بنوا الســور ولم يبنوا الرجال
بدأت الصين في عام 221 قبل الميلاد ببناء أطول سور في التاريخ لحماية حدودها الشمالية والشمالية الغربية، واستُكمل بناؤه عام 449 قبل الميلاد، واستغرق 300 سنة لبنائه، وبلغ طوله حوالي 6400 كم، وارتفاعه 7.5 متر، ولم تكن الصين تبني سورا فقط، ولكن كان ثكنات عسكرية، وممرات سرية، ومنارات دفاعية، وبوابات ضخمة، وكان يرابط فيه حوالي مليون جندي.
والغريب أن خلال المئة عام الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات، وفي كل مرة لم تتسلق جنود العدو السور أو تخترقه، بل كانوا يدخلون من البوابات؛ وما ذاك إلا لأنهم وصلوا للحراس؛ فدفعوا لهم الرشوة فترك الحراس لهم الأبواب مُشرعة كما شاؤوا .
وهكذا إذا انتشر الفساد بين أبناء المؤسسة هوت من داخلها وبأيدى أبنائها، لقد انشغل الصينيون ثلاثة مائة عام ببناء السور ولم ينشغلوا ببناء الإنسان الذي يحرس السور.
بنوا السور ولم يبنوا الرجال
لقد انشغلوا ببناء السور ولم ينشغلوا ببناء الرجال، وبناء الرجال أصعب من بناء البنيان، وإننا متى تركنا أنفسنا وأبناءنا بغير تربية ولا توجيه فإننا نبني أجسادا ولا نبني قلوبا ورجالا، وقد يهتم أحدُنا بأن يذهب ولده للنادي أوليقوي بدنه في أي لعبة، ولكن يبخل عليه بساعات يقضيها في المسجد يحفظ القرآن ويتأدب بآداب الإسلام.
وقد يدفع أحدُنا أبناءه ليتعلموا في المدارس الأجنبية، ويهتم بتعليم اللغات والمهارات، وينسى أن بناء العقيدة وبناء الرجال خير وأبقي من بناء اللغات وتربية أبنائنا على فتات موائد أخلاق الغرب .
وقد يهتم أحدُنا بمستوى ابنه أو ابنته الدراسي ولا يسأل عن مستواه الأخلاقي والسلوكي في المجتمع، بل قد لا يسأل أحدنا نفسه أو ولده عن علاقته بربه.
نعم مع الأسف، قد لا يسأل أحدنا نفسه عن علاقته هو بربه وموقعه من الدين أهو قريب أم بعيد؟ بأي شيء يشغلك ربك وفي أي شيء يستخدمك ؟!
إن أخلاقنا وسلوكنا تؤثر على مدى قربنا من ديننا أو بُعدنا، وإن العبد ليدرك درجة الصائم القائم بحسن الخلق، وإن سوء الخلق يُفسد العمل كما يُفسد الخل العسل.
أخي الحبيب ..
ليس الشأن أن تحفظ النصوص المقدسة، ولكن الشأن أن تعمل بتلك النصوص في حياتك، ومع الأسف قلما تدخل اليوم مؤسسة حكومية إلا، وتجد الراشي والمرتشي.
أخي الحبيب ..
إننا لا نفتقد مصدر القيم و الأخلاق، ولكننا نفتقد من يعيش بتلك القيم والأخلاق، إننا نحتاج أن نحول القيم والأخلاق إلى واقع عملي نحيا به وسط الأمم لنعود خير أمة أُخرِجَت للناس.
أخي الحبيب ..
أصلح المصباح .. إذا أردت الإصلاح.عليك بإصلاح قلبك أولا، عليك بإصلاح نفسك أولا، ومن هنا يبدأ التغيير
وإذا نجحنا في تحويل النصوص إلى واقع فقد نجحنا أن يكون الإسلام لنا منهج حياة. إننا نريد أن نربي أنفسنا وأبناءنا على فهم الإسلام فهماً عميقاً وتطبيقه تطبيقاً دقيقاً
أخي الحبيب ..
اجعل من بيتك دار الأرقم أو سعد بن معاذ. اجعل من ولدك رجلا بصدق، وتعلّم كيف تربى.
مر رجل بالأعمش فقال له: تُحدث هؤلاء الصبيان؟!، فقال له الأعمش: «هؤلاء يحفظون عليك دينك».
أخي الحبيب .. اجعل من نفسك أو من ولدك رقماً في معادلة نصرة الدين، ولا تكن صفرا، لقد كان صوت القعقاع في المعركة -كما قال الصديق- خيرٌ من ألف رجل، قال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص في فتح مكة: «وجهت إليك أربعة نفر وأعلمتُك أن الرجل منهم مقام ألف رجل»، (الزبير بن العوام – المقداد بن عمرو – عبادة بن الصامت – مسلمة بن مخلد)، أما مسلمة فعند وفاة الرسول كان عنده أربعة عشر عاماً وهو بألف رجل
أخي الحبيب ..
من منا يربي ولده ليكون بألف رجل أو برجل واحد؟! أدبوا أبناءكم واجعلوا منهم رجالا، ولاتتركوهم كالأيتام.
ليس اليتم من انتهى أبواه من الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم الذي تلقى له أما تخلت وأبا مشغولا.
لاتوجد تعليقات