رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 24 يونيو، 2014 0 تعليق

بريد القراء

 خواطر من بين سياج المرض!

- في الجسد ألغام بالمليارات من دقائق الفيروسات وخبايا الآفات؛ تحسباً لغدراتك أيُّها الإنسان؛ لتعلم قدر ضعفك وعجزك وهوانك أمام قدرة الله الواحد الديان!!

- لا يحمل المريض سوى جواز سفر واحد للمرور من محنته، عنوانه {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }(الأنبياء: 83). وصفحاته كثرة الاستغفار!!

- لا يرى المريض نقصاً في دنياه سوى فقدانه لصحته؛ حيث تتلاشى عنه الهموم كلها؛ سوى هم ذاك المرض المطبق على جسده بمشاعر العجز والألم!!

- المرض محنة؛ يستفيق فيها الصالح من غفلته، ويذعن فيها الظالم الجبار لسطوة الله وقدرته، عساه أن يقلع عن دروب ضلاله وشقوته، ويرجع المظالم لمن رفعوا لله أكف ضراعتهم، يشكون إليه جبروته وقسوته!!

- للمرض نافذة خاصة، تتيح للعبد رؤية محطة الموت على مرمى البصر، وكأنها تبعث إليه برسالة مفادها : (أن تجهز للقاء؛ فلقد دنا قطار أيامك من بلوغ عتباتي)!!

- في المرض من معاني العجز والألم والشدة والحرمان ما يجعله كفيلاً بأن يستحوذ وحده على جل دعوات الاستغاثة وشدة الابتهال والتذلل والتضرع إلى الله تعالى؛ بأن يصرفه عن العبد، بعدما رسخ لديه كل معاني الافتقار والذل والحاجة إلى رحمة الله تعالى!!

- يتسلم المريض كشف حساب مبهم، لا يعلم (باطنه) إلا الله تعالى، ثم المريض بما يعلم عن نفسه من خبايا الذنوب، أما (ظاهره) فمنحة ينال بها شفقة الصالحين، وما تلهج به ألسنتهم من صالح الدعوات، ثم ما يرجوه في سعة رحمة الله تعالى من مغفرة الذنوب والزلات!! (فسبحانك ربي ما أرحمك)!!

إهداء من الوالد

 أبو مهند القمري

من على سرير المرض

 

سنرحل ويبقى الأثر..دلوني على طريقها 

لو تأملت في مطالب، الناس من حولك لوجدتهم متفاوتين ومختلفين اختلافا كبيرا.

فالمسلم له مطالب والكافر له مطالب ورغبات أخرى، والذكر له مطالب والأنثى لها مطالب أخرى، والكبير له رغبات، والصغير له رغبات أخرى، بل نحن متفاوتون ومختلفون في رغباتنا.

ولكن هناك مطلب ورغبة يتفق فيها جميع من ذكرت المسلم والكافر، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، بل هي أعلى أولويات مطالبهم فما هي يا ترى؟

    إنها السعادة والطمأنينة، أحبتي مما يؤسفني قوله: أكثر الناس ضلوا طريقها، فمنهم من ظنها في الزوجة الحسناء، ومنهم من ظنها في المركبة الفارهة، ومنهم من ظنها في المسكن الواسع، وبعضهم يظنها في جمع المال، وكل منها نوع من أنواع  السعادة.

فالذي يلاحق الفتيات! والذي يسبح في عالم الخيال! ومدمن النت! والذي يجلس على الأرصفة!... كل هؤلاء يبحثون عن السعادة.

الطريق إلى السعادة الحقيقية: لو أخرجت لكم جهاز جوال ثم سألتكم من أعرف الناس به؟ لبادرتموني الشركة التي صنعته فكذلك الأعرف بالسعادة: هو الذي خلقها.

اسمعوا ماذا يقول سبحانه وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النحل: 97). هذا في الآخرة.

وفي المقابل يقول جل وعلا: {وَمَنْ أعرَضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكًا}(طه: 124).

(والله لن نجد السعادة الحقيقية إلا مع الله).

فالله أسأل أن يحقق لي ولكم السعادة الحقة في الدارين

رأفت عبد الحميد

من يرتب أولوياتي؟

     حادث مروع أسفر عن إصابه شاب بإصابات بالغة، وكان بجواره والده الذي كان يعمل أستاذاً للعظام، وسريعا أتت سيارة الإسعاف، وتم نقل الشاب إلى مستشفى ذات إمكانات عالية، وطاقم طبي على أعلى مستوى، أخذ يتعامل مع الشاب المصاب وسط نظرات الأب الطبيب، يتابع عن كثب بقلبه وعينه كل ما يحدث؛ جهد هنا وجهد هناك، بذل وعرق والتفاف حول ابنه، تنتفض عين الأب مع كل انتفاضة ودقة لقلب الابن... لكن.... لكن الأمر قد انتهى وفقد الشاب حياته.... وعاد الأب بألمه وقسوة الفراق إلى بيته وحيدا..... لكن؟

انشغل الأب كثيرا بمراجعة ما تم لابنه من إسعافات فلم يجد نقص علم أو إمكانيات حائلا لنجاة ابنه.

فأخذ يعود لمَرَاجِعِه، ويبحث في كتبه عن أسباب الوفاة المحتملة وكيفية التعامل معها، ظل يبحث عن أوجه القصور...........؟

     وإذا به يجد أن هناك من الأسباب ما يؤدي للوفاه في الحال، أوخلال ثوان أو دقائق، وهناك ما يؤدي للوفاة خلال ساعة أو ساعات أو أيام، ورغم ما بذل من جهد مع ابنه إلا أنه اكتشف أن الجهد المبذول لم يكن هو الأولى للبذل؛ إذ إنه بُذِل لما يمكن أن ينتظر وندر الجهد أو انعدم فيمن لم يصبر على ابنه، فمات ابنه وفقد حياته؛ لأن التعامل معه لم يكن وفق أولويات مرتبة. 

أدرك الطبيب حينها أن ابنه قد دفع حياته ثمنا لفقدان ترتيب الأولويات، ولم يغن الجهد أو العلم أو الأجهزة أو الكفاءة في قصور حدث في ترتيب الأولويات؟ 

     فاجتهد في الأمر حتى رَتَّب منظومة للتعامل مع الحوادث انتشرت في العالم كله تراعي ترتيب الأولويات وفق ترتيب الخطورة والحاجة لسرعة التدخل، فأنقذ حياة أناس كُثر على مستوى العالم، فقط بترتيب الأولويات لا بعلم ولا إماكانات بشرية أو مادية زائدة عن المتاح وإنما فقط بترتيب الأولويات.

وهكذا أنا وأنت.. فقد أسير في حياتي منشغلا منغمسا بلوازمها و ضروراتها.. بشهواتها ولذاتها وآلامها وأزماتها دون ان أعير انتباهي لأولى أولوياتي؟

     فتجد النفس أسيرة لطلب العمل أو المال أو الولد أو المنصب أو العلم وتفنى في ذلك أو ما شابهه ساعات وساعات، عمر يفنى وأوقات تمضي ثم تبحث عن خشوع القلب أو الجوارح فلا تجده في قيد الاعتبار، تمر حياتي ولا أدرك وَسِيلَتي من غايتي ولا المهم فالأهم وإنما تسير وتسير وتسير على ما أنا عليه حتى فجأة ينفذ الرصيد وتتوقف الأنفاس.

     وقد أجد من يهلل لما أفعل ولما أنفق فيه سويعاتي، مثلما كان الأب الطبيب ممتنا لمن عالج ابنه وشعوره بأنهم قد أدوا واجبهم، لكنه حينما بحث فأدرك وجد أن النية والجهد لم يكن أبدا ليكفي لإنقاذ ابنه، لكنها الأولويات والأخطر والأدهى أنَّي قد أنخدع في ترتيب الأولويات، غافلا أني عَبْد خُلِق لغاية، قد رتب لي ربي أولوياتي، وأنذرني عاقبة أمري إن اتخذت دنياي عبثا، مع أني أعلم أن أمري قد ينتهي فجأة فانشغلت بما هو ليس أهلا لأنشغل به على ما خلقت من أجل أن أنشغل به. وأنا ما زلت كما أنا.... أنفاس ودقات دون أولويات... فمتى أرتب حاجاتي؟

د. أحمد السعدي

كفر الشيخ - مصر

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك