رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: حاتم محمد عبد القادر 19 سبتمبر، 2011 0 تعليق

بعد مليونية تصحيح المسار المصرية- التيار الإسلامي هو الفائز الوحيد

 

لم تكن جمعة تصحيح المسار التي دعت إليها القوى الليبرالية في مصر بتاريخ 9/9/2011 سوى مؤامرة استهدفت النيل من أمن مصر والمصريين، ولا نبالغ القول إذا قلنا: إنها كانت تمهيداً لطريق أكبر وهو خلخلة المنطقة كلها.

       من ناحية أخرى فقد كشفت هذه القوى الليبرالية عن حجم وجودها الحقيقي في الشارع المصري، وأنهم لم يتعدوا سوى أفراد قليلة ومن النخب التي تتصدر شاشات الفضائيات وبعض الصحف التي تنطق بأهوائهم، فقد شاهدت ميدان التحرير قبيل صلاة الجمعة يومها ولم يكن ممتلئاً على الإطلاق بالصورة التي توقعها الكثيرون، على عكس الجمع التي شارك فيها التيار الإسلامي من قبل ولاسيما السلفيون.

       و لما كنت مراقباً للأحداث في المساء و انكشف الوجه الحقيقي لهذه المليونية التي ظهرت بها عناصر غريبة ومريبة لا تدل وجوهها على أي انتماء فعلي، سواء لوطن أم لدين، فقد تصدر المشهد مجموعة من البلطجية وممن يطلقون عليهم «الأتراس» أو مشجعي كرة القدم، وكان المشهد مخزياً، للدرجة التي معها أحرج الليبراليون أنفسهم وقالوا بأن من قاموا بأحداث الاعتداء على مقر السفارة الإسرائيلية واقتحام مديرية أمن الجيزة وبعض أقسام الشرطة مندسون ولا علاقة لهم بمليونية مسار التصحيح التي دعت إليها القوى الليبرالية وعلى رأسها الجمعية الوطنية للتغيير التي يتزعمها د.محمد البرادعي.

       وفي هذا الإطار أذكر بتصريحات أطلقها الصحفي الليبرالي والمهاجم العنيف لكل ما هو إسلامي عبدالحليم قنديل حيث قال: «إن التيار الإسلامي أخذ موقفا خاطئا بعدم المشاركة في جمعة تصحيح المسار، مضيفا «كان عليهم أن يأخذوا العبرة والعظة من موقفهم السابق من الثورة، فبعدما نجحت الثورة خرجوا وأكدوا أنهم من الداعين إليها على الرغم أنهم ليسوا من القوى التي دعت للثورة».

       وطالب قنديل الإخوان المسلمين بتصحيح موقفهم، معتبرا أنه في حالة عدم مشاركتهم في تحركات الشعب في تلك الفترة، يمثل ذلك «نكوصا عن نصرة الشعب المصري والثورة»، مضيفًا أنه يؤيد كل تحرك منظم وليس عشوائياً يحقق مطالب الثورة ويعمل علي تلبية مطالبها.

       هذه هي تصريحات قنديل الذي توسل بمشاركة التيار الإسلامي؛ لأن الجميع يعلم مدى قوة الإسلاميين وأكثريتهم وأن الليبراليين كانوا يتوهون وسط الأعداد الكبيرة للإسلاميين والشعب المصري المتدين بفطرته، ويحب كل ما هو إسلامي وليس له علاقة بدعوات ومصطلحات وأجندات لا تخدم إلا مصالح أصحابها فقط من قلة الشعب ممن أطلقوا على أنفسهم ليبراليين.

       فقد انكشف عدد القوى الليبرالية في مصر وتم تعريتهم من قبل جمعة تصحيح المسار التي دعوا إليها و المليونية التي لم تكتمل، هذا بخلاف الأحداث المؤسفة التي تبرؤوا منها وأعلنوا أن من قام بها فئات مندسة عليهم، وهو المنطق ذاته الذي كان يتبعه النظام السابق الذي ثاروا عليه.. فهل هذا معقول؟!

       ثم ولكل صاحب عقل وبصيرة نكتب، هل المخطط والتحريضات التي أطلقها الضابط المصري المتقاعد عمر عفيفي من أمريكا باحتلال المنشآت الحيوية والمرافق في مصر والتربص برجال الشرطة والجيش وانتشرت وبدا تنفيذ المخطط.. هل كان ذلك من قبل مندسين أو من فلول الحزب الوطني والنظام السابق؟

       نقول: الحمد لله فقد كان قراراً حكيماً بعدم مشاركة الإسلاميين في هذه المليونية لقياس حجم القوى الليبرالية في مصر التي ظهرت على حقيقتها ومدى ضعفهم ووجودهم الهش.

       وعلى الرغم من تهليل بعض الصحف وأجهزة الإعلام لهذه المليونية والترويج لنجاحها، إلا أن الموقف انقلب على عقبيه بحلول الغروب وبدء الانتشار من ميدان التحرير للتوجه إلى وزارة الداخلية ومقر السفارة الإسرائيلية وكذلك اقتحام مديرية أمن الجيزة ومهاجمة مقار بعض أقسام الشرطة، ولابد أن نذكر هنا أن السلفيين هم من قاموا بإنقاذ قسم شرطة المنتزه بمحافظة الاسكندرية وحمايته من قبل اعتداء مجموعة من البلطجية عليه.

       وهنا يجب أن نشير إلى المليونيات التي كان يشارك فيها التيار الإسلامي على اختلاف مشاربهم، ورغم الاختلاف المنهجي بين هذه الجماعات، إلا أننا وجدنا تدفقاً غزيراً وكان الناس يأتون من كل حدب وصوب، وكانت السيارات والحافلات تملأ الأماكن المحيطة بميدان التحرير بالقاهرة، وكذلك مختلف ميادين مصر، وكانت الرسالة الأقوى والدلالة الواضحة أن الناس في مصر في أغلبيتها الكاسحة على عقيدة التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، فالجميع متعلق قلبه بحب الله ورسوله[، وأنه ليس هناك مكان للتغريب والدعوات الهدامة في قلوبهم.

       أظن أنه لا مجال للتعليق على أحداث جمعة تصحيح المسار في مصر، فقد تابعها العالم أجمع وكتب ما كتب، ولولا أن «الفرقان» كانت ماثلة للطبع وقت الأحداث لتمكنا من كتابة تقرير وافٍ عن الأحداث، ولكن الملحوظة التي أردنا تسجيلها هي أن التيار الإسلامي هو الفائز الوحيد حتى اللحظة، وهو الذي يلتف الناس حوله ويلبون نداءه في أي وقت، فقد ثبت بالدليل القاطع حب الناس لدينهم وشريعتهم وأنهم ينبذون كل الدعوات التغريبية من ليبرالية وعلمانية وشيوعية.. إلخ فقد انكشف زيف هذه الدعوات رغم الحرب المستمرة على التيارات الدينية و لاسيما السلف الذين ظهرت قوتهم في الشارع المصري ومدى تعلق الناس بهم وتأثرهم بدعوتهم، وهو ما يزيد من الحرب عليهم يوماُ بعد آخر ولاسيما من التيار العلماني وصحفه.

       أذكر هنا أنه قبل هذه المليونية بحوالي عشرة أيام هاجمت بشدة جريدة الفجر المصرية العلمانية الدعوة السلفية متهمة دعاتها الذين تطلق عليهم الوهابين أنهم حولوا دعوتهم من حركة عقائدية طامحة لفتح العالم «المشرك» إلى مؤسسة دينية تابعة للدولة السعودية هدفها نشر مفهوم الطاعة والإذعان للحاكم بوصفه واجباً دينياً لا يجوز مخالفته.

       هذا فضلاً عن هجوم شديد على نظام المملكة العربية السعودية التي تطبق الشريعة الإسلامية، ومثل هذا الهجوم لن نعلق عليه، فليس مستغرباً من مثل هذه الجريدة ورئيس تحريرها عادل حمودة المعروف بعدائه الشديد وسخريته المعهودة من كل ما هو إسلامي، بل ويوظف قلمه وأوراقه ضد الإسلام ليجعل من أوراق صحيفته منتجاً شهياً يعج بكل ما هو غريب ليضمن توزيعاً مرتفعاً في سوق الصحافة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك