بمشاركة 33 دولة و (1000) باحث ومهتم بالعمل الخيري – مؤتمر العمل الخيري يختتم أعماله بإصدار وثيقة مكة المكرمة
اختتمت في مكة المكرمة الأسبوع الماضي فعاليات مؤتمر: (العمل الخيري، مقاصده وقواعده وتطبيقاته)، وقد نظمته كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، يومي الأول والثاني من شهر صفر للعام الهجري 1440هـ، بالشراكة مع مركز الهدى للدراسات الشرعية للعمل الخيري، وبحضور رئيس الجامعة وعدد من المهتمين في العمل الخيري.
وأفاد رئيس مجلس إدارة مركز الهدى للدراسات الشرعية للعمل الخيري عبدالله الفايز «أن الأعمال الخيرية والبرامج التطوعية عباداتٍ وطاعات وقربات متنوعة في مجالاتها متفاوتة في درجاتها، متفاضله في أجورها، لتحقق معنى العبودية لله -عز وجل-»، وبيّن أن فكرة المركز جاءت للإسهام في معالجة القضايا الكلية للعمل الخيري وتقديم الحلول والنوازل والمشكلات وفق الأصول المنهجية والمقاصد الشرعية.
مبادرة متميزة
لافتاً أن هذه المبادرة المتميزة بانعقاد هذا المؤتمر العالمي الذي تنظمه جامعة أم القرى متمثلة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالشراكة مع مركز الهدى لبنة تأصيلية ونموذج تطبيقي في تحقيق مقاصد الدين من خلال العمل الخيري، والجمع بين مراعاة الأصول والثوابت والمحكمات وبين مواكبة المستجدات والتفاعل مع النوازل ومعالجة التحديات والتزام الوسطية والاعتدال في الأعمال والممارسات.
تطور العمل الخيري
وقال أمين عام المؤتمر -عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية- الدكتور رائد العصيمي: «إن تطور العمل الخيري في واقعنا المعاصر له مؤسساته ومنظماته وأدواته ومجالاته ومصارفه، وأن هناك نوازل تقع ومستجدات تحدث؛ ولذلك كان لزاماً على الجهات الأكاديمية والمؤسسات والمراكز العلمية أن تكون مواكبة لهذه المستجدات، من أجل أن تنشر ثقافة وتبين حكماً، وتوضح أولوية».
وقد سعى المؤتمر إلى تحقيق عدد من الأهداف من أهمها: إبراز المقاصد الشرعية للعمل الخيري وقضاياه الكلية وتأصيل ذلك، والنهوض بالمسار التجديدي لفقه العمل الخيري المعاصر في ضوء المقاصد والقواعد الشرعية والأنظمة المرعية، وتعزيز ريادة المملكة العربية السعودية في العمل الخيري والإنساني.
محاور المؤتمر
وقد جاءت محاور المؤتمر معبرة عن الأهداف التي عقد من أجلها وجاءت وفق الآتي:
المحور الأول
العمل الخيري ودوره في الإصلاح المجتمعي، وتضمن: العمل الخيري والإصلاح المجتمعي (المفاهيم والتأصيل)، والعمل الخيري وأثره في الإصلاح الأسري والاجتماعي، والعمل الخيري وأثره في الإصلاح المالي والاقتصادي، والعمل الخيري وأثره في الإصلاح النفسي والتربوي، والعمل الخيري وأثره في الإصلاح الثقافي والفكري.
المحور الثاني
المقاصد الشرعية في العمل الخيري، وتضمن: المقاصد الكلية في العمل الخيري، والمقاصد الجزئية للعمل الخيري، وأثر مراعاة المقاصد في العمل الخيري، وإسهام العمل الخيري في إقامة المقاصد الشرعية، والمصلحة وعلاقتها بالعمل الخيري.
المحور الثالث
القواعد الأصولية والفقهية المنظِّمة للعمل الخيري، وتضمن: القواعد الأصولية المؤثرة في نوازل العمل الخيري، والقواعد الفقهية المتعلقة بنوازل العمل الخيري، وقواعد التفاضل في برامج العمل الخيري، وقواعد الضرورة والحاجة في العمل الخيري، وفقه المآلات وأثره في العمل الخيري.
المحور الرابع
تطبيقات العمل الخيري في ضوء قواعده ومقاصده، وتضمن: في الجانب المالي (قبول المال الخبيث، والمنح والعطاء، والتبرعات،... الخ)، في مجال الدعوة والتعليم، وفي مجال الإعلام والتسويق، وفي الجوائح وأزمنة الحاجات، ونماذج تاريخية لمراعاة مقاصد الشريعة في العمل الخيري.
المحور الخامس
دور المملكة العربية السعودية في خدمة العمل الخيري: وتضمن دور المملكة في مراعاة المقاصد الشرعية في العمل الخيري داخلياً مع ذكر نماذج، ودور المملكة في مراعاة المقاصد الشرعية في العمل الخيري خارجياً مع ذكر نماذج.
وثيقة مكة المكرمة للعمل الخيري
وقد أصدر المؤتمر وثيقة (مكة المكرمة للعمل الخيري)، بعد اتفاق عدد من العلماء وخبراء العلوم القضائية وأصولها الشرعية على حزمة من المبادئ والأسس المنظمة للعمل الخيري التي تستهدف تعزيزِ دورِ العمل الخيريِّ في تحقيق مقاصدِ الدِّينِ العُظمَى، والإسهامِ في بناء المجتمعات الإنسانيَّة وَفْقَ منهجيَّةٍ علمية مواكِبةٍ لواقعِ العصر ومستجداته.
أصولِ ومنطلقاتِ شَّرعية
وأوضح عضو اللجنة المنظمة للمؤتمر -رئيس قسم الشريعة بالجامعة- الدكتور خالد الجريسي أن الوثيقة تَرتَكِزُ على عدد مِن الأصولِ والمنطلقاتِ الشَّرعية، وعلى ضرورة تشجيعِ البحث العلميِّ في تحريرِ الرُؤَى الشَّرعيةِ والتأصيلية المتعلِّقةِ بمجالِ عملِ كلِّ مؤسسةٍ، وربطِها بمقاصد الدِّين وغاياتِهِ وكلِّياتِهِ ومبادئِهِ، وبناءِ أهدافِ المؤسَّسةِ الخيرية وَفْقَ مخرجاتِ الدراسات الشرعيَّةِ ولوازمِها ومتطلَّباتها، والعناية بالأصول والثَّوابت والمحكَّمات الشَّرعيَّةِ ذاتِ العلاقةِ بأهدافِ كلِّ مؤسسة وبرامجِها التنفيذيَّة، ومراعاةِ ذلك في التنظيرِ والتَّطبيقِ، وفي الوسائلِ والغايات.
الأخلاقِ والقيمِ الإسلامية
وأفاد أن الوثيقة تسعى إلى العناية ببناءِ الأخلاقِ والقيمِ الإسلامية لدى الشُّركاء والعاملِينَ والمستفيدينَ من المؤسَّسةِ وَفْقَ منهجيَّةٍ علميةٍ شرعيَّة، وتفعيلِ الجوانبِ القيميَّةِ من خلال البرامج والمشروعات العمليَّة، والحِرصُ على حمايةِ العمل الخيري أفرادًا ومؤسساتٍ مِن تداعيات الانحرافِ الفكريِّ والأخلاقي، والعنايةُ بتحقيقِ الإصلاح المجتمعيِّ من خلال القطاع الخيريِّ في مجالاتِهِ الحياتيَّةِ وَفْقَ رؤيةٍ شرعيةٍ شموليَّةٍ.
ضبطُ ممارساتِ العملِ الخيريِّ
وأكد رئيس قسم الشريعة أن الوثيقة لها دور في ضبط ممارساتِ العملِ الخيريِّ وآلياتِهِ التنفيذية بالمبادِئِ والأصولِ والأحكامِ الشَّرعيَّةِ المحقِّقةِ للتوازُنِ والعدلِ والشَّفافية والمصداقيَّة، وأهمِّيةُ مواكبةِ مستجداتِ الواقعِ، واستشرافِ المستقبلِ، ودراسةِ النَّوازلِ المتعلقةِ بمجالات القطاع الخيريِّ وَفْقَ مقاصدِ الدِّينِ وكلِّياتِهِ، وتكييفِ الأعمالِ بموجَبها، وتكوينُ لجانٍ شرعيةٍ مرجعيةٍ تَحتكمُ إليها المؤسَّسةُ في تحقيقِ المقاصدِ وضبطِ الأعمال والممارساتِ.
ثماني توصيات علمية
إلى ذلك، أوْصَى المشاركون في مؤتمر العمل الخيري الدولي بجامعة أم القرى، بثماني توصيات علمية في بيانهم الختامي، وقال أمين عام المؤتمر -عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية- د. رائد العصيمي: إن المشاركين أوصوا بتعميم تجربةِ المملكةِ في العملِ الخيريِّ، وذلكَ عن طريقِ الإعلامِ والمطبوعاتِ والمؤتمراتِ والندواتِ ونحوِ ذلك، ممَّا يُساعدُ في نشرِ ثقافةِ العملِ الخيريِّ وترسيخِهِ، وضمان المقررات الدِّراسية في المراحل المختلفةِ بعضَ المفرداتِ العلميةِ المتعلقةِ بالعمل الخيريّ؛ بحيثُ تُرَكِّزُ على بيانِ مفهومِهِ ومجالاتِهِ ودورِهِ التَنْمَوِيِّ في مجالات الحياةِ، وأن تتبنَّى المؤسَّساتُ التَّعليميةُ تطبيقاتٍ عمليةً في العمل الخيريِّ ضِمْنَ الخططِ والأنشطةِ السَّنويةِ لديها.
إنشاءُ مراكزِ أبحاث
ودعت التوصيات إلى إنشاء مراكزِ أبحاثٍ وكراسِي علميةٍ وبيوتِ خبرةٍ لإثراءِ العملِ الخيريِّ بالبحوثِ الشَّرعيَّةِ والدراساتِ التَّأصيليَّةِ والاحتياجاتِ المعرفيَّةِ اللَّازمةِ في بناءِ العملِ الخيريِّ على أُسُسٍ علميَّةٍ وَفْقَ مقاصدِ الشريعة الإسلامية، وتكوين لجنةٍ شرعيَّةٍ في كلِّ مؤسَّسة خيرية تتولَّى دراسةَ الاحتياجاتِ وتشخيصَها واقتراحَ أولياتِ الاستثمار الأمثلِ للعمل الخيريّ، وتقديمَ الحلولِ المناسبة لمشكلاتِ العمل الخيريِّ وعقباتِهِ، والتَّثقيفَ الفقهيَّ للعاملِينَ، ومراقبةَ أنشطةِ المؤسَّسة وتوجيهَها وَفْقَ القواعدِ والمقاصدِ الشرعية.
إنشاء مجلَّة علمية
كما نادت التوصيات بإنشاء مجلَّةٍ علميةٍ دوريةٍ لدراسةِ نوازلِ العملِ الخيريّ، تُشرفُ عليها كليَّةُ الشَّريعة والدِّراسات الإسلامية بجامعةِ أمِّ القرى، وإطلاق مبادرةٍ بِتَكْوِينِ (اللجنةُ العلميَّةُ للعملِ الخيريّ) بالشَّراكة بين كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى ومركزِ الهُدَى لدراسةِ القضايا الكلّيّةِ والنَّوازلِ والمعاييرِ والضَّوابطِ المتعلِّقة بأنشطة المنظماتِ الخيريّة.
دراسةِ العمل الخيريّ
كما دعت التوصيات الجهاتِ الأكاديميَّة إلى دراسةِ العمل الخيريّ مِن جميعِ جهاتِهِ عن طريق رسائلِ الماجستير والدكتوراه والأبحاثِ العلمية والمؤسَّساتِ الخيريَّة إلى العمل بمضمونِ (وثيقة أمِّ القرى للعمل الخيريّ) الصَّادرةِ عن هذا المؤتمر للإسهامِ في تحقيقِ مقاصد الدِّينِ العُظمَى وَفْقَ منهجيَّةٍ علميةٍ تُواكِبُ متطلباتِ العصرِ ومستجداتِهِ، فضلا عن تقديم دبلومات ودورات تدريبية وتعليمية للعاملين في القطاع الخيري وتنظيم مؤتمر سنوي بجامعة أم القرى لدراسة قضايا العمل الخيري ونوازله.
لاتوجد تعليقات