برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- مؤتمر رابطة العالم الإسلامي … المشكلات والحلول
الأمة المسلمة تمر اليوم بظروف ومتغيرات قد توثر على مستقبل شعوبها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، تلك الشعوب التي تتطلع إلى مستقبل أفضل وتحذر من أن تعصف بآمالها التدخلات الأجنبية وأن تمزقها النزعات الطائفية والمصالح الأنانية. ولتحقيق تطلعات هذه الشعوب فإن المتابعين يرون في تتابع الأحداث وخطورتها ما يستدعي وقفة واعية لمعرفة حقيقة الأوضاع الراهنة، واستجلاء أسبابها، واستخلاص الحلول الناجعة لأزماتها؛ انطلاقاً من هدي الإسلام وشريعته الغراء.
وإذ تستشعر رابطة العالم الإسلامي خطورة الأحداث الراهنة على السلم الاجتماعي في عالمنا الإسلامي، فإنها ترقب ترشيد هذا الواقع واستثمار متغيراته في النهوض بالأمة المسلمة من خلال مؤتمر دولي يشارك فيه نخبة متميزة من علماء الأمة ومثقفيها, من بينهم الشيخ طارق العيسى رئيس مجلس إدارة جمعية إحياء التراث الإسلامي.
ويهدف المؤتمر إلى بيان الأسباب التي أدت إلى ظهور المستجدات في العالم الإسلامي.
والتأكيد على أهمية وحدة الأمة المسلمة، وإبراز الحقوق والواجبات لولاة الأمر والشعوب وفق المنهج الشرعي.
فضلا عن التأكيد على أهمية العلماء والمؤسسات الدينية في ترشيد المتغيرات الحالية، وترسيخ مبدأ الحوار في علاج مشكلات العالم الإسلامي، تلمس الحلول الشرعية الناجعة لمواجهة التحديات الراهنة.
كلمة خادم الحرمين الشريفبن الملك عبدالله بن عبدالعزيز, الذي رحب فيها بضيوف المؤتمر قائلا: أرحب بالضيوف الأفاضل من علماء الأمة الإسلامية ودعاتها ومفكريها, على هذه البقعة المباركة, التي اختارها المولى – جل وعلا- مهبطاً للوحي الأمين, على خاتم الأنبياء والمرسلين, محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه, بآخر الرسالات السماوية, لتكون للبشرية منهجاً قويماً,
وقال في كلمة ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي أمير منظقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل – إن شرف أهل هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين, وضيوف الرحمن من الحجاج والزوار والمعتمرين, وهدانا إلى التمسك بكتابه الكريم وسنة نبيه المشرفة, شريعة ودستوراً لا نحيد عنه ولا نميل, ووفقنا إلى العمل على تحقيق الأخوة والتضامن بين المسلمين, ومتابعة قضاياهم, والاهتمام بالمشكلات التي تواجههم, يقيناً بأن في الإسلام لكل مشكلة حلاً, وفي شريعته الغراء لكل معضلة علاجاً, مصداقاً لقوله تعالى: «{ما فرطنا في الكتاب من شيء}.
وأوضح: إن النظرة الفاحصة المدققة, لما يجري الآن من أحداث في بعض البلاد الإسلامية, وما يهدد باستهداف بعضها الآخر, تؤكد الحاجة الماسة إلى جهودكم معاشر العلماء والدعاة, وقادة الفكر السديد في عالمنا الإسلامي, ذلك أن المرجعية الغائبة لتلك الأحداث, إنما تتمثل في الجهل بصحيح الدين الإسلامي, وتفرده – على نحو لحقيقة – بتحقيق الإصلاح, وتقديم الحلول الناجحة لكافة المشكلات.
من أجل ذلك توالت دعوتنا إلى تضافر جهود العلماء الراسخين في العلم مع جهود المؤسسات الرسمية في الدول الإسلامية, لعلاج مشكلات الأمة وإصلاح أحوالها, واليوم نبتهل فرصة هذا الجمع الكريم, لهذه النخبة المباركة, لنجدد الدعوة إلى تحقيق هذا الهدف الجليل من خلال آليات عدة نرى في مقدمتها:
- أولاً: علاج مشكلة الجهل بالإسلام, من خلال التعريف بصحيح منهجه, ولا سيما للأجيال الشابة التي نراها اليوم أحوج ما تكون إلى فهم مقاصد الدين والأخذ بمبادئه السامية.
- ثانياً: تطبيق وسطية الإسلام العظيمة في مجالات الحياة كافة, إعمالاً لقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
- ثالثاً: وضع الآليات العملية الكفيلة بتحقيق وحدة الصف الإسلامي, ونبذ الفرقة وما يؤدي إليها من دعوات طائفية مغرضة, وتوجهات حزبية ضيقة, تشتت صفوف المسلمين, وتعبث بوحدة الأمة.
- رابعاً: تفعيل العمل المشترك والتواصل بين قادة الأمة وعلمائها, وأهل الرأي فيها, والتعاون في علاج المشكلات وتحقيق الإصلاح بالرؤى والحلول الإسلامية, إعمالاً لقوله – جلا وعلا - : {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}، وضاف: إننا ندعو- من خلال مؤتمركم الموقر- أن تقوم رابطة العالم الإسلامي, بالتعاون مع العلماء وأهل الرأي, - في كافة الدول الإسلامية - بوضع برنامج عمل إسلامي لعلاج مشكلات الأمة, وتحصين شعوبها ضد أخطار الغزو من الخارج, وتداعيات الجهل في الداخل, ودعم أواصر الوحدة الإسلامية, ويعتمد الحوار الموضوعي بين الشعوب المسلمة وقياداتها, ويتبنى برنامجاً فاعلاً للتثقيف والتوعية, بما في الإسلام من حلول للتحديات والمشكلات المستجدة, ويركز على أسباب تحقيق وحدة الأمة, والتكامل والتضامن بين شعوبها, ويحذر من مخاطرالفرقة على كيانها, ويعمل على تفعيل الإصلاح والتنمية, على أسس صحيح الإسلام, ويحمي الأجيال الشابة من الجنوح نحو الإفراط أو التفريط بأصول الدين وحقوق أوطانهم.
رابطة العالم الاسلامي
من جانبة قال معالي الأمين العام في الجلسة الافتتاحية عبد المحسن التركي إن الرابطة وهي ترى الامتحان العسير الذي تتعرض له بعض البلاد الإسلامية، لتشعر بأن واجباً عليها تجاه الأمةِ ودينِها، أن تسهم في معالجة قضاياها وحل مشكلاتها، وتجنيبها مصارعَ الفتن مشيرا الى ان الرابطة دعت هذه النخبةَ المتميزةَ من أولي العلم والرأي، المهتمين بالشأن الإسلامي، لتبادل الرأي فيما يجري في هذه الأيام في بعض بلاد المسلمين من أحداث يجب بيانُ وجهِ الحق فيها ، والإسهام في مواجهة ما تتعرض له من فوضى وفتن ، وقتل وتشريد ، وخوفٍ وفاقة ، وتدميرٍ للمنشآت والمرافق .
وذلك من مدلهمات الأمور التي تحتاج إلى وقفة من أهل العلم ، الذين يُردُ إليهم فقهُ النوازل :{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (النساء : 83) .
وأوضح أن من أهم أسباب ما حصل، الضعفُ في إدارة الشأن العام، والغفلةُ عن مكافحةِ الفساد وردِ المظالم ، وقلةُ الاكتراث بالعدالة، والاستخفافُ بكرامة الناس وحقوقهم، وعدمُ حلِ مشكلاتهم، وعونِهم على حياة حرة كريمة.
وقال إن من أبرز الأسباب فيما يحصل من جفوة بين الحكام والمحكومين في بعض بلاد المسلمين، تطبيقُ الأنظمة والقوانين التي تتعارض مع دينهم، ولا تمتْ إلى ثقافتهم وحضارتهم بصلة، وحرمانُهم من شرع الله الذي يرضونه ويعبدون ربهم وفقَه، ويجدون فيه الأمنَ والاستقرارَ الحقيقيين، والهدايةَ إلى أرشد المصالح وأقومها.
ففي سياسته الشرعية مرونةٌ واسعة في التعامل مع متغيرات كلِ عصر ومستجِداته، بما هو نافعٌ صالح لا يتعارض مع الدين .
وقد أثبت تاريخُ المسلمين تحقيقَها حينما كانت مطبقةً للعدل والرخاء، والأمن، واستيعابَها لمختلف فئات المجتمع ، وتعاملَها الحسن مع مختلف المجتمعات وأتباع الديانات الأخرى .
فلو سار عليها المسلمون – حكاماً ومحكومين – لصلُحت أحوالهم، ولما حدثت هذه الفتن في ديارهم .
وقال: المملكة العربية السعودية أصدق شاهد على ذلك .
فعملُها بالشرع الحنيف وخدمتُها للحرمين الشريفين وقاصديهما ، واهتمامُها بأحوال المسلمين منذ تأسست وإلى اليوم، كان سبباً في الأمن والاستقرار والازدهار الذي تنعم به مع قوة ولاءِ المواطن لوطنه، ووئامٍ تامٍ بين الحاكم والمحكوم .
فالحاكمُ حريص على إقامة الدين والعدلِ بين الناس ، وتحقيقِ ما يُسعد المواطن .
والمحكومُ تربطه بالحاكم المودةُ والحب، ورعايةُ المصالح العليا للدولة والمجتمع .
وللمملكة – قيادة وشعبا – موقعٌ متميز في التعامل الدولي والقضايا الإنسانية .
وأكد التركي أنه من حق الناس أن يتطلعوا إلى الاستقرار والأمن والعدل، والحريةِ المنضبطة، والحياةِ الكريمة، والازدهارِ في مختلف المجالات.
لكن المسلمين يتميزون عن غيرهم، في أن الوسائل التي يعتمدونها في تحقيق تطلعاتِهم هذه لا بد أن تكون مما سوَّغها الشرع الحنيف، وعليهم أن يحذروا مما لم يسوِّغه وإن استساغه بعضهم؛ لجهل أو غفلةٍ أو تقليدٍ لغير المسلمين.
وبين أن الأمة الإسلامية – حكوماتٍ وشعوبا – عرضةٌ للكوارثِ والفتن والفوضى ما لم تأخذْ بالإصلاح، وتنأى بنفسها عن الظلم والاستبداد، والتبعيةِ والتقليدِ الأعمى، وذلك وفقَ مشروعٍ إصلاحي شاملٍ يوظف طاقةَ الأمةِ وقدراتِها الماديةَ والمعنويةَ والبشرية .
محاور المؤتمر
المحور الأول: الواقع ومشكلاته:
1. الجهل بحقيقة الإسلام.
2. الفرقة والنزاعات الطائفية واستغلال الأعداء لها.
3. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
4. التأثيرات الدخيلة على المجتمع المسلم.
المحور الثاني: الحقوق والواجبات:
1. حقوق ولي الأمر وواجباته.
2. حقوق الشعوب وواجباتهم.
3. التكامل بين الجهود الرسمية والشعبية في مواجهة التحديات.
المحور الثالث: الحلول:
1. الأنموذج الإسلامي في إصلاح المجتمع.
2. منهاج الإسلام في درء الفتن.
3. تكامل جهود العلماء والمؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية في إصلاح المجتمعات.
المحور الرابع: الحوار في المجتمعات الإسلامية:
1. مفهوم الحوار وأسسه ووسائله في الإسلام.
2. الحوار وعلاج المشكلات السياسية والاجتماعية.
3. الحوار ووحدة الأمة المسلمة.
لاتوجد تعليقات