بيان للناس
- يخاطب الله الناس كلهم، ويدلي لهم بأهم بيان يشكل حياتهم، ويضع لهم طريقا إلى السعادة الأبدية؛ فيدعوهم فيه إلى التفريق بين الحق والباطل، بين السعادة والشقاء، في غاية الصراحة والوضوح، وموجه توجيها مباشرا لكل إنسان يريد النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وأيضا حتى تقام الحجة عليه {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.
- وفي هذا البيان العظيم يدعو الله -عز وجل- الناس إلى الالتزام بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويدعوهم إلى تقواه والبعد عن الفواحش، ويحذرهم من الإصرار على الذنب، ومن الربا، ومن النار، ويدعوهم إلى الاستغفار والتوبة والإحسان والعفو، وعدم الغضب، وكظم الغيظ والإنفاق في وجوه الخير، وذكر الله -تعالى-، والنظر في عاقبة المكذبين.
- بدأ البيان بالتحذير من الربا والتمادي فيه والحث على تقوى الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(آل عمران:130)؛ لما فيه من الظلم، ويتعين عليهم -لكي يحققوا مرتبة النجاح والفلاح- ترك هذا الظلم الشديد.
- ثم دعاهم الله إلى الحذر من النار بترك الكفر والمعاصي، والإقبال على الإيمان والخير، {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (آل عمران:131)، وكذلك يجب طاعة الله ورسوله بفعل الأوامر ، واجتناب النواهي {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (آل عمران:132)، ثم حثهم على المسارعة إلى طلب المغفرة منه -سبحانه- للفوز بجنته، التي أعدها الله للمتقين، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران:133)
- ثم حثهم الله -تعالى- على الإنفاق في الشدة والرخاء، {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} (آل عمران:134)، وأيضا دعاهم إلى الصبر وكظم الغيظ، وعدم الانتقام، بل العفو عن الناس {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران:134)، والإحسان يدخل في أمور كثيرة، منها: الإحسان في عبادة الخالق، فتعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. والإحسان إلى الخّلْق، وذلك بالنصيحة وبذل الخير لهم.
- ثم دعاهم الله -عز وجل- للمبادرة إلى التوبة والاستغفار، بذكر الله -تعالى-، في حال ارتكاب المعاصي مع عدم الإصرار على العودة إليها {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران:135)، وبين الله لهم جزاء من يتصف بهذه الصفات، بأن يغفر الله لهم، ويدخلهم جناته خالدين فيها {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (آل عمران:136).
- ثم يبين الله أن هذا هو ما حصل في الأمم السابقة؛ لذا عليكم العظة والعبرة مما أصابهم ولحق بهم، {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (آل عمران:137).
- ثم يختم الله بقوله -تعالى -: {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ} (آل عمران:138)، بيان للناس فيه هداهم وموعظة لهم، إن هم اتبعوا ما أمرتهم به، وابتعدوا عما نهيتهم عنه، ثم يخص المتقين منهم بأن هذا البيان فيه هدى لهم إلى سبيل الرشاد، وموعظة بليغة واضحة، تستبين فيه الطريق الحق {وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} (آل عمران:138).
7/10/2024م
لاتوجد تعليقات