بمن يتأثر شبابنا؟
عندما ترى شابا يسمع ويرى ما في مواقع التواصل الاجتماعي ويعتمده على أنه من المصادر الأساسية، ولو رأى مقطع فيديو أو صورة أو استمع حديثا أو بياناً لمضار تلك السلعة أو فوائدها لأخذها ونشرها واعتمادها.
وعندما يرى الشاب من خلال متابعته لوسائل التواصل الاجتماعي المشاهير، ويأخذ معظم كلامهم، وتتولد لديه قناعة بأن هذا هو المنهج الصواب والمقاييس الحقيقية، وأن هذا ما يريده المجتمع، ولا يريد أن يكون شاذا في مجتمع تسود فيه الخلافات!
فالأصل في المسلم أن يتأثر بالقرآن والسنة وآثار الصحابة الكرام والعلماء والمصلحين، وأن يتخذ القدوات الصالحة منهم! ولكن المعايير تغيرت مع انتكاس الفطرة السليمة؛ حيث أصبحت الكثرة من المقاييس المهمة في التأثير، والناس يتبعون من له شعبية ومتابعون! وهنا منبع الخطورة.
وعلى المدى البعيد ستحدث انتكاسة وفوضى ونماذج فتاكة تردٍّ في المجتمع ما لم نتدارك أنفسنا، ونصحح هذا الخطأ الفادح، وهي مسؤولية مجتمع كامل بمؤسساته الرسمية والأهلية، ويبدو أن هناك تعمداً في تعطيل تأثر الشباب بالعلماء والقدوات، بل يتعدى الأمر ذلك إلى هجر واضح لكل ما هو مفيد من منبعه الصافي.
ربما يكون مردّ ذلك إلى الغفلة عنهم؛ حتى أصبح المعروف لدى الشباب باطلا والباطل معروفاً والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف هو المسار.
فما أحوجنا إلى التواصل مع الشباب بكل الوسائل المتاحة والمباحة!، واستخدام أفضل الأساليب في جلبهم، وانتقاء الكلمات الطيبة، فضلا عن ضرورة تبديد ما لديهم من شبهات، والإحسان إليهم والتماس المعاذير وإظهار المودة لهم؛ لنوجد مجتمعا متحاباً متآخياً، ولا نغفل عن المشاعر والأحسايس والموازنة بين العقل والعاطفة.
فالشباب في أمس الحاجة إلى من يسمع منهم ويحترمهم ويقدرهم، ويمدحهم ويثني عليهم، ويعتني بهم ويوجههم، والتواضع معهم وخفض الجناح.
ومن أهم ما يجب فعله التواصل معهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم وبيان المؤامرات التي تحاك ضدهم، واستخدام مهارات التأثير بطريقة ذكية، وإجادة التفاعل مع قضاياهم، وإخراجهم من اليأس والهزيمة النفسية التي يعانونها وإرشادهم إلى التوبة والأخذ بأيديهم إلى التفاؤل بفنون الحكمة والحنكة، وذكر سير السلف في النجاح والنصر والتوفيق.
وحسن اختيار المكان والزمان وإحسان الظن والثقة بهم، وتوعيتهم والأخذ بأيديهم للرجوع إلى منبع الصلاح والاستقامة من القرآن والسنة وبيئة المسجد وبيئة الدروس الدينية وحلقات القرآن وإشغالهم بما هو مفيد لدينهم ودنياهم، والاختلاط بهم وعدم استفزازهم أو إزعاجهم أو جعلهم في كفة بعيدة معزولة لينفرد بهم أصحاب التوجهات المعوجة.
وكل الأسباب التي ذكرت إنما هي من باب المحبة والمودة لهم والحرص عليهم، وإظهار الولاء لهم، وإننا أمة واحدة إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
نسأل الله الهداية والصلاح للجميع.
لاتوجد تعليقات