثانيًا: تحديات إقليمية:

     حين اتُّخِذ القرار بإلغاء الخلافة العثمانية عملت القوى العالمية في ذلك الوقت على إحكام القبضة على قلب العالم الإسلامي (وهو الوطن العربي)، والعمل على الحيلولة دون حدوث رد فعل يستعيد مرة أخرى التماسك الإسلامي العربي؛ فتم تقسيم المنطقة على أساس (سايكس بيكو)، وفي الوقت نفسه زرعتْ دولة غريبة في المنطقة يتم رعايتها، وتنمية قدراتها لتعمل شرطياً للمنطقة، وهي (الكيان اليهودي).

     ولما كان توسُّع هذا الشرطي يتم من خلال التطبيع الكامل، كان المنهج الإصلاحي هو الذي يحمل في طياته الممانعة الحقيقية لهذا المشروع؛ لذا كان هو المنهج المستهدَف، وبالتالي فإن هذا المشروع يحمل التحديات ويضع العقبات أمام هذا المنهج الإصلاحي؛ فيُضغط على الأنظمة ووسائل الإعلام، وتُستقطب النخبة؛ لأخذ مواقف حادة تجاه هذا المنهج الإصلاحي!

وبهذا تضم التحديات الإقليمية أربعة مشاريع تدعمها قوى داخلية وخارجية وهذه المشاريع هي:

1- مشروع المنهج الخرافي.

2- مشروع المنهج المفرغ.

3- المشروع الباطني

4- المشروع الصهيوني.

وكلها تعمل على إقصاء المنهج الإصلاحي وحصاره، لكن كل منهم له طريقته الخاصة ودوافعه.

ثالثًا: تحديات محلية:

     وأخطر هذه التحديات: الفكرة المغلوطة عن المنهج الإصلاحي؛ بسبب تاريخ المنتسبين إلى الحركة الإسلامية ومواقفهم، فلو أن أحدًا مِن خارج الحركة الإسلامية قرأ تاريخها يحدث عنده شك في وجود منهج إصلاحي حقيقي، أو -على الأقل- يحتاج إلى جهودٍ كبيرةٍ لإثبات وجود ذلك المنهج الإصلاحي، وهذه إطلالة سريعة على ما يمكن أن يراه القارئ لتاريخ الحركات الإسلامية.

نشأة الحركات الإسلامية

1- بداية نشأة الحركات الإسلامية كان في ظل الاحتلال بوصفه رد فعل لإلغاء الخلافة العثمانية وضعف البلاد العربية، وبُعد المجتمعات عن تعاليم الإسلام، وكان للنشأة في ظلال الاحتلال أثر في رسوخ أمر خطير في العقل الباطن للكثير مِن أبناء الحركة الإسلامية؛ ألا وهو: الاعتقاد أنه لا يمكن التغيير إلا مِن خلال هدم تلك المؤسسات والبناء بعدها، ومِن ثَمَّ الاستعداد للصدام معها!

وقد ظهرتْ آثار هذا الأمر في مواقف كثيرة مما رسَّخ في أذهان الكثيرين أنه مِن لوازم كل أبناء الحركة الإسلامية وفصائلها، وأنها حتى لو بدأت بالإصلاح؛ فإنها تنتهي بالسلاح!

2- في البداية كانت توجد بعض الجمعيات التي حصرت الإصلاح في بعض صوره، فتركت المجال واسعًا؛ فملأه الأستاذ (حسن البنا) الذي كانت دعوته في البداية إصلاحية عامة، تتحدث عن كل المجالات؛ مما استقطب أعدادًا كبيرة مِن الشباب المتحمس, وظلت دعوة (البنا) إصلاحية في الثلاثينيات إلى أوائل الأربعينيات؛ حيث بدأ يُظهِر علامات الثورية الصدامية حين صرَّح الشيخ (حسن البنا) في المؤتمر العام الخامس للإخوان قائلاً: «سوف نستعمل القوة حين لا يجدي غيرها!» «بالمناسبة هذه هي حجة شباب الإخوان الآن على قياداتهم؛ يقولون: هذه مقولة مؤسس الحركة، سنستعمل القوة حين لا يجدي غيرها، قالوا: ولم تُجدِ الرؤية الإصلاحية دعوية كانت أم سياسية، وذهبوا إلى أنه لا يجدي إلا القوة, ولم تجد القيادات لهم جوابًا مقنعًا!».

التنظيم الخاص

3- لنعود إلى الأربعينيات؛ حيث أعلن الشيخ (حسن البنا) هذا، وفي الوقت نفسه كان قد اكتمل تكوين (التنظيم الخاص)، الذي استدرج إلى الصدام؛ مما أدى إلى تعطيل العمل الإصلاحي، وقتل مؤسس الحركة.

العقلية الصفرية

4- بعد (ثورة يوليو)، ومع أن (جمال عبد الناصر) كان أحد المبايعين للإخوان قبْل الثورة، وعَرَض على الإخوان المشاركة في الوزارة بثلاثة وزراء، وأن يترك لهم العمل الإصلاحي المجتمعي؛ إلا أن العقلية الصفرية في الإدارة التي هي فرع عن الهدم ثم البناء؛ منعتهم مِن قبول الشراكة، حتى تحول الأمر إلى صراع صفري أدى إلى دخول الحركة الإسلامية -التي كان يمثِّلها في ذلك الوقت الإخوان- في نفق مظلم، وسجون ودماء، وتعطلت الدعوة ما يزيد عن عشرين سنة!

فكر التكفير

5- نشأ في ظل هذا الصراع الصفري والفتن المترتبة عليه، والبطش بأبناء الحركة، والظلم والقهر الذي تعرضوا له - نشأ فكر التكفير واستحلال الدماء، وفكرة حمل السلاح بطريقة أكثر دموية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك