رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 1 ديسمبر، 2017 0 تعليق

بعد مقتل 50 شخصًا في تفجير استهدف مسجداً في نيجيريا- إفريقيا فريسة للإرهاب والفقر والتنصير

 لقي 50 شخصًا على الأقل مصرعهم في تفجير انتحاري استهدف مسجدًا بمدينة موبي شمال شرق نيجيريا، الثلاثاء الماضي 21 نوفمبر 2017، ووفق مصادر رسمية، فإن الحادث وقع في الساعات الأولى من الصباح بعد صلاة الفجر، وتتعرض غالبية دول القارة الإفريقية إلى عمليات إرهابية بنهج مكثف، راح ضحيتها العديد من الأرواح، بجانب هجمات المعارضين لحكومات العديد من تلك الدول، ولاسيما في الفترة الأخيرة.

 

اغتيال العلي والحسيني

      ولا يزال المشهد الدامي لحادث اغتيال اثنين من دعاة الكويت وهما د. وليد العلي، وفهد الحسيني ماثلاً أمام الجميع وشاهدًا على يد الإرهاب الآثمة التي تعيث في الأرض فسادًا؛ حيث قتل الاثنان إثر هجوم مسلح استهدف مطعمًا فجر الخامس عشر من سبتمبر 2017، وتسبب الحادث في مقتل 18 شخصًا على الأقل وإصابة عدد آخر، علماً أن التحقيق في الحادث لم يصل إلى نتيجة واضحة.

      وما بين حادث العلي والحسيني وحادث تفجير مسجد نيجيريا الآثم، حوادث عدة في فترة قصيرة جدًا من أهمها ما حدث في الصومال في شهر أكتوبر الماضي من تفجير لشاحنة مفخخة أمام أحد الفنادق عند تقاطع طرق مكتظ في العاصمة الصومالية مقديشو أدى إلى مقتل 20 شخصًا على الأقل، والتسبب بأضرار مادية جسيمة، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء، وكذلك قبل حادث العلي والحسيني بشهر واحد قامت مجموعات مسلحة  بعدد من الاعتداءات في مناطق مختلفة من (كوت ديفوار)؛ حيث شهدت شوارع أبيدجان (العاصمة الاقتصادية) في يوليو 2017 قيام مجموعة مسلحة ترتدي زيا عسكريا بإطلاق النار في الهواء وتهديد المارة، وتمكن المهاجمون من الاستيلاء على مخبأ الذخائر التابع لمركز التنسيق و العمليات ( CCDO  )، وهي عبارة عن كتائب  مشتركة من نخبة العناصر الأمنية في العاصمة وفي المدن الأخرى، وبعد تمكنهم من الاستيلاء على كمية كبيرة من الذخائر لاذ المسلحون بالفرار فيما سقط قتيل واحد.

لماذا إفريقيا ؟

      وقد شهدت الساحة الإفريقية خلال العامين الماضيين انتشاراً وتواجداً للجماعات الإرهابية والمتطرفة؛ الأمر الذي يضاعف من معاناة شعوب تلك القارة من الفقر والمرض وغياب التنمية والعنف الإثني والقبلي والصراع المستمر على السلطة.

     وتضع هذه الحوادث علامات استفهام تفرض نفسها على كل مراقب لتطورات الصراع ودوائر التوتر والعنف في القارة السمراء، ولاسيما عندما يتضح أن أغلب مصادر التوتر بات يقف وراءها جماعات إرهابية أو جهادية؛ فلماذا دول إفريقيا التي يعي الجميع ما تعانيه من فقر وصراعات وصعوبة في التنمية ؟!

مجموعة من الحقائق

      الواقع يؤكد مجموعة من الحقائق المهمة، أولها أن كثيرًا من الجماعات والتنظيمات التي تنتشر بقوة في المنطقة أصبح لها امتداد كبير في دول إفريقيا وتحديدًا في منطقة الساحل والصحراء وغرب القارة، وأصبح كثير من الدول الأفريقية ساحة جديدة لمعارك تلك الجماعات ودخلت في مواجهات مع كثير من الحكومات، بل إن حديث الأرقام يشير إلى تنامي تلك الظاهرة، بدليل الإحصائية التي سجلها مركز دراسات الإرهاب والتنظيمات المسلحة بارتفاع نسب العمليات الإرهابية في عام 2015 حتى العام الحالي إلى ما يقرب من 750 عملية إرهابية.

خريطة التنظيمات الإرهابية بإفريقيا

وتتشابك بؤر الجماعات الإرهابية في القارة الأفريقية تشابكا كبيراً، لكن التأصيل الفكري والحركي لتلك التنظيمات يؤكد أنها تنتمي لأربع تنظيمات رئيسة هي:

- القاعدة: وما يتبعها من جماعات مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وفروعها، كحركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا، وجماعة أنصار الدين، وحركة شباب المجاهدين في الصومال، التي يمتد نشاطها لدول الجوار هناك مثل جيبوتي، وكينيا، وإريتريا.

- بوكو حرام: وهى من أكثر التنظيمات الإرهابية في إفريقيا دموية، ومركز انتشارها الأساسي في نيجيريا، وامتدت لدول الجوار بعد أن نقلت صراعها مع السلطة هناك، وأعلنت مبايعتها لتنظيم داعش.

- تنظيم داعش: أو ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، وهو أكثر التنظيمات دموية وانتشارا على مستوى العالم بعد تراجع تنظيم القاعدة واختفائه، وظهر في البداية في العراق، وسوريا، ويمتد حاليًا في ليبيا ومناطق عدة  بالمنطقة، ويتبعها كثير من الجماعات التي أعلنت مبايعتها لداعش مثل بيت المقدس، وجماعة أجناد الأرض، وأنصار الشريعة في ليبيا، وجماعة أبناء الصحراء .

- السلفية الجهادية: ويمتد هذا التنظيم في دول المغرب العربي وتحديدا في الجزائر وتونس، وأيضا يتواجد بقوة في السودان، وتنتشر خلايا التنظيم في مناطق عدة بغرب إفريقيا أيضًا.

     وحسب تحركات تلك التنظيمات فإنها تتواجد في حوالي 20 دولة إفريقية، ولاسيما في منطقة شمال وغرب وشرق القارة السمراء، ولعل أبرز تلك الدول هي ليبيا، ونيجيريا، ومالي، والسنغال، وبنين، وتشاد، والنيجر، والكاميرون، والسودان، والصومال، وموريتانيا، وإريتريا، وغينيا، وأوغندا، وكينيا، فضلا عما تشهده تونس والجزائر والمغرب.

أكثر الدول تضررًا

     ورغم هذا الانتشار اللافت للتنظيمات الإرهابية على الساحة الأفريقية، إلا أن هناك دولاً  تتضاعف معاناتها باستمرار؛ بسبب زيادة نفوذ الجماعات الإرهابية على أراضيها ومن أبرز تلك الدول:

نيجيريا

      وهى من أكثر الدول الإفريقية التي عانت من العنف الدموي من قبل جماعة بوكو حرام الإرهابية، التي تتمركز في شمال نيجيريا؛ حيث يقيم المسلمون، وانخرطت بوكو حرام في مسار الإرهاب الممنهج، وأخذت تستهدف مناطق النفط والكنائس ومراكز الشرطة، بل فاجأت الجميع بتطور عملياتها الإرهابية ضد المدنيين؛ فمثلا قامت باختطاف 276 فتاة من داخل مدرسة بولاية (بورنو) شمال شرق نيجيريا، وهجومها على قاعدة عسكرية في أغسطس 2014.

مالى

      حيث تعانى من انتشار جماعتي أنصار الدين والجهاد والتوحيد في شمال مالي، وأخذت الجماعتان تطبق حدود الشريعة الإسلامية بقطع الأيدي والقتل، ولم تتمكن الحكومة المركزية من مجابهة تمددهما هناك، كما أن خطورة ما يحدث فى مالى أدى إلى تدخلات فرنسا لمواجهة تلك التنظيمات هناك حتى إن تلك التنظيمات دبرت لعمليات إرهابية فى فرنسا خلال العام الماضى ردا على معركتها ضدهم.

الصومال

     حيث تنتشر الجماعات الجهادية والمنتمية للقاعدة والمعارك الدامية منذ التسعينيات بين التنظيمات الجهادية والحكومة هناك، وما ترتب عليه من انهيار كامل لمقدرات الدولة وضرب للاقتصاد هناك.

مخاطر تواجه المسلمين

وتتعدد المخاطر التي تواجه المسلمين بالإضافة إلى خطر الإرهاب.

الفقر المدقع

- الخطر الأول: الفقر المدقع، يعصف بالمسلمين هناك، في ظل وجود المئات من المؤسسات التبشيرية والتنصيرية، التي تعمل لدعم المسلمين مادياً ومعنوياً وبنظام يكاد لا يصدق، تحت مسميات عديدة كالإغاثة الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، وحقوق الأطفال والمرأة وما إلى ذلك.

خطر التنصير

      والخطر الثاني، وهو الأشد، بعد الفقر هو خطر التنصير، فالمسلمين في نيجيريا، يواجهون خطر التنصير، الذي تزامن مع ما يسمى الحرب على الإرهاب؛ حيث سيطر النصارى ومن يدور في فلكهم على الشركات والمؤسسات الحكومية جميعها في جنوب نيجيريا، ويصعب على المسلم العادي -وإن كان يحمل المؤهل العلمي المناسب- أن يحصل على عمل في أي مؤسسة حكومية أو غير حكومية، ما دام يحمل اسماً إسلامياً، إلا إذا تنصر وتخلى عن دينه وإسلامه.

الحرب الإعلامية والثقافية

      والخطر الثالث هو الحرب الإعلامية والثقافية التي تُشن على المسلمين في نيجيريا؛ حيث استطاع النصارى ومن يدور في فلكهم، السيطرة على مؤسسات التعليم الحكومية وغير الحكومية؛ فعدد الطلبة المسلمين في الجامعات الحكومية بنيجيريا جنوباً، لا يتجاوز 20% والباقون من غير المسلمين، هذا، فضلا عن سيطرة أهل الأهواء، على وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة التقليدية وغير التقليدية، فأصبحت هذه الوسائل جميعها تنعق صباحاً ومساءً، لتغيير دين المسلمين وثقافتهم، لتصب في مصلحة غير المسلمين من النصارى والغربيين وغيرهم.

حرب ضد الإسلام

      ومن المآسي التي تواجه المسلمين هناك ما قامت به الحكومة النصرانية في نيجيريا؛ حيث شنت حرباً ضروسًا ضد المسلمين في الشمال النيجيري؛ وذلك انتقاماً من المسلمين؛ لأنهم أعلنوا الشريعة التي ألغاها المستعمر البريطاني منذ مائة عام، ورفضوا ترك هويتهم وبيع إسلامهم، ويؤكد مراقبون، أنه رغم كل المحاولات للقضاء على الإسلام في نيجيريا، إلا أن الإسلام قادم لا محالة، وسينتشر رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، محذرين من خطط تقسيم نيجيريا، إلى الشمال المسلم والجنوب المسيحي.

القوة الغاشمة

      ويحتكر غير المسلمين من النصارى السيطرة الكاملة على الجيش والشرطة، بمساعدة الرئيس النيجيري وإدارته، التي خصهم بالرتب والمناصب العسكرية والأمنية جميعها؛ فكانت القوة المسلحة الغاشمة، لردع المسلمين والفتك بهم وإضعافهم، بدعم لا ينتهي من الغرب وتحت مسميات، الغرض منها خداع المسلمين في العالم أجمع، كمحاربة الإرهاب أو التشدد، وما الإرهاب والتشدد إلا أفكار أطلقها الغرب، وتبناها لتنفيذ مخططاته التوسعية والاستعمارية، في ربوع العالم العربي والإسلامي.

 

 

واقع المسلمين في نيجيريا

 المسلمون في نيجيريا هم الأغلبية، بالنسبة لعدد السكان الذين يبلغ تعدادهم 160 مليون نسمة تقريباً، بنسبة 75 % من عدد السكان، وقد دخل الإسلام في نيجيريا في وقت مبكر من القرن التاسع الميلادي، وغالبية المسلمين في نيجيريا من أهل السنة والجماعة، ويتبعون المذهب المالكي، ورغم أن المسلمين هم غالبية السكان في نيجيريا، إلا أن هذه الغالبية لم تسلم من حملات التبشير والتنصير، التي تجري على قدم وساق في مناطق إفريقيا، ولاسيما وسط إفريقيا، ولاسيما نيجيريا.

مساعدات مالية وعينية

      وتتدفق على نيجيريا مساعدات مالية وعينية، لتنصير المسلمين، حتى إن الكيان الصهيوني يدعم التنصير في نيجيريا، بملايين الدولارات، وينشط التنصير على مستوى نيجيريا، الشمال والجنوب عامة، وإن كان النشاط التنصيري في الجنوب أقوى وأشد من الشمال، نظرًا لمخطط إقامة مشروع الجنوب المسيحي الموالي للغرب، ولاسيما للكيان الصهيوني وأمريكا؛ لما يزخر به الجنوب من موارد اقتصادية؛ حيث العاصمة الاقتصادية لاجوس.

      والجدير بالذكر أن المسلمين في نيجيريا لا يملكون الإمكانات للتصدي للعملية التنصيرية، التي تملك الجامعات والمطابع والمحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية، والبنوك والشركات والمصانع، ولهم في كل قرية مبشرون، يسكنون فيها للتنصير، وفي المدن كذلك، مستغلين حالة الفقر في البلاد، ويتسترون بغطاء رعاية الأيتام والجميعات الخيرية والإغاثة الدولية، ومؤسسات الاستشارات الاجتماعية؛ فكل هذه المؤسسات، واجهات لنشر التنصير في نيجيريا.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك