رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 25 مارس، 2013 0 تعليق

بريد القراء

 

 الشرعية بين السياسيين والشريعة

     الذي يتابع وسائل الإعلام خصوصا الفضائيات التي يسيطر عليها غالبا الليبراليون، وأركان النظام السابق في دول الربيع العربي، يصاب باليأس والإحباط في إمكانية الإصلاح، ويفقد الأمل في التغيير للأفضل، فإضافة لقيام هذه الوسائل بالكذب المستمر والتضليل المتعمد، وتقليل الإنجازات، تحاول تشويه صورة الإسلاميين والمخالفين لهم، ويتعمدون تزييف الحقائق، وقد أكد أحد كبار الباحثين أن 90% من برامج وسائل الإعلام تهاجم التيار الإسلامي، فهم ينشرون دائما أن البلاد ما زالت تعيش في حالة من الفوضى الأمنية، وعدم استقرار اقتصادي، وتقترب من الانهيار، ويريدون بذلك توصيل الناس لرأي كان مستبعدا بأن الحكم قبل الثورات كان أفضل، وأن الأحوال لن تتحسن في ظل وصول الإسلاميين للحكم، ويؤكدون أن الأهداف التي قامت من أجلها الثورات لم تتحقق، ويدعون إلى الاعتصام المتواصل، والمظاهرات المستمرة، بل للعصيان المدني، والتحريض على القتل وسفك الدماء وإنفاق الأموال لفرض الفوضى.

     ولكي يواصل أتباعهم التظاهر يحاولون إقناعهم بأمر غريب لم نعهده من قبل في الأنظمة الحاكمة العربية، أو في الدول الغربية التي تعتبر قدوة لهم في أنظمة الحكم، فيشيعون باستمرار أن شرعية الحكام المنتخبين بطرق قانونية قد سقطت؛ لأن الحكومات ضعيفة، والرئيس يتخذ قرارات خاطئة، أو لأن الإسلاميين قد ارتكبوا مخالفات أفقدت الحكام الشرعية، وأن الشرعية لبعض فئات من الشعب التي تواصل التظاهر.

     وقد نجحوا في إقناع كثير من الشباب بضرورة إسقاط شرعية الحكام والمجالس المنتخبة، وفرض شرعية شعبية للميادين التي لا يتظاهر فيها إلا قلة يختلط فيها المفسد والمأجور بالمصلحين والثوار، وفشلوا في حشد الجماهير التي اشتكت من كثرة المظاهرات، وكرهت قطع الطرق، وتعطيل المصالح، وملت من المطالبة بالخروج على الحكام المنتخبين.

     وأما حجتهم في إسقاط شرعية السلطات المنتخبة فهي أنها تأخرت في إحراز النجاحات في الاقتصاد والأمن، ولم تحقق الأهداف التي قامت من أجلها الثورات، ولكن غالبية الشعوب المتيقظة لم تستجب لهذه الدعوات المغرضة التي تحقق أهداف الأعداء، وتدخل البلاد في المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار وترجعنا لنقطة البداية.

     والحمد لله بدأت الشعوب تقارن بين مواقف هؤلاء السياسيين الذين يسقطون الشرعية عن الحكام لمجرد المخالفات أو الاختلاف في الرأي، وعدم الصبر، وبين القواعد المحكمة والضوابط البليغة التي وضعتها الشريعة لنحتكم إليها عند الاختلاف مع الحكام وبيان شروط وكيفية تغيير المنكر، وهي مشهورة ومعروفة في كتب الحديث والعقيدة وغيرهما إضافة للقرآن الكريم، ومن أهم هذه القواعد: السمع والطاعة لولي الأمر أو الحاكم الشرعي المنتخب، وألا ننازع الأمر أهله «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» حديث متفق عليه. فمن يحتكم إلى هذه القواعد يحم البلاد من الفوضى والانهيار، ويحترم المبادئ التي تتفق مع القواعد الديمقراطية التي تلجأ للوسائل القانونية لإسقاط الحاكم، وإذا كانت الأنظمة السابقة لم تلتزم بأي قواعد لتداول السلطة، فالأنظمة المنتمية للإسلام احترمتها ووضعتها في مواد دستورية ملزمة للجميع، وحتى لا تسقط البلاد في الفوضى.

     والحمد لله بدأت الجماهير تفكر في الانصراف عن وسائل الإعلام المغرضة، وتقلل من متابعة الفضائيات المزورة، وتقوم بإحداث توازن في المشاهدة بين قنوات فلول الأنظمة السابقة وبين القنوات الإسلامية ووسائل الإعلام الجادة التي تريد حفظ الأمن ونشر الاستقرار والالتزام بقواعد الشريعة.

سعيد عبد المحسن

 

 

العلماء وهموم العامة

     الأمة الإسلامية اليوم في محنتها التي تعيشها أحوج ما تحتاج إلى العلماء الربانيين، الذي يعيشون بين الناس يشاركونهم مشاكلهم وحياتهم اليومية، ويؤثرون فيهم، لا ينعزلون عن الناس، بل يتحركون ويبادرون ويغدون ويروحون ويخالطون ويتبسطون ويتحدثون، ويأمرون وينكرون ويتصدون، يشاركون العامة آلامهم وآمالهم، أحزانهم وأفراحهم، أزماتهم ومعاناتهم.

     يرشدونهم ويوجهونهم ويكونون قدوة لهم، يجاهرون بالحق ويدافعون عن حقوق الناس، يبذلون الوُسع في الشفاعة لهم، والقيام بقضاياهم،  بهذا يصلح حال الأمة، ويكون للعلماء دورهم المؤثر في مجريات الأمور ويملكون دفة القيادة.

     إن مشاركة العلماء لهموم ومشاكل العامة وتصديهم لحلها ودفاعهم عن حقوق الناس، تزيد من مكانتهم عندهم، فيتزايد حب القلوب لهم تدريجيا، ويرون فيهم القدوة الصحيحة التي لا مطعن فيها، فيتبعونهم، ويمتثلون أمرهم. كما تزداد هيبتهم عند السلاطين ويخشون غضبتهم؛ لأن في غضبهم غضبا لجماهير الأمة مما يهدد ملكهم؛ فيعملون لهم ألف حساب، ولا يخرجون عن رأيهم فتستقيم أحوال البلاد والعباد.

     لقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر والقدوة والسراج المنير، يخالط أصحابه، ويعيش بينهم ينصحهم ويوجههم، يسابق عائشة رضي الله عنها ويزور الناس في بيوتهم، وتأخذ بيديه المرأة العجوز، ويبول الطفل الصغير في حجره الطاهر، يلاعب الصغار ويعتنقهم ويحملهم، ويصلي والصغيرة على عاتقه، ويعلم الناس ويقود الجيوش، ويعمل مع الجند، ويمشي في الأسواق، ويشارك الناس طعامهم. يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله: «لقد كان واحدا من البشر يحس إحساسهم, ويتذوق مواجدهم, ويعاني تجاربهم, ويدرك آلامهم وآمالهم, ويعرف نوازعهم وأشواقهم, ويعلم ضروراتهم وأثقالهم، ومن ثم يعطف على ضعفهم ونقصهم, ويرجو في قوتهم واستعلائهم, ويسير بهم خطوة خطوة, وهو يفهم ويقدر بواعثهم وتأثراتهم واستجاباتهم؛ لأنه في النهاية واحد منهم, يرتاد بهم الطريق إلى الله, بوحي من الله وعون منه على وعثاء الطريق».

     كما كان تفاعل العلماء مع العامة أهم ما يميز سلف هذه الأمة، فهذا الزاهد المشهور بشر بن الحارث الحافي رحمه الله، يعدد ثلاث خصال امتاز بها الإمام أحمد بن حنبل، وفضل بها عليه، وقصر هو عنها، أحدها: أنه (نصب إماما للعامة). ووصفوا الأوزاعي بأنه: (كان رجل عامة)، ومثله المحدث الثقة الفقيه أبو إسحق الفزاري، قالوا: كان رجل عامة، وهو الذي أدب أهل الثغور الإسلامية التي في أعالي بلاد الشام والجزيرة تجاه الروم، وعلمهم سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يأمر وينهي، وإذا دخل الثغر رجل مبتدع أخرجه، وخالد بن عبد الله الواسطي، أحد المحدثين الثقات من شيوخ البخاري، وصفوه بأنه كان (رجل عامة).

     كان هؤلاء العلماء أصحاب فقه عظيم وكانوا دعاة، يعلمون الناس.  لم يحملهم علمهم على حصر أنفسهم بين الجدران، بل كانوا ينزلون إلى الجموع، ويقودونها، ومن ثم سادت الأمة الإسلامية العالم، وبسطت نفوذها في كل مكان.

     لكن عندما انعزل العلماء عن الناس، وعاشوا بين جدران المكتبات وقاعات المحاضرات والدرس، حدثت الهوة السحيقة بين العلماء والعامة، ولم يجد الناس قدوات صالحة تحركهم، فالتفوا حول نخب فاسدة، وزعامات زائفة، واتخذوا رؤوسا جُهالا، فضاع الحق وتنكبت الأمة طريقها. و من ثم فإن أي نهضة أو إصلاح حقيقي يجب أن يبدأ بالتحام العلماء بالعامة، والتفاف الناس حول علمائهم.

عائشة الغريب

الوجه المشرق للحب

صحيح أن من الحب ما قتل، ولكن منه كذلك ما هو حياة لأولي الألباب والنهى... فالحب داء، والحب أيضا دواء!
     ففي لحظة من اللحظات الحالمة في شرخ الصبا، قد يقع القلب في داء الحب، ويسقط في شباكه، من نظرة أو ابتسامة أو كلمة، أو حتى همسة، فتبدأ أعراض المرض من السهر والسهاد والتنهيدات والشرود، وتبدأ الأعراض تتزايد وتظهر بصورة أقبح مثل: الغيرة، واحتكار المشاعر، والحصار، والامتلاك وغيرها، فتنتقل العدوى للطرف الثاني، ولكن المرض يتفاقم وتظهر أعراضه القاتلة من الشك، والريبة، وعدم الثقة، وتعمد الإساءة، وأحياناً الشعور المريض بجرح المشاعر، والمتعة في تشويه الصورة وكل الذكريات الجميلة.
 وللأسف الشديد يصاحب هذه الأعراض، ضعف في السمع لأي ناصح أمين، وتبلد في المشاعر لأي محاولة للإصلاح.
وغالبا ما ينتهي الحب الداء، إلى مشاعر كراهية وبغض وتعذيب إما للنفس أو للآخرين!
     لكن هناك وجه آخر مشرق للحب، وهو الحب الدواء، وله صور رائعة الجمال تزينها ألوان دافئة ومشاعر مرهفة، وتحميها نوايا مخلصة وأهداف صادقة تهفو لأعلى غاية، وهي رضا الله سبحانه، والعيش في ظلال رحمته.
     ومن هذه الصور ما وصفه الله سبحانه وتعالى  بالمودة والرحمة بين الزوج والزوجة، فالمودة والرحمة تعبير أشمل وأكمل من الحب وحده، فبالمودة والرحمة يتفانى كل طرف في إرسال رسائل السعادة والحب مادياً ومعنوياً لشريكه في هذه الرحلة المفعمة بالسكينة والأمان، الحب الأبوي بين الأبوين وأبنائهما، الذي يداوي أمراض الأثرة وحب الذات، ويحولها إلى الإيثار وإنكار الذات، وبذل الغالي والنفيس في إسعاد الآخرين،
الحب في الله ما أروعه في إضفاء الصفات الجميلة على من يتصف به، من حب الخير للآخرين والنصح لهم.

محمد زغلول سيف

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك