رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: علاء بكر 25 مارس، 2021 0 تعليق

بـــدع المقــابر وانتهاك حرمة الموتى

ترتبط نظرة الإنسان إلى الموت والموتى بعقيدته المتعلقة باليوم الآخِر، ومن هنا؛ فإن المسلم يستمد نظرته إلى الموت مِن خلال الإيمان باليوم الآخر كما ورد في الكتاب والسُّنة، وفي ضوء أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بذلك، وعندما يغيب هذا المعيار- الكتاب والسنة- يحدث الخلل والمخالفة في التعامل مع الموتى كما رأيناه مؤخراً في الكويت من الدعاء عند القبور والتمسح بها.

فالحياة تمر عند المسلم بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: حياة الإنسان الدنيوية على ظهر الأرض

مِن ميلاده إلى وفاته، وهي الحياة التي نعرفها ونعيشها وتعودنا عليها، وصبغنا فكرنا وفهمنا وتصوراتنا بها، فهي ليست غريبة علينا.

المرحلة الثانية: حياة الإنسان في القبر في باطن الأرض

      من بعد دفنه بعد الموت إلى بعثه يوم القيامة للحساب والجزاء، وهي حياة لها مواصفات أخرى تختلف تمامًا عن مقاييسنا في الدنيا، فقد نظن أن الميت في سكون دائم، لا يتعرض لأي أحداث، وقد نظن أنه إن تحلل وصار ترابًا فقد انتهى وصار أشبه بالعدم، والحقيقة غير ذلك؛ إذ إن في القبر حياة أخرى أخبرنا الشرع ببعض مواصفاتها مما لا نستطيع إدراكها بعقولنا، أو رؤيتها بعيوننا، أو سماعها بآذاننا؛ ففي الحديث المرفوع: «لَوْلَا أَلَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» (رواه مسلم)، والميت يأتيه ملكان فيسألانه، والقبر قد يكون روضة مِن رياض الجنة ينعم فيها الميت، وقد تكون حفرة مِن حفر النيران -والعياذ بالله- يعذَّب فيها الميت، فالقبر مدخل للآخرة وجزء منها، بل هو بدايتها، فليس القبر بالمثوى الأخير للإنسان، لكن القبر برزخ يمر بعده الإنسان إلى حياته الأخرى التي هي حياته الأبدية.

المرحلة الثالثة: حياة الإنسان الأبدية في الجنة أو النار 

      وهي حياة أيضًا ليست كحياتنا في الدنيا؛ إذ لها مواصفات أخرى فوق تصورنا، ففي الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفي النار عذاب دائم لا يطاق، ولكن لا موت، فيأتي الموت مع العذاب مِن كل مكان، ولو كان في الدنيا لمات به الإنسان، لكنه في الحياة الآخرة لا يموت به؛ فهي حياة لا يموت فيها المرء ولا يحيا، قال الله -تعالى-: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} (فاطر:36)، وقال -تعالى-: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى. الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى. ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} (الأعلى:11-13). والمراد بيان اختلاف حياة الإنسان على ظهر الأرض، وحياته بعد الدفن في باطن الأرض، وحياته بعد البعث في الجنة أو النار، ولا تقاس حياة منها على أخرى، فلكل منها تفاصيلها الخاصة بها، وما غاب عنا منها وورد الشرع به نؤمن به ونعمل بمقتضاه، وندع التفكر في كيفيته إلى أن نلقاه.

أمور تميز المسلم عن غيره

ومِن خلال الإيمان باليوم الآخر وأهمية هذا الإيمان، فإن هناك أمورًا لها رهبة -أو ينبغي أن تكون لها رهبة- في حياة المسلم، بل هي تميز المسلم عن غير المسلم في النظرة لها، فمنها:

(1) رهبة لحظة الموت

     فهو مدخل لمنازل الآخرة، قال الله -تعالى-: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} (الأنعام:93)، وفي الحديث المرفوع: «إِذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي، قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا، أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ» (رواه البخاري)، وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّت به جنازة فقام -أي: وقف لها-، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا»؟ (متفق عليه)، وفي رواية عند البيهقي: «إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ»، وكذا لمسلم من وجه آخر.

     قال الشوكاني -رحمه الله-: «قال القرطبي: معناه: أن الموت يفزع. قال البيضاوي: وهو مصدر جرى مجرى الوصف للمبالغة أو فيه تقدير، أي: الموت ذو فزع، ويؤيد ذلك: ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: «إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا». واختلاف العلماء في حكم القيام للجنازة: هل هو واجب أم منسوخ أم مندوب لا ينافي بقاء حكمة ذلك، وهو تذكر الموت وفزعه.

(2) رهبة القبر

     ففيه حياة البرزخية، لا تخلو مِن نعيم أو عذاب وإن كان بكيفية لا نعرفها، قال -تعالى-: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا)، أي: في القبر (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر:45-46). وفي الحديث المرفوع: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» (متفق عليه).

(3) احترام الموتى

      فهم ليسوا جمادًا ولا أصنامًا، وهم ينعمون أو يعذبون، لكنهم في حياة لا ندرك حقيقتها إلا في حدود ما أخبرنا الشرع به؛ ولهذا فمما لا يليق في التعامل مع المقابر: ترك الميت فلا يدفن، أو أن ينبش قبره بعد الدفن بلا حاجة معتبرة تستدعي ذلك، أو أن يكسر عظمه أو يهتك ستره أو يسرق كفنه.

(4) دعاء الموتى والتبرك بهم

     مِن أشنع المخالفات عند القبور ما يفعله كثير من العوام والمتصوفة مِن توجيه العبادات لأصحاب القبور ممن يظنون فيهم الولاية والصلاح؛ حيث يكثر هؤلاء مِن التردد على أضرحة الصالحين والأولياء وعلى المساجد المقامة على أضرحتهم في مواسم وموالد وأزمنة لكل منها، وفي غيرها؛ حيث يتوجهون لهذه القبور بالدعاء والتوسل الشركي بهم والنذر والذبح لهم، والتبرك بالأضرحة والقباب والمشاهد، وهم في ذلك كله يعتقدون في قدرة هؤلاء الموتى على جلب النفع لهم، وتحقيق مطالبهم، وإشفاء مريضهم، ودفع الضر عنهم، ونحو ذلك مما لا يملكه إلا الله -تعالى- وحده، وكل هذه أمور تعبدية لا يجوز صرفها لغير الله -سبحاته-؛ فهو المستحق للعبادة وحده دون سواه، وفاعلها ممن يشركون بالله -عز وجل- الشرك الأكبر المخرج مِن دائرة الإسلام.

     وفي الحديث الذي رواه الترمذي وصححه عن أبي واقد الليثي قال: خَرَجَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم  - قِبَلَ حُنَيْنٍ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا هَذِهِ ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لِلْكُفَّارِ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، وَكَانَ الْكُفَّارُ يَنُوطُونَ سِلَاحَهُمْ بِسِدْرَةٍ، وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً} (الأعراف:138)، إِنَّكُمْ تَرْكَبُونَ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

النهي عن بناء المساجد على قبور

     وفي النهي عن بناء المساجد على قبور الصالحين، جاء في الصحيح عن عائشة أن أم سلمة ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية، فذكرت له ما رأت فيها من الصور، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ» (متفق عليه).

دعاء غير الله -تعالى

     وقال -تعالى- في شأن دعاء غير الله -تعالى-: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (الجن:18)، وقال -تعالى-: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ. وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (الأحقاف:5-6)، وقال -تعالى-: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ. إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (فاطر:13 -14)، وقال -تعالى-: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (يونس:106)، وفي الحديث المرفوع: «مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» (رواه البخاري).

التوسل الشركي

وقال -تعالى- في شأن التوسل الشركي: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (الإسراء:56-57).

النذر عبادة

     وقال -تعالى- في كون النذر عبادة يتقرب بها لله -تعالى-: {ثم ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج:29)، وقال -تعالى-: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} (الإنسان:7)، وفي الحديث: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ -اسم لمكان- فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟»، قَالُوا: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وفي كون النحر والذبح عبادة لا تكون إلا لله وحده، قال -تعالى-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر:2).

الغلو في الصالحين

     ولا يخفى أن الغلو في الصالحين هو عين ما كان عليه أهل الشرك وعُبَّاد الأصنام مِن قوم نوح -عليه السلام- إلى مشركي مكة، ففي شأن قوم نوح ورد في الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (نوح:23)، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عُبدت، أما كفار مكة فقالوا في شأن الأصنام التي كانوا يعبدونها كما حكى الله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر:3).

وخلاصة الأمر: أن زيارة القبور؛ إما أن تكون زيارة شرعية، أو زيارة بدعية، أو زيارة شركية.

الزيارة الشرعية للقبور

المقصود منها: السلام على الميت، والدعاء له، وطلب المغفرة له، وفيها تذكر الآخرة وذكر الموت، وهي مستحبة، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر زيارة القبور، ويعلِّم أصحابه كيفية الزيارة والسلام والدعاء للموتى.

الزيارة البدعية للقبور

     هي الزيارة التي يصحبها الإتيان بأعمال أو أقوال محرمة، وتكون وسيلة وذريعة إلى الغلو في الموتى ممَّن يظن فيهم الصلاح: كإقامة الموالد عند أضرحتهم، والتوسل بذواتهم أو جاههم، أو الصلاة عندها، أو البناء عليها، إلى غير ذلك مِن مظاهر الغلو، وهي زيارة محرمة، وهي ذريعة إلى الغلو في الصالحين من الموتى، ومخالفة لهديه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضي الله عنهم- في زيارة القبور.

الزيارة الشركية للقبور

     هي الزيارة التي تتضمن أفعالًا أو أقوالًا كفرية: كدعاء الصالحين من المقبورين والاستغاثة بهم، وطلب الحوائج الدنيوية والأخروية منهم، والذبح والنذر لهم، والطواف حولهم، وتعلق القلب بهم خوفًا وطمعًا ورجاءً، واعتقاد قدرتهم على جلب النفع أو دفع الضر وإجابة الدعاء، وهي من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام -والعياذ بالله تعالى.

الناس تجاه أهل الصلاح

والناس في معاملة مَن يظنون فيهم الصلاح على ثلاثة أقسام:

- أهل جفاء: وهم مَن يهضمون حقوق الصالحين، ولا يقومون بحقهم من الحب والموالاة والاحترام.

- أهل غلو: وهم مَن يرفعون الصالحين فوق منزلتهم التي أنزلهم الله إياها، ويجاوزون الحد المشروع في احترامهم وتبجليهم.

- أهل الحق: وهم الذين يحبون الصالحين ويوالونهم ويقومون بحقوقهم، ولكنهم لا يغالون فيهم.

      ومبنى ذلك على الخلط بين حقين: حق خاص لله -تعالى-، وهو عبادته وحده لا شريك له، وحق خاص بالصالحين، وفي مقدمتهم: الرسل والأنبياء وهو تبجيلهم واحترامهم وموالاتهم دون الغلو فيهم، وسبب الغلو هو: إعطاء الحقوق الخاصة بالله -تعالى- لغيره مِن الرسل والأنبياء أو الصالحين.

أبرز مظاهر الغلو في الصالحين

     وأبرز مظاهر الغلو في الصالحين، بل والوقوع في الشركيات نراها في الموالد التي تُقام حول أضرحة الصالحين، وهذه الموالد بدعية لم تعرف في قرون الخيرية ولم تكن من فعل السلف الصالح، وفي هذه الموالد يكون إنفاق الأموال الكثيرة؛ فتقام السرادقات الكبيرة، وتوقد الأنوار الكثيرة، وتقدم أنواع من الحلوى والمأكولات، والمشروبات على جموع الناس، ويتنافس الأغنياء والوجهاء بما لا يخلو من رياء وسمعة، ويجتمع المحتفلون ومعهم آلات غناء، وتُقام حلقات ذكر جماعي على طريقة المتصوفة، فيعم الضجيج والصياح والغناء لساعاتٍ وساعاتٍ، وينشغلون بذلك عن واجبات للدين وسننه، بل شأنهم تقديم ذلك عليها.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك