رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: القاهرة - الفرقان: أحمد عبد الرحمن 11 أغسطس، 2011 0 تعليق

بعد دعوتها الأنظمة لإقرار إصلاحات جذرية مسؤولية السعودية في احتواء عواصف العرب السياسية

 

دعت المملكة العربية السعودية الدول العربية التي تمر بظروف استثنائية ومضطربة لضرورة إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جذرية بشكل يحفظ حقوق الإنسان وكرامته إذا كانت جادة فعلاً في وضع حد لموجة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية منذ مدة طويلة.

      وشدد وزير الإعلام السعودي د. عبد العزيز خوجة خلال تصريحاته التي تلت اجتماع مجلس الوزراء السعودي على اهتمام السعودية باستعادة أجواء الاستقرار في المنطقة عبر دعوتها للعودة لصوت العقل ووقف إراقة الدماء، ممتدحًا في الوقت نفسه سعي حكومة البحرين للدخول في حوار وطني يخفف أجواء الاحتقان وإن لم ينكر رفض المملكة لتدخل قوى إقليمية في شؤون دول المنطقة، في إشارة غير مباشرة لإيران.

      ولا شك أن دعوة السعودية للأنظمة العربية التي تواجه مشكلات مع شعوبها وحالة من الفلتان الأمني تشكل طوق نجاة لهذه الأنظمة وشعوبها على حد سواء خصوصًا أنها انطلقت من دولة مركزية في المنطقة لا تحمل أجندات خفية بل أدت دورًا مهمًا طوال العقود الماضية في إشاعة أجواء الاستقرار في المنطقة، وعملت بقوة خلال الفترة الأخيرة على منع إحدى القوى الإقليمية من ابتلاع مملكة البحرين عبر نشر قوات درع الجزيرة انسجامًا مع اتفاقيات سابقة أبرمتها دول مجلس التعاون الخليجي.

مكانة روحية

      ومن البديهي التأكيد على أن المكانة الدينية والروحية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية ناهيك عن قدراتها السياسية والاقتصادية قد تشكل طوق نجاة للأزمات الشديدة التي تمر بها منطقتنا التي لعبت  بها القوى الدولية ناهيك عن تعسف السلطات في التعامل مع شعوبها قد أغلق الباب أمام حلول محلية في ظل تباعد المواقف بين الأنظمة والشعوب.

      فالأزمات التي تواجه كلا من سوريا وليبيا واليمن حاليًا، وعدم قدرة طرفي الصراع على الحسم وإسقاط الأنظمة أو إخماد الثورات قد أنتجت حالة من الغموض أو لنقل الفوضى الخلاقة التي سعت واشنطن لتنفيذها في المنطقة طوال السنوات الماضية وأوصدت الأبواب أمام تسويات تحفظ ماء وجه هذه الأنظمة أو شعوبها، خصوصًا أن الشعوب في البلدان الثلاثة بدأت ترى أن القيام بنصف ثورة ضد أنظمة الحكم غير الرشيدة يعد حفرًا لقبرها بأيديها؛ لذا فهي مصممة على المضي قدمًا لآخر الشوط رغم أن صمودها في وجه الأنظمة قد خلف ما يقرب من 20 ألف قتيل حتى الآن أغلبهم سقط صريعًا في ليبيا لدى قيام طائرات القذافي بقصف بنغازي ومدن الشرق الليبية قبل تدخل الناتو، وهو أمر مرشح للاستمرار مع تصاعد المواجهات في المدن السورية والليبية، رغم وجود دعم دولي للمساعي السعودية لإعادة الاستقرار في أكثر من قطر عربي وفي مقدمتها سوريا واليمن ودعمها لمهمة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الذي مارس ضغوطًا على القيادة السورية لإقرار إصلاحات جذرية في الحقل السياسي هو ما وعدت به القيادة السورية رغم أن استجابتها بإصدار قانون للأحزاب السياسية لم تحظ بالترحيب المطلوب سواء في الداخل أم في الخارج إلا أن خطوات جادة أخرى في هذا الإطار قد تنجح في تخفيف حدة الاحتقان رغم أن الشعب السوري عازم على إسقاط هذا النظام العلوي الطائفي.

صعوبات وتعقيدات

      إلا أن الدعم الإقليمي للدور السعودي لإعادة أجواء الاستقرار ووقف شلالات الدماء في المنطقة يواجه صعوبات شديدة بحسب د.طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة؛ حيث تتربص إيران بهذا الدور، بل تعمل بكل قوة لمنع النظام السوري من تقديم تنازلات لشعبه، بل إنها دخلت بقوة على خط الأزمة عبر أجهزة استخباراتها وحرسها الثوري وعملائها في لبنان لتصفية الناقمين على النظام الطائفي في سوريا، بل إنها تدفع النظام السوري للعزف على وتر التشدد وعدم القيام بإصلاحات قد تخفف من قبضته على الحكم بل قد تضر بالتعاون الاستراتيجي بين البلدين.

      ولا تتوقف الصعوبات عند هذا الحد حسبما يرى د. فهمي خصوصًا أن التدخل في كل من ليبيا واليمن يبدو شديد الصعوبة، خصوصًا أن المواجهة بين طرفي الأزمة أصبحت عصية على الحل؛ فلا الثوار الليبيون لديهم القدرة على القبول بإصلاحات القذافي، ولا الفرقاء في اليمن أصبح لهم أي نوع من الثقة في وعود الرئيس صالح بإقرار إصلاحات جذرية تعيد ترتيب البيت اليمني من الداخل.

      ومع هذا لا يفضل أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن يخلق تصاعد الاضطرابات وصعوبة المهمة حالة من اليأس لدى الرياض للكف عن مطالبة الدول العربية بإقرار إصلاحات جادة أو الدخول بثقلها لمحاولة إقناع شعوب المنطقة بقبول حلول وسط مع أنظمتها إذا قبلت إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية بضمانات.

لوبي رافض

      ولكن في المقابل هل الأنظمة العربية لديها القدرة على إقرار إصلاحات تخفف من هيمنتها على السلطة وتضعف من النفوذ المتنامي لأجهزة أمنها واستخباراتها، خصوصًا أنها تعودت من شعوبها الصمت والطاعة العمياء طوال العقود الأخيرة من ثم فإن هناك أجنحة نافذة داخلها مازالت تفضل عدم تقديم تنازلات جادة بل وتعول على إمكانية حدوث تدخل دولي قد يبقيها في السلطة أو يقلل من حجم ما يمكن تقديمه لشعوبها، متجاهلة أن قواعد اللعبة وسقوط نظامي بن علي ومبارك في تونس ومصر قد حفزت هذه الشعوب على المضي قدمًا لآخر الشوط لعلها تحرر نفسها من ظلم واستبداد أنظمتها، وهو ما يهدد باستمرار شلالات الدماء ويفرض تدخل مؤسسات إقليمية ودول ذات ثقل لإخراج المنطقة من النفق المظلم.

شرق أوسط جديد

      ويدعم هذا الطرح د. نبيل بدر مساعد وزير الخارجية المصري السابق، حيث يرى أن الأوضاع في المنطقة تحتاج لتدخل قوى إقليمية تتمتع بوزن سياسي وروحي لحل أزماتها المتصاعدة ولاسيما أن هذه الأحداث تهدد الدول الوطنية في المنطقة، بل تشير لإمكانية تشرذم المنطقة وتقسيمها لدويلات وهو ما لا يصب في صالح المنطقة من بعيد أو قريب.

      وأفاد بأن هناك تسريبات عن أن واشنطن تستغل توتر الأوضاع في المنطقة لإعادة ضخ الدماء في عروق مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي عجزت عن تنفيذه خلال السنوات الأخيرة ليمكن ذلك إسرائيل من الهيمنة على المنطقة والسطو على ثرواتها.

      وشدد على أهمية ممارسة السعودية وغيرها ضغوطًا جادة على الشعوب والأنظمة على حد سواء لإجبارها على تقديم تنازلات تحافظ على استقرار المنطقة وتضع حدًا للتدخل في شؤونها وتمنع استخدام هذه الاضطرابات لإدخال المنطقة نفقًا مظلمًا قد لا تستطيع تجاوزه إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه في ظل عجز أطراف الصراع عن حسمها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك