رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: حاتم محمد عبد القادر 22 أغسطس، 2011 0 تعليق

بعد مجازر الجيش السوري تجــــــاه شعبـــه – النداءات العربية لـ «الأسد» : فات وقت الإصلاح .. حان وقت الرحيل

 

لم يعد الشعب العربي كله وليس السوري فقط قادرا أن يتحمل ما تقوم به الآلة العسكرية السورية التي فتحت نيرانها بلا هوادة في وجه الشعب السوري الباسل محدثة مجازر لا يمكن استيعابها إلا مع عدو، فقد شهدت مدينتا حماة ودير الزور في الأيام الأخيرة عدداً من وقوع الضحايا الأبرياء الذين لم يكن لديهم سوى المطالبة بإصلاحات وحريات حقيقية متماشية مع الربيع العربي الذي شهد انتفاضة الكرامة في عدد من بلداننا العربية، وفي سوريا كانت هناك فرصة ذهبية للأسد بأن يستجيب لمطالب شعبه بضرورة الإسراع في تنفيذ مطالبه، ولاسيما أن الانتفاضة السورية لم ترفع في أول الأمر شعار إسقاط النظام.

     ولكن آثر «الأسد» بمعاونة رجاله الذين يحمي وجودهم الأسد نفسه وهم أشد خطراً وإفساداً منه أمرا آخر وهو الحل الأمني.

     

وتدخل الأزمة السورية اليوم منعطفاً جديداً لا يمكن التراجع عنه أوالتخلي عن المطالب التي يرفعها الشعب في وجه نظامه بعد أن رفع النظام الرصاص والقنابل في وجه الشعب.. وبعد ما شاهده العالم أجمع من اعتداء وحشي من قبل الجيش السوري الذي لا يتهاون لحظة واحدة في ضرب أبنائه وقتلهم في مشاهد لا يتصور عاقل أنها من جيش مفترض أنه لحماية شعبه لا الحرب عليه، غير مراع حرمة الشهر الفضيل الذي تعتق فيه الرقاب من نار رب العالمين، ويا للهول لم تعتق رقاب السوريين من نيران الرئيس بشار الأسد.

     

لقد ظل الصمت العربي تجاه ما يحدث في سوريا طيلة ما يزيد على خمسة أشهر ربما يفيق النظام السوري ويدرك وضعه متخذاً العظة من أشقائه في الحكم في كل من مصر وتونس واليمن، إلا أنه آثر الغرور والاستكبار على الشعب ليمضي في حماقات حزب البعث الحاكم (العلماني التوجه) الذي أجهز على أنفاس السوريين منذ عقود طويلة.

التوريث

     

كان على «الأسد» أن يتذكر أنه تولى زمام السلطة بتغيير سريع للدستور السوري في أعقاب وفاة والده (الرئيس الراحل حافظ الأسد) منذ 11 عاماً، الأمر الذي لم يكن مقبولاً أصلاً وقتها من الشعوب العربية، وكانت هذه التعديلات التي فتحت الباب أمام الشاب بشار الأسد (طبيب العيون) ليصبح رئيساً عربياً بالتوريث، مبعثا كبيرا لأن يحدث توريث مماثل في عدد من الدول العربية من أهمها مصر ولحق المشروع باليمن وليبيا وربما كان في الطريق دول أخرى.

الجامعة العربية

     

لم تحرك الجامعة العربية ساكناً –كعادتها- في الأزمة السورية، بل ظلت تراقب وتشاهد من بعيد، بعد أن انشغل أمينها العام السابق عمرو موسى بالترويج لرئاسته للجمهورية وحتى خروجه، وفي زيارته لسوريا مؤخراً تصورنا أن الأمين العام الحالي د. نبيل العربي قد يقدم حلاً مع النظام السوري، إلا أنها كانت زيارة لم تبد أكثر من كونها نزهة.

     

وبعد هذا الصمت المطبق خرجت الشعوب العربية منتفضة أمام السفارات السورية في دولها لتعلن تضامنها مع أشقائهم في سوريا، للدرجة التي معها طلب النائب الكويتي محمد هايف إصدار فتوى تبيح دم بسام عبدالمجيد السفير السوري في بلاده، وهو ما قوبل بالرفض التام ومن قبل التيار الإسلامي الكويتي على وجه الخصوص، وتجدر الإشارة هنا إلى أن سفير سوريا لدى مصر ومندوبها الدائم في جامعة الدول العربية يوسف أحمد قد فر هارباً بعد أن زادت الضغوط الشعبية في مصر على الحكومة المصرية والتظاهر المستمر أمام السفارة السورية تضامناً مع الشعب السوري.

 الموقف الخليجي

     

و حسناً ما قامت به كل من السعودية والكويت والبحرين من استدعاء سفرائها في سوريا للتشاور، وهو تصرف يوضح مدى الرفض التام لسياسات النظام الحاكم في سوريا، وأيضاً التحركات السريعة لمجلس التعاون الخليجي للوقوف على الأزمة واتخاذ قرارات ومواقف قد تكون أكثر حسماً من الأنظمة الحاكمة بدول الخليج، وهي الإجراءات التي من المؤكد أنها تحرج الجامعة العربية نفسها مما دعا أمينها العام د.نبيل العربي إلى أن يطلق تصريحات عدة من مقره بالقاهرة لا تؤخر ولا تقدم، لكنها جاءت حفظاً لماء الوجه.

الفرصة ضئيلة

     

إن وقوع ضحايا من الشعب السوري يتجاوز عددهم الألفين أمر لم يعد يتحمله بشر، وعلى الرئيس السوري أن يدرك أن الوقت قد فات وأن إجراءاته متأخرة وعليه أن يتعلم الدرس من سلفه، فها هو ذا مبارك في مصر يحاكم وهاهو ذا زين العابدين بن علي فر هارباً من بلاده والرئيس اليمني علي عبدالله صالح ما زال أمره معلقا، والقذافي يناور، والفرصة أمام الأسد ضئيلة، فليس عليه إلا الرحيل عن السلطة حقناً للدماء التي سيسأل عنها في يوم لا تنفعه فيه دباباته، فالعقوبات الإلهية أقوى وأشد.

الأزهر

     

ولأول مرة نرى الأزهر حاضرا بقوة حيال الأزمات السياسية العربية معبراً عن رؤيته والرأي الشرعي بشأن العنف والجرائم التي يرتكبها الجيش السوري بحق شعبه، فقد أصدر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، بياناً شديد اللهجة موضحاً فيه أن «الأزهر الشريف الذى صبر طويلاً وتجنب الحديث عن الحالة السورية نظراً لحساسيتها في الحراك العربي الراهن، يشعر بأن من حق الشعب السوري عليه أن يعلن الأزهر وبكل وضوح أن الأمر قد جاوز الحدَّ، وأنه لا مَفَرَّ من وضع حَدٍّ لهذه المأساة العربية الإسلامية».

 

     

ولأول مرة أيضاً يتضمن البيان ما يعد بمثابة الفتوى حين أكد البيان على ما أبداه الأزهر في بداية الأزمة من أن ما يتعرض له الشعب السوري من قمع واسع، ومن استعمال لأقصى درجات العنف، واعتقال وترويع، كل ذلك يمثل مأساة إنسانية لا يمكن قبولها ولا يجوز شرعاً السكوت عنها، ومعلوم أن الدم لا يزيد الثورات إلا اشتعالا.. وهو الأمر الذي فرض على الأزهر مطالبة القيادة السورية بأن تعمل فوراً على وقف إراقة الدماء وعلى الاستجابة للمطالب المشروعة للجماهير السورية استجابة صادقة واضحة.

     

كما لم يفت الأزهر أن يؤكد في بيانه أن سرعة استجابة السلطة السورية لإرادة الشعب وحقن دماء المواطنين سوف تفوت الفرصة على أي مخططات تعمل الآن على تفجير الشام المبارك من أقصاه إلى أقصاه.

     

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه قبل أيام قليلة من إصدار هذا البيان كان قد سئل هاشم إسلام علي، عضو لجنة الفتوى بالأزهر عن دور الأزهر حيال الأزمة السورية وتغذيتها من المد الإيراني، فأجاب بأن الأزهر دوره مسلوب حيال القضايا العربية والإسلامية منذ عقود وعلينا أولا إعادة استقلاليته من هيمنة الحاكم.

اختفاء إيران

     

أسئلة مهمة تبادرت سريعاً للأذهان عن الموقف الإيراني وحزب الله من الأحداث السورية، فقد سمعنا نعيقاً ومواعظ عدة فور أحداث الخامس والعشرين من يناير في مصر، وتعالت نبرات التحريض للمصريين والنزول إلى الشوارع والميادين وساعدت في ذلك قناة الجزيرة القطرية، إلا أننا لم نسمع الصوت الإيراني في الأزمة السورية والوكيل الإيراني في المنطقة العربية حزب الله، وكأنهما يباركان ما يحدث بحق الشعب السوري، ولا يخفى على أحد أن مثل هذه الأجواء الرخوة تكون فرصة هائلة لاستمرار المد والنفوذ الإيراني داخل المنطقة، ومعروف جيداً العلاقة الوطيدة والاستراتيجية بين سوريا وإيران، ومعلوم أن إيران هي الظهر الحامي لسوريا ونظامها.

البرلمانيون الإسلاميون

     

وفي خطوة باركت خطوات دول مجلس التعاون الخليجي طالب المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين الحكومات العربية والإسلامية وبقية حكومات دول العالم بسرعة سحب سفرائها من سوريا، مما يفرض العزلة على النظام السوري، وأعرب المنتدى عن تقديره لحكومات كل من السعودية والكويت والبحرين لسحب سفرائها من سوريا اعتراضاً منها على ما يرتكبه النظام الحاكم هناك من قمع عنيف لم يشهده شعب أعزل من حكومته بهذه الوحشية.

القرار المفاجئ

     

في أعقاب المجازر التي شهدتها دير الزو التي فجعت العالم الأسبوع الماضي جاء قرار الرئيس بشار الأسد بإصدار المرسوم رقم 307 بتعيين العماد داوود بن عبدالله راجحة وزيراً للدفاع خلفاً للعماد علي حبيب محمود بحجة أنه قد ألم به المرض في الفترة الأخيرة وذلك بحسب التصريحات الرسمية.

     

 إلا أن هناك مصادر دبلوماسية غربية قد كشفت عن أن وزير الدفاع المقال علي حبيب محمود، كان من أشد المعارضين للقيام بحملة عسكرية في مدينة حماة وأن معارضته أجلت أكثر من مرة إقدام الجيش على هذه الخطوة.

     

ورجحت المصادر أن يكون سبب إقالة العماد حبيب هو «الاختلاف حول إدارة الأزمة وإنهاك الجيش عبر زجه في المدن وضد الشعب والذي أدى إلى انشقاقات صغيرة وكثيرة ومتتابعة في قطاعاته نتيجة مكوثه الطويل في المدن وعلى احتكاك دائم مع الأهالي».

وزير دفاع مسيحي

     

ويبقى التساؤل الأهم حول إقدام «الأسد» على تعيين مسيحي وزيراً للدفاع لدولة مسلمة وهي المرة الأولى في تاريخ حزب البعث الحاكم، وبعضهم يقول إنها المرة الأولى في تاريخ سوريا الحديث أن يتولى هذا المنصب الحساس مسيحي.. وهل اختيار الوزير الجديد هو لاستكمال مهمة قمع المدنيين العزل من الشعب السوري، وهو ما يؤكد وقتها ما ذكرته المصادر الغربية من أن العماد علي حبيب وزير الدفاع الذي أقاله «الأسد» كان معارضاً لإقحام الجيش في هذه المواجهة غير المعني بها.

     

المشهد السوري سيتغير في الأسابيع القادمة بما يفوق التوقعات بعد أن يصبح الجميع في موقف لا يحسدون عليه، ويتأكد للأسد أنه كان يجب عليه الرحيل.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك