رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 1 فبراير، 2016 0 تعليق

بعد تخصيص مواقع جديدة لبناء كنائس في الكويت- القرار مخالفة لإجماع العلماء على حُرمة بناء الكنائس والمعابد في جزيرة العرب

اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة: كلُّ مكان يُعدُّ للعبادة على غير دِين الإسلام، فهو بيت كُفر وضلال إذ لا تجوز عبادة الله إلَّا بما شرَع الله

وزارة الأوقاف الكويتية: إنشاء أيِّ دار للعبادة لغير المسلمين في دار الإسلام لا يجوز، وكذلك لا يجوز تأجيرُ الدُّور

 

كشف مدير عام بلدية الكويت أحمد المنفوحي عن تخصيص مواقع جديدة لإقامة الكنائس في الكويت، بناء على طلبات قدمت إليها، معلنًا عن رفع تلك المواقع إلى المجلس البلدي لاتخاذ القرار المناسب في شأنها. ولا شك أن مثل هذا القرار يخالف الأصول الشرعية، والقواعد الإسلامية، التي تحرم بناء الكنائس والمعابد في جزيرة العرب، فقد وردتْ أحاديث صحيحة تحرِّم الإذنَ بوجود دِين آخَر مع الإسلام في جزيرة العرب، وهي تقتضي تحريمَ بناء معابد لغير المسلمين من كنائس وغيرها من باب أَوْلى، ومن ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: «لا يُترَك بجزيرةِ العربِ دِينانِ» رواه أحمد وغيره وصححه جمع من أهل العلم.

عمل الصحابة

     وعلى هذا جرى عمل الأمَّة قرونًا طويلة، ابتداءً من عصر خير القرون، وحتى وقتٍ متأخِّر من التاريخ الإسلامي، فلقد أجْلى عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- يهودَ خَيبر ونجران وفَدَك، ووضَع الشروط المشهورة بالعمريَّة، وفيها: «أنَّا شَرَطْنا على أنفسنا أنْ لا نُحدِث في مدينتنا كَنيسةً، ولا فيما حولها ديرًا، ولا قَلَّايةً ولا صَومعةً».

آثار العلماء

     والآثار في هذا كثيرة جدًّا؛ «لهذا أجمع العلماءُ على تحريم بناء المعابد الكفريَّة، مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنَّه لا يجوزُ اجتماع قِبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألَّا يكون فيها شيءٌ من شعائر الكفَّار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدْم الكنائس وغيرها من المعابد الكفريَّة، إذا أُحدثت في الإسلام»، بل أجمعوا «على أنَّ بناء المعابد الكفريَّة - ومنها الكنائس - في جزيرة العرب أشدُّ إثمًا، وأعظمُ جُرمًا». وأقوالهم في هذا كثيرة جدًّا؛ منها:

1- قال الإمام محمَّد بن الحسن - صاحبُ أبي حنيفة -: «ليس ينبغي أن تُترك في أرض العرب كنيسة، ولا بَيعة، ولا بيتُ نار».

2- وفي المدوَّنة الكبرى: «قلت: أرأيتَ هل كان مالك يقول: ليس للنصارى أن يُحدثوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ قال: نعمْ، كان مالك يَكره ذلك».

3- وقال الإمام الشافعيُّ: «ولا يُحدِثوا في أمصار المسلمين كنيسةً، ولا مجتمعًا لصلواتهم...».

4- وقال الإمامُ أحمد: «ليس لليهود ولا للنصارى أن يُحدِثوا في مِصرٍ مَصَّرَهُ المسلمون بيعةً ولا كنيسةً، ولا يضربوا فيه بناقوس».

5- وقال أبو الحسن الأشعريُّ: «إرادة الكُفر كفرٌ، وبناء كنيسة يُكفَر فيها بالله كُفر؛ لأنَّه إرادة الكفر».

6- وقال ابنُ قُدامة: «ويُمنعون من إحداث البِيَع والكنائس والصوامع في بلاد المسلمين؛ لِمَا رُوي في شروطهم لعبد الرحمن بن غَنْم».

7- وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في (الرسالة القبرصية): «اتَّفق المسلمون على أنَّ ما بناه المسلمون من المدائن، لم يكُن لأهل الذِّمَّة» أن يُحدِثوا فيها كنيسةً... والمدينة التي يسكُنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجدُ المسلمين لا يجوز أن يَظهرَ فيها شيء من شعائر الكُفر، لا كنائس ولا غيرها»، وقال: «مَن اعتقد أنَّ الكنائس بيوت الله، وأنَّ الله يُعبد فيها، أو أنَّ ما يفعله اليهود والنصارى عبَادةٌ لله وطاعةٌ لرسوله، أو أنَّه يحب ذلك أو يَرضاه، أو أعانهم على فتْحها وإقامة دِينهم، وأنَّ ذلك قُربةٌ أو طاعةٌ- فهو كافر».

8- وقال القاضي تقيُّ الدِّين السُّبكيُّ: «فإنَّ بناء الكنيسة حرامٌ بالإجماع، وكذا ترميمها».

9- وقال الحافظ ابن القيِّم: «ولا يُمكَّنون من إحداث البِيَع والكنائس، كما شرَط عليهم عمرُ بن الخطاب -رضي الله عنه- في الشروط المشهورة عنه... وهذا مذهب الأئمَّة الأربعة في الأمصار، ومذهب جمهورهم في القُرى، وما زال من يُوفِّقه الله من وُلاة أمور المسلمين يُنفِذ ذلك ويَعمل به، مِثل عمر بن عبد العزيز، الذي اتَّفق المسلمون على أنه إمام هدى».

الشيخ ابن باز

10- وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: «لا يجوز أن يُبنى في الجزيرة معابدُ للكفرة، لا النصارى ولا غيرهم، وما بُنِي فيها يجب أن يُهدَم مع القُدرة. وعلى وليِّ الأمر أن يهدمَها ويُزيلها، ولا يُبقي في الجزيرة مبادئ أو معاقل للشرك، لا كنائس ولا معابد، بل يجب أن تُزال من الجزيرة؛ حتى لا يَبقى فيها إلَّا المساجدُ والمسلمون»، وقال: «أجمَع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلاميَّة، وعلى وجوب هدْمها إذا أُحدِثت، وعلى أنَّ بناءَها في الجزيرة العربية - كنجد والحجاز، وبلدان الخليج واليمن - أشدُّ إثمًا، وأعظم جُرمًا؛ لأنَّ الرسول  صلى الله عليه وسلم أمَرَ بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يَجتمع فيها دِينان، وتبِعه أصحابه في ذلك، ولما استُخْلِفَ عمرُ -رضي الله عنه- أجْلَى اليهود من خيبر؛ عملًا بهذه السُّنة؛ ولأنَّ الجزيرة العربية هي مهدُ الإسلام ومنطلقُ الدُّعاة إليه، ومحلُّ قِبلة المسلمين؛ فلا يجوز أن يُنشأ فيها بيتٌ لعبادة غير الله سبحانه، كما لا يجوز أن يُقرَّ فيها مَن يَعبُد غيره».

اللجنة الدائمة

11- وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية: قولهم: كلُّ مكان يُعدُّ للعبادة على غير دِين الإسلام، فهو بيت كُفر وضلال؛ إذ لا تجوز عبادة الله إلَّا بما شرَع الله -سبحانه- في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمةُ الشرائع، عامَّة للثَّقلينِ (الجن والإنس، وناسخةٌ لِمَا قبلها، وهذا مُجمَع عليه بحمد الله تعالى.

وزارة الأوقاف الكويتية

12- وجاء في فتوى وزارة الأوقاف الكويتيَّة: «إنَّ إنشاء أيِّ دار للعبادة لغير المسلمين في دار الإسلام لا يجوز، وكذلك لا يجوز تأجيرُ الدُّور؛ لتكون كنائسَ، ولا تحويل الدُّور السكنية؛ لتكون كنائسَ أو معابد لغير المسلمين؛ وذلك لإجماع علماء المسلمين على أنَّه لا يبقى في دار الإسلام مكانُ عبادة لغير المسلمين».

.13- وقال الشيخ عبد الرحمن البرَّاك –حفظه الله-: «وممَّا يُؤسَف له أنَّ بعض المسلمين استجابوا للكفَّار في بناء الكنائس؛ فها هي ذي بعض البلاد الإسلاميَّة في أطراف الجزيرة العربية؛ جزيرة الإسلام، قد أَذِنوا للنصارى في بناء معابدهم، وقد جاء في الحديث: «لا تكون في أرض قبلتان»؛ فلا تجتمع قِبلة اليهود والنصارى مع قِبلة المسلمين».

إجماع العلماء

     وهكذا، نرى أنَّ علماء المسلمين وفقهاءهم قديمًا وحديثًا أجْمَعوا على حُرمة بناء الكنائس والمعابد في البلدان الإسلاميَّة، وأنَّها في جزيرة العرب أشدُّ إثمًا؛ لِمَا تمتاز به هذه الجزيرة من خصائص؛ فهي «وقفٌ في الإسلام على أهل الإسلام، وهي وديعةُ النبيِّ  صلى الله عليه وسلم  لى أمَّته، التي استحفظهم عليها في آخِر ما عهده النبيُّ صلى الله عليه وسلم ؛ فهي دارٌ طيِّبة، لا يَقطُنها إلَّا طيِّب، ولِمَّا كان المشركُ خبيثًا بشركه؛ حُرِّمت عليه جزيرة العرب وإنَّه إذا ما عَدَّتْ يومًا نفسَها مثل أيِّ قُطرٍ من الأقطار، ترضَى بمداخلة ما هو أجنبيٌّ عن الإسلام؛ فإنَّها تعمل على إسقاط نفسها من سجل التاريخ، وتَقضي على مَيزتها البارزة في خريطة العالم، فيخفت احترامُ العالم الإسلاميِّ لها، وتفقد رهبةَ شراذم الكُفر منها، وتَفتح مجالًا فسيحًا للقُوى الشرِّيرة العاتية. وإنَّه إذا تَقدَّمت الفِتن، والبدع، والأهواء، والنِّحل، وضروب الغزو الفكري؛ تضرب فارهةً على صخرة هذه الجزيرة؛ فقد تجلَّلتْ حينئذ من كلِّ ويلٍ تيارًا، وأذِنت بمشكلات ذات أحجام مختلفة في التمرُّد، وإذا تشرَّبت النفوس بهذه الأنماط المتناثرة على جَنبتَي الصراط المستقيم؛ تحولت الحياة إلى مَزيجٍ من الأهواء والضَّلال البعيد، وهذا إيذانٌ بدَكِّ آخرِ حِصْنٍ للإسلام، وتَقليصٍ لظلِّه عن معاقله في هذه الجزيرة المسكينة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك