رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 3 نوفمبر، 2014 0 تعليق

بعد نتائج الانتخابات التونسية- هل تخلت حركة النهضة عن مرجعيتها الإسلامية؟

أوضح د. عبد الفتاح مورو - نائب رئيس حركة النهضة - رؤية الحركة وكيف قرأ الأوضاع السياسية داخليًّا وإقليميًّا ودوليًّا بعد أحداث 3 يوليو في مصر: يقول مورو: لقد نجحنا في تأجيل قرار إبعادنا يقصد عن الساحة السياسية سنة ونصف، وأقنعنا الداخل والخارج أننا طرف يستحق أن يحاور وأن يكون موجودًا.

     بمثل تلك الكلمات لخص د. مورو استراتيجية الحزب، وهو البقاء في الساحة السياسية بوصفه طرفا فقط، وأن يتم السماح له بالبقاء ولا يتم إقصاؤه، لذلك فهو يثمن ما حصل عليه الحزب من أصوات؛ لأنه يتماهى مع سياسة واستراتيجيته الحزب؛ فهل استفادت الحركة من التجربة القاسية للإخوان في مصر ؟ أم أيقنت بفضل ثورات الربيع العربي المزعوم؟!

     لا شك أن الحقيقة التي وعاها مورو ورفاقه أن الثورات لا تنجح أبدًا دون رضا إقليمي ودولي، وأن الدولة العميقة متجذرة في مؤسسات الدولة، ويصعب اقتلاعها، وكانت الأحداث في مصر البرهان الذي غيَّر استراتيجية حركة النهضة لترجع خطوات إلى الخلف وتقبل بتكوين حكومة ترويكا، وتتنازل عن إدارة الحكومة، وتعلن عدم دخولها سباق الرئاسة بمرشح عنها، أدركت حركة النهضة أن موجة السياسة الإقليمية والدولية موجهة لاقتلاع المشروع الإسلامي في كل دول الربيع العربي، فأصبح هدف النهضة أن ترفع شعار: «نحن طرف نستحق أن نبقى», فقط البقاء وتحيُّن الفرص لحين استقرار أجواء الحرية والعودة بعد ذلك إلى أجواء المنافسة بقوة.

النخلي عن عباءة الإخوان، وقد عدت صحيفة (تليجراف) البريطانية حزب (حركة النهضة) التونسي يساوره القلق من تشبيهه بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهو ما دفع الحزب إلى إعلان عزمه عدم الترشح للانتخابات الرئاسية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد أن أطاح الجيش بالرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي لجماعه الإخوان المسلمين، حرص الحزب التونسي على الابتعاد عن الانتخابات الرئاسية لئلا يوضع في مقارنة مع الإخوان في مصر.

وتابعت الصحيفة بالقول: «وستظل نتائج الانتخابات التونسية امتحانًا لتصميم النهضة، ولاسيما أنها أكدت أهمية حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل الأحزاب، لحل مشكلات تونس الملحة وإصلاح الاقتصاد والجهاز الأمني».

وفي سياق متصل، عدت الصحيفة (حركة النهضة) أنها أنقذت الديمقراطية في تونس؛ حيث إن الحزب الذي هيمن علي الحياة السياسية فيما بعد ثورة عام 2011 والإطاحة بزين العابدين بن علي، اعترف بهزيمته أمام حزب علماني.

وتشير الصحيفة إلى أن حزب النهضة، الذي نبع من داخل حركة الإخوان المسلمين، وتبنى أجندة سياسية معتدلة، قدم تهانيه لحزب نداء تونس، على فوزه في الانتخابات في عملية انتخابية غير مسبوقة في العالم العربي.

     وأظهرت النتائج النهائية تفوق حزب نداء تونس على النهضة، فيما تراجعت بقية الأحزاب، وتفيد الصحيفة بأن حزب النهضة هو آخر الأحزاب الإسلامية التي نجت من الاضطرابات، التي عاشتها الدول العربية في مرحلة ما بعد (الربيع العربي)، واختار لعبة التنازلات على المواجهة مع منافسيه من الأحزاب العلمانية واليسارية.

     وأضافت أن النهضة فقد جزءًا من شعبيته بعد فشله في السيطرة على العناصر المتطرفة، ومقتل ناشطين يساريين معروفين في العام الماضي، كما قتل أيضا عدد من رجال الشرطة في هجمات متفرقة، وسافر إلى سوريا عدد كبير من الشبان التونسيين أكبر من أية دولة؛ حيث انضموا إلى الجماعات القتالية هناك، ولاسيما المتشددة.

وخلصت (تليجراف) إلى أن اعتراف حركة النهضة بارتكاب أخطاء قام بتأكيد موقف الأحزاب المعارضة منها، ولكنها في الوقت نفسه أنقذت عملية التحول الديمقراطي في تونس من الانهيار.

تنازل أم مرواغة

     وبمقارنة بسيطة بين الموقف الحالي لحزب النهضة التونسي ولا سيما زعيمه راشد الغنوشي ومقارنته بموقفه السابق من أحداث الجزائر يتساءل المرء عن دوافع هذه الأحزاب لمواقفها ومرجعيتها، ففي خطابه الشهير في خضم أحداث الجزائر وصف راشد الغنوشي الشيخ محفوظ نحناح رئيس حركة حماس الإسلامية، بعدو الشعب وبالأحمق الذي راهن على الحصان الخاسر ثم قال إن نحناح اصطف في معسكر أعداء الحرية، أعداء الشعب والديمقراطية والإسلام، فكان نموذجا للحمق، ويختم الغنوشي هجومه على نحناح بتشبيه تحالفه مع السلطة كتحالف قبائل (الزولو) في جنوب إفريقيا مع النظام العنصري ضد نيلسون مانديلا.

      ولننظر إلى موقفه الحالي لنتبين طبيعة موقف حركة النهضة الذي صرح في أكثر من موقف عن انسحابه طواعية من المواجهة التي يظن أنها خاسرة؛ حيث قال : إن السلطة بالنسبة لحركته ليست غايةً؛ لأن «غايتنا هي أن تكون تونس حرة»، مشيرًا إلى أن انسحاب الحركة من السلطة جاء بعدما رأوا أن الحرية في خطر، «ولاسيما بعد الأحداث في مصر»، من أجل الحفاظ على الحرية في تونس، وأضاف الغنوشي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» : لقد خضنا معارك كبيرة من أجل أن يتواصل مناخ الحرية في تونس، وقدّمنا تنازلات آخرُها هو خروجُنا من الحكومة؛ لأن الحرية أغلى من الحكومة، وتابع:» في بلدان أخرى تمسّكت الحركات المنتخبة ديمقراطيا بالسلطة وانتهى الأمر بأن سقط السقفُ على رؤوس الجميع».

      واستطرد الغنوشي: نحن قلنا: «من أجل عيون تونس ومن أجل بقاء الحريّة التي جاءت بها الثورةُ سننسحبُ من السلطة، وأردف قائلاً: عندما رأينا أن الحرية في خطر ولاسيما بعد الانقلاب المصري العنيف، انسحبنا حفاظا على الحرية في تونس السلطة بالنسبة لنا ليست غاية؛ً لأن غايتنا هي أن تكون تونس حرة وأن نجلس مثل جلستنا هذه، وتابع: النموذج المصري أراد البعض تسويقه في تونس وتصور أن ذلك ممكن، وهو ما يفسر أن قطاعات من المعارضة رحبت بالانقلاب في مصر وعدته ثورة، وتأمل البعض نقله إلى تونس، لكن بعد ظهور نتائج الحال المصرية بدأ الناس يستبشعون المشهد وراجعوا موقفهم منه وفضلوا الطرائق السلمية لتغيير الحكومة في تونس واضطرت المعارضة للتبرؤ منه.

من هنا يبقى التساؤل: هل فشلت ثورات الربيع العربي المزعوم؟ أم فشل الإسلاميون في الاستفادة منها في أن يكونوا على رأس السلطة في البلدان التي قامت فيها؟ فلماذا قامت إذًا تلك الثورات؟! ولماذا شارك فيها الإسلاميون؟ معادلة شديدة التعقيد نسأل الله أن يجنب الأمة الفتن ما ظهر منها وما بطن؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك