رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: فيصل العثمان 16 سبتمبر، 2021 0 تعليق

تحت شعار: نحو تحقيق الوحدة بين مسلمي نيجيريا عبر الوسطية – مؤسسة التنوير الإسلامي تعقد ملتقى الوسطية الأول

 

تحت شعار: (نحو تحقيق الوحدة بين مسلمي نيجيريا عبر الوسطية) أقامت مؤسسة التنوير الإسلامي -في نيجيريا بمدينة إبدان، جنوب غرب نيجيريا- ملتقى الوسطية الأول في الفترة من 21 -22 من شهر أغسطس 2021م، وقد استهدفت من خلاله جمع المسلمين في نيجيريا، وتخفيف الخلاف بين الدعاة من أهل السنة وغيرهم من المسلمين تحت ظل الوسطية، ونبذ الغلو والعنف والأخذ باللين والإنصاف والاعتدال في التعامل مع بعضهم ولا سيما عند الخلاف.

     وقد استضاف الملتقى ستة محاضرين من علماء ودعاة ودكاترة من أهل السنة والاعتدال في نيجيريا، ومن أهل العلم والبصيرة في فروع الدين وأصوله ومقاصده، الذين تلقوا دراستهم إلى مرحلة الدكتوراة من الجامعات المشهود لها بالعلم والتمكن في المملكة العربية السعودية، مثل الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وجامعة الملك سعود بالرياض، وهم: الأستاذ المشارك ومنسق الدراسات العليا في جامعة ولاية (نصراوا الحكومية - كيفي)، د. (عبدالوهاب محمد جامع إيلیشن)، وكان عنوان محاضرته (الوسطية مفهومها وضوابطها)، ود. (إسماعيل أديكنلي بوصيري)، وعنوان محاضرته (محالات الوسطية في ضوء الشريعة الإسلامية)، ود. (عبد الكبير أديمولا هاشم)، وعنوان محاضرته (الوسطية وتطبيقاتها في التعامل مع المخالفين في ضوء الشريعة الإسلامية)، ود. (رفيع أديسا بلو)، وعنوان محاضرته (الوسطية في الدعوة إلى الله آثار وأبعاد في نيجيريا بلاد يوربا نموذجا)، ود. (أحمد أولايولا عبدالسلام)، وعنوان محاضرته (دور الدعاة والمؤسسات التعليمية في نشر المنهج الوسطي في نيجيريا بلاد يوربا نموذجا)، ود. (يونس بولاغادي خراشي)، وعنوان محاضرته (معوقات تحقيق الوسطية في نيجيريا).

ضيوف الملتقى

وقد استهدف الملتقى أئمة وخطباء في الجوامع، ومؤسسي المدارس ومديريها، والمؤسسات الدعوية والدعاة، والمدرسين في شتى المراحل التعليمية المختلفة في نيجيريا، وقد بلغ عددهم مائتين وخمسين مشاركا.

فعاليات ملحقة

     ومن الفعاليات الملحقة بالملتقى توزيع كتاب (فتنة التفجيرات والاغتيالات أسباب وعلاج) على الحضور من المشاركين والمحاضرين، كما تم تزويد المؤسسات التعليمية بنسخ توزع على منسوبيها، وقد لاقت هذه الفعالية قبول الحضور ورضاهم؛ نظرا لأهمية الكتاب والموضوع الذي تناوله ولا سيما باللغة الإنجليزية.

 

كلمة الافتتاح

     في البداية أثنى رئيس مؤسسة التنوير الإسلامي في نيجيريا د. مبارك زكريا الإمام على جهود جمعية إحياء التراث الإسلامي؛ لاهتمامها بنشر الوسطية والتحذير من الغلو والتطرف والانحراف الفكري مقدمًا الشكر الخاص للشيخ طارق العيسى (رئيس الجمعية) على اهتمامه الخاص بالمؤسسة، وعنايته بنشر هذا المنهج المبارك الذي يمثل حقيقة ديننا الإسلامي بسماحته ووسطيته ورحمته بالخلق جميعًا.

     ثم أكد د. مبارك أنَّ نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حذر أمته من الغلو والتطرف في الدين قائلا: «إياكم والغلو في الدين!» وقال: «هلك المتنطعون»، قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:143)، مؤكدًا أنَّ الإسلام دين ارتضاه الله -سبحانه- لعباده، وهو الطريق الوحيد الموصل إلى رضوان الله في الدنيا وجنته في الآخرة، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: 3).

الوسطية أهم خصائص الإسلام

      وبين د. مبارك أنَّ الإسلام اتصف بخصائص ومميزات كثيرة تجعله فريدًا بين الأديان، ومن أهم هذه الخصائص الوسطية، التي تعني الاعتدال والتوسط بين الغلو والجفاء، قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:143)، ونظرا لأهمية هذه الوسطية في استتباب الأمر واعتداله واستقامة الدين وسلامته وكماله، ليبقى على ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - دون زيادة أو نقص، ولما كان المجتمع النيجيري في الآونة الأخيرة يعاني اضطرابات شديدة وأزمات، سواء على الصعيد الدعوي أم الديني أم الأمني والاجتماعي، وسواء بين المسلمين أنفسهم أم بينهم وغيرهم من التنافر والتشاجر والقتال، سعينا لعقد هذا الملتقى المبارك.

توصيات ومقترحات الملتقى

وفي ختام الملتقى ألقى د. مبارك التوصيات التي اتفق عليها المحاضرون وهي كالتالي:

- الوصية بتفعيل مركز الوسطية في نيجيريا والتشغيل الفعلي له.

- تنظيم ملتقيات على هذا النحو بطريقة دورية متنقلة بين المناطق.

- توسيع دائرة ملتقى الوسطية في نيجيريا ليشمل مجالات أخرى مهمة مثل: دور الوسطية في تحقيق الأمن في نيجيريا، الوسطية والتعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم في نيجيريا.

- نشر المحاضرات التي ألقيت في الملتقى وجمعها في محلة تسمى محلة الوسطية.

- تنظيم دورات ولقاءات خاصة بكل شريحة من المستهدفين، تصمم لتناسب المهام المطلوب منهم القيام بما في نشر المنهج الوسطي في المجتمع النيجيري.

- عمل ملتقى خاص بالجمعيات الإسلامية في الساحة الدعوية في نيجيريا ليجتمعوا على ما اتفقو عليه وهو كتاب الله وسنة النبي -[.

- تنظيم لقاء دوري بين مركز الوسطية وبين خريجي الجامعات والثانوية في نهاية كل عام دراسي وقاية لهم قبل الانخراط في الساحة الدعوية.

- توظيف الوسطية للقضاء على العنصرية القبلية في نيجيريا.

- بث المحاضرات التي ألقيت في الملتقى وفي الملتقيات اللاحقة عبر الإذاعة المحلية والوسائل الاجتماعية التواصلية المختلفة.

- التوصية بتنظيم ملتقى مماثل في شمال نيجيريا وشرقها.

شكر وامتنان

     وفي ختام الملتقى قدم المشاركون شكرهم وامتناهم إلى مؤسسة التنوير الإسلامي ومركز الوسطية على عنايتها بمشكلات المجتمع وسبل تقدمه، كما قدموا عددًا من المقترحات تتفق في مجملها مع كثير من توصيات المحاضرين، وبناء على مجريات أحداث الملتقى وما ناله من إقبال جيد لدى المشاركين على اختلاف شرائحهم، فإنه قد آتى ثماره وحقق أهدافه.

قرارات مهمة

وبناء على توصيات المحاضرين وطلبات المشاركين في الملتقى فقد اتخذت مؤسسة التنوير قرارات تالية:

(1) تفعيل مركز الوسطية في نيجيريا، للقيام بأعمالها الإصلاحية في مجالات مختلفة مخططة.

(2) تعيين الدكتور مبارك زكريا الإمام مديرا متفرغا لمركز التنوير للوسطية في نيجيريا. وهو أستاذ مشارك في الجامعة الإسلامية بالنيجر ورئيس قسم التربية الإسلامية فيها إلى وقت تعيينه مديرا في مركز الوسطية.

(3) تنظيم ملتقى الوسطية الثاني في شمال نيجيريا قبل نهاية السنة الميلادية 2021 الجاري بإذن الله.

(4) عقد ثلاث ملتقيات على الأقل سنويا تستهدف شرائح مختلفة.

(5) إصدار وتدشين (محلة الوسطية) تحوي البحوث والمقالات المقدمة في ملتقيات الوسطية وتوزيعها مجانا.

(6) اتخاذ مقر خاص للمركز يتفق مع أعماله وبرامجه المختلفة.

(7) تخصيص ميزانية لتشغيل المركز وتنفيذ برامجه.

الورقة الأولى

الوسطية في الإسلام مفهومها وضوابطها

ونظرًا لأهمية الأوراق العلمية للملتقى نستعرض هذه الورقات على حلقات إن شاء الله بالفرقان، واليوم مع ورقة مقدمة

من عضو هيئة التدريس بجامعة ولاية نصروا، گیفي، نيجيريا، د. عبدالوهاب محمد جامع إبليشن، التي كانت بعنوان الوسطية في الإسلام مفهومها وضوابطها، جاء فيها ما يلي:

تحديات كبيرة

     لا شك أن شباب المسلمين اليوم يواجهم تحديات كبيرة فيما هم فيه من الدعوة واليقظة الدينية، فأصبح المسلمون وغير المسلمين على حد سواء يقيسون الإسلام بممارسات دعاة الدعوة وتصرفاتهم التي تتراوح بين اللين والشدة أحيانا، فوصف الناس الإسلام بما هو منه بريء، وفي سبيل ذلك تلصق به التهم والشبهات التي هو بريء منها، ومن ذلك: وصف أعداء الإسلام له بأنه دين العنف والإرهاب ومناوأة السلام والسلم الدوليين، وأن لديه من القيم والمناهج ما يتناقض مع ما تقرره العقول السليمة. والمنصف يعلم أن هذه التهم كلها من باب الزور والبهتان والقول بلا علم، وأنها محض ادعاءات لا توجد عليها الأدلة والبراهين.

سلسلة التكفير

     ومضت سلسلة التكفير تنتظم المجتمعات الإسلامية على أيدي هؤلاء الأحداث، فلم يبق على وجه الأرض إلا أفراد مسلمون فقط كما يزعمون وأما ما سوى هؤلاء النخبة فهم غير معصومي الدماء، وليسوا من أهل القبلة وإن اتجهوا إليها في صلواتهم وحجهم، ففي نيجيريا مثلا ولا سيما بلاد يوربا، صنف شباب الدعوة المسلمين أصنافا، وابتدعوا مصطلحات مستحدثة، ثم يسألون المسلم: (مَن مِنَ الشيوخ تسمع له)؛ فإذا ذكر المسؤول شيخًا غير شيخ السائل؛ فهو ليس بملتزم.

حركة مباركة

     ولا يخفى على الجميع ما من الله به على الأمة الإسلامية في نيجيريا وفي غيرها من الحركة المباركة، واليقظة الحية لشباب الإسلام في اتجاههم الاتجاه الذي يكمل به اتجاها سابقا، هذا الاتجاه السليم الذي هدفه الوصول إلى شريعة الله من خلال كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بدأت هذه الدعوة منذ سبعينيات القرن الماضي، وأول ما انتشرت في أوساط الطلاب المسلمين بجامعات نيجيريا بواسطة جمعية الطلبة المسلمين بنيجيريا الذين أتوا إلى مختلف جامعات نيجيريا مع تباين انتماءاتهم الأسرية والدينية؛ فأصبحت الحماسة للتمسك بالدين تطفو على مستواهم العلمي، ثم مع مجيء أبناء نيجيريا من بلاد يوربا من مختلف الدول العربية والإسلامية حاملي راية الدعوة السلفية؛ فوافق شنٌ طبقًا؛ حيث وجد الشباب بجامعات متحمسين للتمسك بالدين مع الذين قد تحملوا همة الدعوة السلفة.

وعد الله حق

     ولا شك أن هذه الدعوة وهذه اليقظة كغيرها من الصحوات الطيبة المباركة، سيقوم ضدها أعداء؛ لأن الحق كلما اشتعل نوره اشتعلت نار الباطل، ولكن وعد الله حق كما قال الله -تعالى-: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (الأنفال: 7 - 8)، وقال -تعالى-: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (يونس:82). وقال -تعالى- {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (التوبة: 32). وقال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، (غافر). ومنه قوله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (الصف: 9). فالواجب علينا اتخاذ الأسباب الملائمة والمناسبة.

أمور تضبط الدعوة الدينية

     لذا فإن هذه الدعوة الدينية المعايشة بحاجة إلى أمور تضبطها وتجعلها صحوة ناجحة نافعة للشباب وللأمة الإسلامية على حد السواء، فيجب أن تكون هذه الدعوة على أساس متين من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على فهم سلف الأمة -رضوان الله عليهم-، وإلا كانت صحوة عاصفة ربما تدمر أكثر مما تعمر.

     ولنا في قصة زيارة أبي سفيان - رضي الله عنه - إلى الشام، واجتمع بملكها وقتئذ وهو هرقل ملك الروم، وكان أبو سفيان يومئذ لم يسلم بعد، فذكر أبو سفيان ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من عبادة الله، ونبذ الأوثان، وحسن الأخلاق والمعاملة والصدق والوفاء، وغير ذلك مما جاءت به الشريعة؛ فقال هرقل لأبي سفيان: «إن كان ما تقول حقا فسيملك ما تحت قدمي هاتين». فلنعتبر بقوله هذا «إن كان ما تقول حقا فيملك ما تحت قدمي هاتين»؛ من الذي يتصور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الوقت -ولم تدن له العرب بعد بل إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يزل مهاجرا عن مكة بعد- من الذي يتصور أن ملكا مثل هرقل يقول هذه المقولة التي تحمل في طياته أن من سار على الدرب الصحيح بصدق وإخلاص وصل بإذن الله؟ فهذا الذي توقعه هرقل تحقق فعلا؛ فقد ملك النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تحت قدمي هرقل، يعني الشام بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - بدعوته لا بشخصه؛ لأن دعوته - صلى الله عليه وسلم - أتت على أرض الشام، واكتسحت الأوثان والشرك، وملكها الخلفاء الراشدون بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -، ملكوها بدعوة النبي وشريعته ووسطيته.

مبنية على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم 

     إن هذه الدعوة وهذه اليقظة التي ظاهرها خير، وسادت شباب المسلمين اليوم إذا لم تكن مبنية على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فستكون هوجاء مائلة، يخشى أن تدمر أكثر مما تعمر. والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - يتم بحرص المسلمين على تدبر كتاب الله -عز وجل-، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفق تدبر السلف. قال الله -تعالى-: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: 29). قال الشيخ ابن عثيمين: {ليدبروا آياته}، وتدبر الآيات يوصل إلى فهم المعنى، و{وليتذكر أولو الألباب}، والتذكر هو العمل بهذا القرآن، فإذا قرئت هذهبهذا التفسير بقوله -تعالى-: {فاستقم كما أمرت} (هود:112)، وقال -تعالى-: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}، {الشوری:15)، تشترط الاستقامة في تدبر آيات القرآن وتذكرها وفق منهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده، فهذا كتاب الله بين أيدينا فلنرجع إليه، ونتدبره ونعمل بما فيه وفق منهج السلف الصالح.

الانتساب إلى مذهب فقهي

     وهذا الأمر ذو شجون؛ بحيث ترى بعض الشباب يرفضون الانتساب إلى مذهب فقهي معين، وبعض هؤلاء الشباب يزعمون أن أئمة المذاهب الفقهية فرقوا الأمة، وأنهم -الشباب- يأخذون من حيث أخذوا مباشرة، وهيهات هيهات لهم ذلك بسبب قصر علمهم وفهمهم وصدق نيتهم مقارنة بهؤلاء الأئمة الأعلام، فهؤلاء الشباب فرقوا الأمة بدلا أن يحافظوا على الأقل على ما كان الأمر عليه.

الرجوع لكتب الفقهاء وأهل العلم

     فلا ينبغي التقليل من أهمية الرجوع لكتب الفقهاء وأهل العلم، بل إن الرجوع إلى كتبهم للانتفاع بها ومعرفة الطرف التي بها تستنبط الأحكام من أدلتها من الأمور التي لا يمكن أن يحقق طلب العلم إلا بالرجوع إليها، لذلك نجد أن أولئك الشباب الذين لم يتفقهوا على أيدي العلماء، نجد أن عندهم من الزلات شيئا كثيرا؛ لأنهم صاروا ينظرون بنظر أقل مما ينبغي أن ينظروا فيه، يأخذون مثلا صحيح البخاري؛ فيذهبون إلى ما فيه من الأحاديث، مع أن في الأحاديث ما هو عام ومخصص ومطلق ومقيد، وشيء منسوخ؛ لكنهم لا يهتدون إلى ذلك؛ فيحصل بذلك ضلال كبير، فمن هنا جاء هذا الملتقى من باب الشعور بالواجب للقيام بتنبيه شباب الدعوة على وسطية الإسلام وشريعته في الدعوة إليه؛ فحين نتحدث عن الوسطية لسنا نبتكر شيئًا جديدا، أو دينا جديدا، بل نذكر الشباب بأن الوسطية من خصائص هذا الدين الحنيف.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك