رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 21 فبراير، 2023 0 تعليق

بعد سنوات من العطاء في العمل الخيري والدعوي – انتقلت إلى رحمة الله -تعالى- مشرفة وقف الدرر (إيمان ال

 

 

الياسين: كانت نعم الأخت الحنونة ونعم الصديقة الصدوقة قليلة الكلام كثيرة الأفعال سباقة لفعل الخيرات قمة في الأدب والتواضع والاحترام ورقي الأخلاق

 

الطويل: علمتنا الصبر والسماحة والجدية في العمل وخدمة الآخر دون كلل أو ملل ولا أذكر مرة أبداً أرسلت إليها ولم ترد عليَّ أو طلبتُ منها شيئا إلا أسعدتنا بحضورها وتقديمها ماطلبناه منها

 

بعد سنوات من العطاء والبذل في العمل الخيري والدعوي في قطاع العمل النسائي بجمعية التراث الإسلامي، انتقلت إلى رحمة الله -تعالى- الأخت الفاضلة: إيمان البعيجان (مشرفة وقف الدرر ومسؤولة العلاقات العامة بالقطاع النسائي)، بعد معاناة مع المرض؛ حيث توفاها الله -تعالى- في المملكة المتحدة يوم الخميس 25 رجب 1444هـ، الموافق 16 فبراير 2023.

 

أتعلمون من هي إيمان؟

     كتبت عنها رئيسة قطاع العمل النسائي فاطمة الياسين فقالت: ببالغ الحزن والأسى، استقبلنا اليوم الخميس ١٦/٢/٢٠٢٣ خبر وفاة أختنا الغالية الحانية والصديقة الوفية الناصحة إيمان البعيجان -رحمها الله تعالى- بواسع رحمته، وأسبغ عليها موفور كرمه، وألهم ذويها الصبر والمثوبة على فراقها؛ فقد وافاها الأجل وهي في المملكة المتحدة تتلقى العلاج من مرض العصر؛ حيث كانت تعاني منذ أكثر من سنة، وكانت قد عادت في أكتوبر الماضي أرض الوطن لقضاء ثلاثة أشهر ثم العودة مرة أخرى لاستكمال خطة العلاج، وقد أسعدتنا عودتها بقدر ما آلمنا حالها من ضعف وهزال؛ فقد أعطتنا في هذه الفترة الوجيزة دروسًا في الصبر والاحتساب والتحمل، واصطحبتها معي في ديسمبر الماضي في رحلة أخوية إلى مزرعة أختنا أم عمر الأنصاري، وقضينا هناك وقتًا ماتعًا مع مجموعة كبيرة من أخواتنا في الله، لقد كانت متعبة مجهدة، ومن كان في وضعها قد لا يفارق الفراش، ولكنها كانت تحب الاجتماع بالأخوات والاستماع للمحاضرات والمشاركة في البرامج رغم ظروفها الصحية.

 

التزمت طريق الدعوة السلفية

     لقد التزمت -رحمها الله- في طريق الدعوة السلفية في الثمانينيات مع بداية زواجها، والتحقت بركب أخواتنا الداعيات وهي لم تتجاوز العشرين من عمرها؛ حيث كانت من حضور حلقة الثلاثاء المعروفة باسم (حلقة السليم في منطقة النزهة)، وبعد تخرجها من الجامعة عملت مدرسة للتربية الإسلامية، ثم كانت من الكوكبة الأولى التي تعينت في إدارة الدعوة والإرشاد في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أن تقاعدت؛ حيث كانت مديرة لإحدى الإدارات هناك، وطوال هذه الفترة كانت عضوة نشطة وكثيرة الحضور للحلقات الأسبوعية والبرامج التي تقيمها اللجان النسائية في جمعية إحياء التراث الإسلامي.

مسؤولية وقف الدرر

     وبعد تقاعدها أنشأت الجمعية وقفية خاصة لدعم العمل النسائي، وأطلقت عليها اسم (وقف الدرر)، وكانت أختنا إيمان هي أول من تولت مسؤولية هذه الوقفية، فأولتها اهتمامها، وتابعت مواردها، وحاولت بكل طريقة إنماء أصولها، حتى أضحت هذه الوقفية مصدرًا لا يستغني عنه العمل النسائي الدعوي في الكويت، ومن حسن تدبير الله -تعالى- أن جعل لها دورًا كبيرًا في نماء هذه الوقفية؛ كي يكون عملها هذا صدقة جارية لها، جري لها أجرها في حياتها، ويجري -إن شاء الله- بعد مماتها، ولا يخفى على القارئ ما للوقف من أجر كبير. كانت تغشى الدروس والملتقيات، وتشجع النساء والفتيات للتبرع بما تجود به أياديهن لصالح هذه الوقفية، حتى وهي تعاني من مرضها العضال، كانت تتابع وقف الدرر وتفاصيله.

 

نعم الأخت الحنونة!

     إنها نعم الأخت الحنونة! ونعم الصديقة الصدوقة! كانت قليلة الكلام كثيرة الأفعال، سباقة لفعل الخيرات، قمة في الأدب والتواضع والاحترام ورقي الأخلاق، قلبها أبيض، تحب الكل والكل يحبها، تجدها تتلمس حاجة المساكين، وتسعى في قضائها لهم، مهما وصفتها فلا تفي الكلمات حقها، وتعجز الحروف عن وصفها.

 

على هذا الدرب سائرون

     نكتب بمداد الدمع والقلب يعتصر حزنًا على فراقها، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، نعم رحلت إيمان وكلنا بها لاحقون، وعلى هذا الدرب سائرون، والسعيد من يرحل عن هذه الدنيا وله فيها ذكر يحيا به في الدنيا، وأثر طيب ينعم به في الآخرة، وقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح قال: «الملائكة شهداء الله في السماء، وأنتم شهداء الله في الأرض»، اللهم إني أشهدك أن أَمَتَكَ إيمان البعيجان خير من عرفت، وخير من صاحبت، نحسبها وأنت حسيبها، اللهم إنها قد نزلت في جوارك؛ فأكرم نزلها يا أكرم الأكرمين، واجعل مصابها كفارة لها من كل ذنب يا أرحم الراحمين، واجمعنا بها -بعد طول عمر وصلاح عمل- في جناتك يا ذا العرش الكريم.

 

أتتلاشى الدرر؟

لا، بل الدرر في أعماق قلوبنا

     وعنها كتبت الداعية إيمان الطويل فقالت: قال -تعالى-: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}، بقلوب يعتصرها الألم، ودموع سالت من المقل، ودعنا الأخت والصديقة ورفيقة دروب الخير غاليتنا (إيمان البعيجان أم فيصل) -رحمها الله وجعل الجنة سكناها- كما عرفناها -رحمة الله عليها- ذات قلب رؤوم مخلصة في عملها وصحبتها، جادت بنفسها للعمل الدعوي والخيري، وكانت شعلة من نور في حلقات العلم الشرعي، إنها الدرة اللؤلؤة (إيمان البعيجان).

 

علمتنا الصبر والسماحة

     علمتنا الصبر والسماحة والجدية في العمل وخدمة الآخر دون كلل أو ملل، ولما أصابها المرض، لا تسألها عن حالها إلا حمدت الله وشكرته، على الرغم من الألم وشدته، ولا أذكر مرة أبداً أرسلت إليها ولم ترد عليَّ، أو طلبت منها شيئا إلا أسعدتنا بحضورها وتقديمها ماطلبناه منها، وكانت تحب الصغار وتعرف قدر الكبار، لله درها! الدرة الثمينة إيمان البعيحان، رحمها الله تعالى، وجمعنا بها في الفردوس الأعلى اللهم آمين.

 

من عاجل بشرى المؤمن

      عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنْ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ». وإنا نشهد الله على حبنا لأختنا الفاضلة إيمان البعيجان -رحمها الله- فيك، وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «مَرُّوا بجَنَازَةٍ، فأثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: وجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بأُخْرَى فأثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: وجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه -: ما وجَبَتْ؟ قَالَ: هذا أثْنَيْتُمْ عليه خَيْرًا، فَوَجَبَتْ له الجَنَّةُ، وهذا أثْنَيْتُمْ عليه شَرًّا، فَوَجَبَتْ له النَّارُ، أنتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأرْضِ».

 

غابت شمس أميرة

     وعنها قالت إحدى قريباتها: إيمان هي الشمس التي تضيء محيط أسرتنا؛ فكل يوم تشرق بابتسامة تسعدنا، وبهجة تدخلها في قلوبنا، وفي كل المناسبات، هي الأم الرؤوم التي تحن بحضورها الدافئ، وعطائها المتواصل، وقلبها النقي الأبيض فلا أذكر أن لها عداوة مع أحد، ولا تحمل في قلبها الرقيق بغضا لأحد، وتحتوي الصغير قبل الكبير، ولم تكن معلمة تربية إسلامية فقط، بل هي مدرسة لنا جميعا؛ بطيب أخلاقها، ونبل تعاملها، وعفوها غير المحدود، وجميل كرمها، حريصة على أسرة الصغيرة، وبارة بعائلتها الكبيرة، ومن جميل تعاملها وكرمها أنها في الوقت الذي كانت تحتاج إلى رعاية واهتمام وعلاج، كانت تسعى لخدمة أمها أميرة وبرها! وكانت تأخذها إلى مراجعاتها الطبية بنفسها، وتمضي الساعات وهي صابرة ومتحملة، فكانت قدوة طيبة في البر والإحسان، وعندما نكلمها للاطمئنان على صحتها، كانت تهمس بصوت خافت: أنا بخير والحمد لله، وترددها مرارًا، ورحلت وهي صابرة ومحتسبة، وبقي إحسانها وعلمها؛ فمن سيملأ فراغك يا ايمان؟

 

معطاءة ومبادرة

     وقالت عنها إحدى رفيقاتها: لقد كانت -رحمها الله- معطاءة ومبادرة نجدها تعطي وتقدم وتخدم الدعوة في كل مكان، ومن كرمها ونبل أخلاقها كانت لا ترفض أي طلب يُطلب منها، باختصار هي نموذج صعب يتكرر هذه الأيام.

 

المعطاءة الحنونة الصابرة

     قالت عنها الأستاذة بكلية الشريعة د.سندس العبيد: آلمنا خبر وفاة الحبيبة اللطيفة المعطاءة الحنونة الصابرة أم فيصل، السيدة الفاضلة إيمان البعيجان، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك ياأم فيصل لمحزونون، ولانقول إلا مايرضي ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أبدلها دارا خيرا من دارها، وأدخلها الجنة من غير حساب، واغفرلها يارب.

 

وقف الدرر

     مشروع وقف الدرر أحد الوقفيات التابعة للمشروع الوقفي الكبير في الجمعية، وبدأ العمل به عام 2006، وهو وقف يعنى بشؤون المرأة، ويكون ريعه لمصلحة البرامج النسائية الدعوية داخل الكويت، مثل: دعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ودعم برامج الجاليات المسلمة العربية وغير العربية، والاهتمام بشؤون المرأة والطفل، فضلا عن تنظيم الدورات العلمية.

 

مسيرتها في الدعوة إلى الله

     التزمت -رحمها الله- في طريق الدعوة السلفية في الثمانينيات مع بداية زواجها، والتحقت بركب الدعوة وهي لم تتجاوز العشرين من عمرها؛ وبعد تخرجها من الجامعة عملت مدرسة للتربية الإسلامية، وطوال هذه الفترة كانت عضوة نشطة وكثيرة الحضور للحلقات الأسبوعية والبرامج التي تقيمها اللجان النسائية في جمعية إحياء التراث الإسلامي، ثم كانت أول مسؤولة لوقف الدرر الذي أنشأته الجمعية في عام 2006.

المربية الفاضلة ذات الخلق الرفيع

كتبت عنها إحدى طالباتها فقالت:

     رحمة الله عليك معلمتي الخلوقة، وصاحبة الابتسامة الجميلة التي لا تفارق وجهك، لقد كنت القدوة الحسنة والمربية الفاضلة، ذات الخلق الرفيع؛ فقد كنت جميلة خُلُقا وخَلْقا، وتعلمنا منك الكثير، وزرعت في نفوسنا ذلك الأثر الطيب الذي لا ننساه أبدا، سنفتقدك في رمضان، وتذكيرك لنا بعمل الخير، الذي كنت تذكريننا به عبر الرسائل وأنت على فراش المرض، ونحن شهداء الله في الأرض، اللهم اجعل كل حرف علمَتْنا إياه أجرا ورفعة لها في الدرجات، اللهم اجعل ما أصابها كفارة لها، اللهم ارحمها رحمة واسعة، واغفر لها وثبتها عند السؤال.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك