بكاء الأنصار (1-2)
- لا توجد علاقة إنسانية في التاريخ أقوى من العلاقة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - والأنصار -رضي الله عنهم-؛ فهم الذين بادروا لبناء هذه العلاقة الوثيقة بالذهاب إلى مكة ولقاء النبي -صلى الله عليه وسلم - والتعاهد معه على نصرة الدين والدعوة، ثم احتضنوه والمهاجرين في أرضهم بالمدينة لاحقا، وبذلوا المهج العزيزة ومعها الغالي والنفيس لهذا الدين الجديد؛ فبادلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الشعور والإحساس والامتنان ذاته.
- ففي العام 11 للبعثة في الحج كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على القبائل، فالتقى - صلى الله عليه وسلم - بستة من الأنصار، فهداهم الله وآمنوا بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبايعوه. وفي 12 للبعثة أتى وفد جديد من المدينة، بلغ عددهم 12 فردا فكانت بيعة العقبة الأولى، وفي 13 للبعثة، قدِمَ 73 أنصاريا للحج، فبايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكانت العقبة الثانية.
- وبعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة آخى بينهم وبين المهاجرين؛ فصاروا جسدا واحدا لبناء الأمة؛ مما هيأ لبداية قوية في الدعوة والجهاد. وفي السنة 2هـ وقعت غزوات عدة، خرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمهاجرين ويساندهم الأنصار في موقعة بدر الأولى، وبدر الكبرى، ثم غزوة بني قينقاع ضد اليهود.
- وكان للأنصار موقف مشهود في نصرة الدين حين شَاوَرَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه حِينَ بَلَغَهُ إقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ لغزوة بدر،.. فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ - رضي الله عنه - متحدثا عن الأنصار، فَقالَ: «إيَّانَا تُرِيدُ يا رَسولَ اللهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لو أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا البَحْرَ لأَخَضْنَاهَا، ولو أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إلى بَرْكِ الغِمَادِ لَفَعَلْنَا».
- وفي 3 هـ حصلت غزوات عدة منها غزوة بني سليم وغطفان وأحد وغيرها. وفي 4 هـ كان جلاء بني النضير من اليهود، ووقعت غزوة ذات الرقاع. وفي 5 هـ وقعت غزوات الخندق وبني قريظة وغزوة بني المصطلق بالمريسيع، وتوفي سيد الأنصار سعد بن معاذ - رضي الله عنه - شهيدًا. وكَانَتِ الأنْصَارُ يَومَ الخَنْدَقِ تَقُولُ: «نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا... علَى الجِهَادِ ما حَيِينَا أبَدَا» فَأَجَابَهُمْ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ... فأكْرِمِ الأنْصَارَ والمُهَاجِرَهْ».
- وفي 6 هـ حصلت بيعة الرضوان وغزوة الحديبية التي كانت تمهيدًا لفتح مكة، وفي 7 هـ كان فتح خيبر، كما كانت فيها عمرة القضاء، التي كانت من نتائج صلح الحديبية.
- قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ» وقال - صلى الله عليه وسلم -: « لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصَارِ، ولو سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الأنْصَارِ».
15/7/2024م
لاتوجد تعليقات