رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 9 سبتمبر، 2013 0 تعليق

بريد القراء

 التمسك بالسنة

     الخير كله في التمسك بأصلين، الأصل الأول: كتاب الله، والثاني: سنة رسول الله، فمن تمسك بهما وقي من الضلالة، وفاز وأفلح في الدنيا والآخرة، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر في حجة النبي –صلى الله عليه وسلم: «وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله». والسنة بمنزلة الكتاب في الحجة؛ لأنه وحي من الله -تعالى-: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} سورة النجم (3-4)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم.

     والتمسك بسنة رسول الله سبب من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى». قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» رواه البخاري. وطاعته -صلى الله عليه وسلم- تعني التمسك بسنته ظاهراً وباطناً، قولاً وعملاً واعتقاداً، فمن فعل ذلك فهو من أهل الجنة -بإذن الله-، يقول المناوي: «فعلامة الفوز بالجنة: التمسك بالسنة».

     والمتمسك بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ينتفع الناس بعلمه وعمله في حياته وبعد موته، وصاحب الهوى مقطوع العمل ليس لعمله ولا لعلمه دوام ولا بركة، وهذا مصداق قول الله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} سورة الكوثر(3). {شانئك} مبغضك، {الأبتر} المقطوع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وكل من شنأ شيئا مما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- كان له نصيب من هذه الآية؛ حتى قيل لأبي بكر بن عياش: إن هاهنا في المسجد أقواما يجلسون للناس. فقال: من جلس للناس جلس الناس إليه ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم؛ وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم». فتأمل -أخي- هذا الكلام الذي يكسوه نور النبوة.

     كما أن اتباع السنة، والتمسك بها منجاة غدا بين يدي الله -تعالى-، وسبب لورود حوض النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحصول الشفاعة بعد رحمة الله -تعالى- وإذنه؛ قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: «وتأمل قوله تعالى لنبيه: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} سورة الأنفال(33). كيف يفهم منه أنه إذا كان وجود بدنه وذاته فيهم دفع عنهم العذاب وهم أعداؤه؛ فكيف وجود سره والإيمان به ومحبته ووجود ما جاء به إذا كان في قوم أو كان في شخص؟ أفليس دفعه العذاب عنهم بطريق الأولى والأحرى؟».

     نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته، والتمسك بسنة نبيه قولاً وعملاً؛ وأن يرزقنا شفاعته، وورود حوضه. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

المنتصر بالله القناوي

 

جهاد اللسان في الإعلام البديل!

     ورد في الحديث الشريف أن (فشو القلم) من أشراط الساعة، فشو القلم أو (ظهور القلم) رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد. وقد ظهر هذا في وقتنا المعاصر بصورة ملحوظة وبوسائل متعددة، فالمواقع الإلكترونية تتيح مساحات غير محدودة من الكتابة والتعبير عن الرأي، والقنوات الفضائية كذلك تمكن مشاهديها من التفاعل معها، ولم تعد برامجها تجري من طرف واحد فقط؛ بل أصبح المشاهد طرفا رئيسا في بث الآراء، سواء أكانت صحيحة أم سقيمة!

     ومن دلائل فشو الكتابة والقول في زماننا عن غيره من الأزمان ما ذكره الحسن البصري رضي الله عنه حين قال: لقد كان الرجل يأتي الحي العظيم فما يجد فيه كاتبا.

      وكما نلاحظ انتشار الكتابة، وما يتشقق عنها من فنون وروافد فضائية وتلفازية، نلاحظ أيضا توظيف هذه الوسائل في الصراعات التي وصلت لمحاولة غسيل الأدمغة، وتزييف الحقائق، بالهجوم المباشر على الإسلام، ومحاولة التشكيك في الثوابت، وكذلك في الاستقطاب السياسي الذي ابتليت به الكثير من المجتمعات الإسلامية.

     وإزاء هذه الحالة من السيولة؛ بل والطوفان الجارف من بث المعلومات منها الصحيح، ومنها المغلوط لأغراض تراد لذاتها، نجد أنه لزاما على كل شاب وفتاة يتعامل مع هذه الوسائل أن يراعي آداب الإسلام في التعاطي معها، وذلك بالتثبت من المعلومة، وعدم التسليم للمعلومة المجهلة التي تصدر عن غير الثقات، أو عن مصادر غير معروفة أصلا!

     كما يلزم من يتعامل مع هذه الوسائل أن يبث المعلومات الصحيحة التي تعلي من قيم الحق، وتذب عن الإسلام منهجا وسلوكا، وتبين محاسنه، وتجلي الحقائق قدر المستطاع.

     وفي الحديث الشريف عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ أَتَى النَّبِيَّ [، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ [: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ».
وعليه فإن كل شخص يتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي ـ وأغلبنا كذلك ـ يمكن أن نطلق عليه مسمى الإعلام البديل،  فكل منا يمكن أن يكون وسيلة إعلامية ناطقة بالحق، ومصححة للأخبار المغلوطة أو الموجهة لغير صالح المسلمين، ويمكن أن يؤدي ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لكعب: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه»، وهو ما يعني أننا نستطيع الجهاد بلساننا حين نوجه الناس للخير ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وحين نكون رسالة طمأنينة ورحمة في وقت يعاني فيه العالم الخوف والهلع!

مؤمنة عبد الرحمن

الانتصار للرأي آفة مواقع التواصل الاجتماعي

      الانتصار للرأي من أشد الآفات انتشارا على موقع الفيس بوك، وسائر مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، وتبدو هذه الآفة في تزايد يوما بعد يوم لا سيما وأننا قد ننسى أن نتعاهد بعضنا بالنصح، وبما تتيحه هذه المواقع من الجهر بالرأي دون مواجهة مباشرة، بما يغري أصحاب النفوس الضعيفة للاستئساد على محاوريهم، والدخول في حروب كلامية، قد تصل للعنف اللفظي أحيانا كثيرة.

     لو راقبت الكثير من المتحاورين حولك ستلمس هذه الروح مستشرية بشكل مخيف، أقل ما توصف به أنها تفسد الوصول إلى تكوين رأي سديد في قضية من القضايا، بعيدا عن الاستقطاب أو الاستحواذ الفكري الذي نمارسه على بعضنا.

     يذكرك بهذه الحالة من الأثرة وشهوة الانتصار للرأي، ومدى تدني لغة الحوار عبر المعارك “الإنترنتية” ما يروى عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه رأى ابنه حمادا يناظر في الكلام (علم الكلام) فنهاه، فقيل رأيناك تناظر فيه، وتنهانا عنه، فقال: كنا نناظر، وكأن على رؤوسنا الطير مخافة أن يزل صاحبنا، وأنتم تناظرون، وتريدون زلة صاحبكم!

     إن هذه الروح السامية في الحوار التي كان عليها الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله عنه هي ما يجب أن يكون عليه كل من يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعد إحدى القنوات الرئيسة لتبادل الآراء في شتى الأحداث والمجالات.

     إن هذه المواقع تضع المسلم في اختبار حقيقي أمام معنى مراقبة الله تعالى،  وتضعه في اختبار أمام قيمة الحرص على ما يرضي الله تعالى من القول، وتجنب ما يغضبه؛ ففيها قدر كبير من الخلوة، والشعور بالأمن من العقوبة أو التعنيف المباشر، لهذا يسقط أصحاب النفوس الضعيفة في هذا الاختبار.

     وعلى المسلم الحقيقي مراعاة أن هذه المواقع من نعم الله علينا، وشكر النعمة يستوجب حسن الاستفادة منها، وعدم الإساءة للآخرين من خلالها، والبعد عن تسفيه آراء المخالفين، والبعد كل البعد عن الرغبة في الانتصار للذات، بعيدا عن تحري الحق!

عبد المحسن المسلماني

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك