رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقادر علي ورسمه 18 أغسطس، 2015 0 تعليق

بعد قتله المئات من شعبة وتهجير الملايين- إخراج الأسد أو استمرار الحرب

 

أروقة المؤتمرات الدولية تبرز دور الإرهاب العابر للقارات وتتناسى الإرهاب القابع في قصور النظام.

الغرب يتوجس كثيرا من البديل القادم إلى سوريا بسبب قربها على الكيان الإسرائيلي!

الموقف الدولي في المسألة السورية بات أكثر وضوحا من ذي قبل، ولكن سقف التوقعات نزل إلى حده الأدنى

الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية من الانهيار بات هدفا حتى يتسنى للقوى الفاعلة في المنطقة إيقاف نزيف الدم

 

يبدو أن الوضع الأليم الذي يعيشه الشعب السوري بعد خمسة أعوام من الحرب المفروضة عليه الذي خلف أكثر من ربع مليون قتيل وأكثر من 10ملايين لاجئ ورغم أن المجتمع الدولي ما يزال ينشغل بقضايا خارجة عن مطالب هذا الشعب الأساسية التي هي الحرية العيش بكرامة منذ أول يوم من ثورته إلا أن المجتمع الدولي بات مهتما الآن بإزالة الآثار التي خلفها إهماله المتراكم على سوريا، ويقتصر على التخلص من الإرهاب الذي يمثله تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) والتنظيمات المتحالفة معه، بينما يتجاهل على النظام البعثي الذي هو السبب الرئيس للإرهاب الذي أنتج هذا الإرهاب بأفعاله الإجرامية والطائفية، فضلا عن استخدامه السلاح الكيماوي المحرم دوليا على شعبه وبشهادة الجميع، ومع هذا فإن النقاشات في أروقة اللقاءات والمؤتمرات الدولية ما تزال تبرز دور الإرهاب العابر للقارات وتتناسى الإرهاب القابع في قصور النظام الذي جلب الإرهاب الحقيقي من طوائفه المختلفة رغبة لإطالة أمد حكمه المتداعي.

     وقد كانت المواقف الدولية المتنافرة تمثل عقبة رئيسة لتعميق الأزمة السورية منذ بدايتها؛ حيث استند نظام الأسد بتأييد روسيا والصين، وتمادى في قتل شعبه بينما كان الموقف الأمريكي والأوروبي ضبابيا ومتواريا  خلف سياسة الصوت العالي والتريث الفعلي، في ظل سياسة الرئيس الأمريكي التي تعطي الأولوية للتوصل إلى الاتفاق المرضي للمشروع النووي الإيراني؛ مما جعلها تؤجل مسألة الحل في القضية السورية، ولا ننسى أن الدول الغربية ما تزال تتخوف من انهيار النظام السوري، ولاسيما بعد أن رأى الجميع فشل سياسة (بول بريمر) في العراق عندما أمر بتسريح الجيش العراقي؛ مما كبد الجيش الأمريكي والمنطقة خسائر فادحة، وإذا كانت الإدارة الأمريكية في زمن الجمهوريين قد تبنت سياسة (الفوضى الخلاقة) بوصفها سياسة معلنة إلا أن آثارها عادت بالضرر على المنطقة وعلى المصالح الأمريكية، وما تزال ذيولها تؤرق الجميع، كما أن الغرب يتوجس كثيرا من البديل القادم إلى سوريا بسبب مكانة سوريا الاستراتيجية وقربها من الكيان الإسرائيلي!؛ لذلك فإن الجميع متفق على الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وعدم ترك الأمور على (الفوضى الخلاقة) كما حدث في العراق، وإن اختلفوا بسيناريوهات إخراج بشار الأسد من المسرح السياسي، وعليه فإن دخول قوى إقليمية مؤثرة في مسرح العمليات في سوريا مثل تركيا والسعودية بقوة في هذه الأيام يؤكد بداية العد التنازلي لحل القضية، ولذلك فإن الدبلوماسية السعودية بدأت تتحرك بصورة متأنية وتتشاور مع القوى الدولية في هذه الأيام رغم تأكيدها وتمسكها على موقفها الحازم عن ضرورة إزالة أسباب الأزمة، وإخراج الأسد.

الفشل الأمريكي

     وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي فإن العديد من المراقبين يرون أنه لم يكن واضحا بما فيه الكفاية مقارنة بموقفه تجاه ليبيا مثلا وإن كان الرئيس الأمريكي تصدر في المشهد بتصريحاته الرنانة التي كانت تؤكد بأنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، ولكنها من حيث الفعالية والتعامل الجدي لم تكن أكثر من ظاهرة صوتية أعطت آمالا خادعة للشعب السوري الذي توقع دعما فعليا لم يتحقق حتى الآن، وفي هذا الصدد تؤكد الكاتبة الصحفية (نتالي نوغايريد) في مقال لها عن استراتيجية أوباما في سوريا أنه كان  مشغولا بتفعيل سياساته الخارجية مع كل من إيران وكوبا بينما تبدو سياساته في سوريا فاشلة حسب وصف الكاتبة، وتضيف أن سوريا تسقط في الهاوية بوصفها أحد أكثر الملفات الخارجية لأوباما فشلا غير أن التعاون بين واشنطن وموسكو في مجلس الأمن الدولي بخصوص ملف الأسلحة الكيماوية للنظام السوري يعد نموذجا واحدا للنجاح في مسلسل من الإخفاقات الأمريكية، وهذا يؤكد أن السياسة الأمريكية تريثت في الملف السوري إلى أن تكمل ترتيباتها مع الملف الإيراني، ولا عزاء لقضايا حقوق الإنسان والعدالة الدولية!.

 مواقف دولية

     وفي هذا الصدد يؤكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الحل في سورية  يمرّ بطريقيْن، سياسي على أساس (جنيف- 1) ينتهي بخروج بشار الأسد أو عسكري ينتهي بهزيمته، موضحاً أن الأسد لم يعد له دور بعد أن فقد شرعيته بقتله مئات الآلاف وتشريده ملايين السوريين، وأوضح الجبير: أن المملكة تدعم المعارضة المعتدلة في الأزمة السورية التي لا يوجد لها سوى خيارين ممكنين لا ثالث لهما، إما عملية سياسية وانتقال سلمي للسلطة وصولاً إلى سورية جديدة من دون الأسد، وإلا، فالخيار الآخر عسكري ينتهي بهزيمة الأسد.

 الموقف الإيطالي

     من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي (باولو جينتيلوني): إنه من المهم حل الأزمة السورية إذا أردنا فعلاً هزيمة الإرهاب وتنظيم (داعش)، معرباً عن اقتناعه بإمكانية تحقيق عملية انتقالية تؤدي في النهاية إلى تغيير النظام، وهو ما يستلزم مشاركة أكبر عدد ممكن من القوى المختلفة، وأضاف أنه لمس شخصياً في الأسابيع الأخيرة المسافة بين المواقف في الإقليم وداخل المجتمع الدولي تقاربت ولو جزئياً، ثم رأى أن جهود المبعوث الدولي (ستيفان دى ميستورا) أصبح أمامها بضع فرص أكثر للنجاح، على حد قول الوزير الإيطالي.

 الموقف الألماني

     ومن جانبه دعا وزير الخارجية الألماني (فرانك فالتر شتاينماير) إلى حل الصراع في سوريا قبل أن تنهار مؤسسات الدولة انهيارا كاملا، وقال (شتاينماير) للصحفيين في برلين بعد اجتماعه مع نظيره السعودي عادل الجبير: في رأيي أننا أقرب اليوم لتقييم مشترك للتهديد الذي يمثله تنظيم داعش المتشدد كما كان الحال منذ سنوات.

     وأعرب وزير الخارجية الألماني عن اعتقاده بأن هناك إرادة أكبر لإنجاز تعاون دولي لإيجاد حل للأزمة السورية، وأضاف: لا ريب أن الأمر صعب وسيظل كذلك، لكن الجميع يعرفون أننا في حاجة للتوصل إلى حل قبل أن يحدث انهيار كامل لكل المؤسسات في سوريا،  وحذر (شتاينماير) من انهيار المؤسسات السورية بالكامل قائلا: إذا حدث وضع على غرار ما هو عليه في ليبيا، فإن إعادة بناء المؤسسات قد يكون صعبا للغاية.

 الموقف السعودي

     وفي السياق نفسه شدد رئيس الدبلوماسية السعودية عادل الجبير على أن هناك أهمية ماسة للحفاظ على المؤسسات الحكومية والعسكرية في سوريا لتفادي انهيار الدولة السورية وخلق الفوضى في سوريا، وكرر الجبير موقف السعودية من الرئيس السوري بشار الأسد قائلا: «نعتقد أنه كلما تم الاستعجال في رحيل بشار الأسد كلما استطعنا أن نحافظ على كم أكبر من هذه المؤسسات، وهذا المنطق الذي نثيره مع الأصدقاء وفي المحادثات مع جميع الدول حيال هذا الشأن».

 الموقف الروسي

     ومن جانب آخر وقال وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي إن البلدين اتفقا على ضرورة أن توحد الأطراف الدولية جهودها للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا، وأوضح (لافروف) أن روسيا تدعو إلى تنسيق جهود الجيشين العراقي والسوري والقوات الكردية وبعض جماعات المعارضة السورية المسلحة التي تقاتل حاليا مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية على الأرض.

ولكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد ردا على الحكومة بأن الأسد كان جزءا من المشكلة وليس من الحل، تأكيدا بالموقف السعودي المتمسك على الحل السياسي المبني بخروج الأسد أو بالحل العسكري المبني على هزيمته، فضلا عن حماية مؤسسات الدولة من الانهيار.

 إيقاف النزيف

     وهذا مؤشر إيجابي يؤكد وجود تقارب في وجهات النظر لحل القضية السورية، وإن بقيت بعض الخلافات في التفاصيل المتعلقة بمن يأتي بعد بشار، ومن يشارك من أطراف المعارضة السورية في النظام القادم، ولكن من المهم أن موقف الأطراف الفاعلة في المنطقة ما تزال تتمسك بأن حل القضية السورية يكمن في إخراج بشار الأسد من المعادلة السياسية ومن ثم يمكن التعامل مع الجماعات الإرهابية التي تتغذى بالفوضى التي خلقها نظام الأسد الحالي، مما يعني أن الموقف الدولي في المسألة السورية بات أكثر وضوحا من ذي قبل، ولكن سقف التوقعات نزل إلى حده الأدنى؛ مما يعني أن الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية من الانهيار بات هدفا من المطلوب تحقيقه حتى يتسنى للقوى الفاعلة في المنطقة إيقاف نزيف الدم وعدم تحويل سوريا إلى كنتونات طائفية تخدم بعض القوى المتحفزة لتوسيع تأثيرها الإقليمي من خلال إشعال الحرائق وإذكاء الطائفية بين شعوب المنطقة، وعليه فإن تحركات الدبلوماسية السعودية في الأيام الأخيرة قد تتوج قريبا في تقريب وجهات النظر الدولية لحل القضية السورية سياسيا، وإلا فإن الحل العسكري بات ضروريا، ولاسيما إذا عرفنا أن الجبهة الجنوبية الأكثر تماسكا بين الجبهات السورية تتلقى دعمها من دول المنطقة والمسافة بينها وبين دمشق قليلة جدا وتنتظر الضوء الأخضر من الدول الداعمة للثورة السورية، فهل من الممكن تشكيل تحلف دولي على غرار تحالف (عاصفة الحزم) على سوريا لإنقاذ الشعب السوري من القتل والتدمير.

 

النصرة ترفض الحلف الجديد

     أعلنت جبهة النصرة، انسحابها من بعض مناطق المواجهة مع تنظيم (داعش) في شمال سوريا على الحدود مع تركيا، وعزت الجبهة هذا القرار إلى رفضها أي تعاون مع الخطة الأميركية - التركية الهادفة إلى إنشاء منطقة خالية من أي موقع لتنظيم (داعش) في محافظة حلب في شمال سوريا، على طول الحدود مع تركيا، وقالت الجبهة في بيان نشر على الإنترنت: «نعلن انسحابنا من خطوط المواجهة مع تنظيم داعش في شمال محافظة حلب»، وأضافت «أننا لا نرى جواز الدخول في هذا الحلف شرعاً لا على جهة الانخراط في صفوفه ولا على جهة الاستعانة به ولا حتى التنسيق معه»، مؤكدة أن الهدف الأول لهذه الخطة «هو خدمة أمن تركيا القومي».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك