رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 21 فبراير، 2022 0 تعليق

بعد 30 عامًا قضاها في خدمة العمل الخيري – صقر شمس الدين التركيت في ذمة الله

 

بعد ثلاثين عامًا قضاها في العمل الخيري في لجنة زكاة العديلية، تميز خلالها بالجد والنشاط والحرص على خدمة المسلمين ونفعهم، توفي الأخ الفاضل صقر شمس الدين صالح التركيت فجر يوم الثلاثاء 14 من رجب 1443، الموافق 15 فبراير 2022، عن عمر يناهز64 عامًا، بعد ثلاثين عاماً قضاها في الدعوة والعمل الخيري، وقد كان -رحمه الله- عضو هيئة تدريب في قسم الهندسة الكيميائية - كلية الدراسات التكنولوجية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.

كان خير أب وخير معلم لي

     في البداية عبر ابنه عبد الوهاب عن مشاعره تجاه رحيل والده فقال: والدي وصديقي ورفيق الدرب ومعلمي وأستاذي، أبي صقر شمس الدين التركيت -الله يرحمه-، كان خير أب وخير معلم لي، حرص على تعليمي الدين من صغري، وحرص على تعليمي القيم والمبادئ والأخلاق والتعامل مع الناس، فكان يأخذني من يدي إلى الدواوين، وإلى مجالس الذكر من يوم أن كنت صغيرا، وكان يحرص على أن أترك اللعب لأكون معه، ويقول: «هذا ينفعك لما تكبر والحين أنت ما تدري الحين تشوف الشيء ممل ولكن راح يفيدك في العمر في التعامل مع الناس»، وكان يحرص أن أكون بجواره عندما كان يتعامل مع الناس، كيف كان يجلس؟ كيف كان يأكل؟ كيف كان يتكلم مع الناس؟ متى كان يصمت؟ حرص على تعليمي هذه الأشياء منذ أن كنت صغيرًا، ودائما كان يأخذني معه في المناسبات وصلة الرحم والأعراس والعزائم والمقبرة وكل مكان، وكان يتعمد فعل الخير أمامي بغرض تعليمي؛ لكي يكون قدوة لي دائما، وكان أي شيء يفعله يقف بعده ويعلمني لماذا فعل ذلك؟ وما فائدة هذا الشي والهدف منه؟

ساندني في دراستي

     وأضاف عبد الوهاب، وقد ساندني –رحمه الله- في دراستي، ووقف معي حتى أصبحت متفوقا في مراحلي الدراسية، وحرص على تعليمي في الخارج حتى اختار أفضل وظيفة تناسبني، وعلمني كيف أتعامل حتى في العمل، وعلمني مخافة الله في كل شيء، ولو تكلمت كثيرًا لا أستطيع أن أوفيه حقه، وقد أخذني معه لأداء الحج في أخر سنة لي في الثانوية، وكان يدري أن طموحي أن أدرس في الخارج، وخاف أن أشغل في دراستي خارج الكويت وما أستطيع الحج، وكان أسلوبه في التعليم الترغيب وليس الترهيب -رحمه الله.

     وقف معي في كل شيء، ودائما يصوبني إذا أخطأت ويعلمني، وكان يثني علي إذا رأى مني أي عمل خير ويمدحني لتعزيزي وتقويتي والحمد لله ما قصر معي في الجانب التربوي ولا الجانب الديني ولا الجانب العلمي ولا الجانب المادي، في مختلف مجالات الحياة كان معي والدا وصديقا ورفيقا في الدرب، الله يرحمه برحمته.

كان نعم الأب ونعم الزوج

     وتعبيرًا عن مشاعرها تجاه الراحل –رحمه الله- تحدثت زوجته قائلةً: كان أبو عبدالوهاب –رحمه الله- نعم الأب ونعم الزوج، وكان حنونًا رحيمًا وصديقًا حبيبًا لأولاده، مخلصًا لجيرانه، يطبق سنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - بالمعاملة وحسن الجيرة طيبًا بشوشًا، هينًا لينًا ساعيًا لإسعاد أهل بيته جميعًا قدر ما يستطيع، والكل شهد له بالخير حتى العمال الذين يعملون في الحي شهدوا بحنانه وعطفه عليهم، وكان –رحمه الله- يعيل أسرة متعففة من سنوات عديدة أكثر من 10 سنوات حتى دخوله المستشفى.

حرصه على الطاعات

     وأضافت زوجته: كان –رحمه الله- يختم القرآن كل 5 أيام، ويداوم على النوافل صيام الأيام البيض والاثنين والخميس، ويحث اصحابه وأهل بيته بذلك ويحرص عليهم، وكان حريصا على صلة الرحم وإجابة الدعوة للمناسبات، ويحث أهل بيته على ذلك، كما كان كثير النصح لأقربائه وأصحابه ولاسيما عند دخول رمضان، فيسجل بصوته بعض النصائح ويبعثها للأقرباء بفضل صوم رمضان والعمل فيه والأشهر الحرم ، حتى عند ذهابه إلى الشاليه أو الزيارات العائلية، كما أنه كان حريصًا على الارتباط بالمسجد ارتباطا دائما، ويحرص جدا على أن يؤذن في بعض الأوقات.

كان حريصًا على الصدقة

     وكان –رحمه الله- حريصًا على الصدقة؛ فكان يحمل رزمة من النقود بفئة الربع والنصف دينار حتى يتصدق بها كل يوم وهو في الشارع وأي مكان يذهب إليه، وكان يعطي رجل أمن المواقف في كل مرة عند محاسبته للمواقف قطع الحلوى والعصير مع عبارات جميلة وابتسامة عريضة والثناء عليه.

تعامله مع أبنائه وأحفاده

     وعن تعامله مع أبنائه قالت أم عبدالوهاب: كان –رحمه الله- كريما في نصائحه لأبنائه، وحريصا على احترامهم لمعلميهم، وكان يقول: “التربية قبل التعليم”، وكان أسلوبه يميل دائمًا إلى التغافل، ولا يعرف شيئا اسمه الغيبة والنميمة بحياته، وهو الأب الذي لم يتكاسل عن توصيل أبنائه الخمسة من مرحلة الابتدائي إلى الجامعة ذهابًا وإيابًا على الرغم من اختلاف مراحلهم ومدارسهم وأوقاتهم، كما حرص على إلحاقهم بمراكز حفظ القرآن الكريم منذ الصغر.

وقد ربى أبناءه الخمسة على حب العلم والاجتهاد حتى تخرجوا وحملوا شهادات عالية، فمنهم مهندس ميكانيكي، ودكتورة طب عائلة، وأخصائية علاج طبيعي، وعلوم ومعلومات، وتصميم آلي.

     أما عن أحفاده ففي كل أسبوع يزور فيها الأحفاد مع أسرهم يقوم بتوزيع النقود والهدايا عليهم، وكان من طبعه أنه يحب جميع أطفال العائلة، سواء من عائلة الزوجة أم عائلته، والكل يشهد له بذلك، وهو في أشد مرضه كان يخفي آلامه ويبتسم في وجوههم، رغم الألم والتعب حرصًا على مشاعرهم، ودائما على لسانه كلمة (الحمد لله).

رفيع الخلق مخلص في عمله

     وقد نعاه معالي وزير التربية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس مجلس إدارة الهيئة د. فهد المضف، ومدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بالإنابة د. جاسم الأنصاري وكافة منتسبي الهيئة داعين له بالرحمة والمغفرة.

كان نعم الأخ في دينه والتزامه

     أما وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فريد عمادي فقال عنه: الأخ صقر بو عبد الوهاب -رحمه الله- وأسكنه الفردوس الأعلى عرفته منذ أكثر من 35 عاما، وكان نعم الأخ في دينه والتزامه، محافظا على السنة، حريصًا على طلب العلم الشرعي وحضور الدروس والمحاضرات، وقد قضينا معه أياما جميلة، أسأل الله -سبحانه وتعالى- ان يعلي منازله ويجمعنا به في دار كرامته

من السباقين في العمل الدعوي والخيري

     قال عنه مقرر الهيئة الإدارية لفرع العديلية ورئيس الهيئة السابق محمد فهد براك الخميس: رحم الله أخانا أبا عبد الوهـاب صقر شمس الدين، فقد خدم لجنة زكاة العديلية قرابة ٣٠ عاما؛ حيث التحق بالعمل الدعوي والخيري منذ الثمانينيات، وكان من أنشط الإخوة العاملين في اللجنة، وكان حريصًا على حضور يوم بحث الحالات، وفي حال تأخره أو عدم استطاعته الحضور يبلغ أحد الاخوة بالحضور مكانه، وكذلك كان شديدا في الحق، وكنا نحول له الحالات الصعبة لدراستها وكذلك كان له بعض أسر الأيتام يساعدهـا بصفة شخصية، ويتابع أحوالهـا.

كان عمله بلا مقابل

     وقد رُشح لرئاسة مكتب اللجنة، وكان يعتذر في كل مره ويقول: البركة في باقي الإخوة، ولم يكن حريصا على المناصب بقدر حرصه على مساعدة الأيتام والأسر الضعيفة والمرضي وأصحاب الحاجات، مستذكرا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهـد في سبيل الله»، وكان عمله باللجنة بلا مقابل إلا الأجر والمثوبة من رب العالمين.

من السباقين في العمل الدعوي

     وأضاف الخميس، وكذلك كان من السباقين في العمل الدعوي مع الشباب في بداية الثمانينيات أو أواخر السبعينيات وكان حريصا على طلب العلم والاستفسار من المشايخ عن بعض المسائل، والتعقيب بعد الدرس وحضور دروس الشباب والمخيم والشاليه في منطقة العديلية وشباب الروضة وكان من الإخوة المرحين ولا يمل من مجلسه، فرحم الله أخانا الغالي علينا جميعًا، وكان ذلك واضحاً أيام مرضه وسؤال الشباب عنه في كل وقت والدعاء له، نسأل الله أن يتقبله ويسكنه فسيح جناته.

حريص على النصيحة خفيا في الطاعة

     قال عنه الشيخ فيصل جاسم العثمان: رحم الله أخانا الفاضل صقر شمس الدين التركيت فقد رافقته في سفرات الحج والعمرة، ووجدته رجلاً متزنًا، حريصا على الطاعة محبا لإخوانه، وكان لديه حس دعوى، سريع الدمعة من خشية الله - نحسبه والله حسيبه- ففي عرفات كانت دموعه تسيل وهو يدعو الله -تعالى-، وكان رقيقا في عبارته رفيقًا في تعامله، ومما تميز به -رحمه الله- نشاطه المميز في لجنة زكاة العديلية ولاسيما في إعانة الأسر المحتاجة، وكان -رحمه الله- حريصا على النصيحة مرحا ومنفتحا على إخوانه وصاحب طرفة وممازحة وفق الضوابط الشرعية.

ذكريات جميلة

     أما عضو لجنة الدعوة والإرشاد-فرع الروضه وليد المرهون بوعمر فقال عنه: ذكريات جميلة جمعتني مع أخى العزيز صقر شمس الدين (بوعبدالوهاب) -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- منذ الثمانينيات، وقد تميز باللباقة، وكانت الابتسامة لا تفارقه، بشوش ومحبوب من الجميع، وله قبول عند الشباب، وكان حريصا على متابعة الحج والعمرة، وكنا نسافر معه، وكان مولعًا بالرحلات البرية ولاسيما في المملكه العربية السعودية؛ فهو يعشق حياة البر بصفائها وجوها وهدوئها، وفى ذلك الوقت كان يعمل عضوا في لجنة زكاة العديلية متطوعا وباحثا اجتماعيا للحالات المحتاجة، وكان موقع اللجنة في ذلك الوقت في مسجد ضاحية العديلية، وبعد تجديده وبنائه أصبح اسمه مسجد الراشد، وكان إمامه في ذلك الوقت الشيخ: أحمد العصفور وخطيب الجمعة شيخنا الفاضل: فريد عمادى أبو قتيبة، وكنا نحضر للدرس الأسبوعى فى بيت والد الشيخ: فريد عمادى (بوقتيبة)، وبعدها انتقلنا إلى ديوان الشيخ: أحمد العصفور، وبعد التحرير انتقلنا مع بعض إلى ديوان المرحوم بإذن الله الشيخ: غازى بن هبله بوفهد فى منطقة الروضة حتى وفاته.

حريص على الأنشطة الدعوية

     وكان -رحمه الله- حريصا على حضور الدروس والمشاركة بالأنشطة الدعوية وكان صاحب سنة وورع ومبغضا للبدعة والمبتدعين، وملتزما بمنهج السلف الصالح وكبار العلماء وكان يصلى -رحمه الله- في ذلك الوقت بمسجد الربيعان فى السرة القريب من بيته قبل انتقاله إلى منطقة السلام فى جنوب السرة، وكان له بعض الخواطر يلقيها فى المسجد في بعض الأحيان تطوعا، والعجيب أنه كان في بعض الأحيان يعتلى المنبر في حال عدم حضور الخطيب وبدافع المسؤولية الدعوية دون تكليف، وكذلك يحدثني الشيخ: عبدالرحمن الحسينان بوفهد (إمام وخطيب مسجد السرة) أنه كان كثير الجلوس فى المسجد، وله ورد من القرآن وانه مرة سأله كم مرة تختم فى الشهر؟ فلم يرد عليه، وبعد إلحاح أخبره سرا حتى لايضيع أجره بأنه يختم ختمة واحدة فى الأسبوع يعني أربع ختمات فى الشهر -رحمه الله- وغفر له ووسع مدخله، ولقد كان حريصا على صيام الاثنين والخميس، فنسأل الله له الرحمة والمغفرة.

موقف مؤثر

     أما الأخ عبد المحسن العيسى فقال: المواقف مع أبي عبدالوهاب أخينا صقر -رحمه الله- كثيرة، ولكن مما أذكره جيدًا من تلك المواقف -وكان له أثر كبير في نفسي- حين التقيته في إحدى رحلات الحج ويوم عرفه قبل الغروب كان الناس جميعًأ مشغولين بالدعاء، فلاحظت أنَّ أبا عبدالوهاب منفرد في ناحية ويدعو بتأثر شديد، ودموعه تنهمر على لحيته، فتأثرت كثيرًا من هذا المشهد، وأسأل الله أن تكون هذه الدمعات منجية له، وأن يكون ممن بكى من خشية الله، فرحمه الله وغفر له.

ختمة كل أسبوع

     وقال عنه عبدالرحمن الحسينان (إمام وخطيب في منطقة السرة): إن صقر التركيت -رحمه الله- له مجال في الدعوة والورع والتقى، ودائما أجده في المسجد، ويقرأ في القرآن، وكنت أحاول أسأله كم يختم فكان يرفض الإجابة عن ذلك إلا أن أبلغني مرة وقال هذه لا تخبر بها أحدا، فقال إني أختم القرآن مرة كل أسبوع، أي 4 مرات في الشهر.

الرجل الصالح المبتسم دائم العطاء

      وقال عنه د. يعقوب اللوغاني: رحم الله العم الغالي صقر شمس الدين التركيت، الرجل الصالح المبتسم، دائم العطاء في لجنة العديلية، وصاحب الخُلق الرائع مع أهل بيته وأبنائه والمعلم الحبيب لزملائه وطلبته، كان يختم ختمة تلاوة كل يوم خميس، واليوم هو في كنف أرحم الراحمين، نحسبه والله حسيبه، ولا نزكي على الله أحداً، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

نصوح مخلص دقيق في عمله

     وعنه قال رئيس لجنة البحث الاجتماعي في لجنة زكاة العديلية عبد اللطيف طالب العبدالجليل: تميز أخونا الفاضل أبو عبدالوهاب -رحمه الله- بأنه كان من الإخوة الذين ينصحون في الله ولله، وأحسبه كان مخلصا في ذلك، وهذه كانت من أهم صفاته، وكان دقيقًا جدا في عمله ولا سيما في بحث الحالات التي كانت ترد إلى اللجنة، يتحرى الحلال والحرام في شؤونه كلها، فكان يدرس الحالات بدقة وشفافية، ولم يكن يحب الظهور بل حريص على إخفاء عمله، فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

     وعنه قال د.سليمان شمس الدين العميد السابق لكلية الدراسات التكنولوجية: أخونا صقر شمس الدين التركيت، أعرفه معرفة الأخوة والصحبة وزمالة العمل الوظيفي في كلية الدراسات التكنولوجية منذ أكثر من ثلاثين عاما؛ فكان -رحمه الله- نعم الأخ والصاحب، رفيع الخلق حلو المعشر، مخلصا في عمله، دائم الوجود في مكتبه، كريما في استقباله لمن عرف ومن لم يعرف، أحبه كل من التقى به، وأنس به كل من جالسه، شعلة في عمله، يسعى لحوائج الطلاب دون تذمر وطلبات الأساتذة دون تأخر، ويعلم الله أنني أحببته من أعماق قلبي، ومثلي إخوة في القسم والكلية كثيرون، ودمعت عيناي حزنا عليه لفقدانه وانتقاله إلى ربه، وإني أكتب هذه السطور بحقه، وهي لا تفي بما حباه الله من طيبة القلب وبشاشة الوجه ورفعة الخلق، نسأل الله له الفردوس في جنته، ولأهله الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك