رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 24 ديسمبر، 2013 0 تعليق

بعد دخول فصل الشتاء القارس- الأزمة الســـورية إحدى أكبر الأزمــات في التـــاريخ الحـديث


حمَّل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حكومات الدول الإسلامية وشعوبها المسؤولية عن موت السوريين بسبب الجوع والبرد

أطلقت الأمم المتحدة حملة تتضمن أكبر نداء إنساني على الإطلاق لإغاثة الشعب السوري، وقد عدَّت الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا «إحدى أكبر الأزمات في التاريخ الحديث»؛ حيث نزح أكثر من مليوني سوري أجبروا على الفرار إلى الدول المجاورة، وقد ازدادت الأزمة سوءًا بعد دخول فصل الشتاء القارس وما صاحبه من أمطار وثلوج وصقيع، فاجتمع عليهم عدو مجرم وشتاء قارس، قتل وبرد وجوع وتشريد، وقد رأينا العديد من الأطفال كيف يموتون من شدة البرد.

     أكثر من مليوني سوري فرّوا من الغارات الجوية والقصف بحثًا عن ملجأ آمن من الحرب التي شنها النظام السوري المجرم منذ أكثر من 33 شهرًا، إلا أن المأساة تبعتهم أينما حلَّوا، سواء أكان في المخيمات المتواضعة في دول الجوار، أم خلال ترحالهم القاتل نحو شواطئ أوروبا.

الزعتري عنوان لمآسي السوريين

     أما مأساة السوريين في مخيمات الأردن فتتجسد في مأساة مخيم (الزعتري) الذي يضم 130 ألف شخص، في منطقة صحراوية، ويعد هذا المخيم عنوانا للمآسي التي ارتحلت مع السوريين، وما يردده اللاجئون بداخله: «كنا على وشك أن نموت من القصف، لكننا هنا سنموت من البرد، نحن لا نريد أن نهلك في هذا المخيم».

     وتعد المحنة التي يتعرض لها اللاجئون بهذا المخيم جزءًا من أزمة إنسانية عميقة تهدد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط، وكانت بداية الشتاء الأسوأ في مخيم الزعتري؛ حيث انهارت عشرات الخيم بعد أعنف عاصفة هبت في المنطقة منذ عشرين عامًا.

لبنان والعبء الكبير

     في لبنان، وجد عشرات الآلاف من اللاجئين أنفسهم في مخيمات عشوائية على أراض غمرتها المياه والثلوج، وفرض تدفق اللاجئين ضغوطا هائلة على هذا البلد الصغير الذي يتحمل العبء الأكبر، وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يستضيف هذا البلد الصغير ذو الموارد المحدودة أكثر من 825 ألف لاجئ سوري مسجلين، في حين تقدر السلطات العدد بأكثر من مليون، ما يوازي ربع عدد السكان.

وإذ لقي لبنان ترحيب المجتمع الدولي لإبقائه الحدود مفتوحة أمام تدفق اللاجئين السوريين، إلا أن الخلافات السياسية تحول دون إقامة مخيمات رسمية لهم.

أبرز مناطق النزوح

وسجلت أبرز موجات النزوح هذا العام عبور أكثر من 50 ألف شخص الحدود من شمال سوريا في اتجاه مناطق الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق.

     وفي تركيا، يتوزع أكثر من 600 ألف لاجئ على مناطق واسعة من البلاد، ربعهم فقط في مخيمات؛ حيث تفترش في أسطنبول عائلات وأطفال الشوارع والحدائق العامة؛ حيث يتوسلون للحصول على لقمة العيش، وينامون في العراء في بلد يصعب عليهم العثور على فرص عمل فيه نظرًا إلى عدم معرفتهم اللغة.

     وفي مصر، وجد السوريون أنفسهم محط انتقادات وهجمات ومتابعات أمنية وبوليسية بعد عزل الرئيس محمد مرسي مطلع يونيو الماضي، وهو الذي كان داعما بشدة للمعارضة السورية.

     وفي أوروبا، أعلنت السويد منح اللجوء لكل سوري يصل إلى أراضيها، إلا أن بريق اللجوء إلى القارة العجوز انعكس خيبة أمل بالنسبة إلى الكثيرين الذين حاولوا دخولها عن طريق بلغاريا، أكثر الدول الأوروبية فقرًا؛ إذ ضاقت المنشآت المخصصة للاجئين سريعًا بأعداد كبيرة منهم باتوا يعيشون في ظروف مزرية، وسط برد قارس ونقص في الأدوية والحاجات الأساسية.

أطفال سوريا الخاسر الأكبر

     الأطفال هم الخاسر الأكبر في هذه المأساة، فالفقر والبرد والظلم سياطٌ تجلد الأطفال السوريين كل يوم، آخر الأرقام تقول إن حوالي ثلاثة ملايين طفل سوري اضطروا للتوقف عن التعليم، وأكثر من مليون طفل سوري أصبحوا لاجئين في الدول المجاورة لبلدهم، والأرقام تقول كذلك إن ما بين 500 و600 ألف طفل سوري لاجئ هم خارج الدراسة، وكل مدرسة من كل خمس مدارس في سوريا غير صالحة للدراسة، أرقامٌ ذكرتها المفوضية العليا للاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أرقامٌ مخيفة ومرعبة، فهؤلاء الأطفال مع تعرضهم لسوء التغذيـة في هذا البرد الشديد، أضعف من مناعتهم وجعلهـم عرضة لكافة أنواع الأمراض، مع تردي الأحوال المعيشية والنظافة والصرف الصحي الذي خلق بيئة مناسبة لظهور أوبئة شديدة الخطورة مثـل أمراض الجهاز التنفسي والحصبة والتيفود والتهاب الكبد وأمراض الجهاز الهضمي مثـل الإسهال والكوليرا، وأخطرها على الإطلاق (شلل الأطفال) الذي عاد بقوة في الأسابيع القليلة الماضية مخلفًا ما يقارب الثلاثين حالة في ديـر الزور وحدها؛ مما يؤكد الانتشار الواسع للفيروس، وينذر بحدوث وباء كبير، شلل الأطفال مرض لا يمكن علاجه وتبقى بصمته في المجتمع لسنوات طويلة تمتد عبر حياة الأطفال الذين يصابون به الآن.

اتحاد علماء المسلمين يدعو لمد يد العون

وفي هذا السياق حمَّل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حكومات الدول الإسلامية وشعوبها المسؤولية عن موت السوريين بسبب الجوع والبرد.

     ودعا الاتحاد في بيان له «جميع المسلمين حكومات وشعوبًا والهيئات الخيرية الإسلامية والعربية والمنظمات الإغاثية الدولية وكل من له قدرة، إلى مد يد العون والإغاثة لهذا الشعب في محنته الراهنة».

وطالب الاتحاد في بيانه «الجميع إلى المسارعة للتدخل لإنقاذ هؤلاء، والأطفال والعجزة والمرضى في محنتهم الراهنة».

     وقال الاتحاد في بيانه: «قد تزايدت مأساة الشعب السوري المخرج من وطنه واللاجئ في دول الجوار جراء ما يتعرض له من قتل للأنفس، وهدم للبيوت، وقصف للأحياء السكنية، وقتل للشيوخ والأطفال والنساء، وانتهاك الحرمات، واعتقال وتعذيب وإعدامات، واستخدام الأسلحة الكيميائية».

     وتابع: «وينضاف إلى ذلك في هذه الأيام موجة الشتاء التي ضربت المنطقة بأمطارها وثلوجها وصقيعها، وقد كانت لهذه الموجة تأثيرات مأساوية كبيرة على مخيمات السوريين المشردين على الحدود وفي ملاجئ دول الجوار، وهو ما يوجب المبادرة السريعة لإغاثة هؤلاء المنكوبين».

     ولفت إلى «خطورة» وضع السوريين في المخيمات؛ حيث يعانون «نقصاً حاداً في الغذاء والدواء، وعدم توفر الظروف الصحية اللائقة في المخيمات، وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية، وتعرض الأطفال والنساء وكبار السن إلى مختلف المخاطر الصحية»، لافتًا إلى أن «بعضهم قد مات بسبب ذلك».

إلى متى يستـمـر مسلسل الكوارث؟

ونحن بدورنا نتساءل: إلى متى يستـمـر مسلسل الكوارث وصور البؤس التي لا تليق بهذا العالم الذي يدعي الحضارة والحفاظ على حقوق الإنسان؟

إلى متى يتم منع وصول المساعدات الغذائية والطبية الدولية والإقليمية إلى الضحايا الأبرياء العزل؟

     إلى متى يستـمـر غياب القوانين الدولية التي توقفت قراراتها عند هذا المجرم وامتنعت عن حتى إدانته، واتخاذ ما يلزم لوقف إجرامه وسفكه للدماء ليل نهار؟

     نحن نريد إغاثة حقيقية لهذا الشعب المنكوب، وهي في البحث عن حل حقيقي للخروج من محنته، أكثر من عشرة ملايين شخص نكبوا في هذه المحنة، أليس من واجب العقلاء البحث لهم عن حل؟

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك