رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 15 مايو، 2013 0 تعليق

بعد ذبح واغتصاب أكثر من 1150 شخص في بانياس والبيضا ورأس العين- «لغة الصمت».. عنوان السياسة العالمية تجاه حرب الإبادة الطائفية في سوريا

 

 

اليوم أصبح هناك عنوان جديد للسياسة العالمية تجاه ما يحدث في سوريا من جرائم ترتكبها العصابات الإجرامية الصفوية النصيرية، ألا وهو سياسة الصمت المطبق، والصمم، والبكم تجاه كل ما يحدث في تلك الأرض المباركة، وليس أدل على ذلك من ردة الفعل تجاه المجزرة الدموية الوحشية المروعة التي ارتكبتها تلك العصابات المجرمة الخميس قبل الماضي 2/5/2013 في   قرية  البيضا  التابعة  لمدينة بانياس؛ حيث راح  ضحيتها  أكثر من 500 شخصٍ،  بينهـم  نساء  وأطفال قضوا من خلال القصف،  وإطلاق  الرصاص المباشر، والذبح بسلاح  أبيض، وسحل واغتصاب للنساء قبل ذبحهن أمام محارمهن، وبعضهم تم حرقهم داخل منازلهم، والعدد مرشح للارتفاع  بسبب وجود  عشرات  المفقودين  من أبناء القرية الذين لم يعثر لهم على أثر إلى الآن.

الموقف الدولي والكيل بمكيالين

     استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية - الراعي الرسمي لكل الجرائم الإرهابية في العالم - أن تفرض سياسة الكيل بمكيالين على مر عقود من الزمن، ولاسيما فيما يخص القضايا العربية، واستطاعت أن تفرض تلك السياسة على المجتمع الدولي، إما بطريقة مباشرة، أو لطريقة غير مباشرة من وراء الكواليس، فقد احتلت القوات الأمريكية الغازية بلاد الرافدين؛ بحجة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، واحتلت أفغانستان؛ بحجة الحرب على تنظيم القاعدة الإرهابي، وتستخدم طائرات بدون طيار فوق أي بقعة في العالم من أجل استهداف ما تسميهم بالإرهابيين، والآن نجدها تتردد طويلا، وتفكر كثيرًا، في مجرد تقديم العون لمن يطلبون الحرية والأمن والسلام، وصدق القائل:

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر

                              وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر

     فقد صرح وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل أن إدارة الرئيس باراك أوباما تعيد النظر في معارضتها لتسليح مقاتلي المعارضة السورية، لكنها لم تتخذ بعدُ أي قرار.

     وردًا على سؤال في مؤتمر صحفي عما إذا كانت إدارة أوباما تعيد النظر في تسليح المعارضة قال (هاجل): “نعم”؛ وعندما سئل عن السبب رد قائلاً: «أنت تنظر إلى الأمور وتعيد النظر في كل الخيارات، وهذا لا يعني أنك تفعل أو ستفعل؛ لأن أي تحرك ضد سوريا يـجب أن يستند إلى دليل من نوعية جيدة جدا تقبله المحكمة».

الفوضى الأمريكية في سوريا

     وذكرت صحيفة واشنطن بوست في عدد الخميس 2 مايو أن الفوضى التي تسببت بها سياسة الرئيس أوباما بشأن سوريا ما زالت تتزايد، وأن الفرصة لإنهاء الأزمة عبر التسوية السياسية ضئيلة وغير قابلة للتحقق، وترى الواشنطن بوست أن ما يجب على الإدارة الأميركية فعله هو ما كانت المعارضة السورية تطالب به دائمًا، وهو فرض حظر طيران على أجزاء من سوريا، أو إجراءات أخرى، مثل شن هجمات بالصواريخ أو بقاذفات الشبح، للقضاء على القوات الجوية السورية، وهو ما لن تفعله أمريكا على الإطلاق.

     إن المطلوب من المجتمع الدولي أمام هذه الجريمة النكراء أكبر من الإدانة، وأكبر من الموقف السياسي مهما كان شأن هذا الموقف، إن المطلوب فعل ثوري مكافئ للجريمة، وأن يثبت العالم الذي طالما تنادى بالحرية وحقوق الإنسان أنه لا يكيل بمكيالين، وأن دماء الشعب السوري وأعراضه ليست بأرخص من دماء الشعب الليبي،  وأن عصابة الأسد المجرمة ليست بأقل وحشية من عصابة القذافي الهالكة، التي سارعوا بالتدخل لإزالتها والقضاء عليها دون تردد.

حرب طائفية وجريمة ضد الإنسانية

     ولا شك أن ما قامت به العصابات الصفوية النصيرية في (بانياس) و(البيضا) وغيرها من المدن السورية هي حرب طائفية مقيتة، وجريمة ضد الإنسانية، وخرق للقانون الدولي بكل معانيه، إنه فعل إرهابي  وحشي يتطلب من كل قوى الخير في العالم أن تبادر لوضع حد له، وللأخذ على أيدي القتلة والمجرمين.

إن العالم أجمع وعلى رأسهم العرب والمسلمون يتحملون مسؤولية ما يجري الآن من تصفية طائفية دموية على الأرض السورية، وإن الصمت المطبق، والصمم، والبكم الذي أصاب العالم أجمع أمام هذه المجزرة الوحشية وغيرها من المجازر الدموية، يثبت للعالم كله أننا أمام (هولوكوست) جديد يرتكب في حق أبناء الشعب السوري في القرن الحادي والعشرين.

     وأتساءل كما يتساءل غيري: ما الجديد الذي نستطيع أن نضيفه على هذه الجريمة المنكرة؟!  أندين؟! أم نشجب؟! أم نستنكر؟! لقد مللنا، وملّ الشعب السوري، ومل الشعب البورمي، ومل الشعب المالي، وملت كل الشعوب المسلمة المضطهدة في العالم أجمع  من الإدانة والشجب والاستنكار، بل لم يعد من الحكمة في شيء أن نتحدث عن وحشية القتلة، وطائفية الغزاة والمجرمين، ونحن صامتون لا نحرك ساكنًا، ولا تتحرك الدماء في عروقنا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

 

 

 لم تعد الخطابات ذات جدوى

المقوّمات: 1150 من الأطفال ذبحوا وحرقوا بمجزرتي البيضا ورأس العين والعالم شريك في الجريمة ما لم يتحرك فعليا

 

 

 

 

 

     {وَإذَا الْـمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (التكوير: 8 - 9)، بهذه الآية الكريمة أصدرت جمعية مقومات حقوق الإنسان بيانا؛ استنكرت فيه بشدة الجريمة البشعة التي ارتكبتها فرق الموت والميليشيا الأسدية في بلدتي البيضا ورأس العين السوريتين الساحليتين، مخلفة أكثر من 1150 قتيلا خلال 48 ساعة فقط أغلبهم من الأطفال والنساء، قضوا إما ذبحا بالسكاكين، أو حرقا أو سحقا بالحجارة، وذلك بحسب إفادة الناشطين والشهود، بعد أن تم محاصرتهم وقصفهم بالدبابات بشراسة، والهجوم عليهم من كل صوب وحدب تحت جنح الظلام، في جريمة تطهير عرقي وإبادة إثنية وحقد طائفي بغيض، عرّت الضمير العالمي الذي يتوجب عليه الآن أن يتحرك فوراً، فما عادت المواقف الكلامية تنفع ولا الخطابات تفيد، فقد أثبت بشار الأسد أنه (هولاكو) العصر، وأثبت العالم جُبنه وتخاذله!

     وأكدت المقومات في بيانها أن الانتهاكات البشعة التي حدثت خلال عامين وما زالت تحدث في سوريا هي جرائم ضد الإنسانية، قد حرّمتها جميع الأديان السماوية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ولاسيما بعد ارتفاع وتيرة المجازر والقتل المروع، واستهداف دور العبادة والمساجد التي كان آخرها تدمير المآذن التاريخية للمسجد العمري بدرعا والمسجد الأموي الكبير في حلب، فضلا عن استخدام النظام الأسدي الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً ضد المدنيين العزل، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي مؤخرا.

     وتابعت المقومات بأن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا تمارس دور العاجز عن إيقاف شلالات الدماء في سوريا، وتوهمنا بأنها “قلقة وحزينة وتتابع”، والدماء تستمر في الجريان، في حين أنها في مواقف أخرى تمس مصالحها تتحرك بكل إمكاناتها ونفوذها وقواها! فهل الدم أنواع؟ نوع مسلم ونوع غربي؟

     وطالب البيان حكام الدول العربية والإسلامية بتحمل المسئولية الأخلاقية والدينية التي تحتم عليهم التحرك الفوري، وكذلك منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)؛ للضغط على مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي لوقف قتل مزيد من الأطفال، بعيداً عن لعبة المصالح السياسية، وقبل أن تفقد هذه المنظمات الأممية مصداقيتها ، أما مجلس الأمن الدولي فعليه مراجعة أعداد القتلى في سوريا والذي اقترب من 100 ألف قتيل، لعله يدرك حجم المأساة والكارثة، ويتخذ قراره التاريخي بنصرة الإنسانية، وإلا فإن العالم بمؤسساته الأممية شريك - بتخاذله - في إراقة الدماء البريئة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك