تأثـير الأدويــة وتداخلاتها
يؤدي تناول أدوية مختلفة التأثير في وقت واحد إلى حدوث مضاعفات قي تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة
تسبب معظم الأدوية آثاراً جانبية ضارة تؤثر على كفاءة بعض الأجهزة الأخرى في الجسم
لاتجعل نفسك طبيباً تصف الدواء لنفسك ولغيرك، ولاتتناول أدوية وصفت لغيرك
الحمد لله الذي خلق لكل داء دواء، ولكن يمكن أن يكون هذا الدواء سببا لداء آخر إذا لم يستخدم بالطريقة الصحيحة، فقد يتعاطى أو يستخدم المريض أكثر من دواء في الوقت الواحد بقصد الشفاء، ولكن بفضل تقدم علم الصيدلة في عصرنا الحاضر أمكن ملاحظة أن هذه الأدوية لها القدرة على التفاعل بصورة عكسية تختلف حدتها من دواء إلى آخر، ومن مريض إلى آخر، وهذا ما يسمى بالتداخل الدوائي، فالتداخل الدوائي هو التفاعل الحاصل بين دواءين أو أكثر عند مزجهما مع بعضهما، فقد ينجم عن هذا التفاعل فقدان في الفاعلية أو زيادة في السمية أو ظهور آثار جانبية، أو قد يتكون مركب أشد فاعلية مما لو كان كل مركب على حدة، فالتداخل الدوائي له شكلان هما: تداخل الحركة الدوائية، وتداخل المؤثرات الدوائية.
تأثير بعض الأدوية على أخرى
هناك معلومات ضرورية يجب أن يلم بها الطبيب قبل أن يصف العلاج لمريض، منها أن يعرف نوع الأدوية الأخرى التي يتناولها مريضه لدواع مختلفة، وسبب ذلك أنه قد تحدث تفاعلات بين العقاقير المختلفة التي يتناولها المريض عند تعاطيها متزامنة.
وقد يؤدي تناول أدوية مختلفة التأثير في وقت واحد إلى حدوث مضاعفات، قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة.
ويبدأ هذا التفاعل (التداخل الدوائي) بين عقارين فور خلط بعضهما ببعض، فعلى سبيل المثال، إذا خلط محلول يحتوي على الكورتيزون مع آخر يحتوي على الهيبارين، فإن كلا منهما يُضعف فاعلية الآخر مباشرة؛ ولذا لا ينصح بتعاطيهما معاً.
وهناك بعض الأمثلة المشهورة للتنافر الدوائي لدى الأطباء؛ نظرا لما سببته من مضاعفات خطيرة، بعضها أودى بحياة المرضى، ومن هذه الأمثلة ما يلي:
قد تؤثر بعض التفاعلات الدوائية، على عملية نزع سمية الدواء، والتخلص منه بإخراجه من الجسم، فمثلاً يؤدي التعاطي المستمر لدواء (الباربيتيورات) إلى كساح، ولين في العظام؛ حيث يحث (الباربيتيورات) الجسم على تكسير فيتامين (D) والتخلص منه.
ومن المعلوم أن الأدوية المدرة للبول، تزيد من إخراج الأدوية في البول، فضلاً عن زيادة إخراج الأيونات المعدنية، التي يحتاجها الجسم، ومن هذه الأمثلة، نقص البوتاسيوم الحاد، الذي ينشأ من الاستخدام المستمر للأدوية المدرة للبول.
ومن هذا المنطلق، يصير سلوكا ضارا أن يضيف المريض دواء، أو يستغني عن آخر، من دون الرجوع إلى الطبيب.
التداخلات الدوائية - الكحولية
التداخلات الدوائية مع الكحول، التي تحدث داخل جسم الإنسان، تكون ناتجة إما بسبب التدخل في معايير الحركية الدوائية، أو بآلية الفعل الدوائي، والتداخل في آلية الفعل الدوائي يحدث خللا في تأثير الدواء على الجسم سلبا أو إيجابا، بمعنى أن الأثر الدوائي قد يزداد أو يقل، مثل إحداث خلل في المستقبلات الدوائية.
والتداخلات الدوائية الكحولية التي تتضمن التدخل في معايير الحركية الدوائية تشمل التدخل في عملية امتصاص الدواء وتوزيعه، فقد يزيد الكحول من امتصاص الأدوية ويزيد من توافرها في الدم مما يسمح بظهور تأثيراتها الجانبية، واذا كان الشخص مدمنا على شرب الكحول فإن معدل استقلاب (أيض) الأدوية يتأثر بشكل كبير، ويلزم تعديل الجرعات الدوائية عند الشخص المدمن على الكحول الذي يتناول أكثر من دواء لمعالجة أكثر من حالة مرضية.
فنرى التداخلات الدوائية الكحولية تأخذ أنماطا مميزة، يمكن إجمالها في النقاط الآتية:
1– شرب الكحول اللحظي بمعنى أن شربة واحدة أو عدة مرات على مدى ساعات متفرقة يمكن أن تثبط استقلاب الأدوية، من خلال منافسة الكحول على الأنزيمات نفسها التي تحطم الأدوية التي تعطى مع الكحول في الوقت نفسه.
2– شرب الكحول المزمن يمكن أن ينشّط فعالية الأنزيمات، وهذا يؤدي إلى سرعة استقلاب الأدوية التي تتأثر بهذا التداخل، ويؤدي إلى قلة توافرها الحيوي وتقليل مفعولها الدوائي، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأنزيمات المحفزة أو المنشّطة تسرع من تحطيم الأدوية لأسابيع عدة بعد التوقف عن شرب الكحول؛ ولذلك فإن الشخص الذي توقف عن شرب الكحول حديثا يلزمه رفع جرعات الأدوية التي تتأثر بهذا التداخل مقارنة بالشخص غير المدمن.
3– قد تتحول بعض الأدوية في حالة التحفيز الأنزيمي إلى مخلفات سامة تؤذي بعض أجزاء الجسم، مثل دواء (باراسيتامول) الذي يتحول إلى مواد سامة تؤذي خلايا الكبد عندما تنشط فعالية الأنزيمات المسؤولة عن استقلابه.
4– شرب الكحول يقوي فعل مثبطات الجهاز العصبي (مثل الأدوية المنومة والمخمّدة والأدوية المخدّرة)، وقد يؤدي إلى تثبيط الجهاز التنفسي وحدوث الوفاة في حال الاكثار من الشرب بوجود مثل هذه الأدوية.
5 – ولزيادة مشكلة التداخلات الدوائية - الكحولية صعوبة، فان بعض الأدوية تؤثر على استقلاب الكحول، وبالتالي صعوبة التنبؤ بالتسمم الكحولي والآثار السلبية له في حال الشرب المفرط للكحول.
تأثير الدواء على أمراض متعددة
وإذا كان للدواء أثر شافٍ بإذن الله، على معظم الأمراض، فإنه يجب معرفة أثر الدواء الموصوف لمرض معين على مرض آخر يعانيه المريض.
فمثلاً، إذا كان هناك مريض يعاني من مرض الربو، وفي الوقت ذاته يشكو من اختلال في القلب، فلا بد من انتقاء الدواء الملائم لهذه الحالة، من بين مجموعة من الأدوية المتوافرة لعلاج الربو.
تفاعلات الدواء مع الغذاء
لوحظ أن لبعض المواد الغذائية تأثيراً كبيراً على فاعلية عديد من الأدوية. فمثلاً لوحظ أن شرب اللبن يضعف من فاعلية أدوية الروماتيزم، والتهاب المفاصل؛ وذلك لما يحتويه اللبن من عناصر معدنية، مثل: الكالسيوم، والماغنسيوم.
ويعتمد الحصول على الأثر المطلوب من الدواء، على المريض، الذي يلتزم بتناول الدواء، في المواعيد المحددة، مع اتباع النظام الغذائي الذي يقرره الطبيب.
الآثار الجانبية للدواء
تسبب معظم الأدوية آثاراً جانبية ضارة، تؤثر على كفاءة بعض الأجهزة الأخرى في جسم الإنسان. ويعرف الأطباء هذه الآثار، ويفضل معظمهم إعلام المريض بها؛ حتى لا يفاجأ بها بعد تناول الدواء. وقد درجت شركات إنتاج الأدوية على أن ترفق مع الدواء نشرة تحوي معلومات عن تركيب الدواء، ودواعي استعماله، وآثاره الجانبية؛ حتى يكون المريض على بينة من أمره عن تناوله، وفيما يلي بعض الأمثلة للآثار الجانبية وأثرها على كل جهاز:
فهناك أدوية تؤثر على الجهاز الهضمي، مثل بعض المسكنات، وأدوية السرطان والسكر، حيث تولد هذه الأدوية إحساساً بالغثيان والقيء، كما تسبب أدوية الروماتيزم نزيفاً وقرحة المعدة، أما أدوية السكر، مثل: الجلوكوفاج، الذي يقلل من كفاءة الأمعاء وقدرتها على الامتصاص، وكذا الأدوية المعالجة لارتفاع الضغط، والمضادات الحيوية، تسبب إسهالاً يصعب التحكم فيه أحياناً.
والعقاقير الشافية والأدوية المخلقة هي نعمة هدانا الله إليها ليحصل الشفاء بإذنه، بيد أنه على الرغم من أثرها الشافي، فإن لها آثارا جانبية عديدة، من الممكن تحاشيها؛ لذا ينبغي توخي الحذر الكامل عند تناول بعض الأدوية في نفس التوقيت، أو مع بعض الأدوية التي لا تتفق مع حالة المريض.
وفيما يلي بعض القواعد في استعمال الأدوية، ينبغي على كل شخص الالتزام الكامل بها، مثل:
لا تجعل نفسك طبيبا أو صيدليا، تصف الدواء لنفسك ولغيرك.
لا تتناول دواء وصف لإنسان غيرك، إلا بعد استشارة الطبيب.
إتبع جميع الإرشادات الموجودة في النشرة المرفقة مع الدواء، وحاول معرفة المزيد عن الأدوية التي تستخدمها.
التزم بالتعليمات التي أمرك بها الطبيب بشأن تعاطي الدواء. أخبر طبيبك بأي أعراض سابقة، عانيت منها، بسبب الأدوية.
يجب على المريض التخلص من الأدوية المتبقية بعد العلاج.
يجب على المريض أن يبحث عن تاريخ انتهاء صلاحية الدواء والتخص من القديم منه.
يجب على المريض أن يبلغ طبيبه فور حدوث آثار جانبية للدواء.
يجب على المريض أن يحفظ الأدوية في مكان مأمون بعيدا عن متناول الأطفال.
يجب على المريض إخطار الطبيب بوجود حساسية ضد علاج معين، حتى إن لم يسأله الطبيب.
مراعاة مواعيد تناول الأدوية وأنواع الغذاء.
تعاطي الخمر والمخدرات يؤدي إلى تداخلات خطيرة وتهديد الحياة، ويقلل من فاعلية بعض الأدوية.
يجب على المريض معرفة أن المداومة على تعاطي كميات كبيرة من بعض الأدوية مثل الأمفيتامينات والباربيتيورات قد تؤدي في حالات كثيرة إلى الإدمان؛ فلا ينبغي تناولها إلا عند الضرورة.
(*) مديرة فرع التحاليل الكيميائية والسموم - قسم المختبر الجنائي
لاتوجد تعليقات