رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 1 نوفمبر، 2015 0 تعليق

بقــاء الأســد.. بين الضغط الروسي والدبلوماسية السعودية

بات واضحا أن شيفرة حل الأزمة السورية أصبح محصورًا في بقاء الأسد من عدمه، ورغم اتفاق جميع الأطراف المعنية بالأزمة على التأكيد على إيجاد حل سياسي لها، لكن هناك نقطة خلاف جوهرية، وهي مصير الأسد والدور الذي يمكن أن يؤديه خلال المرحلة الانتقالية، ورغم الليونة التي أبدتها أخيرا كل من تركيا والسعودية وقبولهما باستمرار الأسد بلعب دور ما ولفترة معينة خلال المرحلة الانتقالية، لا يزال هناك بون شاسع بين موقفي البلدين وروسيا التي ترى أن الأسد هو رئيس شرعي للبلاد، وأن وجوده الدائم شرط أساس لحل تلك الأزمة.

توافق سعودي أمريكي

     وقد جاء موقف المملكة العربية السعودية متوافقًا مع الإدارة الأمريكية في رغبة الطرفين في خروج الأسد من منظومة الحل السياسي للأزمة؛ حيث صرح (جون كيري) وزير الخارجية الأمريكي أن الجانبين أشارا إلى أهمية تعبئة المجتمع الدولي لدعم هذا الهدف وجددا التأكيد على ضرورة فترة انتقالية بعيدًا عن الأسد، ومضى قائلا: «تعهدنا بمواصلة الدعم للمعارضة السورية المعتدلة وتكثيفه مع سلوك المسار السياسي».

     كما تعهد الطرفان بتكثيف دعم ما تُطلقان عليه (المعارضة السورية المعتدلة)، ومواصلة السعي للتوصل إلى حل سياسي للصراع في سوريا، وجاء هذا التعهد عقب اجتماع وزير الخارجية الأمريكي مع العاهل السعودي الملك سلمان ومسؤولين آخرين في السعودية، ونقلت وكالة (فرانس برس) عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية (جون كيري) قوله: إن الجانبين أعربا عن الدعم لهدف «دولة موحدة وتعددية ومستقرة لكل السوريين».

توافق سعودي مصري

     كذلك أكد سامح شكري، وزير الخارجية المصري خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده ونظيره السعودي عادل الجبير أن موقف مصر والمملكة العربية السعودية متطابق فيما يتعلق بالأزمة السورية، مشيرًا إلى وجود تنسيق وثيق بين البلدين حيال الأزمة السورية، لافتا إلى أن البلدين يستهدفان تحقيق النتائج نفسها وبالأسلوب نفسه الذي يحقق الاستقرار.

لم يكن هناك خلاف سابق

كما أكد شكري أنه لم يكن هناك في السابق تباين بين مصر والسعودية حيال الأزمة السورية، وليس هناك الآن اختلاف، وموقف البلدين والتنسيق وثيق فيما يتعلق بالقضية السورية، ونستهدف تحقيق النتائج نفسها وبالأسلوب نفسه الذي يحقق الاستقرار.

بشار ليس جزءاً من الحل

     ومن جانبه قال وزير الخارجية السعودي: إننا ملتزمون بتطبيق اتفاقية مبادئ (جنيف-1) عن طريق تأسيس هيئة انتقالية للحكم في سوريا تقوم بالإعداد لوضع دستور جديد يدير المؤسسات المالية والعسكرية، ويحضر لعقد الانتخابات؛ بحيث لا يكون لبشار الأسد أي دور في المستقبل بسوريا، وهذا هو موقف المملكة العربية السعودية وموقف معظم دول العالم.

     وأعرب (الجبير) عن اعتقاده بخصوص الحل النهائي فإن الجميع يرغب في أن تكون سوريا بلداً موحداً يعيش فيه جميع الطوائف بمساواة، وتكون خالية من أية قوات أجنبية، مضيفا «وهذا هو ما نريده لسوريا، ونريد الأمن والاستقرار لسوريا وللشعب السوري الشقيق» .

تقارب المواقف

     وأشار (الجبير) إلى أن المفاوضات والمباحثات الآن قائمة على كيفية تطبيق هذه الرؤية والمبادئ على أرض الواقع، معبرًا عن اعتقاده بأن هناك بعض التقدم الذي حدث، وتقارب في المواقف التي تستهدف إيجاد حل للأزمة السورية؛ ثم أضاف أنهم يحتاجون إلى المزيد من المشاورات والمباحثات للوصول إلى نقطة يتفق عليها جميع الأطراف.

وشدد الجبير على أن الموقف المصري تجاه سوريا يتطابق مع الموقف السعودي، مؤكدا أن الجميع يريد أن تكون هناك عملية في سوريا للحفاظ على المواقع المدنية والعسكرية، وكلنا نريد أن يتمكن الشعب السوري من أن يحقق مصيره في المستقبل.

زيارة غامضة

     وفي خضم هذه الأحداث فاجأ الأسد الجميع بزيارة غامضة إلى العاصمة الروسية موسكو، وقد سارع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) إلى الاتصال مع عدد من زعماء الدول العربية والأجنبية المعنية مباشرة بالأزمة السورية لإطلاعهم على فحوى اللقاء القصير الذي جمعه بالأسد.

مناورة أم مبادرة

     مبادرة بوتين عقب الزيارة بالاتصال بكل من الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان)، والعاهلين السعودي (سلمان بن عبد العزيز) والأردني (عبد الله الثاني)، والرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي)، وإعلان موسكو أن بوتين تناول مع هؤلاء الزعماء الأزمة السورية ونتائج زيارة الأسد لموسكو، تشي أن هناك جهدًا روسيًا باتجاه إيجاد حل سياسي للأزمة السورية؛ حيث أكد بوتين في مستهل اللقاء أن روسيا «مستعدة للمساهمة بقوة ليس فقط في محاربة الإرهاب بسوريا، بل وفي العملية السياسية»، مؤكداً أن «موقف روسيا من الأحداث في سوريا ينطلق من أن الحل طويل الأمد في سوريا؛ وممكن أن يتحقق فقط عبر الحوار السياسي» حسبما أعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية.

     تأتي هذه المبادرة المزعومة في الوقت الذي لا تزال فيه روسيا مستمرة في حملة قصف جوي عنيف تشنها المقاتلات الروسية في وسط سوريا وشمالها ضد المعارضة السورية، لكن النتائج على الأرض تبدو متواضعة؛ حيث لم تحقق تلك القوات انتصارات ملموسة على أرض الواقع ولم تتم استعادة السيطرة على مساحات من المناطق التي يسيطر عليها المجاهدون.

المأزق الروسي

     ولا شك أن التحرك الروسي الذي جاء بعد أيام قليلة من إعلان رئيس الوزراء الروسي (ديمتري ميدفديف) أنه لابد من مناقشة القضايا السياسية بين روسيا والولايات المتحدة تحديداً، وبين جميع الدول المعنية بإحلال السلام في المنطقة وفي سوريا، بما يخدم بروز سلطة طبيعية هناك، يوحي أن الإدارة الروسية تعيش أزمة ما، ولاسيما أن الضربات التي تشنها رغم كثافتها وضرواتها إلا أنها لم تحقق شيئًا على أرض الواقع، وهذه الفرضية تضعنا أمام مجموعة من التساؤلات وهي: هل بدأت موسكو تحصد ثمن تدخلها العسكري في سوريا؟، وهل يمكنها أن تفرض حلا سياسيا للأزمة السورية وفق رؤيتها على باقي الأطراف؟

وهل مصير الأسد لا يزال يمثل العقدة المستعصية في مسار هذا الحل الذي تحاول روسيا فرضه؟

إجابة واحدة

     هذه الأسئلة وغيرها لها إجابة واحدة وهي أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، وأن أي مراوغات لن تساهم في حل الأزمة السورية التي تجاوزت الخمس سنوات، والذي يجب أن تدركه موسكو أن ضمان مصالحها في سوريا هو بيد الشعب وليس بيد شخص واحد، فالوصول إلى تسوية سياسية يقبل بها الشعب السوري المناضل هو المسلك الذي يجب أن يكون النافذة من أجل الحفاظ على المصالح، وعلى المجتمع الدولي التمسك بمبادئ (جنيف 1)؛ لأن بشار لم ولن يكون ضمانة لأية مصالح لأية دولة، فمن رمى بشعبه إلى التهلكة لا يمكنه أن يحافظ على عهوده ومواثيقه. وحده الشعب السوري القادر على الحفاظ على المصالح المشتركة التي تربطه بالدول الشقيقة والصديقة وعلى الجميع وضع حقوق الشعب السوري فوق كل اعتبار.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك