رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فلسطين - ميرفت عوف 14 يناير، 2013 0 تعليق

بسبب تقليص خدمات (الأونروا).. المواطن الفلسطيني يدفع الفاتورة فقرًا وبطالة

 

أضر قرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بقطاع غزة إيقاف برنامج «البطالة العمالية» بعائلة أبو مصطفى، فقد كان هذا البرنامج يُسهم إلى حد ما في التخفيف من أعباء الفقر والبطالة التي أحاطت بهذه العائلة.

أبو مصطفى - 42 عامًا – وهو من سكان مدينة خان يونس يقول: إن الوكالة اكتفت بتوفير المساعدات الإغاثية له وهي عبارة عن (كوبون) طارئ يحصل عليه مرة كل شهرين.

     ويخشى أبو مصطفى في ظل ما أعلنته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين من قرارات تقشفية وسياسات تقليص أن يفقد السلة الغذائية والمواد التموينية التي تسهم إلى حد كبير في تلبية الحاجات الأساسية لتلك الأسرة، يقول لنا: «في ظل ما نعانيه من ظروف اقتصادية صعبة بفعل الحروب المتتالية وعمليات الدمار للاقتصاد الفلسطيني وحالة العجز المالي للسلطة الفلسطينية فإن أملنا كان كبيرًا بزيادة المعونات الإغاثية وإعادة برنامج البطالة العمالية وليس تقليصها».

     ولم تنعكس قرارات (الأونروا) على هذا المواطن فقط، بل على أكثر من 800.000 لاجئ في قطاع غزة وحوالي 30% من إجمالي عدد سكان الضفة الغربية الذين تقوم الوكالة على تقديم الخدمات لهم؛ حيث قررت الوكالة وقف المساعدات النقدية للأسر الفقيرة، وقف برنامج التشغيل المؤقت وخلق فرص عمل، وقف الخدمات الصحية المسائية، تقليص الخدمات الصحية إلى النصف بسبب سياسة التقليص التي ستتبعها في الأراضي الفلسطينية ومخيمات اللجوء في الشتات، والأسباب كما تحدث بها (فيليبو غراندي) المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، لا تُغادر ضآلة ميزانية الأونروا نتيجة عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية لها، بينما تُنذر النتائج على الأرض بكارثة إنسانية في كافة القطاعات الخدماتية وعلى رأسها الصحة والعمل والتعليم.

     «الفرقان» تبحث أكثر في الأسباب التي دعت الأونروا للإعلان عن تقليص خدماتها على لسان مفوضها العام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وتناقش مع الخبراء وجهات النظر المختلفة وصولًا لحلول ممكنة، لتضعها بين أيديكم في سياق التقرير التالي:

     في إطار جولتنا بمراكز الأونروا في قطاع غزة، وصلنا إلى المركز الصحي التابع لـ (الأونروا)، حيث كانت أم رائد-35عامًا - تنتظر أن يُسمح لها بالدخول إلى الطبيب في عيادة الأطفال بالمركز، تقول هذه السيدة: إن حضورها هذا لم يكن الأول، فمنذ أسبوعين تتردد على العيادة للحصول على تطعيم لابنها لكن دون جدوى، وتؤكد السيدة أن الطبيب أخبرها أن التطعيمات الخاصة بالرعاية الأولية لم تصل إلى صيدلية «الأونروا» بعد، تقول وقد بدا الإعياء واضحًا على ملامحها: «لا أملك إلا الانتظار لحين توافر التطعيم فقد أشار إليها الموظف بعدم العودة إلا حين الاتصال بها.

     وتُشير السيدة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها وصول التطعيمات الخاصة بالأطفال، موضحة أن الأمر بات اعتياديًا منذ النصف الأول للعام 2012، تقول: «قد يتأخر التطعيم أسبوعين أو شهرا وحين يتوافر تعمد العيادة إلى التواصل معنا لإحضار الأطفال لأخذ التطعيم»، وتعقب: «نخشى أن يزيد الأمر سوءًا بعد إعلان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين تقليص خدماتها بسبب العجز المالي».

الدواعي والأسباب

     المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين – مكتب غزة- عدنان أبو حسنة يوضح لنا أن أسباب تقليص خدمات الوكالة وما تبعه من خفض التمويل الممنوح للبرامج الطارئة التي ينتفع منها اللاجئون الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية ومخيمات الشتات، تعود إلى نقص التمويل للبرامج والبالغ 35 مليون دولار في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويقول في حديث خاص بـ«الفرقان»: إن إدارة الأونروا مع العجز الموجود لديها لم تملك إلا خفض الميزانية المخصصة لبرنامج خلق فرص العمل، مؤكدًا أنه تراجع بنسبة 70% تقريبًا، بينما بقيت برامج الطوارئ الغذائية التموينية كما هي إلا من بعض الإصلاحات التي استثنت من بين المنتفعين اللاجئين من لديهم القدرة المالية ولا ينطبق عليهم مواصفات الفقر المدقع – وفقًا لتقارير باحثيها- مشيرًا إلى أن الحصص المستثناة يُعاد توزيعها على الفئات الأكثر فقرًا.

     وأكد أبو حسنة أن الأونروا لن تستطيع أن تقدم خدماتها على أكمل وجه، في ظل تزايد أعداد ومتطلبات اللاجئين مقابل ثبات التبرعات التي تُقدم لها، مؤكدًا أن ما يزيد المشكلة تعقيدًا ويُعجز الأونروا عن تقديم خدماتها حالة الرفض العربي لزيادة قيمة الأموال التي تدعم بها الأنروا إلى 7.5%، لافتًا إلى أن ما تقدمه لا يتجاوز 1.5% من الميزانية العامة،ويُطمئن أبو حسنة المواطنين في قطاع غزة بأن الأونروا لن تتخلى عن دورها في دعمهم قائلًا: «نُصر على تحمل مسؤولياتنا بما لدينا من إمكانيات».

أثر اقتصادي وخيم

     ويعقّب المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم على سياسة الأونروا في تقليص خدماتها المقدمة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وكافة مخيمات اللجوء في الشتات، بأنها خطوة تُعجل بانهيار الوضع الاقتصادي للمواطن الفلسطيني المُلغم بالأزمات والانتكاسات أصلًا، وتزيد من معدلات الفقر والبطالة.

     ويشدد د. عبد الكريم في حديث خاص بـ «الفرقان» على أن تقليص الخدمات سيؤدي إلى ضعف قدرة الفرد على الاستهلاك والإنفاق معًا، وسيُعطل الأوضاع الاجتماعية في الأراضي الفلسطينية المتردية أصلًا، وبيَّن أنها ستُضاعف الأزمات التي تُعانيها أسر كثيرة ولاسيما الفئات الأقل حظًا في المجتمع الفلسطيني التي تعتمد في معيشتها بنسبة 85% على مساعدات الأونروا بشتى مجالاتها المالية أو الصحية أو التعليمية.

     ويضيف أن الانعكاسات السلبية لقرارات التقليص الأخيرة للأونروا لن تقتصر على الأفراد والأسر الفلسطينية المعوزة وإنما ستعانيه السلطة الفلسطينية كونها ستكون مطالبة بتوفير بدائل، ويتابع القول: «إن الأزمة التي تُعانيها السلطة الفلسطينية في توفير متطلبات الشعب الفلسطيني بالحد الأدنى من الرواتب ستتضاعف في ظل زيادة الأعباء على خزينتها المفرغة أصلًا».

ويبين المحلل الاقتصادي أن السلطة الفلسطينية ستكون مطالبة بزيادة بند الإعانات التي تُقدمها للأسر المعوزة والفقيرة ضمن برامج الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية، أو لجان الزكاة والمؤسسات الحكومية المعنية بتقديم المساعدات المادية للفقراء والمعوزين، ويقول: «إن إقدام الأونروا على تقليص وإلغاء برامج التشغيل المؤقت سينعكس على معدلات البطالة»، مؤكدًا أنها سترتفع بشكل ملحوظ في ظل إيقاف الآلاف من الفلسطينيين عن أعمالهم التي لم تكن دائمة وإنما فقط وفق برامج البطالة المؤقتة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك