رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 24 نوفمبر، 2015 0 تعليق

بريد القراء

 تأمل في وصايا سورة الإسراء

     تأمَّلتُ آيات الوصايا في سورة الإسراء التي افتتحها اللهُ -سبحانه وتعالى- بقوله: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، وختَمها بقوله عزَّ وجلَّ: {ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ۗ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} (الإسراء: 39)، فرأيتُ أنَّها افتُتحَت بالأمر بالتوحيد، وخُتمت بالنَّهي عن الشرك.

     والآيات التي بين ذلك أوامرُ ونواهٍ تتضمَّن إصلاح الظَّاهِر والباطن، والإحسان إلى ذَوِي القُربى بَدْءًا بالوالدين ثمَّ من يليهم، وفيها الحثُّ على التحلِّي بكامل الفضائل والأخلاق، وبيان الحِكمة في التعامل والإنفاق، وفيها الزَّجر عن الظُّلم والجهل والقولِ بلا علم، والكِبر، وغير ذلك من أحكام الشريعة العمليَّة الظاهرة والباطنة.

     فظهر لي بعد تأمُّل فاتحتها وخاتمتها - اللتين ذكرتُ: أنَّها أمرَت بالتوحيد ونهَت عن الشِّرك - أنَّ في هذا إشارة إلى أنَّ الأعمال والفضائل التي جاء الأمرُ بها بين هاتين الآيتين لا تصحُّ ولا تُقبل إلاَّ بتحقيق أفضل الفضائل؛ وهو توحيد الله عزَّ وجلَّ، والبراءةِ من الإشراك به؛ لذا جعلَها الله -تعالى- أولى الوصايا وآخرَها.

     وفيه إشارة إلى أنَّ أول الواجبات هو التوحيد؛ فلا يصح عملٌ إلاَّ بعد توحيد الله -تعالى- والشهادة بأنَّه لا إله إلاَّ هو، وإشارة إلى أنَّ العبد لا يُختم له بخَير، ولا ينجو في الآخرة - وإن أحسن في سابِق حياته - إلاَّ إذا مات على التوحيد والبراءةِ من الشِّرك؛ كما جاء في الصحيح: «وإنَّ الرجل ليعمل بعملِ أهل الجنَّة، حتى ما يكونَ بينه وبينها غير ذِراع أو ذراعين، فيَسبق عليه الكتابُ، فيَعمل بعمل أهل النَّار، فيدخلها»؛ فإذا لم يَختم حياتَه بالتوحيد كما بَدأها، فلا نجاة له؛ بل يُلقى في جهنَّم - أعاذنا الله وإيَّاكم - ولم أجد من أشار إلى هذه المعاني من قَبل، والله -تعالى- أعلم، والحمد لله رب العالمين.

عدنان بن عيسى العمادي

 

سفينة النجاة هي مناجاة

     كنت أتأمل سفينة تمخر عباب البحر، وتجري بين أمواجه، تدفعها يمنة ويسرة، وهي تصّده بشراع ضعيف الصنع؛ لكن قوة تفاؤل رُبّانها جعله يسير حتى وصل إلى الشاطئ، آمنا مطمئنا، متخطيا عقبات وصعوبات وتحديات مرت أمامه، وهو وسط بحر لا يعرف مداه إلا ربه. وهنا تكمن القوة اﻹيجابية  في توقع ما هو أحسن، وبروح إيمانية جعلت حسن الظن بالله ديدنا لها.

 من يقرأ في سطور الحياة الدنيا، في أيامها وتواريخها، وأحداثها يجد أن هناك فرصا مواتية. ويستنتج أن التطلع لغد أفضل من شيم النفوس المؤمنة الواثقة بفرج الله التي تنظر في حلكة الظلام، منتظرة انبلاج  فجر جديد، أَذِن الله له بالخروج.

 إن الكرب إن اشتد وتعاظمت آلامه انتصر الفرج بعون الله عليها.

أحسن الظن في الله، تفاءل، واجعل من المحنة منحة، إما بدعاء يقربك لله، أو رفعة درجات، أو حكمة تعين على نوائب الدهر. 

نبي الله يعقوب -عليه السلام- واجه في حياته بلاءات شديدة، فقد ابنه، ونور بصره. وفراق أبنائه. وشتات شمله، ولاقى من جوى الفراق ما لاقى.

فما شكى ولا طغى ولا كفر، بل آمن بقضاء الله وقدره، حتى ألقى الله عليه أسباب الصبر والسكينة؛ متدثرا بحسن ظنه فيه تعالى، شاكيا له ومتضرعا: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (يوسف:86).

فالمؤمن يعلم يقينا أن أمره سيؤول إلى خير.

وياله من مصاب جلل، لولا أنه كان متحليا بالصبر، مستعينا بالله في دعواته {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (يوسف:18).

وقيل: إن نبي الله يعقوب لم ينـزل به بلاءٌ قط، إلا أتى حُسْنَ ظنّه بالله من ورائه.

إن التفاؤل مع النظرة التوحيدية بإيجابية العزم والقوة اﻹيمانية فيها شفاء ذاتي، يمنح اﻹنسان مزيدا من الموازنة بين الصلة بالله، وفعل الطاعات.

وانتظار الفرج الذي هو من أفضل العبادات.

     يقول ابن القيم: «ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فالمحسن حسن الظن بربه، أن يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده». ومتى ما أحسنت الظن بالله، ازددت يقينا وثقة، واستطعت بأمر الله وبنفس تقية أبية أن تخرج من الغمة، وإن أحاطتك بسوادها الأعظم. وإن في الغد أفراحاً لا تعد.

فاطمة محمد الخماس

 

إغاثة الملهوفين وإعانة المحتاجين

 

     يتعرض المسلمون لابتلاءات كثيرة، ومصائب عديدة في معظم البلدان، خصوصا ما يمر به أهل سورية -هذه الأيام- من قتل ممنهج، وتفجيرات مدبرة، وتدمير شامل لمدن عدة،  ومذابح مستمرة فظيعة لأهل السنة على يد النظام البعثي النصيري، فضلا عن السجون والاعتقالات، ومع ملاحقة لكل المعارضين حتى من يلجأ ويلوذ بالجيران، فيحاول النظام اعتقاله ومتابعته وإلحاق الضرر به، ويمنع عن اللاجئين  وصول المساعدات، ويعرقل خدمات الإغاثة، التي دعت إليها جميع النظم الإنسانية، وأكد عليها الدين الإسلامي.

     فتقديم العون، وإغاثة الملهوفين، ومساعدة اللاجئين، وإعانة المحتاجين، والمسارعة بالنصرة  لمن يحتاج إليها خلق إسلامي أصيل، تقتضيه الأخوة الصادقة، وتدفع إليه المروءة والشجاعة. وقد كانت حياة النبي محمد  صلى الله عليه وسلم  خير مثال يحتذى في كل شيء، ولا سيما إغاثة الملهوف، وتقديم العون لكل محتاج، حتى لقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قبل بعثته، وقد أكدت هذا أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- وغيرها؛ حيث قالت: «كلا والله! ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق» الحديث متفق عليه، فمن يصنع المعروف يحفظه الله تعالى.

  وإغاثة الملهوف صدقة طيبة؛ حيث قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «على كل مسلم صدقة. قالوا: يا نبي الله! فمن لم يجد؟ قال: يعمل بيده ويتصدق، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف...» الحديث رواه البخاري.

وقد تكفل الله  -تعالى- لمن فرج كربة الملهوف أن يفرج عنه كربة من كربات يوم القيامة: «... ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة...» الحديث متفق عليه.

 إن إغاثة الملهوف وإجابة المستغيث وإعانة المحتاج والسعي في قضاء حوائج الناس لهو دليل على قوة الإيمان وصدق الإخاء.

     وإغاثة الملهوف وإعانة المحتاج، ونصرة المظلوم هي من قبيل شكر الله -تعالى- على نعمه، وبالشكر تدوم النعم، فمن كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فإن قام بما يجب لله فيها عرَّضها للدوام والبقاء، وإن لم يقم فيها بما يجب الله عرضها للزوال، نعوذ بالله من زوال نعمه، وتحول عافيته.

      قال الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (الأنفال: 72).ونسأل الله -تعالى- أن يوفق جميع المسلمين لإغاثة إخواننا الملهوفين ولاسيما في سورية، ونسأل الله -تعالى- أن يفرج عنهم ما هم فيه.

نجوى شاهين

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك