رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 19 يونيو، 2014 0 تعليق

بريد القراء

 الإتيكيت مظهر حضاري يَرُدُهُ الإسلام إلى مكارم الأخلاق!

الإتيكيت، أو حُسْنُ التَصَرُفِ، هو فَنٌ يَشْمَلُ:

1- الأَنَاقَةُ في المظَهَرِ، كاختيار الزَيِّ المُلائِمِ لِكُلِ مُنَاسَبَةٍ.

2- اللبَاقَةَ في الحوار «نُطْقاً وإصْغَاءً» كانتقاء عِبَارَاتِكِ بِعِنَايَةٍ، والإِنْصَاتِ باهتمام إلى مُحَدِثُكِ.

3- الليَاقَةَ في الحَرَكَةِ،  سَوَاءٌ عِنْدَ تَنَاوْلِ الطَعَامِ، أم كَيْفِيْةِ المَشْيِ، أم الجُلُوُسِ، إلخ.

باختصار، إن الإتيكيت هو: فَنُ العَيّشِ  بِطَرِيقَةٍ حَضَارِيَة، أو فَنُ حُسْنِ التَصرُفِ بِكُلِ: أَنَاقْةٍ، ولَباقَةٍ، ولْياقَةٍ.

     وقد يظن البعض أن الإتيكيت، أحد مظاهر الحضارة الغربية، وصلتنا ضمن سلسلة من العادات والتقاليد، التي استوردناها من أوروبا، ولكن مثل هذا الاعتقاد ينطوي على مغالطة كبرى، فتراثنا الإسلامي يشتمل على الكثير من القيم، التي أرساها السلف الصالح، وتَنْدَرِجُ كُلَها في خانة «حُسْنُ التَصَرُفِ»، أو ما بات يُعْرَفُ بالإتيكيت!

 و إذا كان ما وصلنا من الغرب عن الإتيكيت،  يَقْتَصِرُ على المظاهر دون غيرها، كفن الملبس، أو فن المخاطبة،  أو فن التصرف، في مختلف الحالات،  وشتى المناسبات، ككيفية تناول الطعام، أو المشي، أو الجلوس، فإن ما حفل به تراثنا الإسلامي يذهب الى أبعد من ذلك بكثير؛ إذ هو يربط بين (حُسْنِ الخُلُقِ) و(حُسْنٍ  التَصَرُفِ)، ويرى أن (السُلُوكَ اللائقَ)  لا يجب أن ينفصل (عن ًحُسْنٍ السلوك).

إن تراثنا الإسلامي يعد الآداب العامة مظهرا للأخلاق الحميدة؛ إذ لا يفيد أن يكون المرء أنيقاً في ملبسه، لبقاً في حديثه، لائقاً في طريقة إمساكه بالشوكة والسكين،  ولا يتحلى بِحُسْنِ الخُلُق!.

لقد حفل تراثنا الإسلامي بالكثير مما يتعلق بالآداب العامة،  ففي آداب الطعام على سبيل المثال، جاء في الحديث الشريف : «يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»متفق عليه.

و في آداب اللقاء: «تَبَسُّمُك فِي وَجْهِ أَخِيك صَدَقَةٌ» رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني. إلى غير ذلك من مظاهر الآداب العامة، وحُسْنُ التَصَرُفِ، التي أوصانا بها الإسلام، كالإحسان إلى الجار، والناس عامة، وإكرام  الضيف، وتبادل الهدايا،  وصلة الرحم، وبر الوالدين، وخفض الصوت، وعدم المشي مرحاً، والاستئذان قبل دخول البيوت، والمعاملة بالمعروف بين الزوجين، واحترام الصغير للأكبر منه سناً، وعطف الكبير على من يصغره، إلخ.

إن المصافحة مثلا، وفقاً لمبادئ الإتيكيت الغربية،  تعتمد على المستوى الاجتماعي لكل من المتُصَافِحَيَّن، ومدى معرفتهما ببعضهما، ولكن في تراثنا الإسلامي، إن  كل الناس سواسية. كما جاء عن رسولنا الكريم محمد  صلى الله عليه وسلم : «ما من مسلميَّن يلتقيان فيتصافحان إلا َّ غُفِرَ لَهُما» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني، من هنا يتضح أن الإتيكيت، أو حُسْنُ التَصَرُفِ، لا ينبغي أن يقتصر على المظهر فقط، إنما يتعداه إلى الجوهر، وتحديداً إلى الأخلاق، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.

فاطمة عبد العزيز الحارثي

 

تحسسوا أنوفكم

يروى أن حاكم إحدى البلاد البعيدة أصابه مرض خطير فلم يجد الأطباء لعلاجه سوى قطع أنفه، استسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم.

     وبعد أن تعافى، ونظر إلى وجهه البشع دون أنف، وليخرج من هذا الموقف المحرج، أمر وزيره وكبار موظفيه بقطع أنــوفـهم، وكل مسؤول منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبة بأن يقوم بقطع أنفه إلى أن وصلت موظفي الدولة كافة، وكل منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فرد من أهل بيته بقطع أنفه.

مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادة، وجزءاً من ملامح أهل هذه البلدة، فما أن يُولد مولود جديد ذكراً أم أنثى إلا ويكون أول إجراء بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه، بعد سنوات مرّ أحد الغرباء على هذه البلدة.

وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيح وشاذ؛ لأن له شيئاً يتدلى من وجهه.. هو أنفه السليم !!

فبحكم السلطة، وبحكم العادة التي صارت جزءا من شكل هذا المجتمع الصغير، وهذه البلدة النائية: صار الخطأ صواباً، وصار الصواب خطأ.

فطفقوا يضحكون عليه وعلى وجود أنف على وجهه يا للهول انظروا إلى هذا الكائن الغريب الشكل ذو الأنف!! هكذا قال أغلب الناس، سبحان الله نسوا أنهم أصحاب أنوف في الأصل.

أتدرون ما اسم هذه القرية؟ ومن هو الملك؟ ومن هم أهلها؟ هل فقدنا أنوفنا؟ كم من خطأ اعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب، وندافع عنه لأنه من عاداتنا؟

     أحبائي تحسسوا أنوفكم، تحسسوا عقولكم، واسألوا أنفسكم: كم من الأشياء تم قطعها منكم وحاولوا أن تكتشفوا الأخطاء التي ورثتموها عن الآباء أخرجوها من دولاب العادة والمألوف، وضعوها على طاولة الدين والعقل وأعيدوا بناء علاقتكم معها لنستعيد سويا حاسة الشم والتفكير.

عبد الحميد المنصوري

 

ما أجمل العطلة

     إنه إحساس جميلٌ بالحرية عندما تنتهي من واجب، وعندما تنجز أو تتخلص من مهمةٍ صعبة، كأن تجتاز مرحلة الامتحانات، أو تنتهي من تنفيذ برامجك ومشاريعك، أو تتعافى من مرضك وسقمك، فتشعر أنك أصبحت حراً، تملك وقتك، ولديك وحدك قرارك، فتستطيع أن تنام طويلاً أو تخرج في رحلةٍ، أو أن تتنزه وتلعب، وأن تتابع برنامجاً أو تشاهد فيلماً، أو أن تقرأ كتاباً حراً أو رواية جميلة، وأن تشعر أنك قادر على إعادة تنظيم برامجك من جديد.

ما أجمل أن تشعر أنك قادر على أن تفعل ما تريد، وما يحلو لك، دون خوفٍ من سيف الوقت، ولا شعور بالتقصير أو بتأنيب الضمير، ولا أحد يلاحقك، ولا مسؤولية تتعقبك.

     ما أجمل أن يخلو ذهنك، وتصفو نفسك، وتسمو روحك، وتتجرد من كل أسباب التوتر والاضطراب، مخافة التقصير أو الفشل، أو العجز وعدم القدرة، بعد أن تطمئن إلى أنك قد تجاوزت الصعاب، وانتهيت من المهام والتكليفات المرهقة، التي تضني الجسد، وتنهك النفس، وترهق العقل.

     إنها ذات المتعة التي يشعر بها التلاميذ والطلاب عندما ينتهون من امتحاناتهم، وينهون سنتهم الدراسية، فيمزقون كتبهم، ويبعثرون كراريسهم، وينثرون الأوراق الممزقة في الشوارع فرحاً، ويقفزون في بيوتهم ابتهاجاً بالحرية التي نالوها بعد أيامٍ طويلة وعصيبة مليئة بالجهد والتوتر.

ما أجمل العطلة بعد أيامٍ طويلة من الجهد والتعب، والسهد والسهر، والخوف والقلق، والاضطراب والارتباك، إنها فرحة لا تضاهيها فرحةٌ أخرى، هنيئاً لمن استحق العطلة أو نالها، وهنيئاً لمن استمتع بها وعاش أيامها، واستعد خلالها لما بعدها، وتهيأ للانطلاق إلى غيرها.

د. مصطفى يوسف اللداوي

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك