رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان سعيد القحطاني 18 نوفمبر، 2014 0 تعليق

بعد الغزو الأمريكي بـ13 عاما.. أفغانستان أسوأ مكان في العالم توجد فيه امرأة

أصبحت المرأة المسلمة التي جرّتها أساليب الحياة الحديثة إلى مستنقعات الجهل والبحث عن التحرر الوهمي تعمل أعمالاً شاقة

بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان بشهر واحد، ألقت زوجة الرئيس الأمريكي  السابق (لورا بوش) خطابا تاريخيا بهذه المناسبة، ومما جاء في هذا الخطاب: «بسبب انتصاراتنا العسكرية في جزء كبير من أفغانستان، لم تعد النساء سجينات منازلهن، وبإمكانهن أن يستمعن إلى الموسيقى، ويدرّسن بناتهن دون خوف». وأضافت يومها قائلة: «الحرب ضد الإرهاب هي أيضا حرب ضد اضطهاد المرأة».، وخلال العقد الماضي ترصد وسائل الإعلام باستمرار ما تزعم أنها مكتسبات حصلت عليها المرأة الأفغانية في أعقاب الغزو، وكان آخر ما تداوله الإعلام الغربي الاحتفالية النسوية بــ(اليوم البرتقالي لوقف العنف ضد المرأة).

     قد نشر موقع مؤسسة (الأغلبية النسوية) (FMF) تقريرا مفصلا عن هذه الاحتفالية؛ حيث ذكر الموقع أن  ما يزيد عن 1000 شخص احتفلوا في الخامس والعشرين من أغسطس الماضي بــ(اليوم البرتقالي لوقف العنف ضد المرأة) من خلال تنظيم سباق للدراجات (في باميان- أفغانستان)، واستضافته منظمة غير ربحية اسمها شهداء.

وأشار الموقع أن ما يقارب من 15 فتاة قد اشتركن في السباق، بهدف رفع الوعي  بالعنف ضد المرأة، كما قام العديد من أهالي المنطقة بما فيهم مسؤولون في التعليم والحكومة بمرافقة المتسابقات حتى خط النهاية. وتسلمت الفائزات بالمراكز الثلاثة الأولى الجوائز.

     ونقل الموقع عن المنظمة الراعية للسباق قولها: «لمدة تزيد عن عقد، سعى المجتمع المدني في أفغانستان مع دعم المجتمع الدولي إلى وقف العنف الذي يعتمد على الجنس، مع تركيز خاص على حصول المرأة والفتاة على حقوق متساوية مع الرجل. واليوم أصبحت حقوق المرأة وقضايا المساواة منصوصة في الدستور الأفغاني في بند قانون إنهاء العنف ضد المرأة».

وبحسب الموقع فإن الاحتفال باليوم البرتقالي مع دعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، يستهدف رفع الوعي، ودعم قانون إنهاء العنف، ولاسيما بين الشباب والقادة والمحافظين. وقد أصبح هذا اليوم يسمى باليوم البرتقالي كل عام منذ 2012م لكن التركيز كان هذه المرة على العنف ضد الفتيات.

حملة إعلامية كبيرة

هذا التقرير غيض من فيض، مما يتناوله الإعلام الغربي عن المرأة الأفغانية، في محاولة لتسويق الاحتلال الغربي لأفغانستان ودعمه، وتسويغ سلوك هذا المحتل وهمجيته، الذي راح ضحيته عشرات الآلاف من المدنيين، ودمرت عشرات القرى وتم تهجير عشرات الآلاف.

     غير خفي على المتابع أن الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، صاحبته حملة إعلامية كبيرة، ترصد كل حركة أو مشهد متعلق بالمرأة الأفغانية، وأصبح مشهد مشاركة المرأة الأفغانية في مسابقات ملكات الجمال أو (الأولمبياد)، و صور الأفغانيات السافرات أو طوابير النساء اللاتي تقفن للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات تتصدر شاشات التلفاز وأغلفة المجلات في العالم.

لقد حاول الأمريكان استغلال قضية ما يسمونه باضطهاد المرأة الأفغانية، بوصفها واحدة من الذرائع لتسويغ عدوانهم على أفغانستان. فهل فعلا نالت المرأة الأفغانية حقوقها المزعومة بعد مرور قرابة 13 عاما على الاحتلال، أم إنها قد ازدادت سوءا وبؤسا؟

هل انتهت معاناة المرأة الأفغانية:

كتبت صحيفة (الأوبسيرفر) البريطانية مقالاً، تصف فيه الكذبة الكبيرة التي روجت لها الإدارة الأمريكية فيما أطلقت عليه اسم: (تحرير المرأة الأفغانية من ظلم نظام طالبان).

وقالت الصحيفة: إن الاحتلال الأمريكي أعلن أنه سيجلب الحرية لنساء أفغانستان، إلا أن النساء الآن يعشن في بؤس، وأحياناً يكون السجن هو المكان الأكثر أماناً لهن».

     ويضيف مراسل الصحيفة في أفغانستان: «عندما سقطت العاصمة (كابل) من حكومة طالبان، احتفل الإعلام الغربي بتحرير النساء الأفغانيات، عبر كشف وجوه النساء، بعد أن كن يرتدين البرقع الأزرق اللامع، وانتشر صوت السيدة الأمريكية الأولى لورا بوش عبر القنوات الفضائية، وهي تقول: «لقد عانت نساء أفغانستان، لكن التحرير الأمريكي استطاع أن ينهي سجنهن!!».

وتقول صحيفة (الأوبسرفر): إنه وعلى الرغم من اعتقاد الأمريكيين بأنهم حرروا المرأة الأفغانية من «ظلم» طالبان، إلا أن المرأة الأفغانية، و الغالبية العظمى من النساء الأفغانيات ما يزلن يرتدين الحجاب الإسلامي «البرقع» ذا اللون الأزرق.

ويقول مراسلها في أفغانستان: إنه من شبه المستحيل رؤية امرأة أفغانية تمشي في شوارع المدينة دون لبس البرقع. مشيراً إلى أن الاعتقاد السابق بأن نظام طالبان كان يفرض على النساء لبس البرقع، ويجبرهن عليه، هو اعتقاد خطأ، وأن دليل ذلك أن النساء إلى الآن يرتدينه في كل مكان.

ويتساءل مراسل الصحيفة البريطانية لكن لماذا؟ هذا هو السؤال، لماذا لم تخلع النساء الحجاب بانتهاء حكم طالبان؟

أسوأ مكان في العالم توجد فيه امرأة :

     في استطلاع للرأي أجرى في عام 2011م شارك فيه 213 خبيرا من 5 قارات في مجال حقوق المرأة، وصف أفغانستان بأنها «أسوأ مكان في العالم توجد فيه المرأة»؛ حيث كشف النقاب عن معدلات العنف المرتفعة، ومستوى الرعاية الصحية المتردي، والفقر المدقع، وكل هذا يجعل من أفغانستان أسوأ مكان يمكن أن تعيش فيه المرأة.

     إن الغرب يدعم ما يسمى بقضايا المرأة، ليس من أجل نصرة المرأة كما يدعي، ولا دفاعا عن حقوقها، بل لتمرير مصالحه. وهو ما عبرت عنه (إليزابيث تشينى)، ابنة نائب الرئيس الأمريكي السابق قائلة: «إن نساء العرب هن أهم وسيلة لإحداث تغييرات في المنطقة», وصرح الكاتب اليهودي (مارتن شيرمان) في مقال له نشرته صحيفة (يديعوت أحرنوت)، قائلا: «هناك طريق واحدة يمكن من خلالها الدخول في مواجهة حاسمة مع الإسلام، من غير أن نضر بالقيم الديمقراطية الليبرالية، هذه الطريق تمر عبر المرأة، والتطلع إلى تحريرها، أو على الأقل إحداث تقدم في هذا المجال، و مساواتها في الحقوق أو على الأقل تحسين وضعها من هذه الناحية، ولا يوجد أدنى شك أن عالماً إسلامياً يكون فيه وضع المرأة (المسلمة) قريباً من وضع بنات جنسها الغربيات، سيكون عالماً مختلفاً تماماً، وأيضاً خصماً أقل عداوة».

تكريم الإسلام للمرأة

     ليس معنى هذا أن المرأة المسلمة لا تعاني المشكلات والهموم، فلو كان هذا الأمر صحيحاً، لما وجد هؤلاء الغربيون ثغرة للدخول إلى مجتمعاتنا. والمرأة في العالم الإسلامي لم يكن لها قضية خاصة، إنما كانت القضية الحقيقية هي تخلف المجتمع وانحرافه عن حقيقة الإسلام، فلما وقع المجتمع في هذا الانحراف، ظلمت المرأة وضاع الكثير من حقوقها.

     إن الصورة الحقيقية للإسلام واضحة في كتب السِّيَر والتاريخ الإسلامي، التي ذكرت كيف كان للمرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كيان مستقل عن الرجل، تطالب بحقها الذي أعطاها إياه الإسلام بكل جرأة، فها هي عاتكة بنت زيد تمارس حقها بإدارة أموالها بمعزل عن زوجها. كما فعلت ميمونة أم المؤمنين بجاريتها دون علم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أما في القوانين الوضعية فحتى عام 1805م كان القانون الإنجليزي يبيح للرجل أن يبيع زوجته بستة بنسات فقط، وحتى الثورة الفرنسية التي أعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة لم تشمل المرأة، وكان القاصرون في عرفها: الصبي والمجنون والمرأة!! فشتان بين هذا وذاك!!

     أصبحت المرأة المسلمة التي جرّتها أساليب الحياة الحديثة إلى مستنقعات الجهل والبحث عن التحرر الوهمي والمساواة، تعمل أعمالا شاقة تصعب على الرجال، ففقدت بها أنوثتها ورونقها وسط الحياة التي اختارتها. ويا له من تناقض عندما نرى الحال انقلب رأسا على عقب!، فبالرجوع للإحصائيات يتضح ارتفاع معدل حالات الاعتداء والاغتصاب متزامنا مع تفسخ الأخلاق، وازدياد الدعاوى للمساواة، وفتح الحياة للمرأة بمصراعيها، متناسين خلقة الخالق واختلاف الجنسين من بادئ الأمر.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك