رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 1 يوليو، 2014 0 تعليق

بريد القراء

 كنز الخلوة

حين تجد نفسك -مختاراً أو غير مختار- في خلوةٍ لا يكون فيها معك أحدٌ، إلا الله سبحانه وملائكته الكرام، ولا تتطلع عليك ساعتها عين مخلوق.. فانظر لحظتها كيف يكون حال قلبك..؟

إن كان مستحضراً حضور الله وقربه ومراقبته، ثم هذا لا يكفي، إن أثمر له هذا المشهد الحياء من الله والإجلال له وتعظيمه، وربما أخذته رعشة لاستحضار هذه المعاني وأمثالها.. فانضبطت الجوارح، واستقام الكيان على الوجه الذي يحب الله ويرضى.

حين تجد حال قلبك كذلك في تلك الساعة، فاعلم أنك فريد في هذا العالم الذي يعج بالغافلين عن الله، بل والمتجرئين عليه، غير المبالين به..!

     فإن كنت كذلك فاعرف عظيم فضل الله عليك، واسجد سجدة شكر بين يديه، وأكثر من حمده وشكره وذكره، تستمطر بذلك المزيد منه، مما أكرمك به.. {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ  وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}(إبراهيم: 7)، ويبقى عليك بعد ذلك أن تحافظ على هذا الكنز الذي أكرمك الله به؛ فإن الشيطان لا يزال يتربص بك الدوائر، ويوشك إن غفلت ألا تجد قلبك حيث كان!!

وشيء آخر عجيب! حين يكون ذلك حال قلبك في الخلوة؛ حيث لا تراك فيها عين مخلوق، فاعلم أن لذلك ثمراته.

أبو عبدالرحمن

 

 

الفرح بالفتن

سبحان الله! وهل هناك أحد يفرح بالفتن مع أننا أمرنا بالابتعاد عنها؟! الجواب: نعم. ولك أن تنظر في واقع بعض الشباب وحرصهم الشديد على القرب من النساء في الأسواق والمستشفيات والمطارات والطائرات.

أليست المرأة فتنة؟ قال  صلى الله عليه وسلم : «ما تركت بعدي فتنة أضر من النساء على الرجال» رواه مسلم (2741).

إن النساء فتنة عظيمة وخطر داهمَ كثيراً من مجالات الحياة في واقعنا؛ في البيت خادمة، وفي المستشفى في الاستقبال فتيات وضعن اللثام أو كشفن الوجوه مع مكياج للوجه وللعين، وفي غرفة المرضى تدور تلك الممرضة بزينتها.

في السوق كوارث ومصائب «عبايات لماعة ضيقة مطرزة ذات ألوان».

في الإنترنت تتفاجأ وإذا بصورة على بريدك في أحسن صورة فرحماك ربي.

إن الافتتان بالنساء واقع لا محالة، فالواجب الابتعاد والفرار، وهذا يوسف عليه السلام تراوده المرأة فيفر بدينه نحو الباب {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} (يوسف:25).

ومن أعجب ما سمعت قول بعضهم «أنا أعرف نفسي» فيا سبحان الله! ما هذه النفس؟! أليست كما قال ربي: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}(يوسف:53).

وتجد هذا النوع من الناس لا يبالي بالفتن ومقاربتها؛ لأنه يثق بنفسه، وقد يعاقب من حيث لا يشعر، وكم من معاقب من حيث لا يعلم، فلا لذة في الصلاة ولا خشوع في القرآن، ولا توفيق لصيام ولا لقيام.

وهكذا تصنع الذنوب تجر للعقوبات {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى:30).

فيا من يريد النجاة احذر «النساء» ولا تثق بنفسك، واحفظ بصرك ليبقى لك دينك، وفي التنزيل: {ذلك أزكى لهم} (النور:30)، إنه سبحانه يريد تزكية نفسك عبر «حفظ بصرك» فهذه إرادة الله فكن موافقاً لها.

 سلطان العمري

 

حتـى تكــون حُــرَّاً

 يا أيها الإنسان، هل تريد أن تكون نجماً يتلألأ، ونوراً يسطع، وشمساً تشرق على دجى الظلمات فلا تبقي منها ولا تذر؟ هل تريد الكرامة والرفعة في الدنيا والآخرة؟

اعبد الله وحده، وتحقَّق بعبوديته تكن حُرَّاً عمَّا سواه، فتحقيق الحرية يكون في العبودية لله تعالى، فإذا كنت عبداً لله سبحانه ابتعدت عن عبودية الهوى والمخلوقين.

     فلن تكون حُرَّاً حتى يتعلق قلبك بالله وحده، فتوقن أن الله هو الخالق الرازق، المعطي المانع، القوي القادر، بيده خزائن كل شيء، فلا مانع لما أعطى، ولا مُعطِي لما مَنَع، وتوقن أن الناس عبيد لله يسخِّرهم الله كيف يشاء، فلا تكن عبداً لمخلوق ضعيف، ترجو نفعه وتخاف ضره، تحسب أنه يستطيع أن ينفع أو يضر بذاته، فلا تعلق نفعك أو ضرك بأحد من الخلق، بل تكون متوجهاً إلى الخالق العظيم.

تكون حُرَّاً عندما تحرص على مرضاة الله وحده وتكون هذه غايتك التي تسعى إليها، ولا تخضع إلا له سبحانه وتعالى.

تكون حُرَّاً عندما تنتظر الجزاء من الله تعالى ولا تلتفت إلى المخلوقين ولا تحرص على ثنائهم وتقديرهم.

فعندما كان حالهم: {لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}(الإنسان: 9-10).

كان جزاؤهم: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا [11] وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةًوحريرا}(الإنسان: 11-12).

فإن أردت أن يكون لك جزاءٌ موفور وسعيٌ مشكور، فاعمل لوجه ربِّك ولا تنتظر من غيره جزاء ولا شكوراً.

تكون حُرَّاً حين تقف عند حدود الله ولا تتعداها، فتكون بذلك حُرَّاً من عبادة الشيطان، ومن عبادة الهوى، ومن عبادة المخلوقين، فمن ابتعد عن عبودية الله الخالق غرق في عبوديات الهوى والمخلوقين..

وقد نهى الله أن يتخذ أحدٌ الهوى إلهاً يستجيب لنزواته وينقاد لرغباته فيكون عبداً لهواه، فقال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا}(الفرقان: 43)، وقال سبحانه: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}(القصص: 50).

وقال: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}(ص: 26).

وبين الله -سبحانه- أنَّ الإخلادَ إلى الأرضِ واتباعَ الهوى هو سبب الغواية والضلال بعد الهدى، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) ولَوْ شِئنَا لرَفَعْناه بِها ولكنّه أخْلَدَ إلَى الأرضِ واتّبع هَوَاهُ}(الأعراف: 175-176).

فمن اتبع هواه، وأخلد إلى الأرض ومال إلى الدنيا وسكن إليها وآثرها وقدمها على الآخرة، فقد انسلخ من تكريم الله له، فبعد أن كان في أحسن تقويم في فطرته وإيمانه صار في أسفل سافلين في انحرافه وتخبُّطه في الظلمات.

وبيَّنَ الله -تعالى- أن من نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى قال سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿40﴾ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}(النازعات: 40-41).

فالحرية تكون في تحقيق العبودية لله تعالى، فهي التي تمنع من عبودية ما سواه.

وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.

عمر بن عبد المجيد البيانوني

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك